استنكار الاثني عشرية لعبوس الرسول بوجه الأعمى
قال المرجع الشيعي جعفر مرتضى العاملي متنطعاً محاولاً التشنيع على أهل السنة ما يلي: "هذا ولكن الأيدي غير الأمينة قد حرفت هذه الكلمة؟ فادعت أنه "صلى الله عليه وآله وسلم" كان يقول: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي. فلتراجع كتب التفسير، كالدر المنثور وغيره" [الصحيح من السيرة - السيد جعفر مرتضى ج 3 ص 162]
من هذا نعرف ما يدعيه الاثني عشرية حيث يدعون التالي:
1- أن أهل السنة يطعنون برسول الله - والعياذ بالله - حين قالوا: إن الله أنزل في رسول الله قوله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى﴾ [عبس:2].
2- ويدعون أن علماء الشيعة الاثني عشرية مجمعين على نزولها في رجل من بني أمية وليس في النبي عليه الصلاة والسلام.
وأنا الآن بصدد الرد على هذين الادعاءين، وبالله أستعين وأبدأ:
1- رداً على ادعائهم الأول أقول:
أولاً: قد نص الطبرسي أحد أكبر علماء الشيعة الاثني عشرية على أن وصف الرسول بأنه عبس ليس طعناً في الرسول صلى الله عليه وسلم. وهذا نص كلام الطبرسي [تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي ج 10 ص 266]: "فإن قيل: فلو صح الخبر الأول، هل يكون العبوس ذنباً أم لا؟ فالجواب: أن العبوس والانبساط مع الأعمى سواء؛ إذ لا يشق عليه ذلك، فلا يكون ذنباً، فيجوز أن يكون عاتب الله سبحانه بذلك نبيه (ص)، ليأخذه بأوفر محاسن الأخلاق، وينبهه بذلك على عظم حال المؤمن المسترشد، ويعرفه أن تأليف المؤمن ليقيم على إيمانه، أولى من تأليف المشرك طمعاً في إيمانه، وقال الجبائي: في هذا دلالة على أن الفعل يكون معصية فيما بعد، لمكان النهي. فأما في الماضي فلا يدل على أنه كان معصية قبل أن ينهى عنه، والله سبحانه لم ينهه إلا في هذا الوقت. وقيل: إن ما فعله الأعمى نوعاً من سوء الأدب، فحسن تأديبه بالإعراض عنه، إلا أنه كان يجوز أن يتوهم أنه أعرض عنه لفقره، وأقبل عليهم لرياستهم، تعظيماً لهم، فعاتبه الله سبحانه على ذلك. وروي عن الصادق (ع) أنه قال: "كان رسول الله (ص) إذا رأى عبد الله بن أم مكتوم قال: مرحباً مرحباً، لا والله لا يعاتبني الله فيك أبداً"، وكان يصنع به من اللطف حتى كان يكف عن النبي (ص) مما يفعل به. (انتهى).
ثانياً: وقد نقل أحد أكبر علماء الشيعة محمد هادي اليوسفي هذا المعنى عن الطبرسي في موسوعة التاريخ الإسلامي [محمد هادي اليوسفي ج 1 ص 494].
ثالثاً: وكذلك نقل محمد باقر المجلسي قول الطبرسي في بحار الأنوار [العلامة المجلسي ج 17 ص 78].
رابعاً: ونقله أيضاً المرجع الشيعي المعاصر محمد حسين فضل الله في تفسيره (من وحي القرآن)
الذي في موقعه على الرابط التالي:[
http://arabic.bayynat.org.lb/books/quran/abas1.htm].2- ورداً على ادعائهم الثاني أقول:
أولاً: قد نص الطبرسي أحد أكبر علماء الشيعة الاثني عشرية على أن الآية: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الأَعْمَى﴾ [عبس:2] نزلت في رسول الله، وهذا نص كلامه [تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي ج 10 ص 265]: "النزول: قيل: نزلت الآيات في عبد الله بن أم مكتوم، وهو عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة الفهري، من بني عامر بن لؤي، وذلك أنه أتى رسول الله (ص) وهو يناجي عتبة بن ربيعة، وأبا جهل بن هشام، والعباس بن عبد المطلب، وأبياً وأمية ابني خلف، يدعوهم إلى الله، ويرجو إسلامهم، فقال: يا رسول الله! أقرئني وعلمني مما علمك الله، فجعل يناديه ويكرر النداء، ولا يدري أنه مشتغل مقبل على غيره، حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله (ص) لقطعه كلامه، وقال في نفسه: يقول هؤلاء الصناديد إنما أتباعه العميان والعبيد، فأعرض عنه، وأقبل على القوم الذين يكلمهم، فنزلت الآيات. وكان رسول الله بعد ذلك [صفحة 266] يكرمه، وإذا رآه قال: "مرحباً بمن عاتبني فيه ربي"! ويقول له: "هل لك من حاجة"؟ واستخلفه على المدينة مرتين في غزوتين. وقال أنس بن مالك: فرأيته يوم القادسية، وعليه درع، ومعه راية سوداء.
ثم جزم به الطبرسي قائلاً [تفسير مجمع البيان - الشيخ الطبرسي ج 10 ص 266]: المعنى: (عبس) أي بسر وقبض وجهه (وتولى) أي أعرضن بوجهه (أن جاءه [صفحة 267] الأعمى) أي لأن جاءه الأعمى (وما يدريك لعله) أي لعل هذا الأعمى (يزكى) يتطهر بالعمل الصالح، وما يتعلمه منك (أو يذكر) أي يتذكر فيتعظ بما يعلمه من مواعظ القرآن. (فتنفعه الذكرى) في دينه. قالوا: وفي هذا لطف من الله عظيم لنبيه (ص)، إذ لم يخاطبه في باب العبوس، فلم يقل عبست. فلما جاوز العبوس عاد إلى الخطاب فقال. وما يدريك. (انتهى).
يقصد قال تعالى: (عَبَسَ) بصيغة الماضي وليس الخطاب من باب التلطف مع النبي عليه وآله الصلاة والسلام.
ثانياً: وكذلك فقد قال بهذا القول العالم الشيعي الكبير محمد هادي اليوسفي حيث نقل ما رواه الطبرسي وعلق عليه مرجحاً له قائلاً [موسوعة التاريخ الإسلامي - محمد هادي اليوسفي ج 1 ص 493]: "ولكنه روى بعد هذا خبرا آخر عنه (عليه السلام) قال: "كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا رأى عبد الله بن أم مكتوم قال: " مرحباً، مرحباً، لا والله لا يعاتبني الله فيك أبداً" وكان يصنع به من اللطف حتى كان يكف عن النبي مما يفعل به " [صفحة 494] وهذا يناسب مع المعروف والمشهور في شأن نزول السورة: أن ابن أم مكتوم - وهو عبد الله بن شريح العامري - أتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يناجي أبياً وأمية ابني خلف، وأبا جهل بن هشام، والعباس بن عبد المطلب، وعتبة ابن أبي ربيعة، يدعوهم الى الله ويرجو اسلامهم. فقال: يا رسول الله أقرئني وعلمني مما علمك الله. فجعل يناديه ويكرر النداء ولا يدري أنه مشتغل مقبل على غيره، حتى ظهرت الكراهة في وجه رسول الله لقطعه كلامه، فأعرض عنه وأقبل على القوم الذين يكلمهم، فنزلت الآيات. وكان رسول الله بعد ذلك يكرمه ويقول: "مرحباً بمن عاتبني فيه ربي".
ثالثاً: وهذا محمد باقر المجلسي أيضاً يسوق أقوال العلماء في سبب نزول الآية ثم يقول مرجحاً أنها معاتبة من الله لنبيه لأنه عبس. وهذا نص كلام الطبرسي[ بحار الأنوار - العلامة المجلسي ج 17 ص 78]: "أقول: بعد تسليم نزولها فيه صلى الله عليه وآله كان العتاب على ترك الأولى، أو المقصود منه إيذاء الكفار وقطع أطماعهم عن موافقة النبي صلى الله عليه وآله لهم، وذمهم على تحقير المؤمنين كما مر مراراً.
رابعا: والآن مع آية الله محمد حسين فضل الله المرجع الشيعي المعاصر في لبنان حيث نقل أقوال علماء الشيعة في الآية، وهذا رابط تفسير الآية من موقع المرجع محمد حسين فضل الله [http://arabic.bayynat.org.lb/books/quran/abas1.htm] في تفسيره (من وحي القرآن) في تفسير قوله تعالى: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾في مناقشة الروايات، قال في النقطة الأولى: "إن ذلك كله قد يوحي بوحدة الحال بينه وبين النبي (ص)، بحيث يغيب عن العلاقة أيّ طابعٍ رسميٍّ، ما يجعل إعراض النبي (ص) اعتماداً على ما بينهما من الصلة التي تسمح له بتأخير الحديث معه إلى فرصةٍ أخرى، من دون أن يترك أيّ أثرٍ سلبيٍّ في نفسه، لا سيّما إذا كان ذلك لمصلحة الدين التي تجعل أي مسلمٍ في زمن الدعوة الأوّل، يفرح لنجاح النبي في استمالته لأي شخص من كفار قريش الوجهاء في مجتمعهم، إلى دائرة الإيمان أو الدين الجديد، باعتبار أن ذلك يخفف العذاب والحصار على المسلمين المستضعفين، ومنهم ابن أم مكتوم. وبذلك يكون إعراض النبي عنه كإعراضه عن أحد أفراد أصحابه، أو عائلته، اتّكالاً على ما بينهما من صلاتٍ عميقة ووحدة حال. كما أن العبوس لم يكن عبوس الاحتقار، بل قد يكون أقرب إلى عبوس المضايقة النفسية التي توجد تقلّصاً في الوجه عندما يقطع أحدٌ على الإنسان حديثه الذي يرقى إلى مستوى الأهمية لديه، فلا يكون في ذلك أيّ عمل غير أخلاقيٍّ، فلا يتنافى مع الآيات التي أكّدت خلقه العظيم وسعة صدره" (انتهى).
ثم قال في النقطتين الرابعة والخامسة من مناقشة الروايات:
النقطة الرابعة: أن القسوة الملحوظة في الآيات في الحديث مع النبي (ص) تمثل ظاهرةً واضحةً في أكثر الآيات التي تتصل بسلامة الدعوة واستقامة خطها، سيما في قوله تعالى: ﴿فَمَا مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ﴾ [الحاقة:47] وقوله تعالى في الحديث عن المحاولات التي يبذلها المشركون للتأثير عليه من أجل الافتراء على الله: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا * وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾ [الإسراء:75] [الإسراء:73-75]، وقوله تعالى: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر:65]، وغير ذلك من الآيات؛ لأن القضية ترقى إلى المستوى الكبير من الأهمية، بحيث لولاها لانحرفت مسيرة الرسالة بانحراف الرسول أو القائد، للإيحاء بأن هذه القضية لا تقبل التهاون حتى في الموارد المستبعدة منها، وذلك، من أجل أن يفهم الدعاة من بعد النبي(ص)، بأن عليهم أن يقفوا في خط الاستقامة، حتى بالمستوى الذي لا يمثل تصرفهم فيه عملاً غير أخلاقيٍّ؛ لأن الغفلة عن الخطوط الدقيقة في المسألة، قد تجرّ إلى الانحراف بطريقةٍ لا شعوريّةٍ.
النقطة الخامسة: إن القرآن الكريم قد عمل على تثبيت شخصية النبي(ص) وتأديبه بأدب الله، في ما يريد الله له أن يأخذ به من الكمال الروحي والأخلاقي والعملي، ممّا يلقي إليه الله علمه، مما قد يختلف عن الخط المألوف عند الناس. ولعلَّ هذه المسألة تدخل في هذه الدائرة؛ لأن المعروف هو الاهتمام بالأغنياء لقدرتهم على التأثير في المجتمع بطريقةٍ فاعلةٍ كبيرةٍ، بينما لا يملك المستضعفون الفقراء مثل ذلك، فتكون النظرة ـ على هذا الأساس ـ نظرةً رساليةً، لكنها قد تترك تأثيراً سلبياً على النظرة العامة لسلوك الرسول؛ لأنهم قد يفكرون بالجانب السلبي في القضية، وهو ملاحظة جانب الغنى في الاهتمام بالأغنياء من جهة النظرة الذاتية إلى قيمة الغنى في المجتمع، فتأتي الآيات لتثير الموضوع بهذه الطريقة لإبعاد السلوك عن الصورة السلبية من حيث الشكل، حتى لو لم تكن سلبية من حيث المضمون، مع ملاحظة مصلحة الدعوة في ذلك كله، وهذا ما نستوحيه من قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا﴾ [الكهف:28]؛ فإن هذه الآية توحي بأن الله يريد إخراج النبي (ص) من الأجواء الضاغطة في العرف الاجتماعي، التي يمكن أن تترك تأثيرها الخفيّ على نفسه بطريقةٍ لا شعورية، فيلتفت إلى الأغنياء رغبةً في الامتيازات الحاصلة عندهم. وربّما كان ذلك على طريقة "إيّاك أعني واسمعي يا جارة" ليكون الخطاب للأمة من خلال النبي (ص)، ليكون ذلك أكثر فاعليةً وتأثيراً إيحائياً في أنفسهم، لأن النبي (ص) إذا كان يخاطب بهذه الطريقة في احتمالات الانحراف، فكيف إذا كان الخطاب يراد به غيره" (انتهى).
وهنا دعوني أجعل آية الله محمد حسين فضل الله يرد على جعفر مرتضى العاملي وكل شيعي يتبنى رواية أن الآية في رجل من بني أمية، حيث قال المرجع الشيعي حسين فضل الله:
"النقطة السادسة: إن الرواية المنسوبة إلى الإمام الصادق (ع) في أن الحديث عن رجلٍ من بني أمية، لا تتناسب مع أجواء الآيات؛ لأن الظاهر من مضمونها، أن صاحب القضية يملك دوراً رسالياً، ويتحمل مسؤولية تزكية الناس، ما يفرض توجيه الخطاب إليه للحديث معه عن الفئة التي يتحمل مسؤولية تزكيتها، باعتبارها القاعدة التي ترتكز عليها الدعوة وتقوى بها، في مقابل الفئة الأخرى التي لم تحصل على التزكية، ولا تستحق بذل الجهد الكثير". (انتهى).
وبهذا يتضح كذب المرجع الشيعي جعفر مرتضى العاملي، فالذي قال ذلك ليس أهل السنة وحسب بل الله من قبلهم والرسول وأصحابه؛ بل وصرح بصحة نزول الآية في الرسول أربعة علماء شيعة وهم الطبرسي والمجلسي واليوسفي والمرجع الديني المعاصر محمد حسين فضل الله كما نقلته عنهم.
وهذا رابط من موقع يا زهراء الشركي الرافضي التابع لمرجعهم الكذاب جعفر مرتضى العاملي الذي وضحت كذبه؛ ففي هذا الموقع تسجيلين للمرجع الديني محمد حسين فضل الله وهو يصرح بأن الآية: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ نزلت في الرسول عليه الصلاة والسلام:
http://www.mezan.net/sounds_files/sounds1/7/r007.htmlالمصدر: شبكة الدعاة إلى العلم النافع الإسلامية