لقد قرأت في كثير من فتاواكم عن حكم اختلاط النساء بالرجال ، ولكن للأسف لم أستطع تمييز الحكم بشكل صحيح ، لأني قرأت في بعض الفتاوى أنه حرام مطلقا ، وفي بعضها الآخر تم زيادة كلمة الاختلاط بشروطه ، أو مع مراعاة آداب أو شروط الاختلاط ، لذلك أرجو منكم الإفادة وتبيين الحكم والشروط في حال وجودها ، لأني سوف أتزوج قريبا بإذن الله وامرأتي ملتزمة والحمد لله ، ولكن من عادات عائلتي أن نجتمع كل يوم أو يومين مع بعضنا أي العائلة كلها عند بيت جدي ، فهل يجب علي تجنب الذهاب مع أهلي إلى هناك مع امرأتي ، أم آخذ امرأتي وتجلس معهم بحجاب شرعي وشروط أخرى ، أرجو تبيان ذلك .
أولا :
الاختلاط بين الرجال والنساء محرم ؛ لما يترتب عليه من المفاسد الكثيرة ، وقد سبق بيان أدلة تحريم الاختلاط في جواب السؤال رقم (
1200) ورقم (
97231) وفيه بيان أن الاختلاط لا ينفك غالبا عن حصول النظر المحرم أو اللمس أو الخلوة أو تعلق القلب أو الخضوع بالقول ، وهذا هو موجب التحريم ، وليس مجرد اجتماع الرجال مع النساء في مكان واحد ، كما يجتمعون في المسجد أو في الطواف .
ثانيا :
لا يجوز للمرأة أن تخلع حجابها أمام إخوان زوجها أو أبنائهم ، أو أعمام الزوج أو أبنائهم ؛ لأنهم ليسوا محارم لها ، فهم أجانب بالنسبة لها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إياكم والدخول على النساء ) فقال رجل من الأنصار: يا رسول الله أفرأيت الحمو ؟ قال: ( الحمو الموت ) رواه البخاري (4934) ومسلم (2172) قال الليث بن سعد : الحمو : أخ الزوج وما أشبهه من أقارب الزوج، ابن العم ونحوه .
قال النووي رحمه الله في "شرح مسلم" : " وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( الْحَمو الْمَوْت ) فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْخَوْف مِنْهُ أَكْثَر مِنْ غَيْره , وَالشَّرّ يُتَوَقَّع مِنْهُ , وَالْفِتْنَة أَكْثَر لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْوُصُول إِلَى الْمَرْأَة وَالْخَلْوَة مِنْ غَيْر أَنْ يُنْكِر عَلَيْهِ , بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيّ . وَالْمُرَاد بِالْحَمْوِ هُنَا أَقَارِب الزَّوْج غَيْر آبَائِهِ وَأَبْنَائِهِ . فَأَمَّا الْآبَاء وَالْأَبْنَاء فَمَحَارِم لِزَوْجَتِهِ تَجُوز لَهُمْ الْخَلْوَة بِهَا , وَلَا يُوصَفُونَ بِالْمَوْتِ , وَإِنَّمَا الْمُرَاد الْأَخ , وَابْن الْأَخ , وَالْعَمّ , وَابْنه , وَنَحْوهمْ مِمَّنْ لَيْسَ بِمَحْرَمٍ . وَعَادَة النَّاس الْمُسَاهَلَة فِيهِ , وَيَخْلُو بِامْرَأَةِ أَخِيهِ , فَهَذَا هُوَ الْمَوْت , وَهُوَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الْأَجْنَبِيّ لِمَا ذَكَرْنَاهُ " انتهى .
وعليه ؛ فإذا ذهبت زوجتك إلى بيت عائلتك ، وفي البيت من لا يجوز أن تكشف أمامه ، فإنها تظل بحجابها ، ولا حرج أن تجلس في مجلس العائلة إذا انتفت المحاذير المشار إليها ، من النظر والخلوة والمصافحة والخضوع بالقول ، والأولى أن يكون جلوسها مع النساء في مجلس خاص بهن ، ليتسنى لها رفع حجابها ، والكلام فيما تريده دون حرج .
وأما ما يفعله بعض الناس من تمكين النساء من الجلوس مع الرجال الأجانب عنهن ، وحصول التساهل في الكلام والضحك والمصافحة والنظر ، فهذا محرم ، وقد جر على أهله مفاسد كثيرة لا تخفى .
نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد .
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب