| موضوع: قصة الفاروق ورجل من الباديه الثلاثاء 28 أبريل 2015 - 0:23 | |
| قصة الفاروق ورجل من الباديه أخي حفظك الله ، كثيراً ما ترد قصص عن الصحابة أو السلف فكيف لي أن أتأكد من صحتها وهل يطبق فيها منهج تخريج الأحاديث النبوية : خذ مثلاً هذه القصة كان عمر رضي الله عنه ينادي زوجته يا بنت الأكرمين وكان يكرمها ويكرم أهلها في إحدى الليالي كان عمر بن الخطاب يدور حول المدينة ليتفقد أحوال الرعية, فرأى خيمة لم يرها من قبل فأقبل نحوها متسائلا ما خبرها. فسمع أنينا يصدر من الخيمة فازداد همّه. ثم نادى فخرج منها رجل. فقال : من أنت ؟ فقال: أنا رجل من إحدى القرى من البادية وقد أصابتنا الحاجة فجئت أنا وأهلي نطلب رفد عمر. فقد علمنا أن عمر يرفد ويراعي الرعية. فقال عمر: وما هذا الأنين؟ قال: هذه زوجتي تتوجع من ألم الولادة فقال: وهل عندكم من يتولى رعايتها وتوليدها؟ قال: لا !! أنا وهي فقط. فقال عمر: وهل عندك نفقة لإطعامها؟ قال: لا. قال عمر: انتظر أنا سآتي لك بالنفقة ومن يولدها. وذهب عمر إلى بيته وكانت فيه زوجته أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب فنادى : يا ابنة الأكرمين هل لك في خير ساقه الله لك؟ فقالت: وما ذاك؟ قال: هناك مسكينة فقيرة تتألم من الولادة في طرف المدينة. فقالت: هل تريد أن أتولى ذلك بنفسي؟ فقال: قومي يا ابنة الأكرمين وعدي ما تحتاجه المرأة للولادة. وقام هو بأخذ طعام ولوازم الطبخ وحمله على رأسه وذهبا. وصلا إلى الخيمة ودخلت أم كلثوم لتتولى عملية الولادة وجلس عمر مع الرجل خارج الخيمة ليعد لهم الطعام. أم كلثوم من الخيمة تنادي: يا أمير المؤمنين أخبر الرجل أن الله قد أكرمه بولد وأن زوجته بخير. عندما سمع الرجل منها (يا أمير المؤمنين) تراجع إلى الخلف مندهشا فلم يكن يعلم أن هذا عمر بن الخطاب ، فضحك عمر رضي الله عنه وقال له: اقرب.. أقرب.. نعم أنا عمر بن الخطاب والتي ولّدت زوجتك هي أم كلثوم ابنة علي بن أبي طالب. فخرّ الرجل باكيا وهو يقول : آل بيت النبوة يولدون زوجتي ؟ وأمير المؤمنين يطبخ لي ولزوجتي فقال عمر : خذ هذا وسآتيك بالنفقة ما بقيت عندنا . الجواب : وحياك لله وحفِظَك . لا يَشترط العلماء للقصص ما يُشترط في أحاديث الأحكام . قال الإمام أحمد : إذا روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام والسنن والأحكام تشددنا في الأسانيد , وإذا روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل الأعمال وما لا يضع حكما ولا يرفعه تساهلنا في الأسانيد . قال أبو زكريا العنبري : الخْبَر إذا وَرَد لم يُحرم حلالا , ولم يُحِلّ حراما , ولم يُوجب حُكما , وكان في ترغيب أو ترهيب , أو تشديد أو ترخيص , وَجَب الإغماض عنه , والتساهل في رواته . رواه الخطيب البغدادي في " الكفاية " . قال ابن عبد البر : أحاديث الفضائل لا يُحتاج فيها إلى مَن يُحتج به . وقال في ذِكر فضائل يوم الجمعة : وفيه الْخَبَر عن خَلق آدم وهبوطه إلى الأرض . وفي ذلك جواز الحديث عن أمور ابتداء الخلق ، وعمّن كان قبلنا من الأنبياء وعن بني إسرائيل وغيرهم . وأهل العلم يَرَون رواية ذلك عن كل أحد ؛ لأنه ليس في حُكم ولا في دم ولا فرج ولا مال ولا حلال ولا حرام . اهـ . وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية قول الإمام أحمد : إذا جاء الحلال والحرام شددنا في الأسانيد؛ وإذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد . ثم قال : وكذلك ما عليه العلماء مِن العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال : ليس معناه إثبات الاستحباب بالحديث الذي لا يُحْتَج به ؛ فإن الاستحباب حكم شرعي فلا يَثبت إلاّ بدليل شرعي ، ومَن أخبر عن الله أنه يُحب عملا من الأعمال مِن غير دليل شرعي فقد شَرع مِن الدِّين ما لم يأذن به الله ، كما لو أثبت الإيجاب أو التحريم . ولهذا يختلف العلماء في الاستحباب كما يختلفون في غيره ، بل هو أصل الدِّين المشروع . وإنما مُرادهم بذلك : أن يكون العمل مما قد ثبت أنه مما يُحبه الله ، أو مما يكرهه الله بنص أو إجماع ؛ كتلاوة القرآن والتسبيح والدعاء والصدقة والعتق والإحسان إلى الناس وكراهة الكذب والخيانة ، ونحو ذلك ؛ فإذا رُوي حديث في فضل بعض الأعمال المستحبة وثوابها وكراهة بعض الأعمال وعقابها: فمقادير الثواب والعقاب وأنواعه إذا روي فيها حديث لا نعلم أنه موضوع جازت روايته والعمل به بمعنى: أن النفس ترجو ذلك الثواب أو تخاف ذلك العقاب ، كَرَجُل يَعلم أن التجارة تُربِح لكن بلغه أنها تُربِح ربحا كثيرا ؛ فهذا إن صَدّق نفعه ، وإن كَذَّب لم يَضره . ومثال ذلك الترغيب والترهيب بالإسرائيليات والمنامات ، وكلمات السلف والعلماء ، ووقائع العلماء ونحو ذلك مما لا يجوز بمجرده إثبات حكم شرعي ؛ لا استحباب ولا غيره ، ولكن يجوز أن يُذْكَر في الترغيب والترهيب والتَّرْجِيَة والتخويف . فما عُلم حُسنه أو قُبحه بأدلة الشرع ، فإن ذلك ينفع ولا يضر ، وسواء كان في نفس الأمر حقا أو باطلا ؛ فما عُلم أنه باطل موضوع لم يَجُز الالتفات إليه ... وأحمد إنما قال : إذا جاء الترغيب والترهيب تساهلنا في الأسانيد . ومعناه : أنا نَروي في ذلك بالأسانيد وإن لم يكن مُحَدِّثوها مِن الثقات الذين يُحتج بهم . وكذلك قول مَن قال : يُعمل بها في فضائل الأعمال ، إنما العمل بها العَمل بما فيها مِن الأعمال الصالحة ؛ مثل التلاوة والذِّكر ، والاجتناب لِمَا كُرِه فيها مِن الأعمال السيئة . ونَظير هذا : قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو: " بَلِّغوا عني ولو آية ، وحدِّثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ومَن كَذَب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده مِن النار " ، مع قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : " إذا حدَّثكم أهل الكتاب فلا تُصدِّقوهم ولا تُكَذِّبوهم " ، فإنه رَخَّص في الحديث عنهم ومع هذا نَهى عن تصديقهم وتكذيبهم ، فلو لم يكن في التحديث المطلق عنهم فائدة لَمَا رَخَّص فيه وأمَر به ، ولو جاز تصديقهم بمجرد الإخبار لَمَا نَهى عن تصديقهم ؛ فالنفوس تنتفع بما تَظن صِدقه في مواضع . فإذا تضمنت أحاديث الفضائل الضعيفة تقديرا وتحديدا ، مثل : صلاة في وقت معين بقراءة معينة ، أو على صفة معينة ؛ لم يَجُز ذلك ؛ لأن استحباب هذا الوصف الْمُعَيَّن لم يثبت بدليل شرعي بخلاف ما لَو رُوي فيه مَن دخل السوق فقال : لا إله إلا الله كان له كذا وكذا ، فإن ذِكر الله في السوق مُستحب لِمَا فيه من ذِكر الله بين الغافلين ، كما جاء في الحديث المعروف: " ذَاكِر الله في الغافلين كالشجرة الخضراء بين الشجر اليابس " . فأما تقدير الثواب الْمَرْوِيّ فيه ؛ فلا يضر ثبوته ولا عدم ثبوته ، وفي مثله جاء الحديث الذي رواه الترمذي: " مَن بَلَغه عن الله شيء فيه فضل ، فَعَمِل به رجاء ذلك الفضل أعطاه الله ذلك ، وإن لم يكن ذلك كذلك " . فالحاصل : أن هذا الباب يُرْوَى ويُعْمل به في الترغيب والترهيب ، لا في الاستحباب ثم اعتقاد مُوجبه ، وهو مقادير الثواب والعقاب يَتوقّف على الدليل الشرعي . اهـ . أمَّا مَا عُلم أنه كَذِب فلا يجوز نشره ولا تناقله . والله تعالى أعلم . المجيب الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الله السحيم الداعية في وزارة الشؤون الإسلامية في الرياض |
|