إذا كنت تعاني من الإسهال والألم البطني، فقد يكون ثمة كائن ضار قد غزا أمعاءك. ويطلق على تلك الكائنات مصطلح خاص هو الكائنات البرازية غير الصديقة Unfriendly Faecal Organisms (UFOs). وإن كان المصطلح يبدو غريباً، إلا أن تلك الكائنات غير المرغوب فيها (والتي قد تكون من البكتريا أو الفطريات أو الطفيليات) شائعة بدرجة تثير التعجب. وفي الدول المتخلفة وجد أن ما يصل إلى 99% من السكان مصابون بعدوى الطفيليات حسبما ورد في بعض الأبحاث الميدانية. وتعتبر الأمراض المتعلقة بالإسهال من أكبر أسباب الوفيات في العالم. ورغم أن حالات العدوى المعوية نادراً ما تكون مهددة للحياة، إلا أنها توجد على الأرجح بنسبة واحد من كل أربعة أشخاص.
وقد أورد بحث ميداني بريطاني مؤخراً أن تسعة ملايين شخص يصابون سنوياً بنوع من الكائنات الضارة بالجهاز الهضمي ولا يبلَّغ إلا عن واحدة فقط من كل 136 حالة عدوى. وفوق ذلك، فكثير غيرهم من الناس يعانون أعراضاً هضمية طفيفة يندر التقصي عنها. ولا شك أن كثرة السفر والترحال في العالم عامل مهم عرض المزيد من الناس لعدوى الكائنات الضارة. كما يمكن انتقال عدوى كثير من الطفيليات الشائعة عن طريق شرب الماء أو تناول أطعمة أعدت بطرق غير صحية أو عن طريق الممارسات الصحية الرديئة ومعاشرة الحيوانات الأليفة.
هل أنت مصاب بالكائنات المعوية الضارة؟
إن الإسهال والألم البطني هما أكثر الأعراض شيوعاً، إلا أنه يوجد كثير من الأعراض الأخرى التي قد تجعلك تظن أن لديك حالة عدوى معوية. فضع في اعتبارك الأسئلة العشرة التالية:
1. هل تعاني أعراضاً هضمية مزمنة؟
2. هل تظن أن مصدرها الأصلي هو رحلة قمت بها للخارج، أو سباحتك في إحدى البحيرات، أو تناولك وجبة مشكوكاً فيها أو غير ذلك من أحداث ربما تكون قد عرضتك للعدوى دون أن تدري؟
3. هل تشعر أن بطنك ينتفخ أياً كان الطعام الذي تأكله؟
4. هل تجد، في كل الأوقات تقريباً، دوائر سوداء تحت عينيك؟
5. هل تصاب بالإسهال ومعدل التبرز لديك غير منتظم؟
6. هل كثيراً ما تصاب بآلام بطنية؟
7. هل كثيراً ما تكون رائحة فضلاتك كريهة؟
8. هل تعاني الكثير من التطبل (الأرياح أو غازات البطن)؟
9. هل تجد من الصعب عليك أن تحافظ على وزنك؟
10. هل كثيراً ما تشعر بتدهور بعد تناولك الطعام؟
إذا كانت إجابتك بـ “نعم” عن معظم هذه الأسئلة، فقد يستحق الأمر أن تقوم بمزيد من الاختبارات لتقصي المشكلة.
ولحسن الحظ أنه توجد اختبارات للكائنات المعوية الضارة (وتعرف بصفة عامة باسم اختبارات الطفيليات) والتي لم تصبح أكثر دقة من ذي قبل فحسب بل صارت أيضاً متاحة بدرجة أكبر وزادت توصيات الأطباء بإجرائها. ولقد لاحظت تفاوتاً كبيراً بين المعامل واكتشفت ذلك على ضوء تجاربي الشخصية. فنظراً لأنني رحالة قديم، فقد قضيت منذ فترة شهراً في التبت، وفي العام التالي قمت برحلتين قصيرتين إلى تركيا والمغرب. وبعد رحلتي الأولى إلى التبت لاحظت أن الهضم لدي ليس جيداً كما كان سابقاً، فكنت أشعر بالتعب بعد الوجبات وأجد تغيراً لونياً تحت عينيّ وغثياناً طفيفاً. وقررت أن أعرف إن كنت قد أصبت بعدوى أي من الـ UFOs، كما قررت أن أختبر الاختبارات (إن صح التعبير). وهكذا أرسلت عينات من البراز إلى معمل Great Smokies Diagnostic، وهو واحد من أفضل المعامل في الولايات المتحدة، وإلى معمل Parascope في المملكة المتحدة، بالإضافة إلى ذهابي إلى طبيبتي المعالجة، ولقد حولتني إلى أخصائي أجرى لي هو الآخر اختباراً للبراز للكشف عن الطفيليات. وكانت نتيجة هذا الاختبار سلبية، في حين أن المعملين السابق ذكرهما وجدا مستويات مرتفعة من نوعين من الطفيليات. وهذا ليس أمراً قليل الحدوث، إذ إن بعض المعامل المجانية في بريطانيا لا تطبق أحدث التقنيات للتعرف على وجود الطفيليات. وفي عام 1976 أظهرت دراسة أجريت في نيوكاسل ونشرت في مجلة لانست The Lancet أن أحد الأشخاص البالغين كان مصاباً بعدوى طفيلي الجيارديا لامبليا، واحتاج إلى إجراء 16 تحليلاً متتالياً قبل أن تشخص حالته!
الطفيليات الشائعة
لقد كان نوعا الحيوانات الطفيلية اللذان تم اكتشافهما لدي هما Blastocystis hominis، و Dientamoeba Fragilis. وفي حين أنه توجد مئات من الطفيليات المحتمل وجودها، فإن هذين النوعين هما ضمن أكثر عشرة أنواع تكتشفها معامل الطفيليات. ويجد معمل Parascope Laboratory في ليدز بانجلترا أن حوالي 40% من العينات تحتوي على طفيليات. وفي الولايات المتحدة يجد معمل Great Smokies Diagnostic Laboratory طفيليات في 20% من العينات التي يجري اختبارها. وقد وجد مركز مكافحة الأمراض CDC في أتلانتا/جورجيا أن واحداً من كل ستة أشخاص يتم اختيارهم عشوائياً يكون مصاباً بواحد أو أكثر من الطفيليات. ودكتور “هيرمان بوينو” واحد من أكثر أخصائيي الطفيليات خبرة، ويعتقد أن “الطفيليات هي التشخيص الذي يتم إغفاله عند تناول كثير من المشكلات الصحية المزمنة، والتي تشمل أمراض القناة المعدية-المعوية وجهاز الغدد الصم”.
وتبعاً لما أورده أنتوني هاينز، عالم التغذية الإكلينيكية المتخصص في علاج حالات عدوى الجهاز الهضمي في عيادة التغذية Nutrition Clinic في لندن، أن الطفيليات التالية هي الأكثر اكتشافاً في المملكة المتحدة:
• بلاستوسيستس هومينيس: وهذا أصبح يعتبر حالياً من الكائنات المرضية. ومع ذلك، فإنه يوجد في كثير من الناس دون أن تظهر عليهم أية أعراض، وهكذا يجب علاجه فقط إذا وجدت الأعراض. وهو يمكن أن يسبب أعراضاً معدية-معوية حادة إذا وجد بكميات كبيرة أو إذا أصاب أشخاصاً ضعاف البنية، بالإضافة إلى تهيج الأمعاء والإعياء المزمن وشكاوى مفصلية وروماتيزمية. ولقد وجد في السائل الزلالي في ركبة أحد مرضى الالتهاب المفصلي. وهو ينغرس في بطانة الأمعاء مما يجعل القضاء عليه صعباً.
انتقال العدوى: الطعام والماء والأسطح الملوثة؛ العمليات الجراحية؛ التغذية عن طريق الأنابيب في المستشفيات.
• داينتاميبا فراجيليس: يمكن أن تكون العدوى غير مصحوبة بأعراض أو تكون مصحوبة بإسهال وألم بالبطن عند الضغط عليه. وقد يوجد دم في البراز.
انتقال العدوى: الماء الملوث أو ابتلاع بويضات الديدان الدبوسية (مع الطعام).
• إنتاميبا كولاي: غالباً ما تكون العدوى بدون أعراض، ولكن قد يحدث معه إسهال طفيف. وتأثيرات العدوى بهذا الطفيلي تتجاوز الأعراض الهضمية. فوجوده يمكن أن يؤدي إلى حدوث أعراض مزمنة في أنحاء الجسم.
انتقال العدوى: تنتقل الأكياس الطفيلية من الماء أو الطعام.
• جيارديا لامبليا: هذه الطفيليات تلتصق بالجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة بالاستعانة بقرص ماص (ممص)، وقد تكثر أعدادها حتى تغطي البطانة الداخلية للأمعاء فتمنع هضم الطعام وتمثيله. وقد توجد مجموعة متنوعة من الأعراض، وتشمل الإسهال، والإمساك، وسوء الامتصاص، والإعياء، والاكتئاب، والانتفاخ، والتطبل، والتقلص البطني، والغثيان، والبراز الدهني. ولقد أصيبت بلدان ومدن بأكملها بعدوى ذلك الطفيلي في التاريخ المعاصر، وذلك من خلال تلوث مصادر المياه (مثلما حدث في آسبن وكولورادو في الولايات المتحدة، وسان بطرسبورج في روسيا).
انتقال العدوى: عن طريق ابتلاع طور الأكياس الطفيلية التي يمكنها الانتقال بأمان خلال الجسم؛ وهي آمنة من أن يقضى عليها بفعل العصارات الهاضمة. وهذا الطور بالذات هو الطور المعدي، إذ يمكن أن ينتقل عن طريق ماء الصنبور أو الطعام الملوث بعدوى الأكياس (عن طريق البراز البشري أو الحيواني) إلى إنسان آخر.
• إندوليماكس نانا: وهو الأصغر حجماً بين عدد من الأميبات المعوية، وقد كان البحث الأكثر إقناعاً بالأضرار المرضية لهذا الطفيلي والتي لم تكن تحظى بالاهتمام الكافي على يد الباحث البريطاني دكتور روجر وينبورن-ماسون. وهو يفترض أن ذلك الطفيلي هو سبب مرض الالتهاب المفصلي الروماتويدي وعدد آخر من الأمراض المتعلقة بالكولاجين (الأمراض الكولاجينية). ويعتقد بعض الباحثين أن وينبورن-ماسون ربما لم يتعرف على ذلك الكائن الشبيه بالأميبا، وذلك رغم اتفاقهم على أنه يوجد كائن ما قد صار كثير من الأشخاص معرضين للعدوى به لأسباب وراثية، وأنه يسبب الالتهاب المفصلي الروماتويدي.
انتقال العدوى: عن طريق ماء الصنبور أو الأطعمة الملوثة.
• الكريبتوسبوريديم: عادة ما تكون عدواه قصيرة الأمد في الأشخاص الأصحاء، مسبباً تعباً بطنياً، ونقصاناً للوزن، وحمى، وإسهالاً، وغثياناً. وأما الذين يعانون ضعفاً مناعياً فقد يسبب لهم الطفيلي مشكلات أكثر خطورة بكثير ويمكن أن يسبب جفافاً شديداً وخللاً في التوازن الإلكتروليتي.
انتقال العدوى: عن طريق الماء الأرضي الملوث، وحيوانات المزارع، والاتصال الجنسي، وعن طريق وصول الآثار البرازية إلى الفم.
ومع ذلك، فمن المهم ملاحظة أن وجود بعض تلك الطفيليات لا يعني بالضرورة أن من هو مصاب بعدواها لابد وأن يشعر بالمرض، أو أنها لابد أن تعالج. فالبلاستوسيستس هومينيس، على سبيل المثال، لا يعتبر كائناً ضاراً في جميع الأحوال، رغم وجود دلائل متزايدة على أنه يمكن أن يسبب مشكلات هضمية لدى بعض الناس، وذلك تبعاً لما أورده دكتور زيرت في المعهد القومي للصحة بالولايات المتحدة. وهو واحد من الخبراء الطبيين الأمريكيين في علاج الطفيليات، وهو بصفة عامة يوصي بالعلاج فقط إذا ظهرت نتيجة إيجابية للاختبار وأعراض مصاحبة للحالة، وبصفة خاصة، إذا كان ثمة دلائل على حدوث نفاذية معوية. ونظراً لتعقيد هذا المجال، فإذا ظننت أن لديك مشكلة ما، فمن المهم أن تستشير طبيباً خبيراً أو أخصائياً في التغذية الإكلينيكية.
علاج الطفيليات وغيرها من الكائنات المعوية الضارة
إن العلاج التقليدي للطفيليات، وبالتأكيد غيرها من الكائنات المعوية الضارة مثل البكتريا الضارة (بما فيها الهليكوباكتر بيلوري) والخميرة الضارة (الكانديدا)، يشمل تشكيلة من العقاقير من نوع المضادات الحيوية بما لها من درجات متفاوتة من السمية، ويمكن أن تكون لها آثار ضارة على البكتريا المعوية النافعة. وصحيح أن هذه العلاجات بالعقاقير قد تكون ضرورية، لاسيما للحالات الأشد صعوبة، إلا أنها في الغالب تكون أكثر فعالية إذا أجريت جنباً إلى جنب مع المكملات، أو متبوعة بها، والتي تستخدم بمقتضاها علاجات طبيعية غير سامة ومنشطات للحيوية. وبعض حالات العدوى يمكن أن تعالج سريعاً بالعلاجات الطبيعية دون اللجوء إلى العقاقير الأشد سمية. ويمكن أن ينصحك الممارس الصحي بالاستراتيجية الأفضل لك. ومع ذلك، فمن المرجح أن يركز على واحد أو أكثر من العلاجات الطبيعية التالية:
المعالجات الطبيعية | مضاد للبكتريا | مضاد للفطريات | مضاد للطفيليات |
البربرين (خلاصة من الختم الذهبي) | x | x | x |
عشب الختم الذهبي | x | x | x |
قشر الجوز الأسود | x | x | x |
خلاصة جذر عنب أوريجون | x | x | x |
خلاصة بذر الجريب فروت (سيتريسيدال) | x | x | x |
الإيكيناسيا أنجستيفوليا | x | x | x |
الثوم | x | | |
خلاصة ورق الزيتون | x | | |
البوداركو | | x | |
الكواسيا أمارا | | | x |
الشيح الصيني (إرتميسيا أنوا) | x | x | x |
الصبار | x | x | |
منع حالات العدوى
إن الوقاية خير من العلاج وأفضل طريقة لتبقى آمناً من الـ UFOs هي أن تحرص على أن يكون جهازك المناعي لائقاً في مكافحة الأمراض، وأن تكون الكائنات الدقيقة المعوية لديك نشطة ومزدهرة، وأن يكون جهازك الهضمي سليماً، وأن يقل تعرضك للـ UFOs التي يحتمل أن تصيبك بالعدوى.
العادات التالية يمكن أن تساعد في تقليل احتمال إصابتك بالعدوى:
• اشرب ماء مرشحاً أو مقطراً أو معبأ في زجاجات أو مغلياً، لاسيما إذا كنت في سفر للخارج.
• اغسل الفاكهة والخضراوات بعناية.
• اغسل يديك بالماء والصابون قبل الأكل، واجعل أظافرك قصيرة ونظيفة.
• اطهِ الطعام في درجة الحرارة الصحيحة (فوق 180°ف) لقتل الطفيليات والبكتريا. واطهِ اللحم عند 325°ف أو أكثر، واطهِ السمك عند 400°ف.
• تجنب الأطعمة النيئة التي تزداد احتمالات العدوى بها مثل السوشي.
• نظف وطهر جميع مقاعد التواليت وجميع الأوعية لاسيما التي يستخدمها الأطفال.
• لا تمشِ بقدمين حافيتين، لاسيما على التربة الرملية الدافئة الرطبة.
• لا تستخدم ماء الصنبور في تنظيف عدساتك اللاصقة. بل استخدم المحاليل المعقمة المخصصة لهذا الغرض.
• اجعل أطفالك الصغار بعيداً عن الكلاب والقطط الصغيرة التي لا تتلقى علاجاً للقضاء على الديدان، ولا تسمح لهم بتقبيل الحيوانات.