الأمر بالفرار: ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين . قال ابن القيم:وأما الفرار منه إليه ففرار أوليائه. قال ابن عباس: فروا منه إليه واعملوا بطاعته. قال سهل بن عبد الله: فروا مما سوى الله إلى الله. قال آخرون: اهربوا من عذاب الله إلى ثوابه بالإيمان والطاعة.
أنواع الفرار: 1- الفرار من الجهل إلى العلم: هو عدم العلم بالحق وعدم العمل بموجبه. فالجهل بالحق: مهلكة للخلق. روى أبو داود عن جابر خرجنا في سفر فأصاب رجلاً منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فسأل أصحابه، هل تجدون لي رخصة في التيمم قالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء فاغتسل فمات ، فلما قدمنا على النبي أخبر بذلك فقال: ((قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا: إذ لم يعلموا فإنما شفاء العي السؤال)). ومن الجهل: عدم العمل بموجب العلم: وإذا قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزواً قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين . وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين . فلا تسألن ما ليس لك به علم أني أعظك أن تكون من الجاهلين . إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم . أجمع الصحابة أن كل من عصى الله فهو جاهل. 2- الفرار من المعصية إلى الله. 3- الفرار من الشرك إلى التوحيد: ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ولا تجعلوا مع الله إلهاً آخر إني لكم منه نذير مبين . والفرار إلى الله، فمن الشرك إلى التوحيد. 4- الفرار من الكسل إلى الجد: والجد: هو صدق العمل وإخلاصه من شوائب الفتور، ووعود التسويف والتهاون. وإذا أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة . وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلاً لكل شيء فخذها بقوة . يا يحيى خذ الكتاب بقوة . والذين يمسِّكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين . 5- الفرار من الضيق إلى السعة ثقة ورجاء: ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب . ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً .
لوازم الفرار: أ- السرعة في الفرار: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين . وسابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض . وفي ذلك فليتنافس المتنافسون . أولئك يسارعون في الخيرات . ب- عدم الالتفات إلا لمعرفة هل العدو قد تركه أولا: - الموت: قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة . - الشيطان: ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه كان عدو مبين . ج- يخاف من المعوقات التي تعتريه : روى البخاري عن ابن مسعود: (خط خطاً مربعاً، وخط خطا في الوسط خارجاً منه، وخط خططا صغارا إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي فيه الوسط فقال((هذا الإنسان، وهذا أجله محيط به، وهذا الذي هو خارج أمله، وهذا الخطط الصغار، الأعراض فإن أخطأه هذا نهشه هذا، وإن اخطأه هذا نهشه هذا)). د- الصبر حتى ينجو من العدو: يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون .
حال المنافقين ولوازم الفرار: ويستأذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فراراً . ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها وما تلبثوا بها إلا يسيراً % ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسؤولاً . قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذاً لا تمتعون إلا قليلاً . قال سيد قطب: التعبير بلفظ الفرار عجيب حقاً، وهو يوحى بالأثقال والقيود والأغلال والأرهان التي تشد النفس البشرية إلى هذا الأرض وتثقلها عن الإنطلاق وتحاصرها وتأسرها وتدعها في عقال. ومن ثم يجئ الهتاف قوياً للانطلاق والتملص والفرار إلى الله من هذه الأثقال والقيود، الفرار إلى الله وحده منزها عن كل شريك وتذكير الناس بانقطاع الحجة وسقوط العذر إني لكم منه نذير مبين . حال الذين لم يفروا إلى الله يوم القيامة: فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر يقول الإنسان يومئذ أين المفر كلا لا وزر إلى ربك يومئذ المستقر ينبأ الإنسان يومئذٍ بما قدم وأخر . فإذا جاءت الصاخة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه . استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير . |