آية ذوي القربى
آية ذوي القربى هي قول الله تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم آمرا له أن يقول للناس: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾, ويقولون القربى هنا علي وفاطمة والحسن والحسين.
نجد أن بعضهم يفسر هذه الآية كما فعل الأنطاكي مثلاً في كتابه "لماذا اخترت مذهب الشيعة", فلا يتقي الله تبارك وتعالى, وإن كنت أعتقد جازماً أن هذا الكتاب ليس له، وإنما ألفه غيره ونسبه إليه, والعلم عند الله تبارك وتعالى، ولكن على كل حال لما يأتي إلى هذه الآية وهي قول الله تبارك وتعالى: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ فينقل حديثاً من صحيح البخاري وفيه أن ابن عباس رضي الله عنه يسأله رجل عن معنى هذه الآية: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾، فيقول سعيد بن جبير: "إلا أن تودوا قرابتي"، فيرد عليه ابن عباس رضي الله تبارك وتعالى عنه فيقول: "عجِلتَ فوالله ما من بطن من بطون قريش إلا وللنبي صلى الله عليه وسلم فيه قرابة، ولكن إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة" هذا معنى الآية.
ماذا فعل الأنطاكي أو من نسب الكتاب إلى الأنطاكي؟ قطع هذا الحديث من وسطه, بتره, وهذا موجود في البخاري. فقال: قال بن عباس: (ألا أن تودوا قرابتي) وترك رد بن عباس على سعيد بن جبير, ونسب قول سعيد بن جبير إلى ابن عباس رضي الله عنهما! ماذا تسمون هذا الصنيع؟ سموه ما شئتم! ولكن ليس هذا سبيل المؤمنين وما هذا طريقهم أبداً لا يقطعون ولا يبترون الأحاديث ويدلسون ويكذبون ولكن نقول الله المستعان.
إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه العزيز: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾, هذه المصارف سهم لله والرسول, سهم لذوي القربى, سهم لليتامى, سهم للمساكين, وسهم لأبن السبيل, هذا ما يسمونه بالخُمُس, وهذا الخُمس إنما يؤخذ من غنائم الجهاد لأن الله تبارك وتعالى يقول ﴿واعلموا أَنَّمَا غَنِمْتُم﴾ غنيمة في الجهاد, غنائم الجهاد.
غنائم الجهاد صارت وللأسف بعدما كانت تؤخذ من الكفار صارت تؤخذ من المسلمين, الله تبارك وتعالى جعل لذوي القربى خمس خمس الغنيمة, وذلك أن الغنيمة تُقسم إلى خمسة أخماس فلوا فرضنا أن الغنيمة 10 آلاف فتقسم هذه الغنيمة إلى خمسة أخماس ألفين ألفين هكذا، ثم أربعة أخماس تعطى للمجاهدين للذين قاتلوا وشاركوا في المعركة 8 آلاف، يبقى ألفان يقسمان على خمسة أخماس لله والرسول لذوي القربى لليتامى للمساكين لابن السبيل 400 لكل سهم.
إذا هذه الأخماس تقسم بهذه الطريقة, إذا خمس الخمس لذوي القربى.
ماذا يفعل القوم اليوم؟ خمس كامل ويؤخذ ممن؟ من المسلمين!! والله إنما أعطى ذوي القربى خمس خمس من الكفار، وهؤلاء يأخذون خمساً كاملاً من المسلمين. ليس هذا من دين الله في شيء أبدا ولا نقبل هذا أبداً.
المهم أن الله تبارك وتعالى لما ذكر ما لذي القربى قال: ﴿ولذي القربى﴾ باللام بينما الآية تقول: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ في القربى ففرق بين في القربى، وللقربى في قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى...﴾ ولا بد لنا أن نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يطلب أجراً, كيف يطلب أجراً وهو الذي يقول الله له: ﴿قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ﴾.
إن الأنبياء جميعاً لا يسألون أقوامهم أجراً، قال الله تبارك وتعالى عن نوح: ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾، وقال عن هود: ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾, وقال صالح كذلك وكذا قال لوط وقال شعيب كذلك ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾, ومعلوم أن نبينا محمداً هو أكرم الأنبياء وسيد الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليه, فإذا كان إخوانه من الأنبياء والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم كنوح ولوط وهود وصالح وشعيب وغيرهم لا يسألون الناس أجراً فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أولى
بذلك أن لا يسأل الناس أجراً إنهم لا يسألون الأجر إلا من الله سبحانه وتعالى، وهذا معنى قول الله جل وعلا:﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾, إلا هنا في الآية بمعنى لكن وليست استثناءاً, هو لا يسأل أجرا قطعاً صلوات الله وسلامه عليه وإنما يكون معنى الآية قل لا أسألكم عليه أجراً، ولكن المودة في القربى, ودوني في قرابتي كما قال بن عباس رضي الله عنه وأرضاه.
وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يعرفون حق مودة آل البيت، وكان أبو بكر يقول: "ارقبوا محمداً صلى الله عليه وسلم في أهل بيته"، أي: من أراد أن يحسن إلى رسول الله فليحسن إلى أهل بيته بعد موته صلى الله عليه وسلم. ويقول أبو بكر لعلي كذلك: "والله يا علي! لأن أصل قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إليّ أن أصل من قرابتي"، فهي مواساة لأهل بيت رسول الله بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد نزع من بينهم رسولهم وكبيرهم ومعلمهم وقريبهم محمد صلى الله عليه وسلم، فكان لابد من المواساة.
واقعة أخرى في شأن آل زيد بن حارثة، كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما جالساً في المسجد، فرأى شاباً يجر ثوبه ويمشي في المسجد، بطريقة فيها نوع من الفخر لا يكاد يذكر. الشاهد: أنه قال متغيظاً عليه رضي الله تعالى عنه: من هذا الفتى؟ ويهم ابن عمر رضي الله عنهما أن يقول له قولاً شديداً، فقالوا له: هذا هو أيمن بن أسامة بن زيد، فنكس ابن عمر رأسه في الأرض، وقال: لو رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبه، وأعرض ابن عمر عن الانتقاد الشديد الذي كان سيوجهه لـأيمن بن أسامة بن زيد، مواصلة لمسيرة المحبة لأهل زيد التي بدأها رسولنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.