أهمية الموضوع: 1- من صفات المؤمنين وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً . فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً . إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا . روى الشيخان من حديث أبي هريرة: لما نزلت على رسول الله لله ما في السموات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل شيء قدير قال: فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله ، فأتوا رسول الله ثم بركوا على الركب فقالوا: يا رسول الله كُلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة، وقد أنزلت هذه الآية ولا نطيقها قال رسول الله: ((أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم: سمعنا وعصينا، بل قولوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، قالوا: سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير، فلما اقترأها القوم ذلت بها ألسنتهم فأنزل الله في إثرها آمن الرسول بما أنزل.. )). 2- أن الغاية من إرسال الرسل الطاعة: وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله . وما آتاكم الرسول فخذوه ما نهاكم عنه فانتهوا . 3- أن العلم لا يراد به إلا العمل: قال الخطيب: والعلم يراد للعمل كما يراد العمل للنجاة، فإذا كان العلم قاصراً عن العمل كان العلم كالاً على العالم، ونعوذ بالله من علم عاد كلاً وأورث ذلاً وصار في رقبة صاحبه غلاً. قال الفضيل: إنما نزل القرآن ليعمل به فاتخذ الناس قراءته عملاً. قال أبو رزين: عند قوله تعالى: يتلونه حق تلاوته ، يتبعونه حق اتباعه، يعملون به حق عمله. 4- أن الله عاب على أمم سابقة ما تلقوا به النصوص الشرعية: قالوا سمعنا وعصينا وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم . مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفاراً . 5- أن الإعراض عن آيات الله بتعطيل أحكامها من أعظم الظلم. ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه فأعرض عنها . 6- أن الإنسان محاسب على علمه. روى الترمذي من حديث أبي برزة الأسلمي: ((لن تزولا قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع- ذكر منها – وعن عمله ماذا عمل به)). 7- أن الأقوال الصالحة مرهونة بالأعمال الصالحة: قال الحسن البصري: ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي.. من قال حسناً وعمل غير صالح رده الله على قوله، ومن قال حسنا وعمل صالحاً رفعه العمل، وذلك بأن الله تعالى يقول: إليه يصعد الكلم الطيب والعمل صالح يرفعه . 8- أن العلم النافع لابد له من عمل، وإلا صار حجة على صاحبه. قال : ((القرآن حجة لك أو عليك)) [رواه مسلم]. قال ابن عيينة: العلم إن لم ينفعك ضرك.
نماذج من حياة الأولين في الطاعة والامتثال: روى مسلم من حديث عائشة: ((ما رأيت رسول الله منذ نزل عليه: إذا جاء نصر الله والفتح يصلي صلاة إلا قال فيها: سبحانك ربي وبحمدك، اللهم اغفر لي)). روى الشيخان عبد الله بن عمر مرفوعاً: قال: (( نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل)) قال سالم: فكان عبد الله بعد ذلك لا ينام من الليل إلا قليلاً. روى مسلم عن ابن عمر: بينما نحن نصلي مع رسول الله إذ قال رجل من القوم الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً فقال: ((من القائل كذا وكذا؟ قال: رجل من القوم أنا يا رسول الله، قال: عجبت لها، فتحت لها أبواب السماء)) قال ابن عمر: فما تركتهن منذ سمعت رسول الله يقول ذلك. روى مسلم والترمذي من حديث أبي بكر بن أبي موسى: سمعت أبي وهو بحضرة العدو يقول: ((إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف، فقام رجل رث الهيئة فقال: يا أبا موسى أأنت سمعت رسول الله يقول ذلك؟ قال: نعم، فرجع إلى أصحابه فقال: أقرأ عليكم السلام ثم كسر جفن سيفه فألقاه ثم مشى بسيفه إلى العدو فضرب به حتى قتل)). روى مسلم عن علي قال: ((اشتكت فاطمة ما تلقى من الرحى في يدها ، وأتى النبي سبي فانطلقت فلم تجده ، ولقيت عائشة فأخبرتها، فلما جاء النبي أخبرته عائشة بمجيء فاطمة إليها فجاء النبي إلينا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال النبي : ((على مكانكما فقعد بيننا حتى وجدت برد قدمه على صدري ثم قال: ألا أعلمكما خيراً مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما: أن تكبرا الله أربعاً وثلاثين وتسبحاه ثلاثاً وثلاثين وتحمداه ثلاثاً وثلاثين ، فهو خير لكما من خادم ))، قال علي: ما تركته منذ سمعته من النبي ، قيل له: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين. وعن عمرو بن أوس قال: حدثني عنبة بن أبي سفيان في مرضه الذي مات فيه بحديث يتسار إليه قال: سمعت أم حبيبة تقول سمعت رسول الله يقول: ((من صلى اثنتي عشرة ركعة في يوم وليلة بني له بهن بيت في الجنة)). وروى أحمد من حديث أم حبيبة أن النبي قال: ((من ركع أربع ركعات قبل الظهر وأربعاً بعدها حرم الله عز وجل عليه النار)) قالت: فما تركتهن منذ سمعتهن. وروى أحمد ومسلم عن ابن عمر مرفوعاً: ((ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ثلاث ليال إلا ووصيته مكتوبة)) قال: ابن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله قال ذلك إلا وعندي وصيتي. وروى مسلم من حديث ابن عمر: ((اقتلوا الحيات واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر فإنهما يلتمسان البصر ويستسقطان الحبالى)) قال ابن عمر: فلبثت لا أترك حية أراها إلا قتلتها. روى البخاري ومسلم من حديث أبي مسعود الأنصاري: ((من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه)). قال علي: ما كنت أرى أحداً يعقل ينام قبل أن يقرأ الآيات الأواخر من سورة البقرة. وفي الطبقات للسبكي قال البخاري: ما اغتبت أحداً قط منذ علمت أن الغيبة حرام، إني لأرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحداً. وروى ابن السني عن أبي أمامة: ((من قرأ آية الكرسي عقب كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت)). قال ابن القيم بلغني عن شيخ الإسلام أنه قال: ما تركتها عقب كل صلاة إلا نسيان أو نحوه. قال الإمام أحمد: ما كتبت حديثاً إلا وقد عملت به حتى مر بي أن النبي احتجم وأعطى أبا طيبة ديناراً، فأعطيت الحجام ديناراً حين احتجمت.
واقع المسلمين: 1- جعل النصوص الشرعية للتزود الثقافي وانحصار استخدامها في الخطابات الإنشائية التي لا رصيد لها في الواقع ولا تأثير لها في تصريف مجرياته. 2- ضعف تعظيم كلام الله وكلام رسوله وذلك بالاعتراض عليهما بآراء العقول وتصورات الأفهام التي يبعثها الواقع المنحرف وهوى الأنفس. 3- ضعف الالتزام بالآداب الشرعية والأحكام المرعية تكاسلاً أو تساهلاً وعدم الاكتراث بترك السنن والمستحبات، بل قد يصل الأمر إلى ترك الواجبات والأركان بلا خوف ولا ندم.
وصيتي: 1- ضرورة طلب العلم بقدر المستطاع. 2- ضرورة فهم العلم فهماً صحيحاً. 3- ضرورة ترتيب الأولويات في العمل. 4- ضرورة معرفة عبادة الوقت. 5- ضرورة التعظيم لكلام الله وكلام رسوله. 6- ضرورة تعويد النفس على العمل بما تعلم. 7- ضرورة أخذ الإسلام من جميع جوانبه. 8- الأخذ بسنن الهدى. 9- قراءة سير السلف الصالح. 10- ضرورة الإكثار من العمل دون الكلام. 11- لا تعارض النصوص برأي أو ذوق. |