قافية الرأس مركز النوم واليقظة
فكرة وإعداد فراس نور الحق
المشرف على موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن
التوثيق الطبي
الدكتور عبد الخالق شريبة
طبيب وكاتب مصري
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: « يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ إِذَا هُوَ نَامَ ثَلاَثَ عُقَدٍ، يَضْرِبُ كُلَّ عُقْدَةٍ عَلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ؛ فَإِنِ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ، فَإِنْ صَلَّى انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّبَ النَّفْسِ، وَإِلاَّ أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلاَنَ » متفق عليه.
خلاصة البحث:
أشار الحديث الشريف إلى أن الشيطان يعقد على مؤخرة رأس النائم ثلاثة عقد، ثم يضرب عليها ليصده عن قيام الليل وصلاة الفجر؛ بإنزال النعاس عليه، فيستيقظ بعدها خبيث النفس كسلان، فإن هو استيقظ وذكر الله وتوضأ وصلى ركعتين أنحلت تلك العقد بإذن الله، وهذه إشارة واضحة إلى أن مركز التحكم باليقظة والنوم موجود في مؤخرة الرأس (مؤخرة الدماغ)، وهذا ما أثبته العلم الحديث، وهذا دليل واضح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مؤيداً من الله بالوحي، وأنه نبي مرسل من عند من يعلم السر وأخفى.
التفاصيل:
شرح النووي للحديث (شرح صحيح مسلم):
الْقَافِيَة: آخِر الرَّأْس، وَقَافِيَة كُلّ شَيْء آخِرُهُ، وَمِنْهُ قَافِيَة الشَّعْر. قَوْله: (عَلَيْك لَيْلًا طَوِيلًا) هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم نُسَخ بِلَادنَا بِصَحِيحِ مُسْلِم، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَة الْأَكْثَرِينَ (عَلَيْك لَيْلًا طَوِيلًا) بِالنَّصْبِ عَلَى الْإِغْرَاء، وَرَوَاهُ بَعْضهمْ (عَلَيْك لَيْلٌ طَوِيلٌ) بِالرَّفْعِ أَيْ بَقِيَ عَلَيْك لَيْلٌ طَوِيلٌ.
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي هَذِهِ الْعُقَد:
-قيل هُوَ عَقْد حَقِيقِيّ بِمَعْنَى عَقْد السِّحْر لِلْإِنْسَانِ وَمَنْعُهُ مِنْ الْقِيَام، قَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (سورة الفلق 4)، فَعَلَى هَذَا هُوَ قَوْل يَقُولهُ يُؤَثِّر فِي تَثْبِيط النَّائِم كَتَأْثِيرِ السِّحْر.
-وَقِيلَ: يَحْتَمِل أَنْ يَكُون فِعْلًا يَفْعَلهُ كَفِعْلِ النَّفَّاثَات فِي الْعُقَد.
- وَقِيلَ: هُوَ مِنْ عَقْد الْقَلْب وَتَصْمِيمه، فَكَأَنَّهُ يُوَسْوِس فِي نَفْسه وَيُحَدِّثهُ بِأَنَّ عَلَيْك لَيْلًا طَوِيلًا فَتَأَخَّرْ عَنْ الْقِيَام.
-وَقِيلَ: هُوَ مَجَاز، كُنِّيَ لَهُ عَنْ تَثْبِيط الشَّيْطَان عَنْ قِيَام اللَّيْل.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( فَإِذَا اِسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ اِنْحَلَّتْ عُقْدَة، وَإِذَا تَوَضَّأَ اِنْحَلَّتْ عَنْهُ عُقْدَتَانِ، فَإِذَا صَلَّى اِنْحَلَّتْ الْعُقَد، فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّب النَّفْس، وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيث النَّفْس كَسْلَان ) فِيهِ فَوَائِد مِنْهَا:
-الْحَثّ عَلَى ذِكْر اللَّه تَعَالَى عِنْد الِاسْتِيقَاظ، وَجَاءَتْ فِيهِ أَذْكَار مَخْصُوصَة مَشْهُورَة فِي الصَّحِيح، وَقَدْ جَمَعْتهَا وَمَا يَتَعَلَّق بِهَا في بَاب مِنْ كِتَاب الْأَذْكَار وَلَا يَتَعَيَّن لِهَذِهِ الْفَضِيلَة ذِكْر، لَكِنَّ الْأَذْكَار الْمَأْثُورَة فِيهِ أَفْضَل.
-التَّحْرِيض عَلَى الْوُضُوء حِينَئِذٍ وَعَلَى الصَّلَاة وَإِنْ قَلَّتْ. وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( وَإِذَا تَوَضَّأَ اِنْحَلَّتْ عُقْدَتَانِ ) مَعْنَاهُ: تَمَام عُقْدَتَيْنِ، أَيْ اِنْحَلَّتْ عُقْدَة ثَانِيَة، وَتَمَّ بِهَا عُقْدَتَانِ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( فَأَصْبَحَ نَشِيطًا طَيِّب النَّفْس) مَعْنَاهُ: لِسُرُورِهِ بِمَا وَفَّقَهُ اللَّه الْكَرِيم لَهُ مِنْ الطَّاعَة، وَوَعَدَهُ بِهِ مِنْ ثَوَابه مَعَ مَا يُبَارِك لَهُ فِي نَفْسه، وَتَصَرُّفه فِي كُلّ أُمُوره، مَعَ مَا زَالَ عَنْهُ مِنْ عُقَد الشَّيْطَان وَتَثْبِيطه.
وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيث النَّفْس كَسْلَان ) مَعْنَاهُ لِمَا عَلَيْهِ مِنْ عُقَد الشَّيْطَان وَآثَار تَثْبِيطه وَاسْتِيلَائِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ ذَلِكَ عَنْهُ، وَظَاهِر الْحَدِيث أَنَّ مَنْ لَمْ يَجْمَع بَيْن الْأُمُور الثَّلَاثَة وَهِيَ: الذِّكْر وَالْوُضُوء وَالصَّلَاة، فَهُوَ دَاخِل فِيمَنْ يُصْبِح خَبِيث النَّفْس كَسْلَان.
شرح ابن حجر العسقلاني للحديث (كتاب فتح الباري):
وذكر الإمام ابن حجر العسقلاني في شرحه لهذا الحديث قريباً من شرح النووي وزاد عليه (يضرب) أي بيده على العقدة تأكيدا وإحكاما لها قائلا ذلك.
وقيل معنى (يضرب) يحجب الحس عن النائم حتى لا يستيقظ. ومنه قوله تعالى: { فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا } (سورة الكهف 11) أي حجبنا الحس أن يلج في اذانهم فينتبهوا.
خلاصة الكلام:
قافية الرأس هي مؤخرته أو آخره، وقيل أوسطه. وضرب الشيطان على العقد من أجل حجب الحس عن النائم؛ حتى لا يستيقظ ويشعره بالكسل.
الإشارة العلمية في الحديث الشريف:
لقد أثار فضولي وانا أدرس هذا الحديث تخصيص الشيطان قافية الرأس أو (مؤخرة الرأس) في عقد العقد عن سائر الرأس، فبادرت باستشارة فضيلة الدكتور عبد الخالق شريبه، وطلبت منه البحث في المواقع الطبية المتخصصة بالدماغ عن وظائف هذه المنطقة، وهل لها علاقة بالنوم واليقظة.
نتائج البحث الطبي:
The reticular formation
The reticular formation is a part of the brain that is involved in awaking/sleeping cycle.
(1) :التشكيل الشبكي
التشكيل الشبكي هو الجزء المسئول عن دورة النوم والاستيقاظ في الدماغ.
Location
The reticular formation is present in the brain stem.
It is centered roughly in the pons. It is the core of the brainstem running through the mid-brain, pons and medulla (2)
the brainstem (or brain stem) is the posterior part of the brain, adjoining and structurally continuous with the spinal cord.
It is including the medulla oblongata, pons and midbrain .(3)
:الموقع
التشكيل الشبكي موجود في جذع المخ، وجذع الدماغ عبارة عن الجزء الخلفي من الدماغ، وهو متداخل ومتصل تركيبيا مع الحبل الشوكي، ويتكون من ثلاثة أجزاء: النخاع المستطيل والجسر (القنطرة) والمخ المتوسط.
ويتركز التشكيل الشبكي تقريبا في منطقة الجسر أو القنطرة من جذع الدماغ، وهو يعتبر نواة جذع الدماغ حيث يجري في أجزائه الثلاثة النخاع المستطيل والجسر ( القنطرة ) والدماغ المتوسط .
|
صورة للتشكيل الشبكي(Reticular formation) وهو يقع أسفل الجمجمة في مؤخرة المخ كما نرى أو قافية الرأس كما أخبر الحديث الشريف |
|
صورة تبين أجزاء جذع الدماغ الثلاثة Midbrain , Pons , Medulla oblongata وهي التي تحتوي بداخلها على التشكيل الشبكي، وتمتد هذه الأجزاء من مؤخرة الرأس إلى أن تتحد بالحبل الشوكي Spinal cord |
|
صورة جانبية لجذع الدماغ الذي يقع التشكيل الشبكي المسئول عن الاستيقاظ من النوم بداخله . |
Function
Reticular formation is a complex network of neurons and axons that is located throughout the brainstem. regulates consciousness, sleep, and wakefulness. (4)
Reticular formation sends nonspecific impulses throughout the cortex to "awaken" the entire brain. (5)
If Reticular formation is stimulated in a sleeping subject, Subject awakens
If Reticular formation is stimulated in a wake subject , subject becomes more alert . If Inhibited or damaged, Subject shows impaired alterness , and increased NREM [url=http://psych.fullerton.edu/mwhite/306pdf/306 brain mechanisms and sleep.pdf] .(6)[/url]
الوظيفة:
التشكيل الشبكي عبارة عن مجموعة من شبكة معقدة من الخلايا والمحاور العصبية المتواجدة في جذع الدماغ، وهو مسئول عن تنظيم الوعي، والنوم، والاستيقاظ.
حيث يقوم بإرسال إشارات عصبية إلى القشرة الدماغية فتقوم بإيقاظ الدماغ.. لذلك إذا حدثت استثارة للتشكيل الشبكي في حالة النوم، فإن ذلك يؤدي إلى الاستيقاظ، وإذا حدث له استثارة في حالة اليقظة، فإن ذلك يؤدي إلى زيادة اليقظة والانتباه، أما إذا تم تثبيطه أو حدث له تلف ما، فإن ذلك يؤدي إلى قلة اليقظة، والاستغراق في النوم.
Effects
of injury Mass lesions in the brain stem cause severe alterations in level of consciousness such as coma due to their effects on the reticular formation. (7)
تأثير الإصابة:
ولذلك فإن حدوث إصابة جسيمة بجذع الدماغ تؤدي إلى تغيير في درجة الوعي مثل حدوث غيبوبة، وذلك بسبب التأثير على التشكيل الشبكي..
ومن المعلوم لدينا أن الشياطين نوعان: شياطين الجن والإنس. وعند إطلاق الاسم يقصد به شيطان الجن. وفي هذا الحديث المقصود شيطان الجن. وشياطين الجن: هم مردة الجن الذين كفروا بالله وأتبعوا إبليس الذي أقسم بعزة الله أن يضل بني آدم.
فعندما ينام الإنسان يعقد الشيطان على مؤخرة رأسه في منطقة التشكيل الشبكي المسؤلة عن النوم واليقظة في جزع الدماغ ثلاث عقد، ثم يضرب عليها ويقول: (َعلَيْكَ لَيْلٌ طَوِيلٌ فَارْقُدْ)، فبضربه على هذه العقد يثبط عملها فيبقى الإنسان نائما، ولما يستيقظ يكون خبيث النفس كسلانا، ولكن لما يستيقظ الإنسان ويذكر الله ويتوضأ ويصلي ركعتين تفك العقد الثلاثة بذهاب تأثير الشيطان، فيصبح طيب النفس نشيطاً.
ففي الحديث إشارة واضحة إلى مركز النوم واليقظة الذي يقع في قافية الرأس أو مؤخرة الرأس.
ننتظر تعليقاتكم على البحث.
References
(2)The Human Brain: An Introduction to its Functional Anatomy 5th ed by J Nolte chpt 11 pp. 262–290
(3)Donald medical dictionary
(4)http://www.thefreedictionary.com/reticular+formation
(6)http://psych.fullerton.edu/mwhite/306pdf/306%20brain%20mechanisms%20and%20sleep.pdf
(7) Tindall SC (1990).
"Level of consciousness". in Walker HK, Hall WD, Hurst JW. Clinical Methods: The History, Physical, and Laboratory Examinations and the Ana banana. Butterworth Publishers.