س: ما حكم إعفاء اللحية ؟
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه . أما بعد .
فقد سألني بعض الإخوان عن الأسئلة التالية :
- هل تربية اللحية واجبة أو جائزة .
- هل حلقها ذنب أو إخلال بالدين .
- هل حلقها جائز مع تربية الشنب .
والجواب عن هذه الأسئلة : أن نقول : صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ما أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أحفوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس ) .
وخرج النسائي في سننه بإسناد صحيح عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (من لم يأخذ من شاربه فليس منا ) قال العلامة الكبير والحافظ الشهير أبو محمد ابن حزم . ( اتفق العلماء على أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض . ا . هـ . )
والأحاديث في هذا الباب وكلام أهل العلم – فيما يتعلق بإحفاء الشوارب وتوفير اللحى وإكرامها وإرخائها – كثير لا يتيسر استقصاء الكثير منه في هذه الكلمة ومما تقدم من الأحاديث وما نقله ابن حزم من الإجماع يعلم الجواب عن الأسئلة الثلاثة . وخلاصته أن تربية اللحية وتوفيرها وإرخاءها فرض لا يجوز تركه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك وأمره على الوجوب ، كما قال الله عز وجل : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) [ الحشر 7]
وهكذا قص الشارب واجب وإحفاؤه أفضل أما توفيره أو اتخاذ الشنبات فذلك لا يجوز؛ لأنه يخالف قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( قصوا الشوارب ) . رواه أحمد
( أحفوا الشوارب ) . ( جزوا الشوارب ) . ( من لم يأخذ من شاربه فليس منا ) وهذه الألفاظ الأربعة كلها جاءت في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي اللفظ الأخير وهو قوله صلى الله عليه وسلم ( من لم يأخذ من شاربه فليس منا ) رواه الترمذي والبيهقي وأحمد . وعيد شديد وتحذير أكيد ، وذلك يوجب للمسلم الحذر مما نهى الله عنه ورسوله والمبادرة إلى امتثال ما أمر الله به ورسوله .
ومن ذلك يعلم أيضا أن إعفاء الشارب واتخاذ الشنبات ذنب من الذنوب ومعصية من المعاصي ، وهكذا حلق اللحية وتقصرها من جملة الذنوب والمعاصي التي تنقص الإيمان وتضعفه ويخشى منها حلول غضب الله ونقمته .
وفي الأحاديث المذكورة آنفا الدلالة على أن إطالة الشوارب وحلق اللحى وتقصيرها من مشابهة المجوس والمشركين . وقد علم أن التشبه بهم منكر لا يجوز فعله ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من تشبه بقوم فهو منهم ) رواه أبو داود والترمذي وأحمد .
وأرجو أن يكون في هذا الجواب كفاية ومقنع .
والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .
فتاوى الشيخ ابن باز رحمه الله