|
صورة لمخطوطات مصحف عثمان بن عفان في القاهرة |
إعداد فراس نور الحق
مدير موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن
قال الله تعالى في كتابه العزيز: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)[19: سورة الحجر]، وقال تعالى: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)[82: سورة النساء].
لعل من أهم مظاهر إعجاز القرآن الكريم حفظه من التحريف ولعل من أهم مظاهر حفظه من التحريف هو حفظ مخطوطاته الموجودة حاليا في المتاحف الغربية والعربية بحالة ممتازة على الرغم من مرور أكثر من 1431 سنة على كتابة هذه المخطوطات، والتي يعود الكثير منها إلى القرن الهجري الأول وبعضها يعود إلى السنوات الأولى من البعثة بخط كتاب الوحي أمثال علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت رضي الله عليهم.
مراحل تدوين المصحف:
في عهد النبي صلى الله عليه وسلم: لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا على تسجيل ما ينزل عليه من القرآن، حتى أنه نهي في البداية عن كتابة شيء غير القرآن حيث يقول في حديث أبي سعيد الخدري ( لا تكتبوا عني شيئا سوى القرآن، فمن كتب عني غير القرآن فليمحه).
وقد بلغ كتاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثلاثة وأربعين كاتباً ـ كما مر ـ وكان بعضهم منقطعاً لكتابة الوحي، ولعل من أشهرهم: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وحنظلة ابن الربيع . ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مهتماً بتسجيل النص القرآني منذ أن بدأ نزوله عليه في مكة. وقد جاء في قصة إسلام عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أن سورة (طه) كانت مكتوبة في صحيفة في بيت فاطمة بنت الخطاب أخت عمر، كانت وزوجها يقرئهما القرآن منها خباب بن الأرت. ولم تكن هذه الصحيفة التي سجلت سورة طه إلا واحدة من صحف كثيرة كانت متداولة بين أيدي الذين أسلموا من أهل مكة، سجلت سوراً أخرى من القرآن. يروي ابن أبي داود قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال حدثنا أبو صالح، حدثنا الليث، عن أبي عثمان الوليد بن أبي الوليد عن سليمان بن خارجة بن زيد عن خارجة بن زيد أنه قال: (دخل نفر على زيد بن ثابت، فقالوا: حدثنا بعض حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ماذا أحدثكم؟ كنت جار رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ فكان إذا نزل الوحي أرسل لي إلي فكتبت الوحي..) وكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا نزل عليه الوحي قال لمن عنده: أدع لي زيداً، وليجيء باللوح والدواة أو الكتف والدواة، ثم يقول له اكتب .. ويملي عليه الآيات.
ومما يجب أن يلاحظ هنا أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان يراجع الصحابة في ما يكتبون من القرآن، فيروى عن زيد بن ثابت أنه قال: (كنت أكتب الوحي عند رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهو يملي عليَّ، فإذا فرغت قال: أقرأه فإن كان فيه سقط أقامه).
وقد نص العلماء على أن (القرآن كله كتب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحف والألواح والعسب، لكن غير مجموع في موضع واحد، ولا مرتب السور).(لطائف الإشارات لفنون القراءات ـ القسطلاني - شهاب الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر). وإذا كان لكل هذه الأخبار من دلالة فإن أول ما تدل عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يهدف إلى تسجيل القرآن كله، فيؤمن بذلك ضياع شيء منه أو فقدانه، وهو بذلك قد سن جمع القرآن وكتابته، وأمر بذلك وأملاه على كتبته، وانه صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى حفظ جميع القرآن جماعة من الصحابة، وحفظ الباقون منه جميعه متفرقاًن أو عرفوه وعلموا مواقعه ومواضعه على وجه ما يعرف ذلك اليوم من ليس من الحفاظ لجميع القرآن).(لطائف الإشارات لفنون القراءات ـ القسطلاني - شهاب الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر).
جمع القرآن في مصحف إمام في ولاية أبو بكر:
بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ومقتل الكثير من حفظة القرآن أثناء إخماد الفتن التي نشبت بعد وفاة النبي خاصة في موقعة اليمامة خشي عمر بن الخطاب أن يضيع القرآن بمقتل حفظته فأشار على أبو بكر أن يجمع القرآن في مصحف فأمر أبو بكر زيد بن ثابت بجمع القرآن في مصحف إمام وتم هذا تحت إشرافه وبحضور لجنة من الصحابة.
نسخ عثمان للمصاحف :
وعن أنس بن مالك: أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشأم في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاث إذا اختلفتم في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق قال ابن شهاب وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت سمع زيد بن ثابت قال فقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصاري ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) رواه البخاري.
ولا تزال آلاف مخطوطات المصاحف والتي يعود الكثير منها إلى القرون الهجرية الأولى مثل المصحف المكتوب بخط سيدنا علي بن أبي طالب (ضمن مجموعة مخطوطات صنعاء موجود وهو موجود بمعرض مصاحف صنعاء الدائم بدار المخطوطات) موزعة في المتاحف العالمية في تركيا، القاهرة، صنعاء، باريس، لندن الخ والتي هي بحالة جيدة كمستند موثق يدل على أسحالة التحريف في القرآن الكريم فهو كما الأن كما أنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قبل 1431سنة.
أمثلة واقعية على بقاء المخطوطات القرآنية:
كان أهم ما أكتشف في عصرنا الحديث في عالم المصاحف القديمة هو 40.000 رق هي صفحات لمصاحف كريمة وجدت في سقف الجامع الكبير في صنعاء وذلك عام 1385هـ الموافق 1965م، وهي من القرن الأول الهجري والثاني والثالث، فلقدمها مع كثرتها تعد أهم المصاحف القديمة في العالم الإسلامي.
تمت دراستها من قبلة لجنة ألمانية من جامعة هامبورغ وكذلك قام الأستاذ غسان حمدون المتخصص في في المخطوطات القرآنة والقراءات بدراسة المخطوطات وصنف عدة كتب منها كتاب(
المخطوطات القرآنية في صنعاء من القرن الأول والثاني الهجريين وحفظ القرآن الكريم ).
كما قام موقع اليونسكو بنشر صور لمخطوطات قرآنية من مصاحف صنعاء على موقعها على
شبكة الإنترنت:
وإليكم بعض هذه صور المخطوطات يمكن مشاهدتها بشكلها الكبير بالضغط عليها:
سورة المرسلات (5 ـ 27) يعود إلى الفترة ما بين القرن الثاني والثالث الهجري | |
سورة الإسراء من الآية 20إلى 22 | |
سورة المائدة من الآية (60 إلى الآية 61) | |
خواتم سورة المائة وبداية سورة الأنعام يعود المخطوط (ما بين القرآن الثاني والثالث الهجري) | |
لمزيد من المعلومات يمكن تحميل كتاب الله في إعجاز يتجلى على شكل ملف PDF مضغوط
- مخطوطات مصحف عثمان بن عفان (متحف طوب قابي سراي بإستانبول)
|
غلاف مصحف عثمان بن عفان إصدار مركز إرسيكا |
هذا المصحف بنسخته الأصلية محفوظ في متحف طوب قابي سراي بإسطانبول، وقد ذاعت شهرته أرجاء العالم. وحسب الرصد التوثيقي لهذه النسخة يتبين أن المصحف كان محفوظاً في خزانة الكتب النفيسة في القاهرة، ومن ثم أهداه والي مصر محمد علي باشا إلى السلطان العثماني محمود الثاني سنة 1226هـ - 1811م، وحفظت هذه النسخة النادرة في قصر طوب قابي منذ ذلك التاريخ ضمن مقتنيات الأمانات المقدسة. وما إن حوِّل القصر إلى متحف مفتوح أمام الجمهور أصبح المصحف المخطوط أهم ما يشاهده آلاف الزوار كأحد النفائس النادرة، وتترك أثراً لدى المسلمين خاصة والمهتمين بتراث الإسلام الخالد والباحثين والدارسين.
تمت دراسة وتحقيق هذه النسخة المخطوطة من المصحف الشريف وطباعته على نفقة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة وعضو المجلس الأعلى في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد قام بالتحقيق العلمي لهذا المصحف وتولى إعداده للنشر الأستاذ الدكتور (طيار آلتي قولاج) الخبير المشهور في علوم القرآن بتركيا والرئيس الأسبق لهيئة الشؤون الدينية والنائب في مجلس الأمة بدائرة إسطانبول.
يقع نص المصحف الشريف في (820) صفحة بالحجم الكبير بدءاً من سورة الفاتحة وانتهاء بسورة الناس.
وقام
مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية بإسطانبول (إرسيكا) بإصدار دراسة وتحقيق للمصحف المنسوب إلى الخليفة الراشد عثمان بن عفان.
- مخطوطات مصحف عثمان بن عفان (القاهرة)
مصحف ثالث الخلفاء الراشدين أمير المؤمنين ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه. هذا المصحف نسخة من المصاحف الستة التي نسخت بأمر عثمان رضي الله عنه ثم أرسل أربعةً منها إلى الأمصار، وبقي اثنان منها في المدينة . وكان هذا المصحف محفوظاً في خزانة الكتب المدرسة الفاضلية التي بناها القاضي الفاضل عبدالرحيم البيساني العسقلاني - في العصر الأيوبي- ثم نقله السلطان الملك الأشراف أبو النصر قنصوه الغوري - آخر سلاطين الدولة المملوكية - إلى القبة التي أنشأها تجاه مدرسته بقرب الأقباعيين داخل باب زويلة، ونقل إليها أيضاً الآثار النبوية، وعمل له جلدة خاصةً به نقش عليها أنها عملت بعد كتابة المصحف العثماني بثمانمائة وأربعة وسبعين عاماً - أي أنها عملت سنة 909هـ وظل محفوظاً بها لمدة ثلاثة قرون، وهي هذه:
وفي عام 1305هـ استقر المصحف والجلدة والآثار النبوية بعد نقلها إلى مشهد الإمام الحسين رضوان الله عليه. وفي عام 1427هـ قامت المكتبة المركزية للمخطوطات الإسلامية بنقله إلى المكتبة حيث تم توثيقه وتصوير صفحاته لأول مرة على أقراص مدمجة CD.
|
صورة لمصحف عثمان بن عفان موضوع في صندوق زجاجي في مسجد الحسين في القاهرة |
مقارنة مع مخطوطات الكتاب المقدس:
تجمع مصادر وأدبيات الإنجيل والتوراة على ضياع مخطوطات الكتاب المقدس الأصلية وإليكم هذا النص على سبيل المثال:( ليس بين أيدينا الآن المخطوطات الأصلية، أي النسخة التي بخط يد كاتب أي سفر من أسفار العهد الجديد أو العهد القديم. فهذه المخطوطات ربما تكون قد استهلكت من كثرة الاستعمال، أو ربما يكون بعضها قد تعرض للإتلاف أو الإخفاء في أزمنة الاضطهاد، خصوصاً وأن بعضها كان مكتوباً على ورق البردي، وهو سريع التلف). (المصدر: مخطوطات الكتاب المقدس بلغاته الأصلية تأليف الشماس الدكتور ماهر إيميل إسحاق).
وإليكم صور طبق الأصل لصفحات من كتب لبعض أهم المراجع الكنسية لمشاهدة الصفحات بالحجم الطبيعي نرجو الضغط على صور المصغرات نقلا عن مقال
بعنوان بالوثائق ضياع النسخ الأصلية للكتاب المقدس بإعتراف جميع علماء النصرانية :القرآن الكريم هو الكتاب الوحيد المحفوظ الذي تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظه ومن مظاهر حفظه حفظ مخطوطاته التي بقيت سليمة لحد الآن وهي مطابقة تماماً لما بين أيدينا من مصاحف والتي تعتبر وثيقة تاريخية على عدم تحريفه بعكس الكتاب المقدس والذي تم فقدان وثائقه الأصلية وتحريف ما بقي منها من وثائق، وبذلك يكون القرآن الكريم هو الكتاب المقدس الذي بقي كما هو غضا طرياً بدون تحريف كما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهو الأحق أن يتبع.