أما بعد: عباد الله كنز عظيم من كنوز الخيرات وباب واسع من أبواب المبرات طالما غفل عنه المشمرون وتهاون به الجفاة البخيلون بل ربما وصل الحال بكثير من المقتصدين بل ومن السابقين إلى التقصير فيه، حتى سبقهم فيه الظالمون أنفسهم بالمعاصي والسيئات ثم تمسك كل فريق بما يجب أن يكون عليه الآخر وبدا بينهم العداوة والبغضاء والتنابز بالألقاب والأفعال وربما وصل الحال ببعض أهل الصلاح والتقى إلى الإزراء ببعض ما عليه أهل المعاصي والتقصير من أهل الطاعة والقرب في هذه الباب، وما دروا أنه ثابت عنه ، ووصل الحال ببعض أهل التقصير والصدود إلى نبذ الصالحين بالجفاء وقسوة القلب، وما ذاك إلا بسبب نسيان كل من الفريقين حظاً مما ذكروا به فأغريت بينهم العداوة والبغضاء ولو رجع كل إلى الصحيح الثابت فعمل به وترك ما سواه لالتقى الفريقان في هذا الباب ولوضعت حربهم أوزارها وخبى من نارهم أوارها تلكم القربة يا عباد الله هي الصلاة على النبي فكم فيها من فضائل وكم عنى بشأنها السابقون الأوائل فلله درها كم صح فيها من أخبار، ولله درها كم افترى فيها على النبي المختار، وما بنا من حاجة إلى الافتراء وحسبنا ما صح عن خير الورى. فقد صح عنه فيها من الأخبار ما هو حري بأن يحفز كل ذي قلب حي إلى المسارعة في هذا الباب ليحظى عند الله بحسن الثواب والله عنده حسن الثواب. إذا أردت أن يصلي الله عليك عشر صلوات فصلي على النبي واحدة صح عنه قوله: ((من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشراً)) [رواه مسلم]. إذا أردت أن يصلي الله عليك وملائكته سبعين صلاة فصلي على النبي عن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما: ((من صلى على رسول الله صلى الله عليه وملائكته سبعين صلاة، فليقل من ذلك أو يكثر)) [رواه أحمد]. إذا أردت أن تصلي عليك الملائكة فأدم الصلاة على النبي . صح عنه : ((ما من عبد يصلي علي إلا صلت عليه الملائكة مادام يصلي علي فليقلِ العبد من ذلك أو يكثر)). إذا أردت أن تكتب لك عشر حسنات وتمحى عنك عشر سيئات وترفع عشر درجات وأن يصلي الله عليك عشراً فصلِ على النبي صح عنه : ((من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات ورفع له عشر درجات)) [رواه أحمد والنسائي]. وفي رواية: ((كتب الله له بها عشر حسنات ومحى عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات ورد عليه مثلها)). إذا أردت أن يكفى همك ويغفر لك ذنبك فصلي على النبي . صح عن أبيّ أنه قال للنبي : ((إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي قال ما شئت، قال قلت: الربع، قال: ما شئت، فإن زدت فهو خير، قال قلت: الثلث، قال: ما شئت فما زدت فهو خير، قال قلت: النصف قال: ما شئت فما زدت خير لك، قال قلت: الثلثين، قال: ما شئت فما زدت خير لك، قال قلت: النصف قال: ما شئت فما زدت خير لك قال قلت: أجعل لك صلاتي كلها قال: إذاً تكفى همك ويغفر لك ذنبك)) [رواه الترمذي والحاكم]. الصلاة على النبي سبب لنيل شفاعته يوم القيامة صح عنه صلوات الله وسلامه عليه: ((من صلى علي حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة)). وصحّ عنه : ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجوا أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة)) [رواه مسلم]. والصلاة على النبي سبب لعرض اسم المصلي على النبي صح عن النبي أنه قال: ((أكثروا من الصلاة علي، فإن الله وكل لي ملك عند قبري فإذا صلى علي رجل من أمتي قال الملك: يا محمد إن فلان ابن فلان صلى عليك الساعة)). وصح عنه صلوات الله وسلامه عليه: ((إن لله تعالى ملكاً أعطاه سمع العباد فليس من أحد يصلي على إلا أبلغنيها وإني سألت ربي ألا يصلي علي عبد صلاة إلا صلى عليه عشر أمثالها)) وصح عنه : ((إن لله تعالى ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام)) [رواه أحمد والنسائي وغيرها]. والصلاة على النبي طهرة من لغو المجالس صح عنه صلوات الله وسلامه عليه: ((ما اجتمع قوم ثم تفرقوا عن غير ذكر الله وصلاة على النبي إلا قاموا عن أنتن من جيفة))، وصح عنه صلوات الله وسلامه عليه: ((ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله فيه ولو يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة - والترة هي النقص والتبعة والحسرة - فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم)) وفي رواية: ((ما قعد قوم مقعداً لا يذكرون الله عز وجل ويصلون على النبي إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة للثواب)). تلكم يا عباد الله بعض ما ورد في فضل الصلاة عليه فهل من مدكر، وذلكم الفضل فاستبقوا ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليماً. نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. |