مصطلح الإستقامة وحقيقته الشرعية
سعيد آل يعن الله
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه و على آله و صحبه و التابعين و سلم تسليماً كثيراً
أما بعد .....
فقد أثار بعض الإخوة من المحسوبين على الالتزام(الاستقامة) مقولة تزعم إن مصطلح الالتزام(الاستقامة) تقسيم خاطئ للمجتمع الإسلامي و دخيل عليه, و أنه لم يكن معروفاً على عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم و لا السلف من بعده , وأنه جرّ بكثير من أخطاء المنسوبين إليه الكثير من الكلام حول الدين وأهله وجعل البعض يقول إن سبب هذه الأخطاء هو الالتزام (الاستقامة) وعليه فيجب أن نلغي مصطلح الالتزام .
وهنا سطرت هذه الكلمات المختصرة لأبيّن فيها أن الالتزام مصطلح شرعي و أنه واجب وجوباً عينياً على كل مسلم خصوصاً في هذا الزمان ودعمّت ذلك بأدلة من الكتاب و السنة و بأقوال علماء الأمة من السلف و الخلف,( إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت و ما توفيقي إلا بالله عليه توكلت و إليه أنيب( .
وهذا الجهد البسيط عمل بشري مُعدٌ على أنه صواب و هو معرض للخطأ فإن من صواب فمن الله و إن من خطأ فمن نفسي و الشيطان والله ورسوله بريئان و الله المستعان
و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم
سعيد آل يعن الله
الرياض
15/1/1431هـ
تعريف الالتزام :
لغة / يطلق الالتزام لغة على عد معاني منها :
• الاستمساك و الاعتناق و الالتصاق
وفي لسان العرب : "الالتزام : الاعتناق "
و في حديث الصحابي الجليل عبدالله بن المغفل –رضي الله عنه- قال :
" أصبت جرابا من شحم يوم خيبر قال فالتزمته فقلت لا أعطي اليوم أحدا من هذا شيئا قال فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه و سلم متبسما " رواه مسلم.
• الفرض و الإيجاب , تقول ألتزم الشيء أي فرضه على نفسه [المعجم الوسيط]
المداومة و المواظبة على الشيء أو المصاحبة له , تقول :
لزم الشيء يلزمه لَزاماُ ولُزُماُ , ولازَمه ملازمة , ولِزاماً و ألتزمه, و ألزمه إياه فلتزم , ورجل لُزَمَة : يلزم الشيء فلا يفارقه [لسان العرب], و في الحديث " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب" رواه أبو داود وابن ماجة وضعفه الألباني
وفي الأثر" كانت عائشة رضي الله عنها إذا عملت عمل لزمته " أي داومت عليه وصاحبته .
اصطلاحا / هو التمسك بكتاب الله عز وجل و سنة النبي صلى الله عليه و سلم قولاً و عملاً و اعتقاداً ظاهراً و باطناً مع المداومة عليه طلباً لرضا الله عز وجل و الفوز بجنته و النجاة من عذابه .
و يدخل في هذا المعنى ما اصطلح عليه من وصف كالتدين والاستقامة و نحوها.
و الصحيح أن يقال الاستقامة بدلاً عن الالتزام ومستقيم بدلاً عن ملتزم لأنه المعنى الصحيح الذي يوافق نصوص الكتاب و السنة , وهذا ما قرره علماء هذا العصر الكبار كسماحة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين و الشيخ العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين –رحمهما الله عز وجل و أسكنهما فسيح جناته - .
الأدلة من الكتاب و السنة على الالتزام (الاستقامة) :
أ- الأدلة من القرآن مع تفسيرها :
1- قال تعالى :
" َاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ" [هود : 112]
قال ابن كثير –رحمه الله- في تفسيره لهذه الآية :
"يأمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه و سلم وعباده المؤمنين بالثبات و المداومة على الاستقامة "
قال العلامة ابن سعدي في تفسيره :
" أمر نبيه محمد صلى الله عليه و سلم ومن معه من المؤمنين أن يستقيموا كما أُمروا , فليسلكوا ما شرعه الله لهم من الشرائع و يعتقدوا ما أخبرهم الله به من العقائد الصحيحة , و لا يزيغوا عن ذلك يمنة و لا يسرة , ويداوموا على ذلك و لا يطغوا بأن يتجاوزوا ما حده الله لهم من الاستقامة ,وقوله (إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) أي : لا يخفى عليه من أعمالكم شيء و سيجازيكم عليها , ففيه ترغيب لسلوك الاستقامة و ترغيب من ضدها
2- قال تعالى :
" فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ" [الشورى : 15]
قال ابن كثير في تفسيره لها :
"أي :استقم أنت و من اتبعك على عبادة الله كما أمركم الله عز وجل "
و قال العلامة أبن سعدي :
" واستقم بنفسك كما أمرت أي استقامة موافقة لأمر الله لا تفريط و لا إفراط , بل امتثالا لأمر الله تعالى و اجتناباً لنواهيه على وجه الاستمرار على ذلك فأمره بتكميل نفسه بلزوم الاستقامة و بتكميل غيره بالدعوة إلى ذلك . و معلوم أن أمر الله تعالى لرسوله صلى الله عليه و سلم أمر لأمته إذا لم يرد التخصيص له "
3- قال تعالى :
"إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ" [فصلت : 30]
4- قال سبحانه :
"إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" [الأحقاف : 13]
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيرهما :
" اخلصوا العمل لله و عملوا بطاعة الله تعالى على ما شرع لهم . قال الزهري : تلا عمر رضي الله عنه هذه الآية على المنبر , ثم قال :استقاموا لله بطاعته و لم يروغوا رواغان الثعالب "
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " سمعت شيخ الإسلام يقول : استقاموا على محبته و عبوديته فلم يلتفتوا عنه يمنة و لا يسرة " [مدارج السالكين]
قال الشيخ ابن جبرين :" الاستقامة :هي السير السوي ليس فيه اعوجاج و لا انحراف "
قال الشيخ ابن سعدي –رحمه الله تعالى – في تفسير هذه الآيات :
" أي اعترفوا ورضوا و نطقوا بربوبية الله عز وجل و استسلموا لأمره , ثم استقاموا على الصراط المستقيم علماً و عملاُ فلهم البشرى في الحياة الدنيا و في الآخرة "
و قال أيضاً :
" إن الذين أقروا بربهم و شهدوا له بالوحدانية و التزموا طاعته و داوموا على ذلك و استقاموا مدة حياتهم فلا خوف عليهم من كل شر أمامهم و لا يحزنون على ما خلّفوا ورائهم "
5- قال تعالى :
" وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ [الأعراف : 170]
قال ابن كثير –رحمه الله – في تفسيره لها :
و الذين يمسّكون بالكتاب ,أي : اعتصموا به واقتدوا بأوامره و تركوا زواجره "
قال ابن سعدي –رحمه الله تعالى - :
" يتمسكون به علماً و عملاً , فيعملون بما فيه من الأحكام و الأخبار التي علمها أشرف العلوم و يعملون بما فيه من الأوامر التي هي قرة العيون و سرور القلوب وأفراح الأرواح و صلاح الدنيا و الآخرة "
ب- الأدلة من السنة مع شرحها :
1- ما رواه الأمام أحمد و الترمذي وابن ماجة عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال قلت يا رسول الله حدثني بأمر اعتصم به قال: " قل ربي الله ثم استقم "
و لمسلم و النسائي عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال: قلت يا رسول الله قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا بعدك, وفي رواية غيرك قال:" قل آمنت بالله ثم استقم"
قال النووي –رحمه الله تعالى- :
" قال القاضي عياض : أي وحدوا الله و آمنوا به ,ثم استقاموا فلم يحيدوا عن التوحيد و التزموا طاعته سبحانه وتعالى إلى أن ماتوا على ذلك ".
و قال أيضاً :
" قال الأستاذ أبو القاسم القشيري –رحمه الله تعالى – في رسالته الاستقامة درجة لها كمال الأمور و تمامها و بوجودها حصول الخيرات و ونظامها ومن لم يكن مستقيما في حالته ضاع سعيه وخاب جهده قال وقيل الاستقامة لا يطيقها إلا الأكابر لأنها الخروج عن المعهودات ومفارقة الرسوم والعادات والقيام بين يدى الله تعالى على حقيقة الصدق"
قال العلامة ابن جبرين –رحمه الله – في تعليقه على هذا الحديث :
" أمره الرسول صلى الله عليه و سلم بالاستقامة , وهي أن يسير سيراً سوياً ليس فيه انحراف أو مخالفة وهذا هو حقيقة الالتزام "
2- ما رواه ابن ماجة و غيره عن العرباض بن سارية –رضي الله عنه – قال :
" وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقلنا يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا قال قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ" صححه الألباني
قال العلامة ابن جبرين –رحمه الله تعالى- :
" وهكذا يأمرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بالتمسك بالسنة والعض عليها بالنواجذ، ذلك أن القبضَ باليدين فيه عرضة للتفلت، فلأجل ذلك من شدة حرصه صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالعض عليها بالنواجذ ، والنواجذ: هي أقاصي الأسنان، وهذا كناية عن شدة التمسك بالسنة مخافة أن تتفلت "
و قال أيضاً : " والشاب الملتزم حقًّا : هو الذي يتمسك بالسنة ويقبض عليها قبضًا محكمًا ، فيقبض عليها بيديه وعضديه مخافة أن تتفلت منه، ولو أدى ذلك إلى العض عليها بأقاصي أسنانه."
• ما رواه ابن حبان في صحيحه والحاكم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن معاذ بن جبل رضي الله عنه أراد سفرا فقال: يا نبي الله أوصني قال:" اعبد الله لا تشرك به شيئا" قال: يا نبي الله زدني قال :"إذا أسأت فأحسن" قال: يا نبي الله زدني قال: " استقم وليحسن خلقك" قال الحاكم صحيح الإسناد و صححه الألباني في الصحيحة
• ما رواه البخاري في صحيحه عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : " يا معشر القراء استقيموا فقد سبقتم سبقاً بعيداً , فإن أخذتم يميناً أو شمالاً فقد ضللتم ضلالاً بعيداً "
قال ابن حجر العسقلاني في الفتح :
" أي اسلكوا طريق الاستقامة وهي كناية عن التمسك بأمر الله تعالى فعلاً و تركاً "
حكم الالتزام /
من الأدلة السابقة يتبين لنا أن حكم الالتزام (الاستقامة) واجب وجوباً عينياً على كل مسلم لعموم الخطاب بذلك في الكتاب و السنة , خصوصاً في هذا الزمان الذي ابتعد فيه كثير من الناس عن الالتزام بالكتاب و السنة و الاستقامة عليها
الذي هو الأصل الذي تركنا عليه النبي صلى الله عليه و سلم و الذي فرط فيه كثير من الناس في زماننا و الله المستعان
قال ابن القيم –رحمه الله تعالى - :
" و المطلوب من العبد الاستقامة , وهي السداد , فإن لم يقدر عليها فالمقاربة فإن نزل عنها فالتفريط و الإضاعة "
غربة الالتزام في هذا الزمان /
إن بعد كثير من الناس عن التمسك بكتاب الله عز وجل و سنة النبي صلى الله عليه و سلم وعدم تطبيقها تطبيقاً كاملاً في كل حياتهم في هذا الزمن و عدم التزامهم بها هو تصديقاً للغربة التي تكون في آخر الزمان حين يصير المعروف منكراً و المنكر معروفاً و تصير البدعة سنة و السنة بدعة , حينها يصبح المتمسك بالكتاب و السنة المستقيم عليها غريباً.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" بدأ الإسلام غريباً و سيعود غريباً كما بدأ , فطوبى للغرباء " رواه مسلم
و وصف النبي صلى الله عليه و سلم الغرباء فقال :
" طوبى للغرباء " قيل :ومن الغرباء يا رسول الله ؟ قال :" ناس صالحون قليل في ناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم " صححه الألباني في الصحيحة
فمن تمسك بهذا الأصل الذي هو الالتزام بالكتاب و السنة و بقي عليه فهو الغريب حقاً , غريب بين ناس كثير فرطوا في التمسك بالكتاب و السنة وابتعدوا عنها.
الإلتزام هو الأصل في المسلم /
لما كان الأمر الذي تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم من التمسك بالكتاب و السنة و الالتزام بها و الاستقامة على أمرها هو الأصل لهذه الأمة , لم يكن هناك فرق بين بين المسلمين المتمسكين بذلك الأصل في القرون المفضلة .
و لما تخلى عن ذلك الأصل الكثير من المسلمين و تمسك به القليل منهم أصبح ذلك الأصل شعاراً مميزاً لأولئك الغرباء الذين تمسكوا به واستقاموا عليه , وهذا أمر طبيعي كما وجد في عهد النبي صلى الله عليه و سلم القراء و أهل الصفة و نحوهم إذ كانوا قليل متميزون بوصف عُرفوا به دون غيرهم, فكذلك الملتزمون بالكتاب و السنة المستقيمون عليها هم قليل تميزوا ببقائهم على الأصل الذي تُركوا عليه بين أناس كثير تخلوا عنه فعرفوا بذلك الأمر.
كذلك في قرون ما بعد الصحابة فقد تميّز أناس في استقامتهم على دين الله عز وجل بعدما سبب الابتعاد عن عهد النبوة و جيل الرسالة نوعاً من البُعد عن الكتاب و السنة فعرفوا بصلاحهم و تقواهم و زهدهم و ورعهم.
إقرار العلماء المعاصرين للالتزام بالشريعة و الاستقامة عليها /
ذكرنا فيما سبق كلام أعلام الأمة من علماء السلف كابن تيمية و ابن القيم و ابن حجر و النووي و غيرهم في الاستقامة .
وهنا ننقل كلام أئمة عصرنا الكبار و إقرارهم للالتزام و الاستقامة على دين الله عز وجل:
1- سئل الشيخان عبدالعزيز بن باز و محمد بن عثيمين –رحمهما الله تعالى –[كل منهما لوحده] عن الاستهزاء بالملتزمين , فبيّنا -رحمها الله تعالى- أنه إذا كان الاستهزاء بالشخص نفسه فإنه منكر عظيم و إذا كان الاستهزاء بالدين فإنه كفر, و الشاهد هنا إقرارهما لمفهوم الالتزام و عدم إنكاره, بل و الإنكار على من يستهزأ بالملتزمين .
2- قال الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله تعالى- في وصفه للملتزمين في سؤال حول سبهم :"الملتزمون بدين الله المنفذون لأوامره" , و قال رحمه الله تعالى : " كلمة ملتزم عند الناس تعني مستقيم , فلا تقل (فلان ملتزم) ولكن قل(فلان مستقيم ) لتوافق الكتاب و السنة .
3- قال الشيخ عبدالله بن جبرين رحمه الله تعالى :
" والحمد لله اليوم نرى إقبال الشباب على التمسك وعلى الالتزام بالشرع وعلى الاستقامة عليه " .
و قال –رحمه الله - : " لقد اصطلح في هذا الزمان أن تطلق كلمة ملتزم على المستقيم على الشرع والمتمسك بالدين" , و قال أيضاً :"ذكرنا أن الملتزم هو ذلك الشاب المستقيم على الشرع والعامل به، والمتبع لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهذه هي حقيقة الالتزام "
4- قال الإمام المجدد شيخ الإسلام : محمد بن عبدالوهاب –رحمه الله تعالى -:
" إني لا أعرف شيء يُتقرب به إلى الله تعالى , أعظم من لزوم طريقة الرسول صلى الله عليه و سلم في حال الغربة".
الأخطاء المتعلقة بمسألة الالتزام /
أ- أخطاء بعض الملتزمين :
1- التركيز على الشكليات [الشكل الخارجي]و قصر مفهوم الالتزام عليه مع إهمال إصلاح الباطن , مما يؤدي إلى الفتور أو الانتكاسة و العياذ بالله .
2- النظر إلى غير الملتزمين بنظرة سيئة وإساءة الظن بهم من دون دليل أو سبب.
3- محاولة التصدر و الظهور مع عدم الأهلية لذلك , مما يسبب إظهار صورة سيئة عن الملتزمين و يسبب الفتور لصاحبه.
4- قصر الأعمال الخيرية و الأنشطة الدعوية على الملتزمين فقط دون بقية إخوانهم من عامة المسلمين 5- اختلاق فجوة من قبل بعض الملتزمين بينهم وبين المجتمع الذي يعيشون فيه و البعد عن المجتمع و الانعزال عنه .
و غيرها من الأخطاء التي تقع من بعض الملتزمين , و كل هذه الأخطاء متعلقة بأصحابها و ليس لها ارتباط بالالتزام بالدين القويم و الاستقامة عليه, و لا يقول عاقل إن حل هذه الأخطاء و غيرها هو بترك الاستقامة التي أمر الله بها و أمر بها سوه صلى الله عليه و سلم أو ترك الدعوة إليها و الأمر بها .
ومن يعلق الأخطاء الفردية - التي تقع من بعض الملتزمين – بالالتزام بالدين و الاستقامة عليه فمثله كمن يتهم قبيلة كاملة بأنهم قطاع طرق لأجل فرد أو فردين من أفراد القبيلة حصل منهم هذا الأمر
فهل يقول بهذا عاقل ؟؟؟؟؟؟؟؟
ب-بعض أخطاء غير الملتزمين تجاه الالتزام /
و هذه أيضاً قد تقع من البعض و ليست من الجميع و لكنها أيضاً اشتهرت عنهم , ومنها :
1- النظر إلى الالتزام بأنه غلو و تطرّف و أن الملتزمين أهل تشدد و غلو و تكبّر.
2- قصرهم مفهوم الالتزام على الشكل الخارجي فقط , فيُظن أن الالتزام ليس إلا امتثالاً لأوامر الله عز وجل فيما يظهر للناس كإطلاق اللحية و تقصير الثياب و نحوها فقط, و هذا مفهوم خاطئ لأن هناك علاقة متلازمة بين صلاح الباطن و الظاهر , فلا يصلح الظاهر عادة إلا بعد صلاح الباطن كما في الحديث المتفق عليه : " ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب " و لذلك فلو أن إنسان انتكس و العياذ بالله فإن آخر شيء يتغيّر فيه هو ظاهره فلا يفسد حتى يفسد باطنه لأن الأساس هو الباطن و الظاهر معتمد عليه.
3- ظن بعض الناس أن الالتزام أمر اختياري أو مندوب شرعي يستطيع تركه و هو غير مسؤول عنه , وهذا من الخطأ العظيم الواضح البيّن , كيف لا و الله عز وجل يقول :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ"[الأنفال : 24]
و يقول سبحانه: " لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَـئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ"[الرعد : 18]
و يقول جل و علا : " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً"[الأحزاب : 36]
أهم الصفات التي يجب أن يكون عليها الملتزم /
1- يقض القلب بعيد عن الغفلة.
2- همّه الأول رضا رب العالمين جل و علا .
3- محافظاً على الفرائض و الواجبات و النوافل .
4- مبتعداً عن المعاصي و المنكرات و المنهيات.
5- توّاباً أواباً , دائم التوبة و الاستغفار .
6- متمثلاً معنى العبودية لله جل و علا في كل أموره.
7- متمسكاً بسنة الحبيب صلى الله عليه و سلم في كل شؤونه.
8- محيي للسنة في نفسه , داعياً لها في غيره .
9- متعلقاً بكتاب الله جل و علا علماً و عملاً.
10- طالباً للعلم الشرعي , عاملاً به .
11- باراً بوالديه في حياتهما و بعد مماتهما.
12- متمثلاً للهدي النبوي في بيته و مع زوجته و أولاده .
13- مواصلاً لرحمه و إن لم يواصلوه .
14- محسناًً لجيرانه , سمحا معهم .
15- يحب لإخوانه ما يحب لنفسه.
16- آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر .
17- طاهر القلب , كاظماً للغيظ , عاف عن الناس .
18- ناصحاً لنفسه و لإخوانه.
19- موف بالعهد .
20- حَسنُ الخُلق , متصف بالحياء .
21- طليق الوجه مبتسماً لإخوانه .
22- حافظاً لسانه عن فُحش القول
23- متواضعاً , لين الجانب , سمح النفس.
24-حرصاً على نفع إخوانه المسلمين و على دفع الضر عنهم
هذا و الله أعلم و أجل و أحكم ......
إن من صواب فمن الله و إن من خطأ فمن نفسي و الشيطان
و الله و رسوله بريئان و الله المستعان
و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين
الرياض , محرم/1431هـ
أهم مراجع البحث/
1- القرآن الكريم
2- عمدة التفسير عن ابن كثير , أحمد شاكر
3- تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن , عبدالرحمن بن سعدي
4- مسند الأمام أحمد,
5- صحيح البخاري
6- صحيح مسلم
7- صحيح الترمذي ,الألباني
8- صحيح النسائي,الألباني
9- صحيح ابن ماجة,الألباني
10- السلسلة الصحيحة,الألباني
11- فتح الباري في شرح صحيح البخاري, ابن حجر العسقلاني
12- المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج , النووي
13- شرح الأربعين النووية , ابن عثيمين
14- الدرر السنية في الأجوبة النجدية, عبدالرحمن بن القاسم
15- فتاوى علماء البلد الحرام ,د.خالد الجريسي
16- حقيقة الالتزام , ابن جبرين
17- الالتزام , علي الصفتي
18- كلمات في الالتزام , عادل عبدالعالي
19- ظاهرة الفكر التربوي , ذياب آل حمدان الغامدي
20- أخبار المنتكسين , صالح العصيمي