مختصر قصة الدولة الأموية
19/04/2010 - 2:04pm
التاريخ الأموي بين الإجحاف والإنصاف:
لا يُعَدُّ البحثُ في حقيقة التاريخ الأموي ترفًا ثقافيًّا، بل يستمد أهمية علمية وتربوية قصوى في ضوء ما نلمسه من فوارق جمَّة -كما تصوِّر كتب التاريخ- بين نقاء عهد النبوة والراشدين وقتامة عصر الأمويين.
هذه النقلة المفتعلة قُصِدَ منها -إلى حدٍّ كبير- تقليص سنوات المجد والوَضَاءَة في التاريخ الإسلامي لأغراض يعرفها من يُقَدِّرُون دور التاريخ في صياغة الأمم والدفع بها إلى آفاق أرحب.
إن قبول التاريخ الأموي كما يُعرَض علينا في جُلِّ كتابات القدماء والمحدثين يضعنا أمام تساؤلات ملحة تفرضها عدة تناقضات حادة:
فنحن أمام دولة حققت إنجازات كبرى في مجال الفتوح ونشر الإسلام، وقدمت شخصيات فذة تركت آثارًا ضخمة في ميادين السياسة والحرب والإدارة، واستمرت تقود المسلمين –آنذاك- على اختلاف أجناسهم وألوانهم وأديانهم وطموحاتهم أكثر من تسعين عامًا في دولة واحدة، امتدت من حدود الصين إلى جنوبي فرنسا.
غير أن كثيرًا مما وصلنا من تاريخ تلك الدولة لا يتفق مع عظمة منجزاتها سالفة الذكر؛ فقد ذاع عن ذلك العصر أنه كان عصر مؤامرات سياسية، ورِدَّةٍ خُلُقية، واضطراب اجتماعي، وخلل اقتصادي، واستهانة بمقدسات المسلمين؛ فتولدت عن ذلك ثورات كثيرة، وسالت دماء غزيرة، وهو العصر الذي شهد -كما استقر في أذهان كثير من المسلمين- توارث الحكم بعد أن كان شورى، وتبديد أموال الدولة على هوى حكامها بعد أن كانت مصونة، وهو العصر الذي شهد قتل الحسين ، وصلب ابن الزبير رضي الله عنهما، وضرب الكعبة بالمنجنيق، وانتهاك حرمة المدينة المنورة، وظلم الموالي، إلى آخر ما يشيع عن بني أمية، وما أصبح يشكل في وعي الكثيرين صورة عن عصر قاتم. أما الإنجازات الكبرى التي سبقت الإشارة إليها فيثور حولها لغط كبير وغبش وجدال، تصعب معه الرؤية الصافية والنظرة المتسقة. التحريف والكذب في تاريخ بني أمية:
تعرَّضَ التاريخ الأموي لكثير من التشويه والتحريف، واتسعت هذه الظاهرة لتشمل جُلَّ مصادر التاريخ الأموي، وامتدت لتترك بصماتها على بعض كتب التفسير والحديث التي تشكل مصدرًا خصبًا من مصادر التاريخ الإسلامي في تلك الحقبة. وإذا كان الله تعالى قد قيض للحديث الشريف من يكشف صحيحه من ضعيفه وموضوعه، لما له من أهمية تشريعية خاصة، فإن طبيعة علم التاريخ واتساع مجاله وتعدد عصوره وفيض رواياته قد وقفت حائلاً دون تتبع كل محاولات التحريف والكذب فيه على اتساع مصادره وتنوعها.
الدلائل والبراهين على ثبوت التحريف:
وتتعدد الأدلة على حدوث الكذب والتحريف في كتابة التاريخ الأموي؛ فقد أثبت بعض المؤرخين القدماء ذلك وحذروا منه، رغم أنهم لم يجدوا بُدًّا من ذكر هذه الأخبار الموضوعة لشيوعها أحيانًا، ولكيلا يتهمهم أحد بجهل شيء ذكره آخرون، أو لأنهم كانوا يعتبرون من الأمانة العلمية أن يذكر أحدهم كل ما يُروَى له، واتجه فريق آخر منهم إلى الانتقاء من هذا الركام الكبير، فاختار ما صَحَّ عنده، ونبه إلى زيف كثير مما عداه.
ابن جرير الطبري:
يقول شيخ مؤرخينا القدماء ابن جرير الطبري في مقدمة كتابه "تاريخ الرسل والملوك": "فما في كتابي هذا من خبر يستنكره قارئه، أو يستشنعه سامعه من أجل أنه لم يعرف له وجهًا في الصحة، فليعلم أنه لم يأتِ ذلك من قبلنا، وإنما أتى من قبل بعض ناقليه إلينا، وإنما أدينا ذلك على نحو ما أُدِّيَ إلينا". ويروي أبو الفرج الأصفهاني ما يعتبره من أكاذيب بعض الرواة، وينبه إليه أحيانًا فيقول: "وهذا من أكاذيب ابن الكلبي، وإنما ذكرته على ما فيه لئلا يسقط من الكتاب شيء قد رواه الناس وتداولوه".
ابن الأثير وابن العربي:
هذا بينما ينتقي ابن الأثير بعض الروايات ويهمل بعضها، ويقول في سبب ذلك: "فإن الناس قد حشدوا تواريخهم بمقتضى الأهواء". ويشنُّ ابن العربي حملة عنيفة على أهل الأهواء من المؤرخين، ولا يثق إلا برواية أهل الحديث الذين يتفحصون رواياتهم ويميزون بين غثها وسمينها، يقول: "وغير ذلك هو الموت الأحمر والخطر الأكبر؛ فإنهم ينشئون أحاديث احتقار الصحابة والسلف والاستخفاف بهم، واختراع الاسترسال في الأقوال والأفعال عنهم. فإذا قاطعتم أهل الباطل، واقتصرتم على رواية العدول سَلِمتم من هذه الحبائل".
ولكنِّنا في روايتنا لقصة الأمويين نسعى إلى الوصول – بإذن الله – إلى أصح القصص، وتحليلها لكي نتمكن من رؤية الدولة الأموية على حقيقتها، ولا نتأثر بروايات المزورين الكاذبين.
نشأة الخلافة الأموية:
تأسست الخلافة الأموية عام الجماعة سنة 41 هـ، إِثْر تنازل الحسن بن علي لمعاوية بن أبي سفيان جميعًا عن الخلافة؛ رغبةً في حقن دماء المسلمين، وتوحيدًا لكلمتهم بعد الذي حدث في الفتنة الكبرى من أحداث ومعارك، فكانت هذه النشأة قمعًا لأهل الفتنة، وتخييبًا لآمالهم، وما كانوا يرجونه لأمة الإسلام من الشر، كما كانت مصدرَ سعادةٍ واستقرارٍ للمسلمين بعد الفتن والقتال؛ ولذا كانت خلافة معاوية تامَّة الشرعية. الأمويون بين القوة والضعف:
يتكون تاريخ الدولة الأموية من عصرين للقوة؛ امتد الأول من عام 41 إلى 64 هـ، وشمل عصر خليفتين هما: معاوية بن أبي سفيان ، وابنه يزيد. وامتد الثاني من عام 86 إلى 125هـ، وشمل خمسة خلفاء هم: الوليد بن عبد الملك بن مروان، وسليمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز بن مروان، ويزيد بن عبد الملك، وهشام بن عبد الملك. كما كان هناك عصر ضعف قصير امتد من عام 125 إلى سقوط الدولة في 132هـ، وشمل عددًا من الخلفاء.
وكان هناك عصر فتنة، وصراعات بين المسلمين، وقتال على الحكم من عام 64هـ إلى 86هـ، بدأ بمعاوية بن يزيد بن أبي سفيان، مرورًا بمروان بن الحكم، ثم ابنه عبد الملك بن مروان.
الخليفة المؤسس والبداية القوية:
أمّا بالنسبة لعهد القوة الأول، فقد بدأ مع أول خليفة أموي، وهو معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، وهو صهر رسول الله ، وقد قيل: إنه أسلم قبل أبيه وقت عمرة القضاء سنة 7 هـ، وبقي يخاف من اللحاق بالنبي بسبب أبيه، ولكن ما ظهر إسلامه إلا يوم الفتح، فيُروى عنه أنه قال: "لما كان عامُ الحديبية وصَدُّوا رسول الله عن البيت، وكتبوا بينهم القضية وقع الإسلام في قلبي، فذكرت لأمي، فقالت: إياك أن تخالف أباك. فأخفيتُ إسلامي، فوالله لقد رحل رسول الله من الحديبية وإني مصدق به، ودخل مكة عام عمرة القضية وأنا مسلم، وعلم أبو سفيان بإسلامي، فقال لي يومًا: لكنَّ أخاك خير منك، وهو على ديني. فقلت: لم آلُ نفسي خيرًا، وأظهرتُ إسلامي يوم الفتح، فرَحَّبَ بي النبي وكتبتُ له. وقد كان من رواة حديث رسول الله ؛ فمعاوية روى عن رسول الله أحاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما من السنن والمسانيد، وروى عنه جماعة من الصحابة والتابعين، ومسنده في (مسند بقيّ) مائة وثلاثة وستون حديثًا، واتفق البخاري ومسلم على أربعة منها، وانفرد البخاري بأربعة ومسلم بخمسة، وقد عمل الأهوازي مسنده في مجلد. شهادات المؤرخين من السنة والشيعة:
تولى معاوية الخلافة ووراءه تجربة طويلة في الحكم والإدارة وسياسة الناس، فولايته على الشام قبل الخلافة لمدة تزيد عن العشرين عامًا، أكسبته خبرة كبيرة هيأت له النجاح في خلافته. والحقيقة أن معاوية كان يتمتع بصفات عالية ترشحه لأن يكون رجل الدولة الأول، وتجعله خليقًا بهذا المنصب الخطير. وقد شهد له بذلك مؤرخو السُنَّة بناءً على رأي الصحابة الذين عاصروه، يقول ابن تيمية: "فلم يكن من ملوك المسلمين ملك خيرًا من معاوية، إذا نُسِبَتْ أيامه إلى أيام من بعده، أمّا إذا نُسِبَتْ إلى أيام أبي بكر وعمر ظهر التفاضل". كما شهد له عدد من المؤرخين الشيعة -رغم عداوتهم الشديدة لبني أمية- ومنهم ابن الطقطقا واليعقوبي والمسعودي.
وهكذا يكاد إجماعُ علماء الأمة من الصحابة والتابعين ومن تلاهم ينعقد على الثناء على معاوية وجدارته بالخلافة، وحُسْنِ سياسته وعدله، مما مكَّن له في قلوب الناس، وجعلهم يجمعون على محبته، وقد ثبت في الصحيحين عن النبي أنه قال: "خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ، وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ". رواه مسلم. كان معاوية مجاهدًا في سبيل الله محبًّا للجهاد، كما كان إداريًّا بارعًا، واقتصاديًّا خبيرًا؛ لذا شهد عهده أعظم الرخاء للمسلمين، وكان المسلمون سعداء بحكمه. خلافة يزيد بيعة أم وراثة:
كبرت سن معاوية، ورأى أنه إن مات دون تحديد الخليفة القادم، فستُطِلُّ الفتنة برأسها من جديد؛ فأخذ يفكر فيمن يصلح لترشيحه للخلافة من بعده، وبعد تفكير اهتدى معاوية إلى أنَّ من يصلح للخلافة بعده، ويملك مقوماتها، وفي ذات الوقت يجمع اختياره الأمة، ويمنع اختلافهم، هو ابنه يزيد بن معاوية الذي أعدَّه معاوية إعدادًا حسنًا، كما أنه يملك مزيَّةً لا يملكها الكثيرون من المرشحين الذين هم أفضل منه في ميزان الإسلام كالحسين بن عليٍّ، وعبد الله بن عمر، وعبد الله ابن الزبير جميعًا؛ لأنه يتمتع بأنصار كُثُر يؤيدونه، ويقاومون من يفكر في الخروج عليه، وهم بنو أمية أصحاب الشوكة والقوة في هذا العهد؛ لذا عهد معاوية بالخلافة لابنه يزيد من بعده، وأخذ البيعة من المسلمين على ذلك فيما عدا البعض الذين رفضوا أن يبايعوا، ومنهم الحسين وعبد الله بن الزبير جميعًا. كانت هذه البيعة نقطة فارقة في حياة الدولة الأموية، وفي مسيرة الدولة الإسلامية ككل؛ إذ رغم أنها كانت ذات ظروف خاصة، خشي فيها معاوية من اختلاف الأمة، وتجدد الفتنة مرةً أخرى، إلا أنَّ من أتى من الخلفاء بعد معاوية استغلَّها في غير غرضها، فكان كل واحد منهم يستخلف أبناءه من بعده، فتحولت الخلافة الإسلامية التي كانت قائمةً على الشورى منذ عهد الرسول ، وعهد الخلفاء الراشدين إلى مُلكٍ عضوض، يرث فيه الأبناء الملك عن الآباء، ولَئن كان معاوية معذورًا ومجتهدًا فيما فعله، فإن مَن جاء بعده لم يكن كذلك، بل سعى إلى جعل المُلك في عقبه عن غير سبب؛ فإن الفتنة بعد معاوية قد صارت بعيدة العهد، ويمكن رد أمر الخلافة في هذه الأوقات إلى الشورى، ولكن شهوة السلطة غيرت مسار الخلافة. أحداث خطيرة في أول عهد يزيد:
تُوُفِّي معاوية بدمشق في رجب سنة 60 هـ، وجُدِّدَت البيعة ليزيد بعد وفاة أبيه، ولم يَشِذّ عن ذلك إلا الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، وسيكون لكل منهما مع يزيد شأن كما سنرى، أما بقية الصحابة فقد بايعوا ليزيد جمعًا للكلمة، وحفظًا لوحدة الأمة، وخوف الفتنة مثل: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر. وفي عصر يزيد حدثت عدة أحداث خطيرة جعلت المسلمين ينظرون إليه نظرة اتهام، ولو لم يكن هو مخطئًا فيها، ومن ذلك خروج الحسين بن علي رضي الله عنهما على يزيد استجابةً لأهل الكوفة، رغم رفض مَن وُجِد من الصحابة لذلك؛ خوفًا من شق عصا المسلمين، ولكن الحسين أصرَّ، وكان ما كان من أمر تخلِّي أهل الكوفة عنه كما تخلوا عن أبيه من قبل، ثم قتاله بأهل بيته وأنصاره الذين لم يبلغوا الثمانين عددًا ضد قوات الوالي عبيد الله بن زياد بقيادة عمر بن سعد بن أبي وقاص في كربلاء، ثم استشهاده ، ومن معه من الرجال. يزيد يبكي الحسين ويكرم أهله:
وقد نَدِمَ عبيدُ الله بن زياد على قتله الحسين، وبكى يزيد بن معاوية لمّا أتاه الخبر، وقال للرسول: كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن سمية (عبيد الله بن زياد)، أَمَا واللهِ لو أني صاحبُه لعفوت عنه، ورَحِمَ اللهُ الحسين. ثم أكرم يزيد بن معاوية نساء الحسين وأهله، وأدخلهنَّ على نساء آل معاوية وهُنَّ يبكين ويَنُحْنَ على الحسين وأهله، واستمر ذلك ثلاثة أيام، ثم أرسل يزيد بن معاوية إليهن يسأل كل امرأة عما أُخِذَ منها؟ فليس منهنَّ امرأةٌ تدَّعي شيئًا بالغًا ما بلغ إلا أضعفه لها.
ثم أمر يزيد بن معاوية النعمان بن بشير أن يبعث معهنَّ رجلاً أمينًا معه رجال وخيل يصحبهن أثناء السفر إلى المدينة.
وعندما ودعهن يزيد قال لعلي بن الحسين (علي الأصغر): قبَّح الله ابن سمية، أما والله لو أني صاحب أبيك ما سألني خصلة إلا أعطيته إياها، ولدفعت الحتف عنه بكل ما استطعت ولو بهلاك بعض ولدي، ولكنَّ الله قضى ما رأيت. ثم جهَّزه وأعطاه مالاً كثيرًا، وكساهم وأوصى بهم ذلك الرسول، وقال لعلي: كاتِبْنِي بكل حاجة تكون لك.
الحرة بالمدينة، وحصار الكعبة بالمجانيق:
كانت حادثة كربلاء الشرارة التي أشعلت الحرب، كما تركت آثارًا سياسية خطيرة في العالم الإسلامي، فعندما وصل خبر مقتل الحسين بن علي رضي الله عنهما إلى الحجاز أعلن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما خلع يزيد، وبدأ يأخذ البيعة لنفسه من الناس في مكة، وكان ذلك سببًا في عزل عمرو بن سعيد بن العاص عن الحجاز، وتولية الوليد بن عتبة بن أبي سفيان مكانه، ثم لم يلبث أن عزله وأَمَّر عثمان بن محمد بن أبي سفيان، وكَثُرَ الحديث في المدينة عن يزيد، فأرسل إليهم النعمان ابن بشير يحذرهم الفتنة، ويذكرهم الطاعة، فأبوا عليه، ثم أعلنوا خلع يزيد، وبايعوا عبد الله بن حنظلة الغسيل، ووثبوا على عثمان بن محمد بن أبي سفيان، والي يزيد، ثم حاصروا بني أمية في دار مروان بن الحكم، وكان عددهم حوالي الألف شخص.
فلما علم يزيد بن معاوية بذلك أرسل إليهم جيشًا عليه مسلم بن عقبة المري، وإن حدث له حدث فالأمير من بعده الحصين بن نمير السكوني، وأقبل مسلم بن عقبة بالجيش، والتقى ببني أمية بوادي القرى، وقد أخرجهم أهل المدينة.
وصل مسلم بن عقبة المري إلى المدينة فأمهل أهلها ثلاثة أيام فأبوا إلا القتال، وكان عليهم: عبد الله بن حنظلة الغسيل الأنصاري، وعبد الله بن مطيع، ومعقل بن سنان، وعبد الرحمن بن زهير بن عوف الزهري ابن أخ عبد الرحمن بن عوف، وكان مجيء مسلم عن طريق الحرة الشرقية، ووقعت الوقعة وكانت في أواخر ذي الحجة من سنة ثلاث وستين للهجرة، وقُتِلَ أكثر سادة أهل المدينة في هذه الوقعة.
وعندما انتهى مسلم بن عقبة المري من المدينة اتجه بجنده نحو مكة يريد عبد الله بن الزبير، وخلف على المدينة روح بن زنباع الجذامي، ولم يقطع مسلم مسافة حتى نزل به الموت، فتولى أمر الجند بعده الحصين بن نمير السكوني حسب وصية يزيد بن معاوية فسار إلى مكة، وقد بايع أهلها والحجاز كله عبد الله بن الزبير، فقاومه ابن الزبير وقُتِلَ من أصحابه المسور بن مخرمة، ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف، وأخوه المنذر بن الزبير، واستمر القتال بقية المحرم وصفر من سنة أربع وستين، وفي أوائل ربيع الأول قُذِفَ البيت بالمنجنيق، وأُحْرِقَ بالنار، ثم جاءهم نعي يزيد في مطلع ربيع الثاني، وقد توفي في 14من ربيع الأول عام 64 هـ.
مبايعة عبد الله بن الزبير على الخلافة:
توفي يزيد وأهل الشام يحاصرون أهل مكة وابن الزبير، ووصل الخبر إلى ابن الزبير قبل أن يصل إلى أهل الشام، فناداهم أهل مكة: لماذا تقاتلون؟ لقد هلك يزيد. فلم يصدقوهم، واستمروا في قتالهم، فلما تأكدوا من النبأ توقفوا عن القتال.
بعث الحصين بن نمير إلى عبد الله بن الزبير، والتقى معه، وقال له: إن يكُ هذا الرجل قد هلك فأنت أحق الناس بهذا الأمر، هَلُمَّ فلنبايعك، ثم اخرج معي إلى الشام؛ فإن هذا الجند الذين معي هم وجوه أهل الشام وفرسانهم، فوالله لا يختلف عليك اثنان، وتُؤَمِّن الناس، وتهدر هذه الدماء التي كانت بيننا وبينك، والتي كانت بيننا وبين أهل الحرة. ولكن ابن الزبير خشي من الذهاب إلى الشام، ولم يرغب في مغادرة مكة التي احتمى بها، وكان رأي الحصين أن هناك بالشام من يطالب بالخلافة فماذا يكون موقفه؟ أمّا إذا ذهب عبد الله بن الزبير فإنه لن يطالب فيها أحد لمكانة ابن الزبير أولاً، ولعدم وجود أبناء كبار ليزيد أو أحد من أسرته يفكر في هذا الأمر.
ولما لم يتفق ابن الزبير والحصين بن نمير سار جيش الشام إلى بلدهم تاركين الحجاز مبايعًا لابن الزبير.
اعترض بعض علماء المدينة على خلع يزيد بن معاوية، والخروج عليه، ولم يؤيدوا من قام بالخروج، وقاموا بنصح إخوانهم واعتزلوا الفتنة، وكان أغلب هذا الرأي من أهل العلم والفقه في الدين، وفي مقدمة هؤلاء الصحابي الجليل والإمام القدوة عبد الله بن عمر بن الخطاب، ومحمد بن علي ابن أبي طالب (ابن الحنفية)، والنعمان بن بشير الأنصاري، وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب جميعًا، وسعيد بن المسيب سيد التابعين رحمه الله. خرجوا على الإمام رغم عظمتهم:
كان مقتل الحسين، ووقعة الحرة بالمدينة، وحصار الكعبة بالمجانيق من أهم ما أساء لصورة يزيد بن معاوية رحمه الله، ولكن الرجل معذور؛ فقد كان الخليفة الشرعي، ومن خرجوا عليه -رغم عِظَم مكانتهم في الإسلام، وسابقتهم فيه، بل وأفضليتهم على يزيد بمراحل، كالحسين وابن الزبير جميعًا، وكذلك عبد الله بن حنظلة- في هذا الموقف كانوا خارجين على الإمام الشرعي المُبايَع من جمهور المسلمين الأعظم. عهدان من القوة والجهاد:
كانت تلك هي فترة القوة الأولى في العصر الأموي، بينما جاءت الفترة الثانية بدايةً من عهد الوليد بن عبد الملك، وانتهاءً بعهد هشام بن عبد الملك.
وقد تميز هذان العهدان بسيادة روح الجهاد؛ إذ حافظت الدولة في العصر الأموي على أن تظل أُمَّةً مجاهدة؛ فأبقت القسم الأكبر من مواردها المالية يُصرف في المجال العسكري. وإضافة إلى إخراج الرواتب للجند، والأرزاق للذرية، والمعونة للمقاتلة عملت الدولة على توفير وسائل القوة ووجوه المنعة للجيش؛ فأقامت المدن العسكرية في جميع جبهات القتال، وعبأتها بالجنود، وشجعت الناس على الانتقال إليها والإقامة بها، وأقطعتهم الأراضي الزراعية يستغلونها، والمنازل يسكنونها، ووفرت بها الطعام ومخازن الأسلحة والكسوة، وحَصَّنتها بالأسوار والخنادق، وبَنَتِ القلاعَ والحصونَ، وأقامتِ المناظرَ والمنارات على طول الطريق بين الثغور والداخل، وجعلت المواقد عليها لتكون أخبار الثغور حاضرة على الدوام عندها.
وقد تحول كثير من هذه المدن العسكرية إلى مراكز مدنية حافلة بالبناء وأماكن العبادة ومراكز الثقافة وأسواق التجارة، وأخذت تشهد نهضة طيبة في الوجوه المختلفة من النشاط البشري.
كما عززت الدولة القوة العسكرية بإنشاء سلاح البحرية، وأقامت دور صناعة السفن في عكا، ثم من بعدها في صُور من بلاد الشام، وفي جزيرة الروضة والفسطاط من بلاد مصر، وفي تونس، وزُوِّدَتْ هذه المصانع بما يلزم من المواد والصناع.
اتساع رقعة الدولة الإسلامية:
لقد امتدت الفتوحات الإسلامية على يد الأمويين إلى آفاق لم يعرفها عصر الراشدين، حيث شملت دولة الإسلام ما بين الصين شرقًا وبلاد الأندلس وجنوبي فرنسا غربًا. وطرقت أبواب القسطنطينية، وضيَّقت عليها الخناق، وحاصرتها ثلاث مرات، وتحول بحر الروم إلى بحيرة إسلامية، ونشرت أعلام الإسلام في القارات الثلاث المعروفات آنذاك آسيا وإفريقيا وأوروبا، ودخلت أعداد غفيرة من البشر بذلك في دين الله، وأصبحت لغة العرب في أوج قوتها وثرائها، وأضحت لسانًا لكثير من سكان هذه البلاد، وتحققت ألوان فذة من البطولة والتضحية، وطلب الشهادة في سبيل الله خلَّفت ذكرياتٍ مجيدة، ظلت غذاء ومددًا على امتداد التاريخ وتوالي الأجيال حتى اليوم، ولا تزال مسامع الدنيا تعي أسماء مثل المهلب بن أبي صفرة، ويزيد بن المهلب، وقتيبة بن مسلم، ومحمد بن القاسم الثقفي، وموسى بن نصير، وطارق بن زياد، ومسلمة بن عبد الملك، وغيرهم.
عصر العلماء و الفقهاء:
زخر العصر الأموي بكثير من العلماء على امتداده الزماني والمكاني، يأتي في طليعتهم جيل الصحابة الذين عاصروا هذه الدولة، وتركوا آثارًا واضحة على الحياة السياسية والاجتماعية فيها، وجيل التابعين الذين أخذوا عنهم، وورثوا منهم، ونشروا علومهم وتراثهم.
ونلاحظ أن أبرز الخلفاء الأمويين كانوا من العلماء، بل من كبارهم وسادتهم مثل: معاوية بن أبي سفيان الصحابي الجليل كاتب الوحي، ومن لا يُنكَر علمه وحِلمُه، وعمر بن عبد العزيز وغيرهم. وكان كثير ممن يحوط هؤلاء الخلفاء من العلماء والفقهاء الذين لم يقتصر دورهم على تعليم العلم وتدريسه، بل مارسوا السياسة، وعرفوا طرقها، فقلَّل ذلك من شهرتهم في مجال الفقه والدرس، وإن ظَلَّ بعضهم يحتفظ بمكانته في ذلك الميدان، ومن هؤلاء العلماء بعض الصحابة الذين كانوا قريبين من معاوية أثناء حكمه، مثل: حبيب بن مسلمة الفهري، والنعمان بن بشير الأنصاري، والمغيرة بن شعبة، وعمرو بن العاص، ومسلمة بن مخلد الأنصاري، وفضالة بن عبيد الأنصاري، وغيرهم رضوان الله عليهم، كما كان من القريبين من معاوية بعض أبناء الصحابة الأعلام مثل: الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير جميعًا. الاختلافات تدل على حيوية المجتمع ومرونته:
وكما كانت تأثيرات العلماء ومعارضتهم الأمويين أحيانًا أو قربهم منهم أحيانًا أخرى، دليلاً على حيوية هذه الجماعة وتأثيرها الكبير في المجتمع الإسلامي، فقد كان التصاقها بالجماهير وتعلق الناس بها وتجاوبهم معها دليلاً آخر على أن المجتمع الإسلامي في العصر الأموي لم يكن على ما يصوره بعض المؤرخين لهوًا وعبثًا، فإنه لما توفي طاوس اليمني بمكة، وصلَّى عليه هشام بن عبد الملك، لم يتهيأ إخراج جنازته لكثرة الناس حتى وجَّه أمير مكة بالحرس، ولقد كان عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي يضع سرير طاوس على كاهله، وقد سقطت قلنسوة كانت على رأسه، ومُزِّق رداؤه من خلفه.
وقد بذل الأمويون جهودًا كبيرة من أجل الحفاظ على نصاعة العقيدة الإسلامية وبساطتها وصحتها دون تحريف أو مغالاة، غير أن اختلاط العرب بغيرهم من شعوب البلاد المفتوحة صاحبة العقائد المختلفة، والأديان المتعددة، والتصورات الدينية المتباينة كان لا بد أن يترك أثرًا سلبيًّا على التصور الصحيح للإسلام عند بعض أبنائه، كما أننا نتوقع منذ البداية أن هذه الحضارات المهزومة والأمم المدحورة، وإن فاتها النصر في ساحات القتال، لن تعدم وسيلة ما للدس والكيد والتآمر، ومحاولة تخريب عقائد المسلمين والتشويش عليها.
نهضة علمية ومعرفية:
أثبتت الدراسات الحديثة أن المسلمين في العصر الأموي عرفوا الكتابة، وتأليف الكتب وتصنيف العلوم، بل إنهم اهتموا بالترجمة إلى لغتهم، والتفتوا إلى معارف الآخرين ينهلون منها.
كما أثبتت هذه الدراسات أن بني أمية كان لهم نصيب كبير في تشجيع ذلك ورعايته، وضربوا بسهم وافر في النهضة الثقافية والمعرفية للأمة الإسلامية، وأن هذه النهضة لم تكن قاصرة على رواية الشعر أو حفظ الأمثال أو معرفة القرآن والحديث فقط، بل امتدت لتشمل جوانب شتى من العلوم النظرية والطبيعية على السواء.
فقد شهد عصر القوة في الدولة الأموية نهضة كبيرة في التفسير وعلوم القرآن والفقه والعقيدة وعلم الكلام، وتألَّق فيه نجم عديد من العلماء الذين ظلَّ المسلمون بعد ذلك يأخذون من علومهم، ويستشهدون بأقوالهم واجتهاداتهم، أمثال ابن عباس وتلاميذه كسعيد بن جبير، ومجاهد بن جبر، وشريح بن الحارث الكندي القاضي، وقبيصة بن ذؤيب الخزاعي الذي تولى الكتابة لعبد الملك بن مروان وكان مقربًا منه، وإبراهيم النخعي، ومكحول بن أبي مسلم الدمشقي، وغيرهم كثير.
اهتمام خاص بالشعر والشعراء:
وقد اهتم الأمويون بالشعر والشعراء، فقد أدرك الأمويون أهمية الشعراء في الدعاية السياسية لهم إزاء الأحزاب السياسية الأخرى، وأهميتهم في إبراز منجزات الدولة ودحض حجج الخصوم؛ ولذلك فقد جمعوا حولهم جماعة من أكابر الشعراء في ذلك العصر، منهم من اختص بهم وانقطع إليهم، ومنهم من مدحهم بين الحين والآخر، وكان ذلك دأب ولاتهم أيضًا، وبعض هؤلاء الشعراء ظل على ولائه لبني أمية حتى في أيام محنتهم أو تسلط خصومهم.
ومن ناحية أخرى كان الأمويون تواقين للشعر، مدركين أهميته ودوره الاجتماعي بغَضِّ النظر عن نفعه السياسي؛ فقد كتب معاوية إلى زياد أن أوفد إليَّ ابنك عبيد الله، فلما قدم عليه لم يسأله عن شيء إلا أنفذه له، حتى سأله عن الشعر فلم يعرف منه شيئًا، فقال له: ما منعك من تعلُّم الشعر؟ فقال: يا أمير المؤمنين، إني كرهت أن أجمع في صدري كلام الرحمن مع كلام الشيطان. فقال معاوية : اُغْرُب؛ فواللهِ ما منعني من الفرار يوم صفِّين إلا قول ابن الإطْنابَةِ حيث قال: أبتْ لي عفتي وأَبَى بــلائي *** وأخذي الحمد بالثمن الرَّبيحِ
وإعطائي على الإعـدام مالي *** وإقدامي على البطل المُشِيـحِ
وقولي كلما جَشَأَتْ وجاشَتْ *** مكانك تُحْمَدي أو تستريحي
ثم كتب إلى أبيه أن رَوِّه الشعر، فَرَوَّاه حتى كان لا يسقط عنه شيء منه.
كما يحدثنا التاريخ عن اهتمام الأمويين بالعلوم التجريبية والترجمة؛ فقد كان معاوية سبَّاقًا إلى رعاية العلوم وأهلها، فأنشأ بيتًا للحكمة (أي مركزًا للبحث) ومكتبة، واستمر المروانيون يُعْنَون بهذا البيت حتى في أسفارهم وحروبهم، يسألون عنه ويهتمون به. تقدم ملحوظ في مختلف الصناعات:
لقد أحسن المسلمون الاستفادة من ثرواتهم المعدنية، والطبيعية المختلفة، وأتقنوا الكثير من الصناعات واشتهروا بها، ساعد على ذلك توافر المواد الخام للصناعة في البلاد المفتوحة، ومن أشهر الصناعات في الخلافة الأموية:
صناعة الأسلحة، وصناعة السفن العربية، والصناعات النسيجية. ومن الصناعات المعدنية تكفيت المعادن البرونز أو النحاس بالذهب أو الفضة. ومن الصناعات الغذائية: السكر في الأهواز وبلاد الشام، وماء الورد، والعطور. واشتُهِرَت بلاد الشام ومصر بصناعة الزجاج، كما اشتُهِرَت فارس ومصر بالفخار والخزف، والمغرب العربي وبلاد الشام والعراق بصناعة الجلود.
ومن الأدوات التي تمَّ تصنيعها في الدولة الأموية مقاييس النيل لمعرفة مبلغ الزيادة والنقصان في ماء النيل، وكان في جزيرة الروضة.
ومن الصناعات كذلك: صناعة السكر، وصناعة الفُرُش الصوفية، وصناعة الحصر، وصناعة تجفيف السمك، وصناعة الأخشاب، وصناعة الروائح العطرة في إقليم فارس، وماء الورد بمدينة جور التي تقع جنوب فارس، والطواحين، والأرحاء الهوائية، وصناعة ورق البردي، وآلات القياس مثل "الإسطرلابات"وغيرها من الآلات الرياضية الدقيقة، وكانت صحة موازين أهل حران مضرب الأمثال.
تقدم في التجارة والخدمات:
وكان من مظاهر عهد القوة اهتمام الخلافة الأموية ببناء الأسواق في المدن التي أنشئت في ذلك العصر مثل: القيروان وتونس وواسط والمنصورة والرصافة وغيرها، وبدأ تخطيط هذه الأسواق وتصنيفها في هذا العصر.
كما عيّنت الدولة الأموية المشرفين على هذه الأسواق، وكان الواحد منهم يعرف باسم "المحتسب" وكان يعرف أيام الراشدين بـ "عامل السوق"، وقد اختيروا من أهل العدالة والمهابة والصرامة والخشونة في الدين والعفة عن أموال الناس، والمعرفة بالمنكرات الظاهرة، والعلم بأحكام الشريعة، وكان يدخل في نطاق عملهم مراقبة العبادات من صلاة الجمعة وصلاة الجماعة في المساجد، وإقامة الأذان وصيام رمضان، والمعاملات من التجارة وما يتصل بها من الموازين والمكاييل والنقود، وما يدخل فيها من الغش والبيوع الفاسدة والتدليس، ومراقبة الأطعمة والأشربة ومحلات تحضيرها وبيعها، والملابس والثياب والأقمشة، ومحلات الصياغة والصرافة، ونظام المرور، ومنع المضايقة والتعدي على الطرق والفنادق والحمامات، وغير ذلك مما يتصل بالمعايش والمصالح العامة للناس في المدينة، فكانوا يأمرون بالمعروف إذا ظهر تركه، وينهون عن المنكر إذا ظهر فعله، ويأخذ الناس بذلك.
ومن أبرز عهود القوة في الدولة الأموية عهد الوليد بن عبد الملك؛ إذ تمَّ في خلافته إعادة بناء مسجد الرسول وتوسعته من جميع النواحي، وإدخال حجرات أزواج النبي فيه، ولم يبخل في سبيل ذلك بمال، ليكون المسجد في أعظم وأبهى صورة، وعهد بهذه المهمة إلى ابن عمه وواليه على المدينة عمر بن عبد العزيز، فأوكل عمر مهمة الإشراف على بناء المسجد إلى صالح بن كيسان، وبعث إليه الوليد بالأموال والرخام والفسيفساء وثمانين صانعًا من الروم والقبط من أهل الشام ومصر. أما مسجد دمشق فقد جعله الوليد آية من آيات العمارة الإسلامية، وبالغ في تزيينه وأبهته ليكون مظهرًا من مظاهر عظمة الإسلام، وأنفق عليه أموالاً طائلة حتى إن الناس انتقدوه على كثرة النفقات على بناء المسجد، فقال لهم: يا أهل الشام، لكم أربعة أشياء تفخرون بها، فأردت أن أجعل لكم خامسًا. وقد استغرق بناء مسجد دمشق كل عهد الوليد، وأتمَّ بناءه أخوه سليمان بن عبد الملك من بعده.