للأمم أيامها التي تحتفي بها على مدار العام، ويكون تعظيمها لهذه الأيام منبثق عن أديانها الباطلة أو المحرفة، أو عن مبادئها الوضعية الضالة.
والأمة الإسلامية الرشيدة أيامها التي شرع الله لعباده، تعظيماً لها دون ما سواها مما اخترعته أهواء البشر.
ومن أمثلة الأيام التي عظم الله شأنها وشرع للمسلمين تعظيمها: يوم الجمعة، ويوم الأضحى، ويوم الفطر، ويوم عرفة، ويوم عاشوراء.
وكلُّ يوم له فضائله: فيوم عاشوراء هو اليوم الذي أنجى الله فيه موسى وبني إسرائيل، وأغرق فرعون وجيشه كما في الصحيحين، كما أنه اليوم الذي رست فيه سفينة نوح على الجودي كما عند أحمد وابن جرير، وهو اليوم الذي تاب الله فيه على آدم وحواء بعد إخراجهما من الجنة كما نقل كثير من المفسرين، ونقلوا كذلك أنه اليوم الذي أنجى الله فيه قوم يونس من العذاب عندما آمنوا ونقلوا أنه اليوم الذي ولد فيه عيسى... إلخ.
وتعظيماً لهذا اليوم ورد في الآثار أن الأنبياء كانت تصومه، وفي الصحيحين أن قريشاً كانت تصومه في الجاهلية، وأن اليهود كانوا يصومونه، وقد أمر الرسول عليه الصلاة والسلام بصيامه -كما في الصحيحين- وعلل: بأننا أحق به من غيرنا، ومن أجل مخالفة غيرنا؛ لأن صراطنا المستقيم متميز، وشرع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام تاسوعاء إضافة إلى يوم عاشوراء، وفي الحديث عند مسلم، وعند البيهقي أنه صلى الله وعليه وسلم شرع صيام يوم قبله ويوم بعده، وفي رواية أخرى للبيهقي أنه صلى الله عليه وسلم شرع صيام يوم قبله -أي: قبل يوم عاشوراء أو يوم بعده، وهذا يدل على أن ديننا بقدر اهتمامه بهذا اليوم مهتم كذلك بعدم التشبه بغيرنا، وبضرورة مخالفتنا لهم كل ما أمكن ذلك.
وفي الحديث الذي رواه مسلم أن صيام يوم عاشوراء يكفر ذنوب السنة الماضية، وفي الروايات التي قواها البيهقي -لتعددها- أن من وسع على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر السنة، في هذين الحديثين -بالإضافة إلى بيان بعض فضائل هذا اليوم- إشارة غير مباشرة إلى أن هذا اليوم وقع في بداية السنة، وإشارة إلى بداية السنة عند المسلمين.
وقد فطن عمر رضي الله عنه -وهو الخليفة الراشد الذي أُمرنا باتباع سنته وسنة إخوانه من الخلفاء الراشدين- فطن إلى ذلك مع الصحابة الذين استشارهم، فجعلوا السنة الهجرية تاريخاً للمسلمين؛ تمييزاً لهم عن غيرهم من الأمم، وجعل المحرم الذي عاشر يوم منه عاشوراء جعلوه أول أشهر السنة الهجرية.
وإذا كانت أمة الإسلام تحتفل بيوم عاشوراء بممارسة عبادة الصوم، وبالتوسعة عن العيال، فإن الروافض الشواذ يقومون في هذا اليوم بما لا يقره عقل ولا شرع، ألا وهو ضرب أنفسهم وجرح أجسامهم، وحتى صبيانهم؛ حزناً على الحسين رضي الله عنه.
ولم يسبقهم إلى هذه البدعة أحد، لا من أتباع المناهج السماوية ولا الوضعية، وكم قتل من الأنبياء، ولم نجد من يحزن عليهم بهذه الطريقة! إنه الشذوذ ولا تعليل سواه.
المصدر: موقع الشيخ محمد الصادق
www.ssadek.com