السؤال
بداية بارك اللهُ فيكم على الموقع المبارك وعلى التفاعل معنا وإجابتنا جزاكم الله عنا وعن الإسلام خير الجزاء، لدي سؤال حول صحة حديث: علي قسيم النار ـ المشهور لدى الرافضة، فهم يدعون أن لهُ مصادر من كُتب أهل السنة وبالذات الإمام أحمد بن حنبل وابن قتيبة وهذا ما يستندون عليه، وقد سئل أحمد عن حديث قسيم النار فلم يضعفه، ولم يخدش فيه، ولا جرح راويه، بل ثبته واتجه إلى تأويله وبيان معناه، وكذلك أبو حنيفة لم يضعف الحديث ولم يعاتب الأعمش على روايته حديثاًًًً ضعيفاًًً، وإنما اللوم والعتاب والاستنابة كانت على نشر حديث في فضل علي أمير المؤمنين، قال: محمد بن منصور الطوسي: كنا عند أحمد بن حنبل، فقال له رجل: يا أبا عبدالله، ما تقول في هذا الحديث الذي روي أن علياًً قال: أنا قسيم النار؟ فقال: ما تنكرون من ذا؟ أليس روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي: لا يحبك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق؟ قلنا بلى، قال: فأين المؤمن؟ قلنا: في الجنة، قال: فأين المنافق؟ قلنا: في النار، قال: فعلي قسيم الجنة والنار، المنهج الأحمد في طبقات أصحاب أحمد، الجزء: 1ـ رقم الصفحة: 130، كفاية الطالب الكنجي رقم الصفحة: 22، ومن جهلكم تعتقدون بأن أحمد بن حنبل من قال هذا الكلام فقط, تفضلوا ابن قتيبة غريب الحديث الجزء: 1 رقم الصفحة: 377، وقال في قول علي: أنا قسيم النار، يرويه عبد الله بن داود عن الأعمش، عن موسى بن طريف، أراد أن الناس فريقان، فريق معي فهم على هدى، وفريق علي فهم على ضلال كالجوارح، فأنا قسيم النار، نصف في الجنة معي، ونصف فيها، وقسيم في معنى مقاسم مثل جليس وأكيل وشريب، فما ردكم على هذا بارك الله فيكم ونفع بكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففضائل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ومناقبه كثيرة مشهورة، وهذا الحديث لو ثبت لم يكن فيه زيادة على ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من أنه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق، وأما هذا الحديث فالمرجع في صحته وضعفه إلى أهل هذه الصناعة، وقد جزم الأئمة ومنهم الأعمش راويه عن موسى بن طريف بأنه لا يثبت، ومن هنا حكم الألباني على الحديث في الضعيفة بالوضع وبين علته فقال: أخرجه العقيلي في الضعفاء ـ ص 406 ـ وابن عدي ـ 383ـ 2 ـ وابن عساكر ـ 12ـ 136ـ 2ـ من طريق الأعمش عن موسى بن طريف عن عباية عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ به، قلت: وهذا آفته موسى بن طريف، قال الذهبي: كذبه أبو بكر بن عياش، وقال يحيى والدارقطني: ضعيف، وقال الجوزجاني: زائغ، وقد ثبت عن الأعمش أنه أنكر هذا الحديث على ابن طريف، فروى العقيلي بإسناد صحيح عن عبد الله بن داود الخريبي قال: كنا عند الأعمش فجاء يوماً وهو مغضب فقال: ألا تعجبون من موسى بن طريف يحدث عن عباية عن علي: أنا قسيم النار؟! وعباية: هو ابن ربعي الأسدي، قال العقيلي في الضعفاء: ص 343: روى عن موسى بن طريف، كلاهما غاليان. انتهى.
وليس ما ذكر عن أحمد ـ رحمه الله ـ تصحيحا للحديث فإنه لم يصرح بذلك ولا أومأ إليه ولا ذكر الحديث في مسنده على استيعابه واستقصائه، وإنما هو تأويل له على تقدير الصحة ولا يلزم من التقدير أن تكون الصحة ثابتة في نفس الأمر وبيانه أن هذا الحديث مع كونه مكذوبا فإنه لا يضيف إلى علي فضيلة زائدة، بل يغني عنه ما ثبت من كونه عليه الرضوان لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق، قال ابن الجوزي في العلل المتناهية: قال أَبُو بَكْر بْن عياش قلت للأعمش أنت حين تروي عن مُوسَى بْن طريف عن عباية عن علي: أَنَا قسيم النار ـ فقال والله ما رويته إلا على جهة الاستهزاء، قال قلت حمله الناس عنك فِي الصحف وأنت تزعم أنك رويته على جهة الاستهزاء، قال المصنف: قلت أما مُوسَى بْن طريف فقد كذبه أَبُو بَكْر بْن عياش وحكى عَنْهُ أَبُو بكر بْن عياش أنه قال إنما أتحدث بهذه الأحاديث أسخر بهم، وقال يَحْيَى كان ضعيفًا، وقال السعدي كان زائغًا، وقال ابن حبان: يأتي بالمناكير التي لا أصول لها، وأما مُوسَى بْن إسماعيل فلعل بعض الرواة قد كناه عن طريف بن إسماعيل، وقال أَبُو مُعَاوِيَة كان عباية يشرب الدن وحده، قال المؤلف: وقد فسر هَذَا الحديث أَحْمَد بْن حنبل على تقدير الصحة فقال لأنه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق. انتهى.
وأما ابن قتيبة فهو على جلالته وعلمه بالعربية ليس من أهل هذا الفن، ثم إن غاية ما نقل عنه تأويل لهذا الحديث المكذوب كالذي نقل عن أحمد، والخلاصة أن الحديث مكذوب وعلي ـ رضي الله عنه ـ في غنى عن أن يضاف إليه مثل هذا الكذب، وقد ثبت له من الفضائل رضي الله عنه ما يوجب على كل مسلم محبته والثناء عليه فهو رضي الله عنه رابع الخلفاء في الفضل والخلافة ولم يكن في أيام خلافته أحد من المسلمين خير منه رضي الله عنه وعن سائر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
والله أعلم.
قال الحافظ الذهبي وابن حجر « أورده العقيلي في الضعفاء وهو موضوع. وفيه عباية بن ربعي وموسى بن طريف ذكر الحافظ أن كليهما من غلاة الشيعة» (ميزان الاعتدال4/55 لسان الميزان3/247 العلل المتناهية لابن الجوزي2/945).
أما عن قول الإمام أحمد رحمه الله في هذا الحديث :وما تنكرون من ذا أليس روينا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعلي: " لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق " قلنا بلى قال: فأين المؤمن قلنا في الجنة قال: وأين المنافق قلنا في النار قال: فعلي قسيم النار.
فهذا كلام لا يصح عن الإمام أحمد ، لا في طبقات الحنابلة ولا في غيرها من كتب أهل السنة ، بل هو من افتراءات الرافضة- عليهم لعائن الله المتتابعة ، وهو ما يتبجح به الرافضي الحوراني ويلبس به على قرائه ، فقال : '(إن كلام أحمد هذا جاء عند " الكنجي الشافعي في كفاية الطالب»")والكنجي هذا من غلاة الروافض ، وإنما نسبوه إلى المذهب الشافعي بهتانا وزورا كما هو ديدنهم
وللأخ دمشقية ردود على هذا الأفاك المسمى الحوراني ، فكان مما قاله في الرد على هذه الشبهة المنسوبة إلى الإمام أحمد :
(كذبه على أحمد في رواية علي قسيم النار)
من ذلك قول الكوراني عن رواية (علي قسيم النار): « رواه الكنجي الشافعي في كفاية الطالب». « كنا عند أحمد بن حنبل فقال له رجل: ما تقول في هذا الحديث الذي يروى أن علياً قال: أنا قسيم النار؟ فقال أحمد: وما تنكرون من هذا الحديث؟! أليس روينا أن النبي قال لعلي: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق؟ قلنا : بلى. قال: فأين المنافق ؟ قلنا : في النار. قال: فعلي قسيم النار !!»
وهذه الرواية عن أحمد بأنه قد أقر بحديث (علي قسيم النار) لا وجود لها على الإطلاق في شيء من كتب السنة بل ومن كتب الحنابلة.
ولما طولب الكوراني بإثبات هذه الرواية من كتب السنة قال « إن كان لك مرجع أو إمام فاسأله عما نقلناه عن إمامك أحمد...)
موقع اهل الحديث