| موضوع: العلم والدعوة الأربعاء 25 فبراير 2015 - 16:46 | |
| | عنوان الخطبة | العلم والدعوة | اسم الخطيب | محمد عبد الكريم | رقم الخطيب | 79 | رقم الخطبة | 1504 | اسم المسجد | غير محدد | تاريخ الخطبة | |
| | | | ملخص الخطبة | 1- من أعظم نعم الله أن يخلق في أحدنا استعدادات لحمل الدين. 2- الدعوة أفضل قول وعمل يمارسه الإنسان. 3- وقفات مع قوله: قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة.. .4- الحكمة في اختيار طريق الدعوة بحسب المدعوين. 5- الحكمة والمداهنة في الدعوة. 6- الحكمة في دعوة موسى لفرعون. | | الخطبة الأولى | | إن من أعظم منن الله تعالى على عبده أن يهيأ له الأسباب ليكون من حملة هذا الدين, وممن يبذلون الغالي والنفيس لإقامة حكم الله في الأرض ولتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السلفى, تلك المنزلة العالية السامقة الرفيعة هي أسمى المنازل وأعلى المقامات, منزل المرسلين وسبيلهم عليهم أفضل الصلوات وأتم التسليم, فإن الداعية إلى الله تعالى من أعظم الناس قُربًا عند الله رب العالمين ويتفق المسلمون على أهمية الدعوة إلى الله تبارك وتعالى ويتحدث كثيرون عن وجوبها على المسلمين, وكلنا مع هؤلاء في وجوب الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشر الفضيلة ومحابة الرذيلة وتثقيف الناس ووعظم ونصحهم, وإنه واجب على جميع المسلمين على اختلاف مستوياتهم, ولكن هذا الواجب يتفاوت بتفاوت المسلمين علمًا وفطنةً وأسلوبًا ومركزًا وعملاً ووقتًا, وهذا الوجوب مستفاد من آيات كثيرة صريحة في القرآن العظيم من ذلك قوله تعالى: ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر, وكقوله عز وجل: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وقوله: قل هذه سبيل أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله, وقوله سبحانه: ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن وقوله: يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك. فما من شك أن الداعية إلى الله تبارك وتعالى هو صفوة الله وخيرته من خلقه, أحب لله فأحبه الله وأجاب الله عز وجل في نفسه وأجاب غيره في الله فأحبه الله تبارك وتعالى, فلذلك قال الله تبارك وتعالى في أوجز عبارة وأصدق بيان: ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين. روى عبد الرزاق الصنعاني بسنده إلى الحسن البصري ـ رحمه الله ـ بعد تلاوته للآية: ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحًا وقال إنني من المسلمين قال: هذا حبيب الله, هذا ولي الله, هذا صفوة الله, هذا خيرة الله, هذا أحب أهل الأرض إلى الله, أجاب الله في دعوته, ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته وعمل صالحًا في إجابته وقال إنني من المسلمين. ولأن هذه المنزلة بهذا السمو وهذه الرفعة فإنه لابد لكل داعية مسلم يريد وجه الله والدار الآخرة أن تتضح له أمور حتى يكون الطريق واضحًا بينًا لا غبن فيه, وحتى يكون العمل معذقًا مثمرًا ومن هذه الأمور: أولاً: سلامة القصد والغاية: فمقصود الداعية وغايته إعلاء كلمة الله وتحكيم شريعته في الأرض, الداعية لا يدعو لشخصه ولا لقومه ولا لجنسه أو عشيرته أو قبيلته أو لجماعة بعينها لا حظ في ذلك ولا نصيب, وإنما الأمر لله والعمل من أجل الله, ولذلك نلحظ التركيز على هذا الأمر قل هذه سبيلي أدعو إلى الله, وقال أيضًا: ادع إلى سبيل ربك, فالدعوة إلى سبيل الله والدعوة إلى الله لا إلى أحد من خلقه. ثانيًا: سلامة الوصول والطريق الموصل إلى الغاية: وطريقة الداعية إلى الله تعالى هي طريقة النبي والرسول أول داعية في الإسلام, فما من خير إلا ودعانا إليه عليه الصلاة والسلام, وما من شر إلا وقد حذرنا منه , ولا يظنن ظانُ بأنه عليه الصلاة والسلام كان يقرر من تلقاء نفسه, بل كان هذا بإذن ربه وأمره, قال تعالى: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا, فالدعوة كما يجب أن تكون إلى الله كذلك فلابد أن تكون بإذن الله, ومن الذي يبين لنا إذن الله؟, إنه الرسول . ثالثًا: البصيرة في الدعوة, قال عز وجل: قل هذه سبيلي ـ طريقي ـ أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين على بصيرة, لابد لكل من أراد أن يدعو إلى الله أن يكون على بصيرة بأمر الدعوة إلى الله عز وجل, فمن الناس من يخوض غمار الدعوة إلى الله من غير بصيرة ومن غير نظر في كتاب الله وسنة رسوله , وما البصيرة التي عناها الله وعنتها الآية؟ البصيرة كما قال العلماء: هي العلم بالله والعلم بسنة رسول الله , قال بعض العلماء: البصيرة تنقسم إلى ثلاثة أقسام: 1 ـ البصيرة بما يدعو إليه (أي البصيرة بالدعوة). 2 ـ البصيرة بحال المدعو. 3 ـ البصيرة بكيفية الدعوة. فهذه ثلاثة أقسام للبصيرة, عِلمٌ بالدعوة وعلم بحال المدعو وعلم بكيفية الدعوة وطريقتها. فالبصيرة بالدعوة: أن يكون الداعية عالمًا بالحكم الشرعي الذي يدعو إليه, فربما دعا إلى شيء ظن أنه واجب وهو ليس بواجب, فيلزم الناس ما لم يلزمه الله عز وجل وربما دعا إلى شيء ظنه أنه حرام وهو ليس بحرام, فيحرم على الناس أمرًا أباحه الله عز وجل لهم, والعكس بالعكس فربما دعا إلى شيء ظنه أنه مستحب وهو حرام عليه اقترافه. فالعلم بالحكم الشرعي فيما يدعو إليه الإنسان من أهم البصيرة وهو المعني به في مواطن كثيرة من القرآن العظيم. ثانيًا: البصيرة بحال المدعو: أن يعرف الداعية حال المخاطبين, والدليل على أهمية معرفة الداعية بحال المدعويين حديث معاذ في الصحيح أن النبي لمّا أرسله إلى اليمن قال له عليه الصلاة والسلام: ((إنك تأتي قومًا أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله...)) الحديث, فقال في بداية الحديث: ((إنك تأتي قومًا أهل كتاب)) قال له ذلك ليعرف معاذ حال المدعويين ويستعد لهم, ويتعرف على حالهم وما الشيء الذي يحتاجون إليه, فمن الخطأ بمكان أن يدعو الإنسان شخصًا لا يعرف حاله, لا يعرف جدله, لا يعرف مقدار الباطل الذي هو عليه, فربما كان باطله الذي عليه له حجة لا يستطيعه ذلك المناظر ولا يستطيعه ذلك المقدم عليه فيقحم في المجادلة فيكون سببًا في تقهقر الحق, وفي ظن ذلك الذي على الباطل أنه على الحق, فلابد أن يعرف مقدار باطله, ومقدار الحق الذي هو عليه حتى يستطيع أن يأخذه إلى الحق, فالبصيرة بحال المدعو من أهم المهمات حتى يستطيع الإنسان أن يصل إلى الخير في دعوته. ثالثًا: من أنواع البصيرة البصيرة بكيفية الدعوة وطريقتها, والله سبحانه وتعالى ما ترك لنا الاجتهاد في كيفية الدعوة بل دلنا الله تبارك وتعالى إلى الطريقة المثلى, ودلنا كذلك إلى الطريقة المثلى في الدعوة إلى الله تبارك وتعالى وترتيب الأولويات, والدليل من القرآن على كيفية الدعوة قوله سبحانه وتعالى: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن, المدعوون إلى طريق الله منهم من هو خالِ الذهن, طيب في حقيقته إذا عرف الحق تمسّك به ودعا لك بالخير, متعطش إليه بمجرد عرضه عليه يكون من السابقين إليه, فهذا يُدعى بالحكمة, ومن الناس من هو مشتغلٌ بالباطل عالم بأنه مُبعد عن الحق, فهذا يحتاج إلى موعظة حسنة في ألفاظها ومعانيها حتى يقبل إلى الله. ومن الناس من لا ينفع معه إلا الجدال بالتي هي أحسن, وإلا انتقل معه بعد ذلك إلى الجلاد كما قال العلماء في قوله تعالى: ادع إلى ربك.... قال: ذكر سبحانه وتعالى مراتب الدعوة وجعلها ثلاثة أقسام بحسب حال المدعو فإنه إما أن يكون طالبًا للحق محبًا له مؤثرًا له إذا عرفه فهذا يُدعى بالحكمة ولا يحتاج إلى موعظة وجدال, وإما أن يكون مشتغلاً بضد الحق ولكنه إذا عرفه اتبعه فهذا يحتاج إلى موعظة بالترغيب والترهيب وإما أن يكون هذا المدعو معاندًا معارضًا فهذا يجادل بالتي هي أحسن فإن رجع وإلا انتُقِل معه إلى الجلاد إن أمكن. فهذا مراتب الدعوة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى, فنسأل الله تعالى أن ينفعنا بالقرآن العظيم وبهدي سيد المرسلين إنه على كل شيء قدير.
| | الخطبة الثانية | الحمد لله وليُّ الصالحين وخالق الخلق أجمعين ورازقهم ما من دابة في الأرض إلى على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كلٌ في كتاب مبين, يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد إن يشأ يذهبكم ويأتِ بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز, والصلاة والسلام على إمام المتقين وقائد الغّرّ الميامين محمد . وقال في حديث معاذ: ((فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله)) ليس من الحكمة في شيء أن تدعو كافرًا إلى الصلاة, ليس من العدل في شيء أن تدعو ملحدًا في الدين إلى أن يتحلى بمكارم الأخلاق, فمن الواجب أن يقدم الإنسان الأهم ثم المهم؛ فالرسول يقول في هذا الحديث: ((فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله)) أن يبدأ المرء بالتوحيد والعقيدة فإن صلحت العقيدة صلح الأمر كله وهان الأمر كله بعد ذلك, فإن من أقرّ بوحدانية الله فإنه من السهولة بمكان أن يخضع لأوامر الله فيقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويحج البيت الحرام ويدع الحرام, وأما من لم يقر بالتوحيد, وأما من لم يُذْعن بشهادة أن لا إله إلا الله فإن هذا من الصعوبة بمكان أن يُقِّر بأوامر الله تبارك وتعالى. ومن الناس من يخطأ في فهم قوله تعالى: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن فترى بعض الذين نصبوا أنفسهم موجهين للدعاة في سبيل الله عز وجل يبالغون في ذكر هذه الآية ويضعونها في غير موضعها ويسمون الذين يسلكون المسلك الصحيح فيها أنه مُجانب للحكمة مبتعد عنها, وفي حقيقة الأمر هو مخطأ في الاستدلال بالآية لأنه لم يفهم معناها, ولو فهم معناها لما قال تلك المقالة, فمن الناس من يُعدّ الذي يقوم من مجلس فيه منكر أو يعظ الناس في مكان قد اجتمعوا فيه, فيعظهم ويرشدهم ـ يظن بعضهم أن الحكمة ليست بالإرشاد وليست بالكلام وقد أخطأوا بعد ـ بل يسم بعضهم من يقوم من المجلس الذي يُدار فيه المنكر وهو قد أدّى الذي عليه من البلاغ يسِمُه بعضهم بأنه مجانب للحكمة. فما هو الفهم الصحيح للحكمة؟ الفهم الصحيح هو كما بيّنه ابن القيم رحمه الله تعالى. الحكمة وضع الشيء في موضعه, فربما احتجت إلى أن تكون مبعدًا معرضًا عمن هو واقع في المنكر, وربما احتجت إلى أن تجلس معه حتى ترشده إلى الأحسن, والله عز وجل ضرب لنا نماذج من الرسل يبينون لنا الطرق الثلاثة التي نسلكها في الدعوة إلى الله, إما الحكمة أو الموعظة الحسنة أو الجدال بالتي هي أحسن. خير واعظ لنا بالمثال هو إبراهيم عليه السلام: فقد ذكره الله قبل هذه الآية فقال: إن إبراهيم كان أمة قانتًا لله حنيفًا ولم يك من المشركين شاكرًا لأنعمه ـ إلى أن قال عنه ـ ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفًا, وقال عز وجل بعدها: ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة فكان إبراهيم عليه السلام قد جمع هذه الثلاثة فكان من الذين دعوّا بالحكمة في محلها, وكان من الذين دعوا بالموعظة الحسنة في محلها, وكان من الذين دعوا بالجدال بالتي هي أحسن في محله, فذلك مذكور في كتاب ربنا سبحانه وتعالى. ومن الناس من يخلط في الحكمة بين أسلوب الدعوة وطريقة التقديم وبين مضمون الدعوة وحقيقتها, فالمضمون والحقائق لا تتغير, فالله سبحانه وتعالى واحد, والحق حقٌ والباطل باطلٌ أشياءٌ لا تتغير, الأسلوب هو الذي يتغير, طريقة الدعوة هي التي تتغير. فمن الناس من يفرّغ الدعوة من مضامينها وحقائقها بدعوى أنها لا تناسب الحكمة, فيتنازل عن الحقائق التي ضبطها الله عز وجل وأمر بها الدعاة إلى الله عز وجل على حساب الأسلوب وعلى حساب كيفية الدعوة إلى الله تبارك وتعالى, ولو نظرنا إلى سيرة النبي لوجدناه يفرق بين الأسلوب وكيفية الدعوة والمضمون, فلم يتنازل قط عن مضمون الدعوة وحقيقتها مع أنه كان يقدم الدعوة بالتي هي أحسن بالمثال بالمواعظ الحسنة, ولذلك حزن المشركون أشد الحزن وودّوا أن لو يُدهِنُ في الحقائق فقال عز وجل عنهم: ودوّا لو تُدهن فيدهنون فقالوا للنبي : "تعال نعبد إلهك سنة وتعبد إلهنا سنة" فأنزل الله عز وجل: قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم وكل الآيات التي فيها "قُل" مأمورٌ النبي فيها بالبلاغ فحسب يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته, فالرسول لا يتنازل عن حقائق الدعوة وفي الوقت نفسه يقدم الدعوة إلى الله بالتي هي أحسن. ومن قبله موسى عليه السلام كان إمامًا ورحمة للعالمين في زمانه قدم الدعوة بالتي هي أحسن ولم يتنازل عن حقيقتها ومضامينها قال الله عز وجل عنه: اذهب إلى فرعون إنه طغى فقل هل لك إلى أن تزكى وأهديك إلى ربك فتخشى بهذا اللطف وهذا التحديث والتحضيض هل لك إلى أن تزكى أن تتطهّر وأهديك إلى ربك فتخشى, وقال الله عز وجل عنه وعن أخيه في موطن آخر: اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً لينًا لعله يتذكر أو يخشى, هذا في الأسلوب في طريقة تقديم الدعوة, ما المضامين التي قدمها موسى عليه السلام, ما الحقائق التي قدمها موسى عليه السلام, قال الله عز وجل عنه في الحقائق: قال فرعون وما رب العالمين قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آباءكم الأولين قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون. هكذا موسى عليه السلام رغم أنه قدم الدعوة بالتي هي أحسن باللين والرفق, إلا أنه ما تنازل عن الحقائق التي أمره الله عز وجل بها. وفي موطن آخر لقد رمى فرعون موسى عليه السلام بالسحر, هل سلك موسى الرفق واللين في كلامه؟ لا, بل انتقل إلى القوة في الرَدّ, وذلك مذكور في الآية في سورة الإسراء, قال الله عز وجل ـ حاكيًا عن فرعون وهو يتكلم مع موسى عليه السلام ـ: إنّي لأظنك يا موسى مسحورًا بماذا أجابه موسى عليه السلام؟ قال موسى: لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السموات والأرض بصائر وإني لأظنك يا فرعون مثبورًا إني لأظنك يا فرعون هالكًا, فهنا موسى عليه السلام هل سلك معه المسلك الأول؟ لا, بل ردّ عليه بقوة, وهذا من الحكمة... فلابد للداعيين إلى الله عز وجل أن يفرّقوا بين الحقائق والمضامين وبين طريقة الدعوة, فعلى الداعية إلى الله أن يختار الأسلوب الأمثل, الأقوم, الذي أمر الله عز وجل به, وكان عليه المرسلون على ألا يتنازل عما أمر الله تعالى به, فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا دعاة مهتدين على طريقة سيد المرسلين. ومن الناس من يهمل أمر الدعوة في أهله وبيته فينشغل بغيرهم على حسابهم, وليس هذا من الحكمة في شيء, فعلى المسلم أن يكون داعية إلى الله في بيته, قال الحق تبارك وتعالى آمرًا رسوله : وأنذر عشيرتك الأقربين فيبدأ الإنسان بمن يعول من أهل بيته, من جيرانه فيدعوهم إلى الله عز وجل, فيبين لهم الحلال ويبين لهم الحرام ليجتنبوه, فنسأل الله عز وجل أن يجعلنا كذلك ممن قال الله سبحانه فيهم: كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون على المنكر إنه على كل شيء قدير. | | |
|
|