أما بعد: معاشر المؤمنين: إن أعداء الإسلام قد شككوا في دين الله عز وجل من خلال بعض قضايا المرأة وقد أشرنا إلى بعضها فيما سبق ونشير اليوم إلى بقيتها. اعلموا وفقكم الله أن مما أثاره أعداء ديننا من كفار ومنافقين قضية تعدد الزوجات. ولقد وجد التعدد في الشرائع السابقة وفي المجتمعات البشرية القديمة، فكان في اليهود والنصارى كما وجد عند الصينيين والبابليين والآشوريين والهنود وغيرهم كما كان عند العرب قبل الإسلام إلا أنه كانت تبرز فيه ناحيتان: الأولى: أنه لا حد له. الثانية: أن المرأة تتعرض فيه للظلم. ولما جاء الإسلام وأباح التعدد حدده بأربع ورفع الظلم عن المرأة. ويجب أن نعلم عباد الله أن الله عز وجل عندما أباح التعدد حرم الظلم، أما اليوم فقد اقترن التعدد بالظلم، وهل هذا عيب في ديننا أم أنه عيب في المسلمين الذين أخطئوا في تطبيق شرع الله. إنه عيب في التطبيق يلام فيه المعدد الظالم، لا عيب في التشريع. إن الذين يتزوجون الثانية والثالثة والرابعة ثم يظلمون لا يطبقون أمر الله. إننا يجب أن نعلم ونوقن أن الله عز وجل حكيم خبير، وقد ذكر الله ذلك في مواضع كثيرة من القرآن. إن المؤمن منا لا يقبل أن يناقش في قضية التعدد من حيث ثبوتها لأنها قد ثبتت في القرآن ولا من حيث صلاحيتها للمجتمع ونفعها لأن الذي شرعها هو الحكيم الخبير. فهل يشك مسلم مؤمن في حكمة الله؟ ... كلا إنه كفر. إذاً فكيف يرضى مسلم أن يناقش هذه القضية وأن توضع كما يقال على مائدة البحث للنظر في صلاحيتها؟! كيف يكون ذلك والله عز وجل قد قرر ذلك منذ ما يزيد على أربعة عشر قرناً في كتابه فقال: فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مّنَ ٱلنّسَاء مَثْنَىٰ وَثُلَـٰثَ وَرُبَاعَ [النساء:3]. إنها والله قضية من أخطر القضايا أن نجر من حيث نشعر أو لا نشعر إلى نقاش لا يحق لنا الخوض فيه. هناك ضرورات من جانب الرجال قد تدعوهم إلى التعدد كأن يجد الرجل زوجته عقيماً فهل إن تزوج طلباً للولد يكون خائناً، لا شك أن هذا لا يقوله عاقل. أو قد تكون المرأة مريضة أو ناشزاً أو أن تكون غير كافية لقضاء وطره، فهل الأفضل لمثل هؤلاء الزوجات أن يتزوج أزواجهن بزوجات ثانية أم يطلقونهن ثم يتزوجون غيرهن؟ وهل إذا أراد الرجل إشباع الرغبة التي فطره الله عليها بزوجة ثانية بطريق حلال أحله الله له، يعاب عليه ذلك؟! كما أن هناك حاجة وضرورة من جانب النساء، فالملاحظ أن عدد النساء يفوق بصورة مطردة عدد الرجال في أكثر المجتمعات، ولكي تحفظ للمرأة كرامتها وعفتها فلا بد من التعدد. إن المجتمع اليوم يمتلئ بالشابات العوانس اللاتي تجاوزن سن الزواج، وكثير منهن يعتصرها الألم ويلفها الحزن وهي ترى عقارب الزمن تمضي دون أن يتقدم إليها من يطلب خطبتها. وإذا كانت هناك بعض الفتيات يرددن ببلاهة ما تنعب به غربان السوء في مضار التعدد وهن في أعماقهن يتقن إلى الزواج لأنه حاجة فطرية فإن هناك الكثير من الفتيات يتمنين نصف الزوج وربع الزوج إن صح التعبير. ولو فكرنا قليلاً لرأينا كم يمثل تكدس البنات في البيوت بلا زواج من خطر لا يعلمه إلا الله. وأما قضية الظلم الذي يحدث من المعددين للزوجات فليس ذلك ذنب الإسلام لأن الإسلام قد حرم الظلم بل وهدد من ظلم في هذه القضية أن يأتي يوم القيامة وشقه مائل. عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل)) [رواه أبو داود والنسائي]. ومن القضايا التي يطرحها أعداء الإسلام قضية الحجاب وهذه القضية قد أقلقت راحتهم وأقضت مضاجعهم فتراهم لا يهدأ لهم بال ولا يفترون عن الكلام عنها ذماً وقدما. يصفون الحجاب بأنه.. حبس للمرأة ..وأنه تخلف ورجعية.. وأنه دلالة على عدم صفاء قلوب الذين يطالبون به، ويقولون بأن المرأة العفيفة لا تحتاج إلى الحجاب وأن حجابها هو حياؤها. وهذا من أعجب العجب!! وهل يبقى للمرأة حياء إذا خرجت متكشفة متبرجة أمام الرجال؟ هذا ما لا يقبله العقل، لكن أعداء الله يكذبون ويخادعون لكي يصلوا إلى ما يريدون وهو إفساد المرأة، ولو أنهم آمنوا بالله وبرسوله لعلموا أنه أمر الله الذي أمر به المرأة المسلمة فقال تعالى: يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ قُل لاِزْوٰجِكَ وَبَنَـٰتِكَ وَنِسَاء ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً [الأحزاب:59]. إنه أمر الله وليس أمر أحد من البشر فهل يصدقهم بعد ذلك مؤمن. ثم بعد ذلك ينادون بالاختلاط. لكن أعداء الإسلام أذكياء فهم يخططون شيئاً فشيئاً، طلبوا من المرأة أولاً نزع الحجاب ثم الخروج مع الرجال ومخالطتهم وتلك هي خطوات الشيطان، وقد حذرنا الله منها في غير موضع من كتابه فقال: وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ [البقرة:168]. |