امرأة تسأل تقول أنها ستتقدم لاختبار في أحكام التجويد لكتاب الله إن شاء الله ، وسوف تختبر منفردة في غرفة مع ثلاثة شيوخ أفاضل ، فما حكم هذا الفعل هل هو جائز؟، مع العلم أنه لا يوجد نساء يقمن مقام هؤلاء الشيوخ الأفاضل الثلاثة في هذا الامتحان؟
الحمد لله
لا حرج فيما ذكرت من حضور المرأة اختبار التجويد أمام ثلاثة من الشيوخ ، بشرط أن يكون كلامها فيما تدعو إليه الحاجة ، ومن غير خضوع بالقول ، والأولى أن يتم اختبارها عن طريق النساء ، أو يكون اختبارها في حضور محرم لها ، لكن إذا لم يتيسر ذلك فلا حرج ، وذلك لأمرين :
الأول : أن وجود المرأة مع جماعة من الرجال ، مع انتفاء الريبة ، لا حرج فيه عند بعض أهل العلم ؛ لما روى مسلم (2173) عن عَبْد اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه أَنَّ نَفَرًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ دَخَلُوا عَلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ وَهِيَ تَحْتَهُ يَوْمَئِذٍ ( أي : زوجته ) فَرَآهُمْ فَكَرِهَ ذَلِكَ ، فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ : لَمْ أَرَ إِلَّا خَيْرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَرَّأَهَا مِنْ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ : ( لَا يَدْخُلَنَّ رَجُلٌ بَعْدَ يَوْمِي هَذَا عَلَى مُغِيبَةٍ إِلَّا وَمَعَهُ رَجُلٌ أَوْ اثْنَانِ ).
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" : " الْمُغْيِبَة هِيَ الَّتِي غَابَ عَنْهَا زَوْجهَا . وَالْمُرَاد : غَابَ زَوْجهَا عَنْ مَنْزِلهَا , سَوَاء غَابَ عَنْ الْبَلَد بِأَنْ سَافَرَ , أَوْ غَابَ عَنْ الْمَنْزِل , وَإِنْ كَانَ فِي الْبَلَد . لأَنَّ الْقِصَّة الَّتِي قِيلَ الْحَدِيث بِسَبَبِهَا وَأَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ غَائِب عَنْ مَنْزِله لَا عَنْ الْبَلَد .
ثُمَّ إِنَّ ظَاهِر هَذَا الْحَدِيث جَوَاز خَلْوَة الرَّجُلَيْنِ أَوْ الثَّلَاثَة بِالْأَجْنَبِيَّةِ , وَالْمَشْهُور عِنْد أَصْحَابنَا تَحْرِيمه , فَيَتَأَوَّل الْحَدِيث عَلَى جَمَاعَة يَبْعُد وُقُوع الْمُوَاطَأَة مِنْهُمْ عَلَى الْفَاحِشَة لِصَلَاحِهِمْ , أَوْ مُرُوءَتهمْ , أَوْ غَيْر ذَلِكَ . وَقَدْ أَشَارَ الْقَاضِي إِلَى نَحْو هَذَا التَّأْوِيل " انتهى .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : " لا يجوز ركوب المرأة مع سائق ليس محرماً لها وليس معهما غيرهما ؛ لأن هذا في حكم الخلوة ، وقد صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " لا يخلونَّ رجل بامرأةٍ إلا ومعها ذو محرَم " رواه البخاري ( 5233 ) ومسلم ( 1341 ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : " لا يخلونَّ رجل بامرأة ، فإن الشيطان ثالثهما" . أما إذا كان معهما رجل آخر أو أكثر أو امرأة أخرى أو أكثر : فلا حرج في ذلك إذا لم يكن هناك ريبة ؛ لأن الخلوة تزول بوجود الثالث أو أكثر " انتهى من "فتاوى المرأة المسلمة" (2 /556) .
وينظر : فتاوى الشيخ ابن باز (5/78).
الثاني : أن صوت المرأة ليس بعورة على الصحيح .
قال في "مغني المحتاج" من كتب الشافعية (4/210): " وصوت المرأة ليس بعورة , ويجوز الإصغاء إليه عند أمن الفتنة , وندب تشويهه إذا قُرع بابها فلا تجيب بصوت رخيم , بل تغلظ صوتها بظهر كفها على الفم " انتهى.
وفي " كشاف القناع" من كتب الحنابلة (5/15): " وصوتها أي الأجنبية ليس بعورة ، ويحرم التلذذ بسماعه ولو كان بقراءة خشية الفتنة " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (17/202) : " صوت المرأة نفسه ليس بعورة ، لا يحرم سماعه إلا إذا كان فيه تكسر في الحديث ، وخضوع في القول ، فيحرم منها ذلك لغير زوجها ، ويحرم على الرجال سوى زوجها استماعه ؛ لقوله تعالى : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقّيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الََّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) " انتهى.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب