على طريق النهضة
إن الأمة الإسلامية تمر بظروف صعبة ومواقف حرجة فقد أجلب أهل الكفر بخيلهم ورجلهم على حربها وتعاهدوا على إبادتها فالمعارك تدار على أرضها والأسلحة الفتَاكة تجرب على أهلها .
ومما يبين هذا العداء السافر ما قالته مارجريت تاتشر " لا تستطيع فكرة أن تعيش بدون عدو يواجهها ونحن دول الغرب من أجل ديمومة بقائنا لا بد لنا من عدو والاتحاد السوفيتي سقط ولم يعد عدونا , لا بد من البحث عن عدو جديد .. هذا العدو هو الإسلام ". وليس القصد هنا ذكر العداوة التي يكنها الغرب للإسلام والمسلمين فقد ألفت فيها مؤلفات وإنما المقصود ذكر مثال يخرس الذين يصورون ا لغرب أنه قمة في السلام والعدل والمساواة.
إن الدول الإسلامية تعيش تخلفا عجيبا في شتى المجالات سواء كانت فكرية أو اقتصادية أو سياسة أو تقنية وأورثها هذا التخلف تبعية مطلقة للغرب وصدق ابن خلدون - رحمه الله - إذ يقول في مقدمته " إن المغلوب مولع بتقليد الغالب " وهذا واضح جلي في عصرنا لا يحتاج إلى عنا لاكتشافه فمتى سنفض غبار التبعية عنا ونعيش بشخصينا المستقلة التي أرادها الله لنا .
إن الله عز وجل جعل سننا كونية لا تتبدل ولا تتغير فمن فهمها ووظفها توظيفا جيدا كانت له الغلبة فليس هناك شعب أذكا من شعب ولا أمة قادرة على الاختراع دون أمة على وجه العموم قد يوجد بين الأفراد تفاضل أما على مستوى الأمم فيستحيل لكن من الأمم من تستفيد من قوانين الطبيعة التي جعلها الله في هذا الكون ومنها من يغفل ذلك ويهمله ويعتمد على ما ينتجه غيره فهي كَلٌ على سائر الأمم .
وإن أولى الأمم بالاستفادة من الخيرات التي وضعها الله في هذه الحياة أمة الإسلام قال تعالى {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً }[البقرة : 29] أي خلقه لتستفيدوا منه وقال تعالى {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }[الأعراف : 32]
فإن أرد المسلمون أن يبدل هذا التخلف و الذل الذي يعيشونه إلى عز وتمكين وتقدم فلا بد أن يأخذوا بالأسباب الموصلة إلى ذلك قال تعالى {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ } [الرعد : 11 ] ولست أعني الترف وإنما الذي أعنيه إن تأخذ الأمة ما يحقق له مكانتها بين الأمم ويردع عدوها
إن هذه الأمة لا يمكن أن تنهض ما لم يوكل الأمر إلى أهله المخلصون لدينهم وأمتهم , يدرسون أسباب التخلف ووسائل العلاج . وينحى المستغربون وأرباب النفوس المنهزمة من مواقع التأثير كالإعلام والتعليم .
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنَّ أمَامَ الدَّجّالِ سِنِينَ خَدَّاعَةً يَكْذِبُ فِيها الصّادِقُ، وَيَصْدُقُ فِيها الكاذِبُ وَيَخُونُ فِيها الأمِينُ، وَيُؤتَمَنُ فِيها الخائِنُ، وَيَتَكَلَّمُ فِيها الرُّوَيْبَضَةُ " قيل: وما الرويبضة قال : "الفَوُيْسِقُ يَتَكَلَّمُ في أمْرِ العامَّةِ" رواه الإمام أحمد
فمتى تركت الأمة الرويبضة يرسم لها منهجها وينظر لها فكرها فستبقى معزولة عن مصاف الأمم غارقة في توافه الأمور همها الرقص والغناء تطبل على مأسيها وجراحها .
فيا عقلاء أمتي ويا صناع القرار هذا دوركم في النهوض بالأمة من براثن الاستعباد .