حديث : (خُلُق الإسلام الحياء)
السؤال:
هل هذا حديث يجوز الاستشهاد به قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لكل أمة خلق وخلق أمتي الحياء ، وإن الله عز وجل إذا أراد أن يهلك عبداً نزع منه الحياء فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا مقيتاً ) ؟
الجواب :
الحمد لله
لا نعرف حديثا بهذا اللفظ : " لكل أمة خلق ، وخلق أمتي الحياء " .
والمعروف ما رواه ابن ماجة (4181) ، والطبراني في " الأوسط " (1758) عَنْ أَنَسٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ ) .
ثم رواه ابن ماجة (4182) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما .
ورواه الإمام مالك في "الموطأ" (3359) من حديث يزيد بن طلحة بن ركانة مرفوعا مرسلا .
ورواه ابن عبد البر في " التمهيد " (21/142) من حديث معاذ ، وحسنه .
وقال في "الاستذكار" (8/ 281):
" هَذَا الْحَدِيثُ مُسْنَدٌ مِنْ وُجُوهٍ " .
وصححه الألباني في "الصحيحة" (940).
والحديث باللفظ الذي ذكرناه : مقبول ، يصح إيراده ، والاستشهاد به ، واستنباط الآداب منه .
وأما قوله : " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ عَبْدًا، نَزَعَ مِنْهُ الْحَيَاءَ ... " :
فرواه ابن ماجة (4054) من طريق سَعِيدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ، عَنْ أَبِي شَجَرَةَ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ عَبْدًا، نَزَعَ مِنْهُ الْحَيَاءَ، فَإِذَا نَزَعَ مِنْهُ الْحَيَاءَ، لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا مَقِيتًا مُمَقَّتًا، فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا مَقِيتًا مُمَقَّتًا، نُزِعَتْ مِنْهُ الْأَمَانَةُ ، فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الْأَمَانَةُ ، لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا خَائِنًا مُخَوَّنًا، فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا خَائِنًا مُخَوَّنًا، نُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَةُ ، فَإِذَا نُزِعَتْ مِنْهُ الرَّحْمَة ُ، لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا رَجِيمًا مُلَعَّنًا، فَإِذَا لَمْ تَلْقَهُ إِلَّا رَجِيمًا مُلَعَّنًا، نُزِعَتْ مِنْهُ رِبْقَةُ الْإِسْلَامِ) .
وهذا إسناد ضعيف جدا ، آفته سعيد بن سنان ، وهو أبو مهدي الحمصي ، قال يحيى: ليس بثقة - وقال مرة: ليس بشيء. وقال الجوزجاني: أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة. وقال البخاري: منكر الحديث ، وقال النسائي: متروك.
"ميزان الاعتدال" (2 /143).
وقد ذكره الألباني في "الضعيفة" (3044) وقال : " موضوع " .
فلا يجوز أن ينسب ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أن يستشهد به ؛ لأنه من الكذب عليه صلى الله عليه وسلم ، وقد قال : ( مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ ) رواه مسلم في " مقدمة الصحيح " (1/7) ، قال النووي رحمه الله :
" فِيهِ تَغْلِيظُ الْكَذِبِ وَالتَّعَرُّض لَهُ ، وَأَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ كَذِبُ مَا يَرْوِيهِ ، فَرَوَاهُ: كَانَ كَاذِبًا , وَكَيْف لَا يَكُون كَاذِبًا ، وَهُوَ مُخْبِرٌ بِمَا لَمْ يَكُنْ ؟ " انتهى .
وفي خلق الحياء أحاديث صحيحة تغني عن هذا الحديث الضعيف .
والله تعالى أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب