ذكر ابن كثير -رحمه الله-في تفسير قوله تعالى :" ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم....الاية" من سورة النساء، حديث البراء بن عازب، وهو حديث صحيح، عن خاله أبي بردة، أنه بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل،تزوج امراة أبيه من بعده أن يقتله ويأخذ ماله. وقد علق ابن كثير وقال : فمن تعاطاه بعد هذا - أي بعد التحريم- فقد ارتد عن دينه. اهـ . حيث استدلوا على ردته من أخذ ماله بعد قتله، فما هو مناط الكفر في هذا الحديث، ولماذا لم يعدّه صلى الله عليه وسلم زنى بالمحارم، وهل يقاس على هذا الحديث من تزوج بخمسة نساء في آن واحد،أو من تزوجت برجلين في آن واحد.
الفتوى:
خلاصة الفتوى:
الحديث محمول على من فعل ذلك مستحلا، واستحلال المحرم القطعي ردة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تأول أهل العلم هذا الحديث في من فعل ذلك مستحلا له، قال الطحاوي في شرح معاني الآثار: فلما لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالرجم، وإنما أمره بالقتل، ثبت بذلك أن ذلك القتل ليس بحد للزنا، ولكنه لمعنى خلاف ذلك، وهو أن ذلك المتزوج فعل ما فعل من ذلك على الاستحلال، كما كانوا يفعلون في الجاهلية، فصار بذلك مرتدا.اهـ.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: وللحديث أسانيد كثيرة، منها ما رجاله رجال الصحيح، والحديث فيه دليل على أنه يجوز للإمام أن يأمر بقتل من خالف قطعيات الشريعة كهذه المسألة، فإن الله تعالى يقول: وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء، ولكنه لا بد من حمل الحديث على أن ذلك الرجل الذي أمر صلى الله عليه وسلم بقتله، عالم بالتحريم، وفعله مستحلا، وذلك من موجبات الكفر.اهـ.
والحاصل أن تلك العقوبة إنما هي في من فعل ذلك مستحلا لما ثبت تحريمه بقواطع النصوص، لا في مجرد من تزوج زوجة أبيه مطلقا، جاهلا ونحوه، ويقاس عليها كل من استحل محرما قطعيا مع علمه بتحريمه كالقتل وشرب الخمر ونحو ذلك.
والله تعالى أعلم.