تقدم والدها إلى المحكمة ليخلعها من زوجها عن غير رغبة منها ، فما الحكم لو خلعتها المحكمة ؟
السؤال:
تزوجت منذ حوالي ثلاث سنوات من رجل مقيم في أمريكا ، وهو والله كان على خلق ودين كما كان يبدو لي ، وبعد انقضاء ما يقارب السنة والنصف اصطحبني زوجي إلى بلد أهلي في الشام ، وسرق أوراقي ، وضربني ، ثم غادر وحيدا إلى هناك ، ولما تحدث إلي قال : أنا لا أريد طلاقك ، لكن أنا لا أريد أنا أربي عائلتي في أمريكا ، فكوني زوجة في الشام ، وأنا في أمريكا ، وأنا أمر عليك كل ثلاثة أشهر ، كبر الموضوع في عيون أهلي لما رأوا في ذلك من غبن ؛ لأنه لم يخطبني على هذا الشرط ، ولأنهم يرفضون هذا النوع من الزواج ، وأنا كذلك ، فقام والدي بتقديم أوراق الخلع للقاضي ، أنا أحس بالظلم من الطرفين ، فأنا رغم شعوري بالغبن الشديد لا أريد الطلاق فقد يكون هناك حلول أخرى ، ولكني لا استطيع التصدي لأهلي جميعا , وزوجي يقول من لحظة قدمتي الأوراق للمحكمة ، فأنت قد تنازلت عن كل حقوقك المادية والمعنوية مني ، ولم أعد أراه من يومها .
سؤالي :
ما حكم الطلاق إذا أوقعه القاضي وأنا وزوجي مكرهين عليه ؟ وهل أنا بالفعل الآن زوجة دون حقوق ، ولا يأثم زوجي إذا طال غيابه عني ، وأنا أتألم كثيرا من طول غيابه ؟
الجواب :
الحمد لله
لم يتضح من سؤالك سبب ضربه لكِ ، ولا قراره المفاجئ الانتقال بكم إلى سوريا ، وهل كانت مسألة إقامتكم معه في أمريكا شرطا في النكاح أم لا ، كل ذلك مما يترتب عليه بعض مفاصل حل المشكلة ، وأيّا كان الأمر فالذي نوجهك إليه في مثل حالتك عدة أمور :
أولا :
أن تعلمي أن كثيرا من العلماء أجاز للرجل أن يغيب عن أهله ستة أشهر لطلب الرزق أو طلب العلم أو نحوها من الحاجات ، وبعضهم ربط ذلك بما يتفقان عليه ، وبما لا يكون فيه ضرر على أحدهما ؛ فإن أضر بكِ فلك أن تطلبي الخلع .
سئلت اللجنة الدائمة عن ذلك بالسؤال التالي : ما حكم من ترك زوجته سنة أو أكثر من ذلك ، للعمل في تزويد عياله بما يكفيهم لمعيشتهم ، مع العلم أن هناك آخرين ليس غيابهم لذلك فقط بل يبنون به قصوراً ويشترون حافلات وما أشبه ذلك من زينة الحياة الدنيا، ولا شك أن هذا الغياب الطويل مما يؤدي إلى الزنا إما من الرجل ، وإما من المرأة نسأل الله الهداية والتوفيق ؟
فأجابت: إذا تراضى الزوجان على الغيبة ، طويلة كانت أم قصيرة - مع العفاف فلا حرج عليهما - وإن خاف أحدهما على نفسه من الغيبة - مع الحاجة إليها لكسب العيش - طلب من صاحبه حقه ، بما يحقق الاجتماع ، محافظة على العرض وتحقيقاً للعفة وتحصين الفروج ، فإن أبى رفع المحتاج أمره إلى القاضي ليحكم بينهما بما شرع الله ، علما بأنه ليس بلازم أن يقع في الزنا من ليس معه زوجته ، أو من ليس معها زوجها ، ولو طالت المدة " ."فتاوى اللجنة الدائمة 19/163" .
وينظر جواب السؤال رقم (102311) .
ثانياً :
إذا رضيتِ بغيبة زوجك عنك ، ولم يكن في ذلك ضرر بالغ عليك ، وكان قائما بالنفقة ، فلا حاجة لتصعيد الموضوع ، فربما غير رأيه وأعاد اصطحابكم معه ، أو استقر معكم في مكان مناسب لكما .
وإن بقي على حاله بزيارتكم كل ثلاثة أشهر ، فذلك أيضا خير لكِ في الوقت الحالي من الطلاق ، وكما قلنا فلعله أن يجد في الأمر شيء ، خاصة وأن كلا منكما لم يكن يرغب في الطلاق ابتداء ، وقد ذكرت صلاح حاله من حيث الخلق والدين ؛ فمثل هذا ينبغي أن تتأنى المرأة في فراقه ، حتى ولو أخطأ في حقها مرة ، أو قصر بعض الوقت في شيء من حقوقها ؛ فإنه ترجى أوبته وإنابته ، ويرجى له صلاح الحال .
ثالثاً :
رفع والدك الأوراق للقاضي لطلب الخلع ، لا يعني لكِ شيئا ، إذا لم توافقي على ذلك أمام القاضي ، أو ثبت أنك مكرهه ، ولا يستطيع القاضي إجراء الخلع إلا بطلبك ، فحاولي الممانعة وإقناع أهلك أنك غير راغبة بالخلع ، وإن لزم تواصلي مع القاضي وأخبريه بذلك ، لأن هذا أمر يحدده القضاء ، ولا يمكن الجزم بوقوع الخلع من عدمه إلا من جهة القضاء .
رابعاً :
قول زوجك : إنك منذ تقديمك الأوراق قد سقطت حقوقك المعنوية والمادية ، فقوله يستقم فيما إذا حصلت المخالعة من القاضي وكانت بطلب منك ، أما حيث لم تتم المخالعة ، فلا تزالين زوجته لكِ كافة الحقوق .
خامساً :
تواصلي مع زوجك واشرحي له الوضع ، وبيني له عدم رغبتكِ في الخلع ، وأن الأمر كان بضغط من أهلك ، وأحسني معه الخطاب فإن للقلوب مفاتيح .
نسأل الله أن يصلح لكما شأنكما ، وأن يجمع بينك وبين زوجك في خير حال .
والله أعلم .
موقع الإسلام سؤال وجواب