بناتنا وصلوا !
أما تستحون ؟ ألا تغارون ؟ فإنه بلغني أن نساءكم يخرجن في الأسواق يزاحمن العلوج ....... التوقيع :- علي بن أبي طالب رضي الله عنه
قبل شهر أويزيد , نشرت إحدى صحفنا – السوداء – أن ثلاثين عارضة أزياء سعودية قدمن عرضاً في العاصمة – الرياض – لمصمم إيطالي شهير , وكان ذلك على أنغام موسيقية كلاسيكية اختارها بنفسه!
وكان المصمم الإيطالي يردد أثناء العرض { كويستمو مي بياتشه .. كويستمو مي بياتشه } أعجبني كثيرا.
ويصرح السيد الايطالي المعجب بالفتيات الرشيقات , أنه سيكرر هذا فهو مستمتع جدا بما يشاهد ولن ينسى أن يقول لهن واحدة واحدة { جراتسي جراتسي }
هل هذا يحدث في أنقرة أتاتورك ؟ أم في قاهرة سعد زغلول ؟ كلا يا سادة , إنه يحدث في { الرياض}
شعورٌ يسيطر علي أني أقرأ في إحدى صحف مصر قبل عقود . يتراءى أمامي كتاب مصطفى صبري- مفتي الخلافة العثمانية - { قولي في المرأة } وما حكاه فيه من أمور لا تحتاج وأنت تقرؤها إلا أن تُغير المكان والزمان.
لنعد إلى مسلسل الخبر الذي لم نكن نتخيل أنه سيأتي اليوم الذي نعيشه..
وقد صرحت إحدى هؤلاء العارضات أنها تلقت دعوة قبل هذا للعرض في بيروت لكنها تراجعت بسبب الاختلاط والتصوير!
ماشاء الله , هكذا فليكن الفقه والورع وإلا فلا ! وصدق الله { يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم }
أحلال الاختلاط على الطليان حرام علينا ؟ ألهذا الحد وصلت الدياثة عند بعضنا ؟ ألا لعنة الله على كل ديوث .
إنني لست ممن يطير بخبر مشؤوم من جريدة مشؤومة , ولكنها أخبار ومشاهد يراد لها أن تتحول لواقع , وستفعل إذا لم يكن هناك رادع , ونحن لسنا حالة خاصة لنا سنن كونية مختلفة عن باقي البشر .
قبل أسبوع تقريبا وبينما أنا أنقد البائع مبلغ البضاعة , وقعت عيني على جريدة – الرياضي – وكانت ملقاه بجانب البائع , وبالخط العريض كانت هناك جملة تقول { بناتنا وصلوا } كان هذا تعليقا على وصول بعض الفتيات بمباركة من رعاية الشباب إلى أولمبياد لندن ! وصلوا إلى أين ؟ وأين سيصلون في قادم الايام ؟ كانت هناك ابتسامة حاضرة على فم البائع , فيها الكثير من السخرية وكأنه يتمثل قول طُرفة:-
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا
ويأتيك بالأخبار من لم تزود
ومن المخجل المؤسف أن كل هذا يُروج رسمياً ويدعم إعلامياً وتُحبر فيه الفتاوى التي تدعمه وتُجيزه , فكل شيء أصبح بالضوابط الشرعية , والمسألة خلافية , واختلاف أمتي رحمة .
وقضية اشتراط المحرم بحد ذاتها نكتة , ماهي فائدة حضور هذا الكائن المسمى زورا { بالمحرم } ؟ أم أنه سيكون شاهدا على قلة الحياء وذبحه ؟ في صورة تبين إلى أي مدى انعدمت الغيرة عند بعض البشر .
والاكثر قباحة والأسوأ بضاعة , بعض المتاجرين في الدين الذين لا يرفعون بالحق رأسا إلا إن كان للموضوع علاقة بقضية المرأة , فتراهم في الصفوف الأولى يحبرون الفتاوى ويحرفون النصوص والأدلة حتى تتوافق مع ذلك , وكثير منهم لديه الجاهزية في المستقبل لتقديم المزيد من التنازلات , كل ذلك باسم الشريعة , ومن هنا نعرف إحدى حكم كثرة الإشارة الى قصص بني اسرائيل وتلاعبهم بالشريعة في القران الكريم , وكيف توعد الله في كثير من المواطن من يشترون بايات الله ثمنا قليلا.
أعلم أن عدداً غير قليل من فتياتنا وشبابنا سيسخرون من مثل هذه الكلمات باعتبارها قديمة عفا عليها الزمن , ولا يضيرني هذا في شيء , ولا ولن يزحزحني إن شاء الله , ولكني أشعر بشفقة وحزن على أعداد هائلة من شباب وفتيات الجيل الذين يسارعون في مثل هذا ويشجعونه باسم التقدم والحقوق ومنافسة الأمم ومواكبة الحضارة , إنهم يسيرون في طريق لا يعرفون آخره.
إنهم لا يريدون أن يعرفوا , مع أن الشواهد تُثبت لكل مستبصر مصائر قوم قبلنا , ساروا في هذا الطريق , فما جنوا منه إلا كما يجني ملقي نفسه بين الحريق , والقرآن قبل الشواهد يحدثنا بافصح لغة وأعلاها ولكن متى سنفيق ؟
إن المرأة تعيش حالة من التمرد على أنوثتها , باسم أخذ حقوقها من كائن اسمه { الرجل } الرجل الذي أصبحت تعامله كمنافس أو عدو سيستولي على لقمتها , وليس شريك في حياتها يحمل عنها متاعبها .
والسؤال الاهم هنا , ألم يصلوا بناتنا إلا اليوم ؟ وهل هذا هو المعيار لنجاح بناتنا من عدمه ؟ أليس بين أظهرنا وفي بيوتنا مئات الالاف بل الملايين من الامهات مربيات الاجيال والداعيات والمبدعات في شتى المجالات ؟ لماذا لا يشار إليهن لا من قريب ولا من بعيد ؟ أم أنهن لم يقدمن الشرط الأول لدى إعلامنا حتى تُقدم المرأة بصفتها ناجحة ؟ الشرط الذي أعنيه التنازل عن الحجاب والعفاف بعضه أوكله .
ألست يا إعلامنا كل يوم تصرخ باكيا من النظرة الاحادية ؟ ألست تتباكى في كل لحظة على معاناتك مع التشدد والمتشددين وأصحاب الرأي الواحد ؟
لماذا إذن لا تُظهر الا الفتيات الموافقات على شرطك ؟ أين التعددية التي تنادي بها ؟
دكتورة سعودية متخرجة من إحدى أشهر الجامعات العالمية ومن أشهر التخصصات , ترفض القناة السعودية – نعم السعودية أن تستضيفها ! جنايتها الوحيدة أنها تلبس العباءة الاسلامية , وترفض أن تكشف عن وجهها , فيكون الجزاء , عذرا لا مكان لك بيننا , مواصفاتك لا تتوافق مع شرطنا , وفي غضون أسبوع تُستضاف نفس الدكتورة بكامل حجابها في قناة سي ان ان للتحدث عن اختراعاتها وأبحاثها وهي بكامل حجابها !
كاتبات قديرات ورائعات يحملن أفضل الشهادات وأعلاها في شتى العلوم لا يجدن لهن مساحة ولو صغيرة في صُحُفنا للكتابة فلا يجدن ملجأً إلا الشبكة العنكبوتية , وفي نفس الوقت يُسمح المجال لكاتبات أخريات لا هم لهن إلا التشكيك في الثوابت وازدراء المجتمع المحافظ ومهاجمة المتدينين والتقليل من العفة , فإن لم يوجد سعوديات على هذا النهج فليس لدى إعلامنا مشكلة في استقطاب كاتبات من خارج البلاد - ما دمن يحملن شرط إعلامنا الرئيسي - في السماح للمرأة بالظهور فيه وعبر نوافذه وزواياه .
هل يُعقل أن نجد بعض فتياتنا الكاتبات يتجهن للكتابة في صحف في دول مجاورة لأن صُحُفنا تأبى أن تُفسح لهن المجال للكتابة فيها ! فإذا ما تحدث مُتحدث عن هذه الحملة الجارفة لإخراج المرأة وتغريبها والقضاء على عفتها ودينها وأخلاقها أتانا من كل ناحية من يصمنا بالتهمة الجاهزة المعلبة {{ عقدة المؤامرة }} !
حسناً ماذا تريدني أن أسمي مثل هذه الخطوات التي تسير وفق ترتيبات معينة وبتخطيط دقيق واضح ومتسارع ؟؟
إن المؤامرة على هوية البلد تسير بخطوات ثابتة وهي على أشدها وليس هذا محل فضحها وكشفها , فلذلك حديث إن شاء الله ربما يطول .
إن الحديث يتوجه بالضرورة القصوى لصنفين من الناس :-
الولي , أعني به الأب والزوج والأخ , أن لا تضيع الغيرة منهم , فإنه متى انعدمت الغيرة انعدم مسمى الرجل .
ومن لا يغار , لا قيمة له بين الرجال من حوله , حتى عند من يروج لهذه الافكار من الاعلاميين , وإن زعموا أن هذا مؤشر واضح يدل على التطور والانفتاح , فإنهم في قرارة أنفسهم ينظرون إليك وإلى من هي تحت ولايتك بنظرة محتقرة , وهم أولا وآخراً يفرحون بكل هذا ليحصلوا على المرأة من أسهل الطرق وأسرعها . ثم هو أيضا – من لا يغار – لا قيمة له عند زوجته وابنته وأخته ومن هي تحت ولايته , لأن المرأة السوية بطبيعتها تُحبُ أن يغار عليها رجلها وإلا فهي امرأة وليست أنثى .
لقد قالت العرب يوما وهم أهل جاهلية :-
ألسنا قد علمت معدٌ غداةَ الروع أجدرُ أن نغارا ؟
عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :- ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة : - وذكر منهم { الديوث الذي يقر في أهله الخبث }.
أما الصنف الثاني الذي يتوجه إليه حديثي :-
فهي المرأة نفسها , المرأة التي هي أخت وأم وبنت وزوجة , والحديث يتوجه إليها بالضرورة لأننا أصبحنا في زمن أصبح فيه الكثير من النساء قائدات أنفسهن في ظل تخلي الرجال عن أدوارهم , فهن الآمرات والناهيات , ومن هنا فإن الحديث إليهن آكد وأهم وأولى .
لابد أن تفهم المرأة حقيقة اللعبة التي تسير فيها وهي الخاسر الأول من ذلك ولن تجني ثمرة إلا ثمرة مُرة تبدأ بتخليها عن انوثتها ولا تنتهي بإشغالها عن وظيفتها الحقيقية بأعمال لم توضع إلا للرجل , والتي ستجعل منها كائناً حيا لا يُستخدم إلا للمتعة ليس إلا , ومن العجيب أن الرجل الشرقي في أدبياتنا يوصم أنه لا يحب المرأة ولا يريدها إلا لمتعته ! وياليت شعري ماذا فعل الرجل الغربي للمرأة ولأي شيء يريدها ؟! لئن تكن المرأة لرجل واحد يتمتع بها ويحفظها ويكرمها ويقوم بشؤونها خيرٌ بألف مرة من أن تكون المرأة لعشرات الرجال يتداولونها بين أيديهم , وتسعى لإرضائهم كلهم بشتى الطرق .
إن الحديث هنا عن الغيرة وليس عن ماذا يجب أن تختار المراة لنفسها , وإني كلما حاولت أن لا استطرد وجدتني قد قطعت شوطا كبيرا مستطردا لأن الحديث هنا ذو شجون ولعل الله يهيئ له وقتا اوسع .
سيدتي المرأة , أننا لم نكن يوما ضد إبداعك وعملك , ولكننا سنظل كل يوم ضد هذه الحملات التي تُشن على أنوثتك لإخراجك بأي شكل من الأشكال من بيتك , لهدف الاخراج من البيت وليس لأي هدف آخر.
عن أبي سعيد الخدري أنه قال :- كان فتى منا حديث عهد بعرس . قال فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق , فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنصاف النهار فيرجع إلى اهله , فاستأذنه يوما , فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: خذ عليك سلاحك , فإني أخشى عليك قريظة . فأخذ الرجل سلاحه ثم رجع , فإذا امراته بين البابين قائمة , فأهوى إليها الرمح ليطعنها به , وأصابته غيرة . فقالت له : اكفف عليك رمحك , وادخل البيت حتى تنظر مالذي اخرجني , فدخل فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به , ثم خرج فركزه في الدار , فاضطربت عليه , فما يدرى أيهما كان أسرع موتا الحية أم الفتى. رواه مسلم
عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَما ، قَالَتْ : " تَزَوَّجَنِي الزُّبَيْرُ وَمَا لَهُ فِي الأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَلا مَمْلُوكٍ وَلا شَيْءٍ غَيْرَ فَرَسِهِ , قَالَتْ : فَكُنْتُ أَعْلِفُ فَرَسَهُ وَأَكْفِيهِ مُؤْنَتَهُ وَأَسُوسُهُ وَأَدُقُّ النَّوَى لِنَاضَحِهِ وَاسْتَقَى الْمَاءَ وَأَخْرِزُ غَرْبَهُ وَأَعْجِنُ ، وَلَمْ أَكُنْ أُحْسِنُ أَخْبِزُ ، فَكَانَ تَخْبِزُ لِي جَارَاتٌ مِنَ الأَنْصَارِ وَكُنَّ نِسْوَةَ صِدْقٍ , قُلْتُ : وَكُنْتُ أَنْفِلُ النَّوَى مِنْ أَرْضِ الزُّبَيْرِ الَّتِي أَقْطَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِي وَهِيَ عَلَى ثُلُثَيْ فَرْسَخٍ ، قَالَتْ : فَجِئْتُ وَالنَّوَى عَلَى رَأْسِي , فَلَقِيتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فَدَعَانِي ، ثُمَّ قَالَ : أَخْ أَخْ ، لِيَحْمِلَنِي خَلْفَهُ , قَالَتْ : فَاسْتَحْيَتْ وَعَرَفْتُ غَيْرَتَهُ ، قَالَتْ : قَالَ : فَوَاللَّهِ لَحَمْلُكِ عَلَى رَأْسِكِ أَشَدُّ مِنْ رُكُوبِكِ مَعَهُ ، قَالَتْ : حَتَّى أَرْسَلَ إِلِيَّ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِخَادِمٍ يَكْفِينِي سِيَاسَةَ الْفَرَسِ فَكَأَنَّمَا أَعْتَقَنِي " متفق عليه