تعريف الفتنة: في اللغة: جاء في لسان العرب جماع معنى الفتنة: الابتلاء والامتحان والاختبار وأصلها مأخوذ من قولك: فتنت الفضة والذهب. وتأتي الفتنة في الشرع بمعان كثيرة بحسب السياق: أ) الكفر: والفتنة أشد من القتل . ب) القتل: إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا . ج) الإحراق: إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات . د)الإزالة والإمالة عن الحق: وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك . والمقصود بالفتنة: هو الاختبار والامتحان للإنسان في الشدة والرخاء. والمقصود بفقه الفتن: أي كيفية معرفة عدم السقوط في الفتن في حال الشدة والرخاء. ومن خلال ذلك يتبين لنا أمور: 1- لابد من معرفة أهمية الفتن وأنها حاصلة لكل مؤمن في السراء والضراء ونبلوكم بالخير والشر فتنة . آلم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون . 2- أن الوقوع في الفتن له أسباب ومقدمات لابد من معرفتها. 3- والفهم والفقه في الفتن في أمرين: أ- عدم السقوط قبل الوقوع. ب- كيفية الخروج منها بعد الوقوع. في حديث أبي داود عن المقداد مرفوعاً: ((إن السعيد لمن جنب الفتن (ثلاثاً) ولمن ابتلى فصبر فواهاً)).
أسباب الفتن: قال ابن تيمية: "ولا تقع فتنة إلا من ترك ما أمر الله به، فإنه سبحانه أمر بالحق وأمر بالصبر، فالفتنة: إما من ترك الحق، وإما ترك الصبر". فتكون أسباب الفتن كالتالي: 1- الجهل: وفي الحديث المتفق عليه عن ابن عمر مرفوعاً: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا)). 2- كتمان العلم: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم . إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمناً قليلاً أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار . ((من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار)). 3- الشرك: انتشار الشرك وراياته: والفتنة أشد من القتل . وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة . 4- النفاق: إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم . وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم . ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً ولأوقعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين . 5- انتشار البدع: اليوم أكملت لكم دينكم . ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))، ((فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها النواجذ)). 6- الشهوات والمعاصي: زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا . واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم . 7- عدم الصبر في الدعوة إلى الله. 8- ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة . وفي حديث البخاري عن زينب مرفوعاً: ((ويل للعرب من شر قد اقترب)). 9- استعجال النتائج في تحقيق النصر. 10- قلة اللجوء إلى الله.
الخروج من الفتن: 1- اللجوء إلى الله بالدعاء والاعتصام به: إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين . وفي مصنف ابن أبي شيبة عن أبي سعيد مرفوعاً: ((تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، قلنا: نعوذ بالله من الفتن ما ظهر وما بطن)). وفي حديث رواه الترمذي عن ابن عباس مرفوعاً: ((اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون)). روى الحاكم عن حذيفة من قوله: ((يأتي عليكم زمان لا ينجو فيه إلا من دعا دعاء غريق)). 2- العلم بالشرع والفقه في الدين: قال عمرو بن العاص: (ليس العاقل من يعرف الخير من الشر، ولكن هو الذي يعرف خير الشرين). وقال بعض أهل العلم: (إن للقول والعمل في الفتن ضوابط: فليس كل فعال يبدو لك حسناً تظهره، وليس كل فعل يبدو لك حسناً تفعله). 3- الرفق والحلم والإناة: ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولاً . روى أبو داود مرفوعاً: ((التؤدة في كل شيء إلا في أمور الآخرة)). وروى مسلم مرفوعاً: ((ما كان الرفق في شيء إلا زانه ، وما نزع من شيء إلا شانه)). وروى مسلم عن عمرو أنه قال: تقوم الساعة والروم أكثر الناس. فقيل له: ابصر ما تقول. فقال: إن فيهم لخصالاً أربعا: إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة، وأوشكهم كرّة بعد فرة، وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف، وخامسة صفة جميلة: وأمنعهم من ظلم الملوك. قال عبد الله المعتز (من أكثر المشورة لم يعدم عند الصواب مادحاً، ومن الخطأ عاذراً)). ومن التؤدة مراجعة فقه الفتن. 4- لزوم التقوى والعمل الصالح: ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ، فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون . 5- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله: ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيراً . فلما نسوا ما ذكروا به نجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون . 6- الزهد في الدنيا والرغبة في الآخرة: أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى منهم ما كانوا يمتعون . 7- لزوم الجماعة ونبذ التفرق: واعتصموا بالله جميعاً ولا تفرقوا . وروى الترمذي عن ابن عمرو مرفوعاً: ((عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوبة الجنة فليلزم الجماعة، من سرته حسنته وساءته سيئته فذلكم المؤمن)). قال ابن تيمية: "سبب الاجتماع والألفة جمع الدين والعمل به كله وهو عبادة الله وحده لا شريك له كما أمر به ظاهراً وباطناً. وسبب الفرقة: ترك حظ مما أمر العبد به والبغي بينهم. ونتيجة الجماعة: رحمة الله ورضوانه وصلواته، وسعادة الدنيا والآخرة وبياض الوجوه. ونتيجة الفرقة: عذاب الله ولعنته وسواد الوجوه وبراءة الرسول منهم". 8- اعتزال الفتن وأهلها: قال موسى عليه السلام: وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون . وقال إبراهيم عليه السلام: واعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقياً . وقال أصحاب الكهف: وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف . وفي الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد سئل رسول الله: أي الناس أفضل؟ فقال(( مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله، قالوا: ثم من؟ قالك مؤمن في شعب من الشعاب، يتقي الله، ويدع الناس من شره)). 9- الاهتمام بصلاح القلوب : وروى الإمام أحمد عن حذيفة: ((تعرض الفتن على القلوب، فأيما قلب أشربها نكتة فيه نكتة سوداء ، وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين ، على أبيض مثل الصفا فلا تضره الفتنة ما دامت السموات والأرض والآخر مرباداً ، كالكوز مجخياً ، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب هواه)). 10- اتخاذ الجوانب العملية في دراسة الفتن وبث ذلك في الناس. * فتنة الشرك: * فتنة النفاق: * فتنة البدع: * فتنة العلم: * فتنة الفرقة: * فتن الشهوات: |