السؤال:
أنا لدي مدرس خصوصي , أحضرته في السابق ، ويأخذ كل حصة 200 ريال. ، وأحضرته للفصل الثاني ، وأخبرني أنه سيأخذ 3500 ريال ، للمادة كاملة ، وظننت أن هذا المبلغ مجموع الحصص ، ( 200 لكل حصة ) ، وحضر لي 6 أو 7 حصص ، وأعطيته 1500 . ثم كلمني ، وأراد باقي المبلغ ( 2000 ريال ) ، وأنه سيحضر حصة واحدة فقط للمراجعة ، وقال هذا اتفاقنا .
هل من حقه المبلغ أم لا ؟ وهل أعطيه له ؟ وهل يعتبر هذا دينا علي ؟
الجواب :
الحمد لله
إذا كان قد تم الاتفاق بينكما على أن يقوم بتدريس المنهج كله مقابل مبلغ ( 3500 ) ريال : فهذا عقد إجارة ، وهو ملزم للطرفين ، لا يملك أحد الطرفين فسخه دون رضا الآخر ، فعليه تدريس المنهج كله ، مقابل ما اتفقتم عليه .
وينظر جواب السؤال رقم : (
152774).
وقد روى البخاري (2270) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ ، رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ ) .
ورواه ابن ماجة (2442) ولفظه : ( ... وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا ، فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُوفِهِ أَجْرَهُ ) . قال القاري رحمه الله :
" أَيْ لَمْ يُعْطَهِ أَجْرَهُ وَافِيًا " انتهى من "مرقاة المفاتيح" (5/ 1991) .
وقال الحجاوي في " الزاد " ( ص 129) :
" وَتَجِبُ الأُجْرَةُ بِالعَقْدِ إِنْ لَمْ تُؤَجَّلْ ، وَتُسْتَحَقُّ بِتسْلِيمِ العَمَلِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ " انتهى .
وينظر : " الملخص الفقهي " (2/ 145-150) .
فإذا كان هذا المدرس قد أتم شرح المنهج كاملا ، على الوجه المعتاد من مثله ، وأعطاه الوقت الكافي لمثله : فقد استحق الأجرة كاملة ، ولا عبرة بعدد الحصص ؛ لأن العقد على المنهج لا على عدد الحصص .
أما إذا لم يقم بالعمل على الوجه المطلوب ، فاختصر المنهج في أقل من الزمان الذي يحتاجه عادة ، أو لم يعطه الجهد الكافي ، فهنا يحق للمستأجر أن يوقفه عن إتمام عمله ، ويفسخ معه عقد الإجارة .
وإذا كان المدرس - في حالتك -ـ قد أخبرك بالانتهاء من عمله ، وقد بقي شيء في المنهج يحتاج إلى شرح أو ضبط ، فمن حقك طلب إكماله منه .
سئل الشيخ محمد بن المختار الشنقيطي :
إذا اتفقت مع عامل على أن يعمل عندي شهراً بمبلغ من المال ، وبعد مضي أيام من عمله لم يعجبني عمله وأوقفته، فهل أعطيه أجرة الأيام التي عملها، أم أجرة الشهر كاملاً ؟
فأجاب :
" إن الله تعالى يقول: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) المائدة/1 ، فبينك وبين أخيك المسلم عقد إجارة شهر كامل ، فلابد من إتمام هذا العقد ، إلا إذا وجد العذر الشرعي .
وأما قولك : لم يعجبني عمله ، هذا القول فيه تفصيل: إن كان مرادك أنه لم يقم بالعمل على الوجه المعتبر، وأنه يقصر ويضيع ويفرط ، فمن حقك أن توقفه وتقول له : إما أن تؤدي العمل تاماً بدون تفريط ، وإما أن ألغي الإجارة فيما بقي من الشهر.
ومن حقك أيضاً أن تقدر أجرة مثله فيما مضى ، فلا يأخذ الأجرة كاملة.
فلو أنك استأجرت شخصاً لأجل القيام بمصلحة النجارة ، فعمل نصف ما ينبغي أن يعمل مثله، كأن يكون بطيء العمل ، ثقيل اليد ، لا يحسن الإدارة للعمل ، حتى أصبح نصف العمل قد سقط ، فمثله يستحق أجرة خمسين وأنت أعطيته مائة ، فمن حقك أن تعطيه على الأعمال الماضية أجرة خمسين ، وتقول له : إما أن تلتزم بأداء العمل بما يستحق مثلك ممن يأخذ مائة، وإما أن تفسخ العقد ، وتعطيه مهلة يوم أو يومين حتى يستقيم وتنظر، إن أتم العمل فبها ونعمت .
والسبب في هذا التفصيل: أن العقود والاتفاقات محتكم إليها؛ لأن الله أوجب علينا أن نفي بهذا المتفق عليه، فأنت اتفقت معه على أن يقوم بعمل يستحق المائة ، لكن العمل الذي قام به يستحق الخمسين ، فيصبح أخذه للخمسين الزائدة من أكل المال بالباطل ، سواء كان في مزرعة أو ورشة أو شركة ، أو في أي مجال ، فإذا لم يؤد العمل الذي يستحق بمثله الأجرة التي خصصتها له ، كان من حقك أن ترده إلى أجرة مثله ، وأن تخيره فيما بقي من الشهر؛ إما أن يتم العمل الذي يستحق به المائة وإما أن يفسخ العقد .
فما دام اتفق معه على أن يقوم بالعمل الذي يستحق به مائة ، فينبغي أن يؤدي عمله الذي يستحق به المائة .
وقولك : لا يعجبني ، قد يراد به الكمال، وإذا أردت به الكمال فليس من حقك أن تنقص أجرته ولا أن تلغي العقد فيما بقي من الشهر إلا برضاه ؛ لأن الأصل الذي اتفق عليه يستحق به المائة، والأكمل ليس مطالباً به " .
انتهى مختصرا من "شرح زاد المستقنع" (220/ 12) بترقيم الشاملة .
والذي ننصح به أختنا المسلمة أن تختار لدروسها الخصوصية مدرسة بدلا من المدرس ؛ منعا من حصول الفتنة ، وصيانة للأعراض وحرمات البيوت .
ينظر إجابة السؤال رقم : (
47554) .
والله أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب