قال تعالى :
وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} (221) سورة البقرة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد…
هنا في هذه الآية نهيي صريحين من الله عز وجل وتعليل علة ذلك النهي اذ من المعلوم أصلا أن الله سبحانه لا يأمر بأمر إلا وفيه مصلحتنا ولا ينهى عن أمر إلا وفيه مضرتنا.
ولما كان من الأساسات التي يقوم عليها تربية الأولاد صلاح الوالدين وحسن عقيدتهما وطيب خلقهما نهي الله عز و جل المؤمنين عامة من تزوج نساء المشركات إذ سيكون التعليل واضحا ، فعندما يكون في الدنيا فلو كانت أم الولد مشركة فهل يعقل أنها ستأمره بالصلاة أو تردعه عن خبيث الأخلاق فضلا عن تنشأه على أمور العقيدة الصحيحة والفطرة المستقيمة فكما أخبر النبي ” أن كل مولود يولد على الفطرة فابواه يهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه ” البخاري 4775
فكذلك ستكون هذه الأم يبث في قلب هذا الإبن الشرك والكفر الذي لا يريده ولا يحبه ذلك المؤمن الذي رغب في تلك المشركة التي ملكت صفات الحسن والجمال ما ملكت. بل إن الأمة والعبدة السوداء المسلمة خير عند الله من المشركة وإن بلغت من الدمامة مبلغها. فإن هي أمنت واتقت ورجعت عن شركها فلكم التزوج منها إذ هي الأن من نساء المسلمين.
إلا أن الله عز و جل استثنى الكتابيات وهنّ نساء اليهود والنصارى من هذا الأمر فقال في موضع أخر { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ }المائدة5 ، إلا أن كثير من العلماء كره زواج الكتاببةوقال البخاري: وقال ابن عمر: لا أعلم شركاً أعظم من أن تقول: ربها عيسى. البخاري5285
قال أبو جعفر بن جرير رحمه الله: بعد حكايته الإجماع على إباحة تزويج الكتابيات, وإنما كره عمر ذلك لئلا يزهد الناس في المسلمات أو لغير ذلك من المعاني. كما حدثنا أبو كريب, حدثنا ابن إدريس, حدثنا الصلت بن بهرام عن شقيق, قال: تزوج حذيفة يهودية, فكتب إليه عمر: خلّ سبيلها, فكتب إليه: أتزعم أنها حرام, فأخلي سبيلها ؟ فقال: لا أزعم أنها حرام, ولكني أخاف أن تعاطوا المؤمنات منهن, وهذا إسناد صحيح
وبما أن الأم هي المربية الأساسية للأولاد فإنه تظل قوامة الرجل باقية كما هو معروف من هيئة الرجل القوية وأن لين المرأة وتحكيمها عاطفتها غالبا سلبت منها تلك القوامة ولحكم أخرى يعلمها ربنا سبحانه وتعالى كان ذلك النهي صريحا من الله عز و جل دون إستثناء بعد جواز مشرك أو كافر كائنا من كان من المشركين من نساء المؤمنين ذلك أن الأمر والنهي في بيته وعلى أبنائه سيكون بيده هو فبماذا سيأمر المشرك أبناءه؟؟؟
ثم بين عز جاهه التعليل الرباني لهذا ألأمر الخطير بعدم زواج المؤمنة من مشرك والعكس بأن { أُوْلَـئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ} في أقواله وأفعالهم وأحولهم وهذا أكبر مانع من أن يمتنع المؤمنين من التزوج من أهل الكتاب إذ لا خطر على المؤمن أكبر من الشقاء الأبدي يوم القيامة.
ولمحبة الله لخلقه ولطفه ورحمته بهم فانه سبحانه }يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ } والتي من أسبابها البعد عن مثل تلك الأزواج التي تيعد عن طاعة الله والعمل الصالح والتوبة النصوح.
وبهذا التعليل والبيان من رب العباد سبحانه بقوله{ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ } أي أحكامه وأوامره ونواهيه التي فيها صلاح الناس بل الكون كله } لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ{ يتنبهون لما يصلح حالهم في الدنيا والآخرة فيعملوا به.
هذا والله تعالى أعلى وأعلم،،،