أنا شاب مطلق وأب لابن، ومنذ ثمان سنوات تقدمت لخطبة فتاة لكنها وبالنظر إلى وضعيتي فضلت شابا أعزب تزوجت به وقد أخبرتني بذلك فدعوت الله لها بالتوفيق ووعدتها بعدم الاتصال احتراما لها ولزوجها، والسبب صراحة هو أنني استخرت الله فعلمت أنه خير فاطمأن قلبي، ومرت الأيام ويشهد الله أنها هي من اتصلت بي ذات ليلة تطلب مني أن أتزوجها، لأنها ترغب في التطليق من زوجها والسبب هو أنها اكتشفت أن زوجها لا يصلي وعندما طلبت منه الصلاة قال أولئك أغلبهم منافقون، وتقول إنه إذا صلى ـ وهذا أحيانا ـ فإنه يصلي الصبح بعد العودة من العمل، واليوم ـ الجمعة ـ لم يصل لا صبحا ولا جمعة، والمصيبة العظمى تقول يا أخي إنه يجبرها على الذهاب معه عند أصدقائه وعندما رفضت ضربها وعندما حضر أصدقاؤه أصر أن تجلس معهم وقد حضرت مكرهة فوجدت أن هناك من يطيل النظر إليها وهناك من يجلس أمامها بطريقة مخلة بالأداب، أما عن الكلام غير المحترم فحدث ولاحرج، وهذه الأخت سيدي لجأت إلي كسبب لأنه لا أحد سيقبلها في الأسرة خاصة وأن الأسرة تقول عليك بطاعته والذهاب معه حيث شاء ولا عيلك من تدينه، وأمها عجوز ويتيمة وتخاف أكثر لأن لها أيضا أختا مطلقة فهي تطلب مني في كل لحظة أن أنقذها حسب تعبيرها من هذا الجحيم خاصة أنها في الأيام الأولى من عقد القرآن ولم تقم بالحفل بعد وما تزال بكرا ولا تريد أن تسلمه نفسها إلا كارهة، ويشهد الله أنها هي من طلبت مني أن أعدها بالزواج، فهل أكون آثما إن وعدتها؟ أم أنه تجب علي مساعدتها؟ علما أن أخاها الأكبر كان يفضل أن ترتبط بي؟ وهل عقد نكاحها صحيح على اعتبار أنها عقدت على زوج لا يصلي؟.
الفتوى:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلنبدأ أولا بما يتعلق بأمر نكاحها من ذلك الرجل الذي وصفته بأنه تارك للصلاة فنسأل عن الذي دعاها إلى الزواج من رجل هذا حاله، وإن كانت لا تعلم عنه شيئا فكان ينبغي أن تسأل عنه قبل أن تقدم على الزواج منه فنخشى أن تكون قد جنت ثمرة تفريطها، وتارك الصلاة مختلف في حكمه هل يكفر بذلك ويخرج عن ملة الإسلام أم لا، والجمهور على عدم كفره إن لم ينكر وجوبها، وبناء على قولهم هذا يكون النكاح من تارك الصلاة صحيحا، وإذا كان زوجها على الحال المذكورة من التفريط في الصلوات والاعتداء على زوجته فهو عاص لربه ومفرط في حق زوجته، فمن حق زوجته أن تطلب منه الطلاق لفسقه أولا، ثم لتضررها منه ثانيا، فكل من فسق الزوج والضرر مما يسوغ للمرأة طلب الطلاق، وتراجع الفتوى رقم:
37112.
والأولى أن لا تعجل إلى طلب الطلاق، بل ينغي أن تناصحه عسى الله أن يهديه ويصلح حاله فيزول الإشكال، وهذا من جهتها هي.
وأما من جهتك أنت فلا يجوز لك مواعدتها بالنكاح، فإن الفقهاء يقولون إن التصريح بخطبة معتدة الغير أو مواعدتها بالنكاح حرام، سواء كانت العدة من طلاق رجعي أم بائن أم وفاة، أم فسخ، فكيف إذا كانت المرأة لا تزال تحت زوج، فمواعدتها والحالة هذه تخبيب لها على زوجها، والتخبيب محرم، بل ذهب فقهاء المالكية إلى تحريم نكاح المخبب لمن خبب بها معاملة له بنقيض قصده، وانظر الفتوى رقم:
7895.
والأصل أنه يجب على الزوجة طاعة زوجها إذا دعاها إلى الفراش، ولا يجوز لها الامتناع عنه إلا لعذر شرعي وقد ذكر بعض العلماء كالشيخ
ابن عثيمين أن من حق الزوجة هجر زوجها في الفراش إن كان ظالماً لها، كما بينا في الفتوى رقم:
129984.
وعلى كل، فعليك أن تقطع علاقتك بهذه المرأة تماما ولا تستقبل منها أي اتصال، وبإمكانك أن تذكر لها ما ذكرناه لك في هذه الفتوى.
والله أعلم.