السؤال
أود أن أسأل حضرتكم عن شيء قد أرهقني التفكير فيه وهو: بسبب الأمطار الكثيرة التي هطلت، خرجت من فوهة المجاري التي في الشارع مياه كثيرة جدا، واختلطت مع مياه الأمطار في الشارع. وبعد توقف المطر استمرت المياه بالخروج من الفوهة. هل هذه المياه مياه مجاري نجسة أم إنها مياه الأمطار فقد مشيت عليها أنا وأولادي، ومن ثم ركبت السيارة ودخلت البيت بأحذيتنا، وقد نظفت أرضية المنزل، ونظفت حذائي، ولكن كلما دخلنا السيارة تلامس أحذيتنا مجددا أرضية السيارة ولا أعرف ما حكم هذه المياه، وقد أرهقني هذا الشيء فعلا. رجاء أفيدوني أفادكم الله وإيانا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالأمر لا يحتاج كل هذا الإرهاق والعناء, والقاعدة التي ينص عليها أهل العلم في المياه أن الأصل فيها الطهارة لا النجاسة, فإذا شككت في تلك المياه المتدفقة هل هي مياه أمطار أو مياه مجار، فإنه يُحكم بطهارتها بناء على الأصل وأنها مياه أمطار لا مياه مجار.
قال الشيخ السعدي- رحمه الله تعالى- في منظومته في القواعد:
والأصل في مياهنا الطهارة ***** والأرض والثياب والحجارة
فمن شك في الماء هل هو نجس أم طاهر، فإنه يُحكم بطهارته بناء على الأصل.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وكذلك لو أصابه شيء من طين الشوارع لم يحكم بنجاسته، وإن علم أن بعض طين الشوارع نجس. اهــ.
ثم إنه لو تحققت من وجود النجاسة واختلاطها بمياه الأمطار، فإنها تعتبر من المعفو عنها عند كثير من الفقهاء.
ففي التاج والإكليل للمواق المالكي: من المدونة: لا بأس بطين المطر المستنقع في السكك والطرق، يصيب الثوب أو الجسد، والخف والنعل، وإن كان فيه العذرة وسائر النجاسات، وما زالت الطرق وهذا فيها، وكانوا يخوضون المطر وطينه، ويصلون ولا يغسلونه. الشيخ: ما لم تكن النجاسة غالبة أو عينها قائمة. ابن بشير: يحتمل التقييد والخلاف، قال: كما لو كانت كذلك، وافتقر إلى المشي فيه لم يجب غسله كثوب المرضعة. وقال الباجي: يعفى عما تطاير من نجاسة الطرق وخفيت عينه، وغلب على الظن ولم يتحقق. اهــ.
وأيضا لو تحققت من تنجس أرضية السيارة فإنه لا يلزمك تطهيرها؛ لأنك لا تصلين عليها، ولا يلزمك أن تطهري حذاءك ما دمت لا تصلين فيه, ومن الجدير التنبيه على ضرورة الابتعاد عن تتبع الوساوس والشكوك؛ لأن الاسترسال معها سبب لرسوخها، فاحذري -أختي السائلة- أن تفتحي على نفسك باب الوسوسة فإنه شر قد يشق عليك إغلاقه مستقبلا.
والله تعالى أعلم.