الحمد لله، والصلاة والسلام على أخشى عباد الله، وبعد..
إن الله تعالى فرض فرائض فلا يجوز تضييعها وحرم محرمات كثيرة فلا يجوز انتهاكها، وحدّ حدوداً فلا يجوز تعديها، قال تعالى:
وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ [النساء:14].
وفي هذه الرسالة بعض من المحرمات بأدلتها من الكتاب والسنة، نُذكر بها حتى يحذر منها القارئ الكريم وينصح إخوانه المسلمين منها:
الشرك بالله.. وهو أعظم المحرمات
قال رسول الله
:
{ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر } ( ثلاثاً) قالوا قلنا بلى يا رسول الله، قال:
{ الإشراك بالله.. } [متفق عليه] وكل ذنب يمكن أن يغفره الله إلا الشرك فلا بد له من توبة مخصوصة قال الله تعالى:
إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ [النساء:48].
ومن مظاهره ما يلي:
- اعتقاد أن الأولياء الموتى يقضون الحاجات ويفرجون الكربات، والاستعانة والاستغاثة بهم، والله تعالى يقول:
وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ [يونس:107].
- دعاء الموتى من الأنبياء والصالحين، والله عز وجل يقول:
وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ [الأحقاف:5].
- النذر والذبح لغير الله، والله يقول:
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2]. وقال النبي
:
{ لعن الله من ذبح لغير الله } [ مسلم].
- تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله، قال الله عز وجل:
قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ [يونس:59].
- السحر والكهانة والعرافة: قال تعالى:
مَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ [البقرة:102].
وقال
:
{ من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد } [أحمد].
- الاعتقاد في تأثير النجوم والكواكب في الحياة: وقد صلّى رسول الله
صلاة الصبح بالحديبية - على أثر سماء كانت من الليلة - فلما انصرف أقبل على الناس فقال:
{ هل تدرون ماذا قال ربكم؟ } قالوا الله ورسوله أعلم، قال:
{ أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال أُمطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب. وأما من قال بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكواكب } [البخاري] ومن ذلك اللجوء إلى أبراج الحظ في الجرائد والمجلات.
الطيرة
وهي التشاؤم كمن يتشاءم بشهر معين أو بيوم معين، قال رسول الله
:
{ الطيرة شرك } [أحمد]، وقال الله تعالى:
فَإِذَا جَاءتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُواْ لَنَا هَـذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ [الأعراف:131].
الحلف بغير الله تعالى
فعن ابن عمر مرفوعاً:
{ من حلف بغير الله فقد أشرك }، وعنه أيضاً مرفوعاً:
{ ألا إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت } [البخاري].
الرياء بالعبادات
قال الله تعالى:
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً [النساء:142].
وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً:
{ من سمّع سمّع الله به ومن راءى راءى الله به } [مسلم].
وفي الحديث القدسي:
{ أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه } [رواه مسلم].
الجلوس مع الفساق والمنافقين
قال الله تعالى:
فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ [التوبة:96].
وقال تعالى:
وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [الأنعام:68].
عدم الاستتار من البول
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: مر النبي
بحائط من حيطان المدينة فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما فقال النبي
:
{ يعذبان، وما يعذبان في كبير } ثم قال:
{ بلى } وفي رواية:
{ وإنه لكبير كان أحدهما لا يستتر من بوله وكان الآخر يمشي بالنميمة.. } [رواه البخاري].
تصوير ما فيه روح
فعن ابن مسعود
مرفوعاً:
{ إن أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصورون } [البخاري]، وقال
:
{ لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تصاوير } [البخاري].
استعمال آنية الذهب والفضة والأكل والشرب فيهما
فعن أم سلمة مرفوعاً:
{ إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب إنما يجرجر في بطنه نار جهنم } [مسلم].
ترك الطمأنينة في الصلاة
قال رسول الله
:
{ أسوأ الناس سرقة الذي يسرق من صلاته } قالوا: يا رسول الله: وكيف يسرق من صلاته؟ قال:
{ لا يتم ركوعها ولا سجودها } [أحمد].
شهادة الزور
قال الله تعالى:
فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ (30) حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ [الحج:30]، وقال
:
{ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ - ثلاثاً - الإشراك بالله وعقوق الوالدين } وكان متكئاً فجلس وقال:
{ ألا وقول الزور } فما زال يرددها حتى قلنا: ليته سكت [البخاري].
الغيبة
قال الله تعالى:
وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ [الحجرات:12]، وبين معناها
فقال:
{ أتدرون ما الغيبة؟ } قالوا: الله ورسوله أعلم. قال:
{ ذكرك أخاك بما يكره } قيل: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال:
{ إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته } [مسلم].
النميمة
قال الله عز وجل:
ولا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم [القلم:11،10]، وعن ابن عباس قال: مر النبي
بحائط من حيطان المدينة فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما فقال النبي
:
{ يعذبان، وما يعذبان في كبير } ثم قال:
{ بلى } وفي رواية:
{ وإنه لكبير } { كان أحدهما لا يستتر من بوله وكان الآخر يمشي بالنميمة } [البخاري].
التسمع الى حديث قوم وهم له كارهون
قال الله تعالى:
ولا تجسسوا.. [الحجرات:11]، وعن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً:
{ من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك يوم القيامة.. } [الطبراني].
سوء الجوار
أوصانا الله سبحانه بالجار فقال تعالى:
واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً [النساء:36].
وإيذاء الجار من المحرمات لعظم حقه، فعن أبي شريح
مرفوعاً:
{ والله لا يؤمن، والله لا يؤمن والله لا يؤمن }، قيل: ومن يا رسول الله؟ قال:
{ الذي لا يأمن جاره بوائقه } [البخاري].
لعن المؤمن
لما روي عن النبي
:
{ ومن لعن مؤمناً فهو كقلته } [البخاري].
ضرب الوجه والوسم في الوجه
لما رواه جابر قال: ( نهى رسول الله
عن الضرب في الوجه وعن الرسم في الوجه ) [مسلم].
النياحة
لما روي عن النبي
:
{ النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب }، وقال
:
{ ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب. ودعا بدعوة الجاهلية } [البخاري].
هجر المسلم فوق ثلاثة ايام دون سبب شرعي
قال رسول الله
:
{ لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر أخاه فوق ثلاث فمات دخل النار }.
أكل الربا
قال الله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (278) فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:279،278]، ولعن
آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه وقال:
{ هم سواء } [مسلم].
القمار والميسر
قال الله تعالى:
إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [المائدة:90].
السرقة
قال الله تعالى:
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [المائدة:38].
أخذ الرشوة وإعطاؤها
قال الله تعالى:
ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها الى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون ، وقال
:
{ لعنة الله على الراشي والمرتشي } [أحمد].
كتم عيوب السلعة وإخفاؤها عند بيعها
قال رسول الله
:
{ إن المسلم أخو المسلم، ولا يحل لمسلم باع من أخيه بيعاً فيها عيب إلا بيّنه له } [ابن ماجه].
غصب الأرض
عن ابن عمر
مرفوعاً:
{ من أخذ من الأرض شيئاً بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين } [البخاري].
عدم العدل في العطية بين الأولاد
قال تعالى:
اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله [المائدة:8]، وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن أباه أتى به إلى رسول الله
، فقال: ( إني نحلت ابني هذا غلاماً ) فقال رسول الله
:
{ أكل ولدك نحلته مثله؟ } فقال: ( لا ) فقال رسول الله
:
{ فأرجعه } [البخاري]، وفي رواية فقال رسول الله
:
{ فاتقوا الله واعدلوا بين أولادكم }. قال فرجع فرد عطيته [الفتح] وفي رواية:
{ فلا تشهدني إذن فإني لا أشهد على جور } [مسلم].
أكل الحرام
قال
:
{ كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به } [الطبراني].
تعمد النظر إلى المرأة الأجنبية
قال الله تعالى:
قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30].
لبس القصير والرقيق والضيق من الثياب للنساء
لما روي عن أبي هريرة
مرفوعاً:
{ صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا } [مسلم].
الخلوة بالأجنبية
قال رسول الله
:
{ لا يخلون رجل بإمرأة إلا كان الشيطان ثالثهما } [الترمذي].
مصافحة المرأة الأجنبية
قال رسول الله
:
{ لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له } [الطبراني]، وقال:
{ إني لا أصافح النساء } [أحمد].
تطيب المرأة عند خروجها ومرورها بعطرها على الرجال
قال
:
{ أيما امرأة استعطرت ثم مرت على القوم ليجدوا ريحها فهي زانية } [أحمد].
سفر المرأة بغير محرم
قال
:
{ لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم } [متفق عليه].
الزنا
قال الله تعالى:
ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا [الإسراء:32]، وعن أبي هريرة مرفوعاً:
{ ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان وملك كاذب وعائل مستكبر } [مسلم].
الدياثة
عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً:
{ ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق، والديوث الذي يقر في أهله الخبث } [أحمد].
وصل الشعر بشعر مستعار لآدمي أو لغيره للرجال والنساء
روي عن أسماء بنت أبي بكر قالت: جاءت امرأة إلى النبي
فقالت: يا رسول الله إن لي ابنة عريساً أصابتها حصبة فتمرّق (أي تساقط) شعرها أفأصله فقال:
{ لعن الله الواصلة والمستوصلة } [مسلم].
تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال في اللباس أو الكلام أو الهيئة
فقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً:
{ لعن رسول الله المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال } [البخاري].
تحلي الرجال بالذهب
لما روي عن أبي موسى الأشعري
مرفوعاً:
{ أحلّ لأناث أمتي الحرير والذهب وحرّم على ذكورها } [أحمد].
سماع المعازف والموسيقى
قال الله تعالى:
ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل به عن سبيل الله [لقمان:6]، فكان ابن مسعود
يقسم بالله إنه الغناء. وقال
:
{ ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف } [البخاري].
شرب الخمر
قال الله تعالى:
إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون [المائدة:90].
وقال
:
{ كل مسكر خمر وكل مسكر حرام } [مسلم].