إلى فضيلة الشيخ وفقكم الله لما يحبه ويرضاه.
سؤالي حول قضية الزواج، ولكنه زواج خارج الوطن وقع بين شخص قريب منى كل القرب، القريب الذي أتكلم عنه شاب سافر من أجل الكسب إلى إيران، بقي في إيران عدة سنوات فكان يشتغل وينتظر فرصة السفر إلى أوروبا، مكث في إيران ثمان سنوات، لكن في أواخر السنتين تعرف علي امرأة كانت أيضا من أهل العراق جاءت بصحبة أبيها، وكانت تحاول أن تسافر إلى أوروبا عن طريق السفارة الألمانية، وبعد أن أوصلها أبوها إلى إيران رجع أبوها إلى العراق، فأراد من هذا الشاب أن يساعدها في ترتيبات جواز سفرها وذلك لأن الشاب كان يعرف أن يتكلم الفارسية، وبعد أن رتب لها الشاب الترتيبات اللازمة، ومع هذه المدة القصيرة قال لها الشاب: وأنا منذ مدة أود السفر إلى أوروبا ولكن لم تتح لي فرصة، فقالت له المرأة: أنا أساعدك لأني أريد أن أرد لك الجميل، وقال الشاب: كيف؟ قالت: عندما أصل إلى ألمانيا أرسل لك رسالة الدعوة وأقول بأنك زوج أختي ونرتب لك تزويرا وبدورك أنت أيضا ترتب تزويرا لنفسك، فقال لها الشاب: ولماذا لا تتزوجيني؟ فقالت: ماذا أقول لك؟ إنني متزوجة ولي عدة أولاد وبنات ولكن زوجي لا أستطيع أن أعيش معه فقد طلقني عدة مرات وكل مرة ثلاث طلقات ثم خلا ل شهر أو أقل أو أكثر يأتي إلى أبي ليراجعني ويوافق أبي لأنه يحب أن أكون له لا لغيره ذلك لأن زوجي ابن خالي، فأنا لا أحب زوجي فأنا مطلقة فإذا أنت تتقبلني زوجة لك أتزوجك. فكل هذا الكلام حسب زعمها ونحن لا نعلم أصدقت أم كذبت. فقال: أنا أتزوجك فقالا: ومن يزوجنا؟ فبحثا حتى وجدا صديقا للشاب وكان من أهل العراق أيضا فكان قد قرأ هذا الشخص بعض كتب الفقه، فقال: أنا أزوجكما فهذا سهل، فقالا له: نريد أن يكون الزواج سريا، قال لا بأس به أقول أثناء العقد بشهادة شخصين معينين ولا أخبر الشاهدين بالعقد. فزوجهما بهذه الطريقة وبعد العقد جامعا، ثم بعد أسبوع انكشف جواز سفر المرأة في مكتب الجوازات والسفارة الإيرانية أن هذا الجواز مزور ففشل السفر إلى ألمانيا، فقالت المرأة: أنا لا أرجع إلى العراق أبدا، لأن أبي سوف يرجعني إلى زوجي، لكن الشاب أرجعها إلى العراق وهي كارهة، وبعد أن رجعا إلى العراق أرسلت المرأة من قبل أبيها إلى زوجها السابق، وبعد أن بقيت معه أسبوعا وبعد هذا الأسبوع رفعت المرأة دعوة إلى القاضي ليطلقها زوجها السابق، فطلقها ثم قالت لزوجها الجديد الشاب: تعال واطلب يدي من أبي، يعني بزواج جديد.
فسؤالي هو: ما حكم هذا الزواج الذي عقدوه في إيران، الذي كان زواجا سريا.
كيف تنظرون إلى هذه القضية، وبماذا تنصحون.
الفتوى:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي وقع بين هذا الشاب وتلك المرأة لا يعد نكاحا، وإنما هو محض زنا والعياذ بالله، وذلك لعدة أمور:
الأول: أنه وقع بدون ولي، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل. رواه أحمد وأبو داود وصححه السيوطي والألباني.
الثاني: أنه وقع دون شهود، لأن العاقد صرح بأنه سيقول أثناء العقد إنه وقع بشهادة شخصين معينين دون أن يكون أخبرهما به، وقد روى ابن حبان والبيهقي وصححه الذهبي من حديث عمران بن حصين مرفوعاً: لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل.
الثالث: أن السؤال لم يتضح فيه ما إذا كانت هذه المرأة متزوجة وقت العقد عليها أم لا، لكثرة ما ذكرت من طلاق زوجها لها، ثم هي بعد عودتها إلى العراق ترفع أمرها إلى القضاء طلبا للطلاق من زوجها السابق كما ذكرت، مما يدل على عدم وضوح المسألة.
فعليها -إذا- وعلى الشاب الذي يريد الزواج منها أن يتوبا مما ارتكباه من الآثام، ويتعلما من أحكام شرع الله ما يقومان معه بأمر دينهما، ولا مانع من أن يتزوجا من جديد بعد التوبة والاستبراء من الماء الفاسد، وعلى هذا الأب -هو الآخر- أن يتوب مما كان يريده من إرسال ابنته إلى أوروبا من غير مبرر شرعي لذلك ومن دون أن يكون معها زوج أو محرم، ونسأل الله أن يرد نساء الأمة وشبابها وشيوخها إلى التمسك بالدين والقيم والأخلاق إنه سميع مجيد.
والله أعلم.