| موضوع: عاشوراء الأربعاء 25 فبراير 2015 - 16:55 | |
| | عنوان الخطبة | عاشوراء | اسم الخطيب | محمد عبد الكريم | رقم الخطيب | 79 | رقم الخطبة | 1510 | اسم المسجد | غير محدد | تاريخ الخطبة | |
| | | | ملخص الخطبة | 1- قتل فرعون لأطفال بني إسرائيل وولادة موسى عليه السلام. 2- نجاة موسى ونبوته ودعوته. 3- هلاك فرعون ونجاة بني إسرائيل. 4- نحن أحق بموسى من اليهود. 5- فضل موسى على أمة محمد في تخفيف عدد الصلوات. | | الخطبة الأولى | | أما بعد: يقول الله تعالى: لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثًا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه ويقول الله عز وجل: فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين إن إهلاك الظالمين نعمة من نعم الله تبارك وتعالى ينبغي لعباده المؤمنين أن يشكروا الله تعالى على هذه النعمة, ونحن مقبلون على يوم من هذا الشهر الحرام يوم عظيم نجى الله فيه فريقًا من المؤمنين وأنجاهم من الظالمين, فبدأ المؤمنون يشكرون الله عز وجل من ذلك الزمان على هذه النعمة التي أنعمها الله عز وجل على الثلة المؤمنة, وذلك أن فرعون لما بغى في الأرض وعلا وجعل أهلها شيعًا يستضعف طائفة منهم يستضعف بني إسرائيل وهم الشعب الذين هم من سلالة يعقوب بن إسحاق بن خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام, جعل أهلها شيعًا يستضعفهم في الأرض, فأذلهم وسخرهم لمهن رخيصة, ولمّا رأى رؤيا ـ كما قال المفسرون ـ رأى رؤيا أنه من بني إسرائيل سيخرج رجل ويورثه الله عز وجل مكان فرعون, أخذ يقتل أبناءهم ويستحي نساءهم كما قال الله جل وعلا: جعل أهلها شيعًا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم فكان في ذلك مسرفًا. فبعث الله عز وجل موسى عليه السلام, وضعته الأم فأشفقت عليه, فأوحى الله عز وجل إليها أن اجعليه في التابوت ثم ألقيه في اليم, فذهب به اليم إلى قصر فرعون فألقى الله محبته في قلب امرأة فرعون فأحبته حبًا شديدًا فقالت: قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدًا. وسخر الله عز وجل له ذلك الظالم لكي يتبناه فرُبيّ في بيته, فكان يركب ما يركب فرعون ويلبس مما يلبس, بعد أن بلغ أشده واستوى آتاه الله ـ وهو في طريقه إلى مصر من مدين ـ النبوة فأوحى الله عز وجل إليه بالرسالة وأمره أن يذهب إلى فرعون لكي يذكره لعله يتذكر أو يخشى, يتذكر فيحذر من عقاب الله تعالى, فيخشى: فيورثه خشية وطاعة وإخباتًا لله عز وجل, فقال له الله عز وجل: فقولا له قولاً لينًا لعله يتذكر أو يخشى قالا ربنا إنا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى. فأتاه موسى عليه السلام وأخوه هارون فقالا له قولاً لينًا, فأبى واستكبر وعاند, ووسم موسى عليه السلام بالسحر والشعوذة, وأمر السحرة أن يلتقوا معه في يوم الزينة فنصر الله عز وجل موسى عليه السلام وسجد السحرة لرب هارون وموسى, وأنزل الله عز وجل على يد موسى الآيات البينات وحذر موسى فرعون من مغبة ما هو فيه وقومه, فقال فيهم الله عز وجل وعنهم: فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقُمَّل والضفادع والدم آيات مفصلات فاستكبروا وكانوا قومًا مجرمين. بعد ذلك أوحى الله سبحانه وتعالى لموسى عليه السلام بأن يخرج بني إسرائيل من أرض مصر في ليلة كما قال الله عز وجل ـ في سورة الشعراء ـ: وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي ليلاً إنكم متبعون وفرعون علم بخروج بني إسرائيل خلسة فأرسل في المدائن حاشرين, أرسل في مدائن مملكته حاشرين للناس والجنود ولماذا يحشرون عددًا كبيرًا وفيهم رجل يزعم بأنه إله؟ إذ قال أنا ربكم الأعلى, فقال معللاً: إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون قالها معللاً: أي ما حشدنا هذا العدد وما جمعنا هذا الجمع إلا لأنهم قد أبلغونا مبلغًا كبيرًا من الغيظ وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميعٌ حاذرون أي كنا على حذر مما يفعلون, فأخرجهم الله عز وجل مما كانوا فيه, فخرجوا في وقت الإشراق. قال ابن عباس رضي الله عنهما ـ في تفسيره لسعيد بن جبير في قوله تعالى: وفتناك فتونًا ـ في قصة الفتون ـ القصة موقوفة عليه رضي الله عنه كما قال ذلك ابن كثير ونقله عن أبي الحجاج المزي رحمهما الله تعالى ـ قال ابن عباس: فأوحى الله عز وجل إلى موسى أن يخرج بقومه ليلاً, فلما أصبح فرعون أرسل في المدائن حاشرين, فجمع الجنود فخرجوا إلى موسى وقومه, فجاء موسى عليه السلام والبحر من أمامه فأدركه فرعون بجنوده فلما رأى قوم موسى هذا قالوا: إنا لمدركون, قالوا: يا موسى إنّا لمدركون؛ البحر من أمامهم وفرعون من خلفهم, إنا لمدركون أي سيدركنا فرعون وذلك بعد أن تراءى الجمعان كما قال الله عز وجل: فلما تراءى الجمعان جمع موسى وجمع فرعون وجنوده, فلما تراءى الجمعان, أي رأى بعضهما بعضًا قال أصحاب موسى إنا لمدركون فقال موسى عليه السلام: كلا بكل توكيد وثقة "كلا" لسنا بمدركين, "كلا" لسنا بمفتنين, "كلا" لسنا بمن سيكون في أيدي هؤلاء الظالمين. ولماذا قال: كلا بهذه الثقة وبهذه الطمأنينة؟ إن العلة في ذلك إن معي ربي سيهدين فأوحى الله سبحانه وتعالى إليه: فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم إن السنة التي أجراها الله عز وجل للماء لكي تسير على اليابسة في لحظة من اللحظات, بقدرته تعالى يتحول هذا الماء ليصبح كالجبل الشامخ, وتصبح الأرض التي كان فيها الماء طريقًا يبسًا وكأن الماء ما مسته يومًا وفي قوله تعالى: فأوحينا إلى موسى فيه أن هذا الأمر كان عند لقائه بفرعون. وفي حديث الفتون, قال ابن عباس رضي الله عنهما: "وكان الله عز وجل قد أوحى إلى موسى عليه السلام ـ أي قبل أن يخرج ببني إسرائيل ـ أن اضرب بعصاك البحر وقال للبحر إذا ضربك عبدي موسى فانفلق فرقتين, فلما قدم موسى إلى البحر نسي أن يضرب بعصاه البحر فقال له أصحابه: إن الله عز وجل لم يكذب ولم تكذب, فقال موسى: إن الله وعدني أني إذا أتيت البحر انفلق فرقتين ثم تذكر عليه السلام أمر الله عز وجل إياه بضرب البحر بالعصا, فضربه فانفلق فرقتين" هذا ما ذكره ابن عباس رضي الله عنه. ولما رأى فرعون ذلك الأمر دخل بجنوده في الطريق اليبس بعد أن دخل موسى وقومه, فلما اجتازوا البحر وأصبح قوم فرعون في سواء الطريق اليبس أطبق الله تعالى عليهم البحر وأعاد سنة الماء في ذلك للماء فأغرقهم الله تعالى في ذلك المكان, فقال الله عز وجل عنه ـ أي عن موسى ـ: ثم أزلفنا الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين إن في هذا الحدث الذي حدث لآية على مر القرون وإن قوم موسى طلبوا من موسى أن يريهم فرعون فأخرجه الله عز وجل فقال سبحانه وتعالى: فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرًا من الناس عن آياتنا لغافلون, ففي هذا الحدث آية على مر القرون ولكن أكثرهم لا يعلمون؛ ولهذا الله عز وجل قال: إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الحكيم وكانت هي آخر خرجة من خرجات هذا الظالم من بلده, قال سبحانه وتعالى: فأخرجناهم من جنات وعيون وزروع ومقام كريم كذلك وأورثناها بني إسرائيل, وقال في سورة الدخان: فأخرجناهم من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قومًا آخرين فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين, وقال تعالى ممتنًا على بني إسرائيل: ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين من فرعون إنه كان عاليًا من المسرفين ولقد اخترناهم على علم على العالمين. فماذا كان موقف كليم الله موسى بن عمران من هذه النعمة؟ صام موسى عليه السلام هذا اليوم شكرًا لله تعالى في العاشر من محرم, صامه شكرًا لله سبحانه وتعالى فيأتي الرسول حين يقدم المدينة كما ورد ذلك في الصحيحين في حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله لمّا قدم المدينة وجد يهودًا تصوم عاشوراء فقال رسول الله : ((ما هذا؟)) فقالوا: هو يوم صالح نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل وأغرق فيه فرعون وقومه, فقال النبي : ((نحن أحق بموسى منكم)) فصامه وأمر بصيامه, وذلك قبل فرض رمضان, فلما فرض رمضان قال عليه الصلاة والسلام: ((من شاء صامه, ومن شاء تركه)). وفي قوله : ((نحن أحق بموسى منكم)) كلام صائب صحيح؛ فالرسول عليه الصلاة والسلام أقرب إلى موسى من هؤلاء اليهود الذين كفروا برسالة محمد وكذبوا رسولهم كذلك موسى, فالرسول عليه الصلاة والسلام في قوله: ((نحن أحق بموسى منكم)) صدق؛ إذ هو عليه الصلاة والسلام رسول الله وكليمه كما أن موسى عليه السلام رسول الله عز وجل كليمه كذلك فهو عليه الصلاة والسلام يفرح لفرح موسى وصدق الله عز وجل: فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين أي ينبغي أن يُحمد الله تعالى عند إهلاكه للظالمين فهي نعمة من نعمه تعالى. فأسأل الله عز وجل أن ينفعنا بالقرآن العظيم وبسنة سيد المرسلين إنه هو القادر على ذلك, وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
| | الخطبة الثانية | الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين, ولا عدوان إلا على الظالمين, والصلاة والسلام على البشير النذير المبعوث رحمة للعالمين من بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وتركها على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: إن لموسى عليه السلام فضيلة على أمة محمد عليه الصلاة والسلام, ولذلك لا تعجب أيضًا عند قوله : ((نحن أحق بموسى منكم)) فثبت في صحيح البخاري في كتاب الصلاة في قصة الإسراء الطويلة من حديث أبي بكر بن حزم, وأنس بن مالك رضي الله عنهما أن الرسول قال في قصة الإسراء: ((ففرض الله عز وجل على أمتي خمسين صلاة فنزلت على موسى عليه السلام فقال: ما فرض الله تعالى عليك؟ فقلت: خمسون صلاة, فقال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف, فإن أمتك لا تطيق, قال: فرجعت إلى ربي فسألته فأنزل شطرها فرجعت إلى موسى فقال: ما فعل؟ قال: أنزل شطرها ـ أي أنزل الله شطرها فجعلها خمسًا وعشرين صلاة ـ فقال له موسى: ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ـ رأفةً على أمة محمد عليه الصلاة والسلام فإنه جَرّب بني إسرائيل ووجد بأنهم لم يتحملوا ما أوجب الله عليهم من التكاليف ـ فقال : ارجع, فرجع النبي فأنزل الله عز وجل شطرها, فرجع إلى موسى, فقال: ارجع فإن أمتك لا تطيق, فرجع مرة أخرى, فقال الله عز وجل: خمس وهي خمسون ـ أي جعلتها خمسًا, وفي أجرها بخمسين صلاة ـ لا يبدل القول لدي, فرجع النبي إلى موسى بن عمران فقال: ارجع إلى ربك فسله التخفيف, فقال النبي : ((استحييت من ربي)). هكذا فإن الله سبحانه وتعالى قد خفف على أمة محمد عدد الصلوات وجعل موسى عليه السلام سببًا في ذلك, فله أيضًا فضل على أمة النبي عليه الصلاة والسلام, فصدق النبي عليه الصلاة والسلام إذ قال: ((نحق أحق بموسى منكم)) وهكذا المسلمون كالجسد الواحد ينظر بعضهم إلى آلام بعض, إذا اشتكى منهم عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى, فالرسول يفرح لفرح موسى فيصوم يوم عاشوراء. ومن قبيل هذا قوله والحديث عند البخاري في صحيحه وكذاك مسلم من حديث سعيد بن المسيب عن أم شريك رضي الله عنها أن الرسول أمر بقتل الوزغ وقال : ((إنه كان ينفخ على إبراهيم عليه السلام)), وفي رواية للإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها, أن النبي قال: ((اقتلوا الأوزاغ ـ جمع وزغ ـ فإنه كان ينفخ النار على إبراهيم عليه السلام)), وفي رواية ثالثة: أن امرأة دخلت على عائشة رضي الله عنها فوجدت عندها حربة فقالت: ما هذا؟ قالت عائشة رضي الله عنها: نقتل به الأوزاغ فإن النبي قال: ((إنه كان ينفخ على إبراهيم عليه السلام النار)). هكذا يا سبحان الله, يا سبحان الله, الرسول عدو لمن عادى إبراهيم عليه السلام. | | |
|
|