طلق زوجته في حالة سكر وغضب شديد
كتاب الطلاق والخلع »
باب وقوع الطلاق وألفاظهالسؤال:
إنني طلقت زوجتي ثلاث طلقات متفرقة ، وأول طلقة في حالة سكر سخطاً وغضاً ، أما الطلقتين الأخيرتين نتيجة غضب شديد ، علماً بأن الحب موجود بيننا ، هل لا رجعة لها . أفيدنا جزاكم الله خيراً ؟
الاجابه:
أولاً : هو ذكر أنه طلق زوجته ثلاثاُ ، فالطلاق الأول يقول : أنه في حالة سكر وغضب ، والطلاق الثاني في حالة غضب شديد، والطلاق الثالث في حالة غضب شديد أيضاً . فيسأل هل تطلق زوجته ، وأنا أناقشه : هل اعتبره طلاقاً أم لا ، هو نفسه اعتبره طلاقاً أم لا ، فطلاق السكران اختلف فيه العلماء فمنهم من قال : إنه لا يقع طلاقه لعدم العقل ، ومنهم من قال : إنه يقع طلاقه عقوبة له ، والقول ارراجح أن طلاقه لا يقع، لأنه غير عاقل ، ولا يدري ما يقول ، وأما العقوبة فإننا نعاقبه بالجلد، فمثلاً تجلده أو لمرة وإذا عاد المرة الثانية جلدناه ، وإذا عاد المرة الثالثة جلدناه ، وإذا عاد مرة رابعة قتلناه ، لأنه قد صح الحديث عن الرسول
: قال *( من شرب فاجلدوه . ثم إن شرب فاجلدوه . ثم إن شرب فاجلدوه . ثم إن شرب فاقتلوه)* فأمر بقتله في الرابعة . واختلف العلماء هل هذا منسوخ أو محكم فقيل إنه منسوخ وقيل إنه محكم ، وقيل إنه محكم لكنه مقيد والصحيح أنه محكم لكنه مقيد ، بما ؟ إذا لم ينته الناس بدون قتل ، فإذا لم ينته الناس بدون قتل ، قتل في الرابعة ، وأما إذا كان يمكن أن ينتهي الناس بدون قتل فإننا لا نقتله ، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ، والذين قالوا يقتل إذا جلد ثلاث مرات ، يقتل في الرابعة مطلقاً ، هؤلاء أهل الظاهر كابن حزم ، ومن كان تابعاً أو سابقاً عليه ، والذين قالوا : إنه منسوخ هم جمهور أهل العلم ، ولكن كما نعلم جميعاً ، النسخ لا يجوز القول به إلا بشرطين :
1-عدم إمكان الجمع .
2-العلم بتأخر الناسخ ، فإذا أمكن الجمع امتنع النسخ ، لأنه متى أمكن الجمع بين النصوص وجب القول بها جميعاً ، حتى لا نلغي بعضها ، وإذا لم يعلم التاريخ وجب التوقف ، لأنه ليس نسخ أحدهم بالآخر بأولى من العفو . الطلقة الثانية : يقول : إنه في حال غضب شديد . والغضب له ثلاث مراحل : أولى ، ووسطى ، ونهاية . أما الطلقة الأولى : وهو الغضب اليسير الذي يعقل الإنسان فيه ما يقول ويمك نسه هذا لا أثر له ، بمعنى أن الغاضب كغير الغاضب في ترتب أحكام نطقه عليه . الحالة الثانية : غضب متوسط ، هو لم يبلغ الغاية ، لكنه لا يملك نفسه ، كأن شيئاً ضغط عليه حتى تكلم بالطلاق .
الحالة الثالثة : الغاية : غاضب حتى لا يدري ما يقول إطلاقاً ولا يدري أهو في الأرض أو في السماء ، وهذا يقع فيه بعض الناس يكون عصبياً إذا غضب لا يدري ما يقول ولا يملك نفسه ولا يدري نفسه أهو في الأرض أم في السماء ولا يدري هل الذي معه زوجته أو رجل من السوق ، فهذه ثلاث مراتب . فالمرتبة الأولى : أن أحكام هذا الغضبان كغيره . لأن هذا غضب لا يؤاخذ . فالمرتبة النهائية : أجمع العلماء على أن نطق الغاضب لا حكم له فيها ، أنه لاغ، لأن هذا ما عنده شعور إطلاقاً ، فكلامه ككلام المجنون ، والمرتبة الوسطى الذي يتصور الإنسان ما يقول ويدري ما يقول ، لكنه لم يملك نفسه .
كأن شيئاً غصبه على أن يتلفظ بالطلاق ، هذا موضع خلاف بين العلماء والصحيح أن الطلاق لا يقع في هذه الحال ، والدليل قول النبي
" لا طلاق في إغلاق" ولأن الرجل لو أكره على الطلاق فطلق تبعاً للإكراه، فإن طلاقه لا يقع وهذا نوع من الإكراه. لكنه إكراه بأمر باطن يجب أن يظاهر (1) .
المرجع:
(1) دروس وفتاوى الحرم المكي ، الشيخ ابن عثيمين ، 3/258 - 260