شرح حديث لا يفرك مؤمن مؤمنة
الحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ وَ الصَلاةُ وَ السَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ ، وَبَعْد:
عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“لا يفرك مؤمن مؤمنة. إن كره منها خلقا رضي منها آخر” أو قال “غيره”. رواه مسلم .
في هذا خلق وأدب نبوي رائع ,, ما أحوجنا أن نعيش معه ونتفيء ضلاله
ففي الحديث الإرشاد إلى معاملة الزوجة و القريب و الصاحب و المعامل، و كل من بينك و بينه عَلَقَة و اتصال، و أنه ينبغي أن توطّن نفسك على أنّه لابد أن يكون فيه عيب أو نقص أو أمر تكرهه؛ فإذا وجدت ذلك، فقارن بين هذا و بين ما يجب عليك أو ينبغي لك من قوة الإتصال و الإبقاء على المحبة، بتذكر ما فيه من المحاسن و المقاصد الخاصة و العامة، و بهذا الإغضاء عن المساوئ و ملاحظة المحاسن، تدوم الصحبة و الاتصال و تتم الراحة و تحصل لك. (ابن سعدي بتصرف)
يفركها بفتحها أي : أبغضها والله أعلم.
قال : لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر.
الفرك يعني :البغضاء والعداوة يعني لا يعادي المؤمن المؤمنة كزوجة مثلا لا يعاديها ويبغضها إذا رأي منها ما يكرهه من الأخلاق وذلك لأن الإنسان يجب عليه القيام بالعدل وأن يراعي المعامل له بما تقتضيه حاله والعدل أن يوازن بين السيئات والحسنات ؛
وينظر أيهما أكثر وأيهما أعظم وقعا فيغلب ما كان أكثر وما كان أشد تأثيرا لأن هذا هو العدل .
لا يفرك مؤمن مؤمنة يعني لا يبغضها لأخلاقها إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر إذا أساءت مثلا في ردها عليك مرة لكنها أحسنت إليك مرات أساءت ليلة لكنها أحسنت ليالي أساءت في معاملة الأولاد مرة لكن أحسنت كثيرا .
وهكذا فأنت إذا أساءت إليك زوجتك لا تنظر إلى الإساءة في الوقت الحاضر ولكن أنظر إلى الماضي وانظر للمستقبل واحكم بالعدل .
وهذا الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة يكون في غيرها أيضا ممن يكون بينك وبينه معاملة أو صداقة أو ما أشبه ذلك.
إذا أساء إليك يوما من الدهر فلا تنس إحسانه إليك مرة أخرى وقارن بين هذا وهذا وإذا غلب الإحسان على الإساءة فالحكم للإحسان وإن غلبت الإساءة على الإحسان فانظر إن كان أهلا للعفو فاعف عنه.
ومن عفا وأصلح فأجره على الله وإن لم يكن أهلا للعفو فخذ بحقك وأنت غير ملوم إذا أخذت بحقك لكن انظر للمصلحة فالحاصل أن الإنسان ينبغي له أن يعامل من بينه وبينه صلة من زوجية أو صداقة أو معاملة في بيع أو شراء أو غيره أن يعامله بالعدل إذا كره منه خلقا أو أساء إليه في معاملة أن ينظر للجوانب الأخرى الحسنة حتى يقارن بين هذا وهذا .
تعالى فإن هذا هو العدل الذي أمر الله به ورسوله كما قال تعالى { إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون } (ابن عثيمين شرح رياض الصالحين )