موقع الفرقان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دعاء من أصابته مصيبة ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول كما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها (رواه مسلم632/2) دعاء الهم والحزن ما أصاب عبداُ هم و لا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي " . إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً رواه أحمد وصححها لألباني.لكلم الطيب ص74 اللهم إني أعوذ بك من الهم والخزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال ". كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء دعاء الغضب أعوذ بالله من الشيطان الرجيم رواة مسلم .2015/4 دعاء الكرب لاإله إلا الله العظيم الحليم ، لاإله إلا الله رب العرش العظيم ، لاإله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم متفق عليه قال صلى الله عليه وسلم دعاء المكروب : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت الله ، الله ربي لاأشرك به شيئاً صحيح . صحيح سنن ابن ماجه(959/3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :" لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له . صحيح .صحيح الترمذي 168/3 دعاء الفزع لا إله إلا الله متفق عليه ما يقول ويفعل من أذنب ذنباً ما من عبد يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غُفر له صحيح صحيح الجامع 173/5 من استصعب عليه أمر اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً رواة ابن السني وصححه الحافظ . الأذكار للنووي ص 106 ما يقول ويفعل من أتاه أمر يسره أو يكرهه كان رسول الله عليه وسلم إذا أتاه أمر ه قال :الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و إذا أتاه أمر يكرهه قال : الحمد الله على كل حال صحيح صحيح الجامع 201/4 كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره أو يُسر به خر ساجداً شكراً لله تبارك وتعالى حسن . صحيح ابن ماجه 233/1) مايقول عند التعجب والأمر السار سبحان الله متفق عليه الله أكبر البخاري الفتح441/8 في الشيء يراه ويعجبه ويخاف عليه العين إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، فإن العين حق صحيح. صحيح الجامع 212/1.سنن أبي داود286/1 . اللهم اكفنيهم بما شئت رواه مسلم 2300/4 حاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم رواه مسلم 1363/3 دعاء صلاة الاستخارة قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمُنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، و أ ستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -يسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجلة و اجله - فاقدره لي ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجله و أجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به رواه البخاري146/8 كفارة المجلس من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه ؟ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك . صحيح. صحيح الترمذي 153/3 دعاء القنوت اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي و لا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إياك نعبد ، و لك نُصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحقدُ ، نرجُو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكافرين ملحق ، اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونؤمن بك ونخضع لك ، ونخلع من يكفرك . وهذا موقف على عمر رضي الله عنه . إسناد صحيح . الأوراد171/2-428 مايقال للمتزوج بعد عقد النكاح بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير صحيح. صحيح سنن أبي داود 400/2 اللهم بارك فيهما وبارك لهما في أبنائهما رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني. آداب الزفاف ص77) على الخير والبركة وعلى خير طائر رواه البخاري 36/7 ( طائر : أي على أفضل حظ ونصيب ، وطائر الإنسان : نصيبه) ما يقول ويفعل المتزوج إذا دخلت على زوجته ليله الزفاف يأخذ بناصيتها ويقول : اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جلبت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جُلبت عليه حسن . صحيح ابن ماجه 324/1 الدعاء قبل الجماع لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً متفق عليه الدعاء للمولود عند تحنيكه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يؤتي بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم صحيح . صحيح سنن أبي داود 961/3) (التحنيك : أن تمضغ التمر حتى يلين ، ثم تدلكه بحنك الصبي) ما يعوذ به الأولاد أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامه ، وكل عينِ لامه رواه البخاري الفتح 408/6 من أحس وجعاً في جسده ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ، ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بالله وقُدرته من شر ما أجد وأحاذر رواه مسلم1728/4 مايقال عند زيارة المريض ومايقرأ عليه لرقيته لابأس طهور إن شاء الله رواه البخاري 118/4 اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً ، أو يمشي لك إلى جنازة صحيح . صحيح سنن أبي داود 600/2 مامن عبد مسلم يعود مريضاً لم يحضر أجله فيقول سبعة مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي صحيح . صحيح الترمذي 210/2 بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس ، وعين حاسدة بسم الله أرقيك ، والله يشفيك صحيح . صحيح الترمذي 287/1 أذهب الباس ، رب الناس ، إشف وأنت الشافي لاشفاء إلا شفاء لايُغادر سقماُ رواه البخاري الفتح 131/10 تذكرة في فضل عيادة المريض قال صلى الله عليه وسلم : إن المسلم إذا عاد أخاه لم يزل في خرفة الجنة صحيح. صحيح الترمذي 285/1 قيل ما خُرفة الجنة ؟ قال : جناها . وقال صلى الله عليه وسلم :" مامن مُسلم يعود مُسلماً غُدوة ، إلا صل عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُمسي ، وإن عاده عشيةَ إلا صلى عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُصبح وكان له خريف في الجنة صحيح . صحيح الترمذي 286/1 مايقول من يئس من حياته اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق متفق عليه اللهم الرفيق الأعلى رواه مسلم1894/4 كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان لايدعون أحدكم بالموت لضر نزل به ولكن ليقل : اللهم أحيني ماكنت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي متفق عليه من رأى مببتلى من رأى مُبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً لم يُصبه ذلك البلاًء صحيح. صحيح الترمذي 153/3 تلقين المحتضر قال صلى الله عليه وسلم : لقنوا موتاكم قول : لاإله إلا الله رواه مسلم 631/2 من كان آخر كلامه لاإله إلا الله دخل الجنة صحيح . صحيح سنن أبي داود 602/2 الدعاء عند إغماض الميت اللهم اغفر ( لفلان) ورفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم 634/2 مايقول من مات له ميت مامن عبد تصيبه مصيبة فيقول :" إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مُصيبتي واخلف لي خيراً منها . إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها رواه مسلم 632/2 الدعاء للميت في الصلاة عليه اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نُزُله . ووسع مُدخلهُ . واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ( ومن عذاب النار ) رواه مسلم 663/2 اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأُنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لاتحرمنا أجره ولاتضلنا بعده صحيح. صحيح ابن ماجه 251/1 اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك ، وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار ، أنت الغفور الرحيم صحيح . صحيح ابن ماجه 25/1 اللهم عبدك وابن عبدك وابن امتك إحتاج إلى رحمتك ، وأنت غني عن عذابه ، إن كان مُحسناً فزده في حسناته ، وإن كان مُسئاً فتجاوز عنه واه الحاكم ووافقه الذهبي . انظر أحكام الجنائز للألباني ص159 وإن كان الميت صبياً اللهم أعذه من عذاب القبر حسن . أحكام الجنائز للألباني ص161. اللهم اجعله فرطاً وسلفاً ، وأجراً موقوف على الحسن - البخاري تعليقاً عند ادخال الميت القبر بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله ( أو على سُنة رسول الله ) صحيح. صحيح الترمذي 306/1 مايقال بعد الدفن كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال :" استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل دعاء زيارة القبور السلام عليكم أهل الديار ، من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المُستقدمين منا والمستأخرين وإنا ، أن شاء الله بكم للاحقون رواه مسلم 671/2 دعاء التعزية .. إن لله ماأخذ وله ماأعطى . وكل شئ عنده بأجل مُسمى ...فلتصبر ولتحتسب متفق عليه

شاطر
 

 وقفات تربوية من سيرة الرسول في القرآن الكريم

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

وقفات تربوية من سيرة الرسول في القرآن الكريم Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

وقفات تربوية من سيرة الرسول في القرآن الكريم Empty
مُساهمةموضوع: وقفات تربوية من سيرة الرسول في القرآن الكريم   وقفات تربوية من سيرة الرسول في القرآن الكريم Emptyالإثنين 8 ديسمبر 2014 - 23:33

وقفات تربوية من سيرة الرسول في القرآن الكريم


عبدالعزي ز سالم شامان الرويلي


بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ


إن الحمدَ للهِ، نحمَدهُ ونَسْتَعينهُ، ونستغفِرُهُ، ونَستهديه، ونَعوذُ بالله مِنْ شُرُور أنفسِنا ومِنْ سَيئاتِ أَعمالِنَا، مَنْ يَهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ له، وَأَشْهَدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، وَأَشْهَدُ أن محمداً عَبدُه ورَسولُه[1]، صلى الله عليه، وعلى آله وصحبه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -:
وقع في القرآن الكريم أساليب متنوعة لمدح الأنبياء والمرسلين ألا أن أكثر الأنبياء نصيباً في المدح الإلهي هو النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - كيف لا؟ وقد تنزلت عليه آيات الذكر الحكيم وجعله الله خاتم الأنبياء والمرسلين، وقد توزعت معها الأغراض والمقاصد البلاغية والإرشاد وذلك من أجل الاقتداء بأخلاقه العالية التي أثنى عليها الخالق - عز وجل - حسب ما يقتضيه السياق، ويمكن أن نجمعها في ثلاثة جوانب:
الأول: مدحه - صلى الله عليه وسلم - في الجانب العقدي والإيماني كمدحه بصفة الإيمان في قوله تعالى ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285]، وأعظم المدح وأغلبه في النظم القرآني اقتران ذكره - صلى الله عليه وسلم - مع الله - عز وجل - في مواطن كثيرة منها قوله تعالى﴿ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ ﴾ [النساء: 59]، ومن أساليب المدح ذكره - صلى الله عليه وسلم - في التوراة والإنجيل كما في قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ [الأعراف: 157] لذا جاء الأمر بالإيمان به في قوله تعالى: ﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 158].

وقد خصه السياق بالأمية مدحاً، ((والأمية وصف خص الله به من رسله محمداً - صلى الله عليه وسلم -... وبذلك كانت الأمية وصف كمال فيه مع أنها في غيره وصف نقصان... صارت أميته آية على كون ما حصل له إنما هو من فيوضات إلهيه)) [2].

الثاني: مدحه - صلى الله عليه وسلم - في الصفات الإنسانية ومقومات التعامل التي تبرز في سلوكه؛ إذ جعلته محط الاقتداء والتأسي. قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]، وقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4] ومنها الرحمة في قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]، ومنها الهداية كما في قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52] ومن ذلك قوله تعالى: ﴿ أُذُنُ خَيْرٍ ﴾ [التوبة: 61] فقد ((جاء وصف المدح من الله تعالى بمقابل وصف المشركين والمنافقين فهو أذن في الخير))[3].

الثالث: مدحه - صلى الله عليه وسلم - في ذكر اسمه الصريح (محمد) في أربع آيات، وأحمد في موضع واحد وبهما يتحقق المدح لما ((بين الاسمين من وشائج وصلات أن محمداً هو المحمود حمداً بعد حمد من كثرة حامديه وموجبات الحمد فيه، وأما أحمد فيدل على استحقاق لما لا يستحقه غيره من حمد، فمن حيث كانت زيادة الحمد في محمد من جهة الكمية كانت زيادة الحمد من أحمد من جهة الكيفية)) [4]، ومن بديع النظم تسمية سورة قرآنية (سورة محمد) أسوة بغيره من الأنبياء والمرسلين، و((كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى ونباهة قدرة إذ كل اسم منها ينبئ عن ناحية من نواحي العظمة فيه)) [5]، وكل هذا يدخل مدحا وتكريماً تحت قوله تعالى: ﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾ [الشرح: 4]، وكل الآيات القرآنية تبين سيرته وأخلاقه ودعوته عليه الصلاة والسلام[6].

إن حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - نبي هذه الأمة تزخر بالقدوة والمثل الأعلى، وهذا الذي فتأت أمم الكفر تبحث عنه، أما أمته - صلى الله عليه وسلم - فحياته أمامهم كصفحات الفخر الناصح يستقون من سيرته، فتملأ نفوسهم إيماناً بالله - عز وجل -، وبهذا النبي - صلى الله عليه وسلم - العظيم، قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾.
وإن الحديث عن سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - تحتاج إلى وقفات كثيرة؛ فإن حياته - صلى الله عليه وسلم - كلها تبين لنا عزيمته وعلو همته في شتى المجالات: في الدعوة، والجهاد، والعبادة، وغير ذلك من سيرته العطرة - عز وجل -، فهو - صلى الله عليه وسلم - قدوة للناس كافة على اختلاف أجناسهم وألوانهم[7].

ومن الجوانب التي سنقف عليها في سيرته ما يأتي:

أولاً: الدعوة إلى الله - عز وجل -:
لقد اتصل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتصالاً شخصياً بقومه، وعرض نفسه على قبائل العرب، ورحل من أجل تبليغ الدعوة، وسلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كل طريق لتبليغ الدعوة على الوجه الأكمل، قال تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ﴾} [يوسف: 108]، أي: قل يا محمد هذه طريقتي وسنتي، ومنهجي ودعوتي أنا ومن سار معي على نفس الدرب؛ لأنها السبيل المؤدي إلى مرضاة الله والجنة، لما أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بالقيام والنهوض بإنذار الناس قيام عزم وتصميم على تحقيق المقصود[8]، فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ ﴾[المدثر: 1، 2]، ثم أمر الله - عز وجل - رسوله - صلى الله عليه وسلم - بأن يصدع بالدعوة إلى الله، قال تعالى: ﴿ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [الحجر: 94]، فجهر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالدعوة، وصرح بها هو وأصحابه، ولما نزل قوله تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [الشعراء: 214 - 216] فما كان من الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا أن قام بإنذار قومه ودعوتهم إلى الله تعالى بهمة عالية وعزم صادق، ويظهر ذلك في الحديث الذي رواه الشيخان عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال: ((لما نزلت: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ صَعِدَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الصَّفَا، فَجَعَلَ يُنَادِي: ((يَا بَنِي فِهْرٍ، يَا بَنِي عَدِيٍّ)) - لِبُطُونِ قُرَيْشٍ - حَتَّى اجْتَمَعُوا فَجَعَلَ الرَّجُلُ إِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَخْرُجَ أَرْسَلَ رَسُولًا لِيَنْظُرَ مَا هُوَ، فَجَاءَ أَبُو لَهَبٍ وَقُرَيْشٌ، فَقَالَ: ((أَرَأَيْتَكُمْ لَوْ أَخْبَرْتُكُمْ أَنَّ خَيْلًا بِالوَادِي تُرِيدُ أَنْ تُغِيرَ عَلَيْكُمْ، أَكُنْتُمْ مُصَدِّقِيَّ؟)) قَالُوا: نَعَمْ، مَا جَرَّبْنَا عَلَيْكَ إِلَّا صِدْقًا، قَالَ: ((فَإِنِّي نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ شَدِيدٍ)) فَقَالَ أَبُو لَهَبٍ: تَبًّا لَكَ سَائِرَ اليَوْمِ، أَلِهَذَا جَمَعْتَنَا؟ فَنَزَلَتْ: ﴿ تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ ﴾ [المسد: 1، 2] [9].

واستجاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأمر ربه وقام بتنفيذه، فهذه هي الهمة العالية التي تقود الإنسان للمعالي، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - صدع بأمر الله تعالى لا تأخذه في الله لومة لائم، فدعا إلى اللهِ الصغيرَ والكبيرَ، والحر والعبد، والذكر والأنثى، والأحمر والأسود، والجن والأنس[10].

وفي سبيل هذه الدعوة إلى الله - عز وجل - واجه النبي - صلى الله عليه وسلم - أشد الأذى، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ [الأنفال: 30] وقد عزم النبي - صلى الله عليه وسلم - على ترك مكة موطنه ومسقط رأسه متجهاً إلى المدينة المنورة من أجل هذه الدعوة.

قال سيد قطب: ((لقد كانوا يمكرون ليوثقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويحبسوه حتى يموت، أو ليقتلوه ويتخلصوا منه، أو ليخرجوه من مكة منفيا مطرودا)) [11].

ولكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان صاحب همة عالية، فواجه هذا التحدي بثقته بالله - عز وجل - ((فيا للثقة العظمى تنسكب في حنايا نفس الرسول الكريم، ويا للتأييد الرباني المطلق الذي ما بعده من تأييد، ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: 40]، فأي قوة تثبت أمام الرسول الكريم وقوة الله معه؟، وأي تدبير يقف في وجهه وعناية الله تحوطه وتصونه وترعاه؟، ويا للسكينة تغشى نفس الرسول - صلى الله عليه وسلم - المطمئنة بنصر الله فإذا هي تمضي في الطريق الوعر، وكلها ثقة بهذا النصر، مهما اشتدت وعورة الطريق)) [12].

وصبر - صلى الله عليه وسلم - على أذى المشركين في مكة، وما لاقاه هو وأصحابه من صنوف العذاب والتضييق، ثم عفوه عنهم ومغفرته لهم لما أظهره الله عليهم، وتألف قلوبهم على الإسلام، وخير دليل على علو همته التي تحجز النفس عن أن تشفي غيظها، وأن تنتقم لما حصل لها إبان الضعف وعدم القدرة، ولكنه كان القدوة في امتثال أمر الله - عز وجل -، وكان القدوة في همته وعزيمته الصالحة القوية.

ومما يبين لنا قوة إرادته - صلى الله عليه وسلم -وعزمه على تبليغ الدعوة: سيرته التي تحفل بمواقف كلها تدل على الهمة العالية والتوكل على الله - عز وجل - من غير جزع، أو عجز، أو تشكٍّ، فلقد حاول كفار قريش أن يثنوه - صلى الله عليه وسلم - عن إرادته وعزيمته القوية بأسلوبين:
أولها: الإيذاء والتعذيب.
وثانيهما: الإغراء وتقديم التنازلات.

وفي الأسلوب الأول تفننوا وجاءوا بكل ما دلتهم عليه أفكارهم الشيطانية، فتارة بالسب واتهامه بالسحر والجنون والكذب والافتراء، وتارة بتسليط السفهاء عليه يؤذونه بإلقاء القذر عليه، وتارة في التضييق والمنع، وتارة في محاربته نفسيا وتحطيم معنوياته - صلى الله عليه وسلم -، فقد تفننوا في إيذاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يراعوا فيه قرابة، وتخطوا حدود الإنسانية[13].

فلم تصرفه - صلى الله عليه وسلم - الإغراءات ولا العروض ولا الملذات ولا الشهوات عن همه وهمته ومبتغاه ووجهته، بل ولا حتى المشاقُّ والأتعاب والتهديدات والترهيب والتخويف، بل كان رابط الجأش، رافع الهامة، قوي العبارة خالصاً مخلصاً لله تعالى، عاش - صلى الله عليه وسلم - يريد وجه الله، همه إرضاء الله تعالى وخدمة دينه، وتبليغ شريعته إلى الخلق، لإنقاذهم من ظلمات الكفر والجهل في الدنيا، ودركات جهنم في الآخرة، فلم يصرفه عن هذا الهدف صارف، ولم يعقه عن تحقيقه عائق.

وقد تجلى ثباته - صلى الله عليه وسلم - لله تعالى في عبادته وجهاده ونصحه للمسلمين ودعوته وأمره ونهيه، وظهر ذلك جلياً من خلال ما تم إيراده في الفقرة السابقة، إذ ثبت أمام الإغراءات والتهديدات، ولم يتزحزح أو يتراجع، بل حاصروه وأهله في شعب أبي طالب ثلاث سنين حتى بلغ منهم الجهد مبلغه وأخذوا يأكلون الأوراق والجلود، وكان يُسمع صوت النساء والصبيان يتصايحون من الجوع، فما فل ذلك من عزيمته - صلى الله عليه وسلم - ولا توقف عن دعوته، بل استمر وصبر وتحمل ودوام عليها، ووضعوا سلا الجزور على ظهره وهو ساجد، وحثوا التراب في وجهه وأدموا قدميه، وشجوا وجهه، وكسروا رباعيته، ومع هذا ظل - صلى الله عليه وسلم - ماضياً في سبيله يدعو إلى الله تعالى، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر على بصيرة - صلى الله عليه وسلم -.

هكذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقدم لنا القدوة بالفعل والعزيمة الصادقة فعلاً. إنه صدق الإيمان وعزمه وقوة الثبات والتحمل الذي ينبغي أن يكون عليه كل مسلم مؤمن، وكل داعية إلى الله؛ فإن توفر قوة العقيدة وثباتها زالت وهانت بسببها كل المصائب والمحن، واستلذها الداعية إلى الله، هذا هو اليقين وهو التوكل على الله، وهو الدافع الأسمى للثبات على المبدأ، وعلى العقيدة والصبر والتحمل[14].

ومن أهم المجالات العملية التي تبين لنا علو همة النبي - صلى الله عليه وسلم - في مسيرته الدعوية مبادرته في بناء المسجد النبوي، فأول عمل قام به الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو بناء المسجد؛ لأنه هو الذي يمثل حياة المسلمين وعباداتهم، فكان لابد من معلم إسلامي يمثل الدولة الإسلامية الجديدة، ويرسخ دعائمها، انطلاقاً من الإيمان بالله وتطبيقاً لشرائع دينه سبحانه.

يقول الله تعالى: ﴿ لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾ [التوبة: 108]. فهذا تأكيد على مبادرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومشاركته الصحابة y في بناء المسجد وتشجيعه لهم في أثناء العمل، فكان ينقل معهم اللبن ويقول:
اللَّهُمَّ لاَ عَيْشَ إِلَّا عَيْشُ الآخِرَهْ... فاغفر للأَنْصَارَ، وَالمُهَاجِرَهْ[15]

قال الرازي - واصفاً هذا العمل من النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أما قوله: ﴿ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ ﴾ [التوبة: 109] أي: للخوف من عقاب الله والرغبة في ثوابه، وذلك لأن الطاعة لا تكون طاعة إلا عند هذه الرهبة والرغبة، وحاصل الكلام أن الباني لما بنى ذلك البناء لوجه الله تعالى وللرهبة من عقابه، والرغبة في ثوابه، كان ذلك البناء أفضل وأكمل من البناء الذي بناه الباني لداعية الكفر بالله والإضرار بعباد الله)) [16].

إن بناء المسجد أهم ركيزة من ركائز بناء المجتمع الإسلامي، فالنظام الإسلامي قائم على شيوع أواصر المحبة والأخوة في الله، فلا يمكن تقوية تلك الأواصر إلا ببناء المسجد؛ فيلتقون على طاعة الله، ويجددون الميثاق والعهد مع الله والقيام بما فيه مصلحة لهذا الدين، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - غرس أول بذرة في بناء المجتمع الإسلامي وسارع في بناء المسجد، فكان هذا البناء بداية عهد جديد لزرع أواصر الإيمان والإخاء والتعاون.

ومجال علو همة النبي - صلى الله عليه وسلم - ليس في الدعوة فحسب، بل يتعداه إلى جوانب الحياة بصفة عامة، ففي غزواته كان يتقدم الصحابة y أو يوجههم من مركز القيادة، وكان في غزوة الخندق يربط الحجر على بطنه، ويحفر الخندق مع الصحابة، ويرتجز مثل ما يرتجزون، فكان مثالاً للمربي القدوة يتبعه الناس ويعجبون بشجاعته وصبره.

وكذلك في تعليم أصحابه وجهاده وشجاعته وبذله وكرمه وجميع أخلاقه، وفي عبادته من صوم وصلاة ونحوها كان القدوة في الإرادة التي تعمل دون كلل أو ملل فكان - صلى الله عليه وسلم - مثالاً وقدوة يقتدى به في علو الهمة وقوة العزيمة.

ثانياً: النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجهاد في سبيل الله:
إن الجهاد في سبيل الله أمر يحتاج إلى همة عالية وعزم قوي، وذلك لأنه شاق على النفس، وإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أعلى الناس همة في الجهاد والمضي فيه والإعداد له، وما ذلك إلا إعلاءً لكلمة الله - عز وجل -، واستجابة لأمره تعالى، قال تعالى: ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ﴾ [آل عمران: 159] وذلك بعد مشاورة أصحابه. يقول الطبري: ((والمعنى: إذا تبين لك الأمر وعزمت على جهاد عدوك فامض على ما أمرت به على خلاف من خالفك وموافقة من وافقك))[17].

وإن معركة أحد لتبين قوة عزمه - صلى الله عليه وسلم - وعلو همته في المضي إلى القتال؛ لما جمعت قريش جموعها لقتال المسلمين استشار - صلى الله عليه وسلم - صحابته y فقال لهم: ((لَوْ أَنَّا أَقَمْنَا بِالْمَدِينَةِ فَإِنْ دَخَلُوا عَلَيْنَا فِيهَا قَاتَلْنَاهُمْ، فَقَالَوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ مَا دُخِلَ عَلَيْنَا فِيهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَيْفَ يُدْخَلُ عَلَيْنَا فِيهَا فِي الْإِسْلَامِ؟ - قَالَ عَفَّانُ فِي حَدِيثِهِ: فَقَالَ: شَأْنَكُمْ إِذًا، فَلَبِسَ لَأْمَتَهُ، قَالَ: فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ: رَدَدْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - رَأْيَهُ، فَجَاءُوا فَقَالَوا: يَا نَبِيَّ اللهِ، شَأْنَكَ إِذًا، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لَأْمَتَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَتَّى يُقَاتِلَ)) [18].

ويبين عزمه - صلى الله عليه وسلم - في جهاد الأعداء من خلال تحريض أصحابه على الجهاد: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ﴾ [الأنفال: 65] والتحريض: المبالغة في الحث على الأمر[19]، حثهم وأنهضهم إليه بكل ما يقوي عزائمهم وينشط هممهم من الترغيب في الجهاد، ومقارعة الأعداء، والترهيب من ضد ذلك.

ولا شك أن من يحض المؤمنين هو أقواهم عزماً وأعلاهم همة في تنفيذ هذا الأمر، ويظهر ذلك في قوله تعالى: ﴿ فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [النساء: 84] يقول الرازي: ((دلت الآية على أن الله تعالى أمره بالجهاد ولو وحده)) [20].

فلو تثبط الأصحاب عن القتال فإنه لا يضرك مخالفتهم وتقاعدهم، فتقدم أنت إلى الجهاد، وما كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتباطأ عن أمر ربه، وهذا من تمام عزمه وقوة همته، فهو القائل: ((فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأُقَاتِلَنَّهُمْ عَلَى أَمْرِي هَذَا حَتَّى تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي، وَلَيُنْفِذَنَّ اللَّهُ أَمْرَهُ))[21].

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴾ [التوبة: 73]، وفي تفسير هذه الآية كلام جميل للمفسرين، منه ما ذكره ابن جرير أن في الآية ثلاثة أقوال:
الأول: عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال: يجاهدهم بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، فإن لم يستطع فليكفهر في وجهه.

الثاني: عن الحسن وقتادة: أن المراد جهاد الكفار بالسيف، وجهاد المنافقين بإقامة حدود الله عليهم.

الثالث: عن ابن عباس يقول: جاهد الكفار بالسيف، وأغلِظ على المنافقين بالكلام.

ثم اختار ابن جرير قول ابن مسعود حيث يقول: ((وأول الأقوال في تأويل ذلك عندي بالصواب ما قاله ابن مسعود من أن الله أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - من جهاد المنافقين بنحو الذي أمره به من جهاد المنافقين)) [22].

ويقول سيد قطب في تفسير هذه الآية: ((لقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاين المنافقين كثيراً، وأغض عنهم كثيراً وصفح، فها هو ذا يبلغ الحلم غايته، وتبلغ السماحة أجلها، ويأمره ربه أن يبدأ معهم خطة جديدة، ويلحقهم بالكافرين في النص، ويكلفه جهاد هؤلاء وهؤلاء جهاداً عنيفاً غليظاً لا رحمة فيه ولا هوادة.

إن للين مواضعه وللشدة مواضعها. فإذا انتهى أمد اللين فلتكن الشدة، وإذا انقضى عهد المصابرة فليكن الحسم القاطع.. وللحركة مقتضياتها، وللمنهج مراحله. واللين في بعض الأحيان قد يؤذي، والمطاولة قد تضر)) [23].

فكل هذا يؤكد لنا علو همة النبي - صلى الله عليه وسلم - وكيف لجأ إلى الشدة والقوة في معاملة المنافقين إذا دعت الحاجة إليها؛ لأن الضمير في قوله تعالى: ﴿ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴾ [التوبة:73] يعود على الفريقين: الكفار والمنافقين، ومعناه: جاهدهم بكل ما تستطيع مجاهدتهم به، بما تقتضيه الحال، واشدد عليهم في هذه المجاهدة[24].

لقد كانت همة النبي - صلى الله عليه وسلم - في أداء هذه الفريضة أداء أصحاب الهمم العالية، والشجاعة الإقدام والثبات على المبدأ، واحتقار الموت في سبيل العقيدة، فهمته قد بلغت الذروة في هذا الأمر، فكان المجاهد الأعظم في التاريخ، حارب يوم بدر ويوم أحد، ويوم الخندق، ويوم حنين، وفي كثير من المواقع التي يعاني فيها من القلة من المؤمنين ومن ضعف الشوكة كان يقف - صلى الله عليه وسلم - في مواجهة الفتن والحوادث الجسام بإيمان راسخ، وهمة عالية؛ ليكافح أعداء الملة والدين، بصبر ومصابرة، وهمة وعزمة صادقة.

فعلينا أن نقتدي بأعظم صاحب همة عالية رسولنا - صلى الله عليه وسلم -، وخاصة ونحن في هذه الأيام نعيش في وقت أظهر الكفار والمنافقون حقدهم وبغضهم للإسلام، فلنجاهد كما أمرنا القرآن الكريم حتى تكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا هي السفلى.

ومما يظهر لنا علو همة النبي - صلى الله عليه وسلم - وعزمه الصادق في جهاد الأعداء التحريض على الأمر بالقتال فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ﴾ [التوبة: 73].

يقول السعدي في تفسير هذه الآية: ((أي: حثهم وأنهضهم إليه بكل ما يقوي عزائمهم وينشط هممهم، من الترغيب في الجهاد ومقارعة الأعداء، والترهيب من ضد ذلك، وذكر فضائل الشجاعة والصبر، وما يترتب على ذلك من خير في الدنيا والآخرة، وذكر مضار الجبن، وأنه من الأخلاق الرذيلة المنقصة للدين والمروءة، وأن الشجاعة بالمؤمنين أولى من غيرهم))[25].

------------------------------------
[1] أخرجه الترمذي، كتاب النكاح، باب ما جاء في خطبة الحاجة 3/4405، حديث (1105)، - وقال: ((حديث حسن))-، وأحمد في مسنده 1/392.
[2] التحرير والتنوير 9/133.
[3] أسماء الأنبياء وصفاتهم في القرآن الكريم، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية التربية جامعة الموصل لسنة 2001 م. ص (113-114).
[4] من الأشباه والنظائر في القرآن الكريم ص (77).
[5] النبي - صلى الله عليه وسلم - في القرآن الكريم ص (38).
[6] انظر: المدح والذم في القرآن الكريم، ص (111-113).
[7] انظر: فقه السيرة ص (148)
[8] الكشاف 7/176.
[9] أخرجه البخاري، في كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ حديث (4770)، 3/234، ومسلم في كتاب الإيمان، باب في قوله تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ حديث (208) 1/193.
[10] انظر: زاد المعاد 3/12.
[11] في ظلال القرآن 3/1501.
[12] الحرب النفسية ص (42).
[13] انظر: السيرة النبوية للندوي ص (111).
[14] انظر: فقه السيرة ص (124).
[15] أخرجه البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - أصلح الأنصار والمهاجرة حديث (3797)، 7/118، ومسلم، كتاب الجهاد والسير، باب غزوة الأحزاب حديث (1804)، 3/1431 من حديث سهل بن سعد - رضي الله عنه -.
[16] مفاتيح الغيب 16/149.
[17] جامع البيان 4/153.
[18] أخرجه أحمد 3/351، قال الهيثمي في المجمع 6/107: ((رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح))، وقال الألباني في السلسلة الصحيحة 3/91: ((إسناده ورجاله ثقات على شرط مسلم)).
[19] انظر: الكشاف 2/223.
[20] مفاتيح الغيب 5/307.
[21] أخرجه البخاري في كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهل الحرب حديث (2731) 6/48.
[22] جامع البيان 6/419-420، وانظر: الجامع لأحكام القرآن 4/29.
[23] في ظلال القرآن 3/1677.
[24] انظر: تفسير الوسيط لسيد طنطاوي 6/232.
[25] تيسير الكريم الرحمن ص (325-326).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
وقفات تربوية من سيرة الرسول في القرآن الكريم
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1



صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع الفرقان :: المقالات والشخصيات والقصص :: الخطب والمحاضرات :: الأبحاث-
انتقل الى: