أولاً: الاستدلال من جهة الزنادقة ببعض النصوص على تلك التكاليف الشرعية: 1- أقوالهم: أ- سنان بن راشد الباطني: إن الإنسان متى عرف الصورة الدينية فقد عرف حكم الكتاب ورفع عنه الحساب وسقط عنه التكاليف، وسائر الأسباب. ب- طاهر بن إبراهيم الحارثي: حجج الليل هم أهل الباطن المحض، المرفوع عنهم في أدوار الستر التكاليف لعلو درجاتهم. ج- وينسب إلى جعفر بن محمد الباقر: من عرف الباطن فقط سقط عنه عمل الظاهر ورفعت عنه الأغلال والأصفاد وإقامة الظاهر. د- أما غلاة الصوفية: يزعمون أن العبادة تبلغ بهم إلى درجة تزول فيهم عنهم العبادات وتكون الأشياء المحظورات على غيرهم من الزنا وغيره مباحات لهم. قال ابن حزم: ادعت طائفة من الصوفية أن في أولياء الله تعالى من هو أفضل من جميع الأنبياء والرسل، فيقع منهم: ترك التكاليف، ارتكاب الفواحش. دخل على رجل قال لا يصلي، وصلى الجمعة مجاملة للضيوف. وآخر يأكل في نهار رمضان، ويقول: أنا معتوق أعتقني ربي. 2- أدلتهم أو شبهاتهم: 1- واعبد ربك حتى يأتيك اليقين . 2- الاستدلال بقصة الخضر مع موسى وأنه خالف ظاهر الشريعة. - خرق السفينة. - قتل الطفل. - بنى الجدار ولم يأخذ أجره مع ترك أهل القرية ضيافته. 3- الجواب: 1- التكاليف لا تسقط إلا عن جاهل، طفل، مجنون، أو عاجز. 2- أن الأنبياء لم يستغنوا عن الشريعة وهم من أشد الناس عبادة. 3- كافر من استحل محرماً من المحرمات الظاهرة المتواترة وجحد واجباً من الواجبات فكيف بمن يترك كل الواجبات ويستحل كل الحرمات. 4- على الناس أن يصححوا في أذهانهم مفهوم الولاية. الولي هو ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون . 5- من ظن أنه يسعه الخروج على شريعة محمد كما وسع الخضر فقد كفر. وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين . قال : ((لا يسمع بي يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بي إلا أدخله الله النار)). قال تعالى: وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه . 6- وكذلك يرفض استدلالهم بلفظة: اليقين، وقصة الخضر أ- اليقين: الموت بمقتضى الآية: ما سلككم في سقر ـ إلى قوله ـ حتى آتانا اليقين ، وعند موت عثمان بن مظعون، قال : ((حتى أتاه اليقين من ربه)). ب- الاستدلال بقصة الخضر: 1- موسى لم يبعث إلى الخضر. 2- أن الخضر لم يخرج عن الشريعة. - خرق السفينة حتى لا تؤخذ ثم أصلحها. - قتل الغلام لأن الله أعلمه أنه سيكفر. - أبى قبول الأجرة لأنه مال لأيتام وأبوهم صالح. 3- أن ما فعله الخضر هو وحي من الله وما فعلته عن أمري .
ثانياً:صور فتنة قلب الحقائق أ- الاحتجاج على مشرعية الأنظمة بما ورد عن بعض السلف أنه (كفر دون كفر) مع أنه هجر للأحكام الشرعية عامة. · وهو إصدار لقانون ملزم. · وتقديم للقانون الوضعي على شريعة الله. ب0 الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي والرضا بالذلة والمهانة · أنه لا يحتج به في أمور الدنيا واحتجاجه في غير موضعه. · إذا ظلم من الآخرين لن يحتج بالقدر. · وهذه مقولة المشركين سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا . · روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة مرفوعاً: ((التقى آدم وموسى، فقال موسى لآدم: آنت الذي أشقيت الناس وأخرجتهم من الجنة؟ قال له آدم: أنت الذي اصطفاك الله برسالته واصطفاك لنفسه وأنزل عليك التوراة؟ قال: نعم، قال: فوجدتها كُتب علي قبل أن يخلقني؟ قال: نعم، فحج آدم موسى)). · وإذا أذنب فعليه التوبة. فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك . إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله . العاجز الرأي مضياع لفرصته حتى إذا فات أمر عاتب القدر.
ثالثاً: ترك الأمر بالمعروف والنهي والجهاد خوف الابتلاء والتعرض للفتن: · ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتتن ألا في الفتنة سقطوا روى الطبري في تفسيره أنها نزلت في الجد بن قيس عندما دعاه لرسول الله لغزو الروم فقال: يا رسول الله، أو تأذن لي ولا تفتنني، فوالله لقد عرف قومي ما رجل أشد عجباً بالنساء مني، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر عنهن. · ((إن كلهم مغفور له إلا صاحب الجمل الأحمر)) [رواه مسلم]. · ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون . · وروى البخاري أن خباب قال شكونا إلى رسول الله وهو متوسد بردةً له في ظل الكعبة فقلنا له: ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله لنا؟ قال(( كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون)).
رابعاً: المداهنة وضعف الولاء بحجة المداراة والتسامح. · التقريب بين الأديان. · التسامح مع الأحزاب وإقرار برامجها. · واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك .
خامساً: الانفتاح على الدنيا والركون إليها بحجة التعفف على الناس وإنفاق المال في وجوه الخير: · الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع . · وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون . · يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور . · وفي الصحيحين ((فوالله ما الفقر أخشى عليك، ولكن أخشى أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها وتلهيكم كما ألهتهم)).
سادساً: الاحتجاج بيسر الشريعة وضغط الواقع لانفكاك من الالتزام بدين الله: أ- الأدلة على يسر الشريعة. · يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر . * لا يكلف الله نفساً إلا وسعها . · ربنا ولا تحمل علينا أصراً كما حملته على الذين من قبلنا . * يريد الله أن يخفف عنكم . * وما يريد الله ليجعل عليكم من حرج . * ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم . * وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج . روى البخاري ومسلم عن عائشة: ((ما خير رسول الله بين شيئين إلا أختار أيسرهما ما لم يكن إثماً)). · يلاحظ وجود التخفيف في شريعتنا مقارنة بشرائع من سبقنا، ولكن التكاليف ما زالت قائمة مع وجود التخفيف. ب- صور الترخص بيسر الشريعة: · عدم الاستعداد للالتزام. · تعطيل كثير من الأحكام. · ارتكاب المحرمات. · اتباع الفتاوى السهلة على النفس وتتبع رخص العلماء، عن القاضي إسماعيل بن إسحاق (دخلت يوماً على المعتضد فدفع إلي كتاباً فقرأته فإذا فيه الرخص من زلل العلماء فقال:.. إنما جمع هذا زنديق...). · جعل الخلاف في مسألة مسوغاً لأخذ ما شاء تشهياً. · مسايرة الواقع. أ- في الفكر والتصور. ب- في استباحة المحرمات. ج- في الملبس والمطعم والمشرب. ج- للخروج من هذا الأمر: 1- أن العباد خلقوا للعبادة: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون . وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقاً . يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون . 2- على العباد اتباع الحق وترك الهوى: يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى . وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى . وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى . أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم . 3- أن في تتبع الرخص إيقاع الناس في الحرج والمشقة: ولو اتبع لحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن . ما كان حلالاً في يوم يحرم غداً وهذا حرج. ومن المفاسد أيضاً أن يتحاكم الناس إلى البشر. أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً . 4- أن التيسير في الشريعة معلق بأمور:السفر: القصر، والجمع، والإفطار، ترك الجمعة والجماعة. المرض: القعود في الصلاة، الإفطار، التخلف عن الجماعة. الاضطرار والإكراه: جواز النطق بالكفر، وأكل الميتة. النسيان: صحة صومه، لا يأثم بتأخير الصلاة. النقص: في الصبي والمجنون والمرأة. عموم البلوى: مس المصحف للصبيان، النجاسة اليسيرة التي لا ترى. الجهل: جاهل لأنه في ديار الكفر. جهل الشفيع في حقه في المشفوع. |