استنابة الشيعي عن السني والرجل عن المرأة والعكس
كتاب الحج »
باب الاستنابة في الحجالسؤال:
أرسل رجل في شأن امرأة متوفاة يريد الإحجاج عنها هل يجوز أن ينيب عنها شيعي جعفري وهي سنية؟ وهل تنال بالحج عنها أجر حجة كاملة كما لو كانت حية وحجت بنفسها وما ثواب من حج عنها؟
الاجابه:
أما أرسال الرجل للحج عنها بالنيابة فجائز لما رواه البخاري في " باب من مات وعليه نذر" من صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله " باب من مات وعليه نذر" من صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: " أتى رجل النبي
فقال: إن أختي نذرت أن تحج وإنها ماتت فقال: النبي
* أولو كان عليها دين أكنت قاضية)* قال: نعم، قال: " فأقضي الله فهو أحق بالوفاء"، وعقد البخاري في كتاب الحج من صحيحه باباً للحج والنذور، والرجل يحج عن المرأة، استدل فيه الحج الرجل عن المرأة بما رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة جاءت إلى النبي
فقال: إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج، أفأحج عنها قال: *( نعم حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضية)* قالت: نعم. فقال: *( أقضوا الله فإن الله أحق بالقضاء)*، يقصد البخاري بالإستدلال بهذا الحديث أن خطاب النبي
بقوله *( اقضوا)* شامل للرجال والنساء، وقال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري": لا خلاف في جواز حج الرجل عن المرأة والمرأة عن الرجل، ولم يخالف في جواز حج الرجل عن المرأة، والمرأة عن الرجل إلا الحسن بن صالح أ هـ. وأما استنابة الشيعي عن السنية فلا ينبغي، لاختلاط شرط الأستنابة في النسك في الشيعي، وهو العدالة. قال العلامة ابن حجر الهيثمي في " الفتاوى الكبرى": يجب على الولي إلا يستأجر أو يجاعل إلا عدولاً على المعتمد، لأنه متصرف عن الغير، وكل متصرف عن الغير يلزمه الإحتياط، وغير الثقة لا يوثق منه بأن يحج عن الميت وأن شوهد؛ لأن المدار على النية وهي أمر قلبي لا إطلاع لأحد عليها، ومر الهيثمي إلى أن قال: وبه يعلم أنه لا فرق بين من استؤجر أو جوعل لأداء فرض أو تطوع كنفل حج أو صبي به؛ لان لك وإن كان تطوعاً في الأصل إلا أنه بالوصية صار واجب الأداء، وما وجب أداؤه لا يخرج عن عهدته بفعل الفاسق؛ لأنه غير أمين، ومشاهدة أفعاله لا تمنع خيانته، لارتباطها بالنية، ولا مطلع لأحد عليها أ هـ. والتصرف الممنوع في هذا الوصي يمنع لغيره من باب أولى، وأما ما تناله المتوفاة من الأجر إذا حج عنها فظاهر النصوص الواردة فيمن حج عنه أن لها أجر حجة كاملة، فقد قال النبي
لبعض أصحابه *{ حج عن أبيك }* وقال للمرأة: *{ حجي عن أمك}* فاخبر أن الحج نفسه هو الذي يقع عن الميت فيكون له ثوابه وبهاذين النصين رد ابن القيم رحمه الله في " كتاب الروح"، زعم من قالك بأن الميت المحجوج عنه لا ينال من الثواب إلا ثواب الإنفاق على من حج عنه؛ وأما الذي يقوم بالحج بالنيابة عن الميت فله أجر الحج عن كان متطوعاً، بذلك قال أبو داود في مسائل الإمام أحمد روايته عنه: سمعت أحمد قال له رجل: أريد أن أحج عن أمي أترجو أن يكون لي أجر حجة أيضا قال: نعم تقتضي دينا كان عليها أ هـ. وهذا هو ظاهر ما رواه الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي
قال: *{ من حج عن ميت فللذي حج عنه مثل أجره، ومن فطر صائماً فله مثل أجره، ومن دعا على خير فله مثل فاعله }*. وأما إن كان الحج عن الميت مستأجراً ففي " الفتاوى الكبرى" لابن حجر (ج2) ص96، 97، ما نصه: من استؤجر للحج أو غيره فإن كان الباعث على نحو الحج الأجرة ولولاها لم يحج لم يكن له ثواب، وإلا فله الثواب بقدر باعث الآخرة. وفي اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية للعلامة البعلي ما نصه: والمستحب أن يأخذ الحاج عن غيره ليحج، لا أن يحج ليأخذ، فمن أحب أبرار الميت برؤية المشاعر يأخذ ليحج، ومثله كل رزق على عمل صالح، ففرق بين من يقصد الدين والدنيا وسيلة وبين عكسه، فالأشبه أن عكسه ليس له في الآخرة من خلاق، والأعمال التي يختص فاعلها أن يكون من أهل القربة: هل يجوز إيقاعها على غير وجه القربة، فمن قال لا يجوز ذلك لم يجز الإجازة عليها؛ لأنها بالعوض تقع غير قربة، وإنما الأعمال بالنيات، والله لا يقبل من العمل إلا من أريد به وجهه، ومن جوز الإجارة جوز إيقاعها على غير وجه القربة، وقال: تجوز الإجازة عليها لما فيها من نفع المستأجر أ هـ(1).
المرجع:
(1) فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم 5/ ص 202- 205.