هل تصح نسبة شيء من القبور للأنبياء والصحابة؟ ..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله، وبعد:
فقد تبين لي -بعد بحث طويل- أنه لا تصح نسبة شيء من القبور المنسوبة إلى الأنبياء الكرام -صلوات الله عليهم- والصحابة -رضوان الله عليهم- سوى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبري الخليفتين الراشدين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وثلاثتها في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم في غرفة عائشة رضي الله عنها، وقد صحت الأخبار بذلك وصرحت به، بل هومتواتر تواتراً عرفياً جيلاً بعد جيل.
أما من عدا نبينا صلى الله عليه وسلم من الأنبياء، فلا يعرف قبر أحد منهم على وجه التحديد، إذ لا يوجد خبر صحيح صريح واحد عن تحديد قبر واحد منهم!
وكذلك من عدا الخليفتين الراشدين العمرين -رضي الله عنهما- فلا يعرف قبر أحد من الصحابة على وجه التحديد لعدم وجود خبر صحيح صريح بذلك!
وأنبه هنا إلى أن معرفة منطقة الوفاة أوالشهادة أوالدفن لا تعني تحديد القبر، ولا يعنى عدم معرفة القبر بعينه أن تكون منطقة الوفاة أوالشهادة أوالدفن غير معروفة!
فقد صح أن موسى عليه السلام قد دفن على مرمى حجر من بيت المقدس عند الكثيب الأحمر، وهذا يعنى أن مكان وفاته معروف ولكن ذلك لا يعني أن قبره بعينه معروف.
وكذلك فقد تواتر بما لا يدع مجالاً لشك أواحتمال: استشهاد سيد الشهداء حمزة في منطقة أحد، ولكن ذلك لا يعني أن قبره معروف! -وهذا القبر المنسوب إليه اليوم من نسج الخيال إذ لا يوجد خبر صحيح صريح يدل عليه! -
كما تواتر بما لا يدع مجالاً لشك استشهاد القادة السادة الثلاثة -زيد وجعفر وعبد الله بن رواحة- في مؤتة من أرض الشام ولكن ذلك لا يعني أننا نعرف قبورهم بعينها! -ويقال في هذه القبور المنسوبة إليهم ما قيل في قبر حمزة! فهي قبور وهمية-
وأنبه إلى أمر آخر وهوأنه لا يجوز الاعتماد على قول مؤرخ من المؤرخين في تحديد موقع قبر بعينه وبخاصة عندما يكون المؤرخ متأخراً!
وعدم وجود سند صحيح بخبر صريح يحدد شيئاً من هذه القبور يعنى أنها مكذوبة إلا أن يأتي من يزعم صحة نسبتها لمن نسبت إليهم ببرهان مبين يثبت به صحة هذه النسبة وإلا فهوكاذب لقول الله تعالى: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) "فصح أن من لا برهان له فهوكاذب في دعواه"!
هذا بالإضافة إلى التناقض في الأخبار التي رويت عن مدفن كثير من الصحابة رضي الله عنهم حيث يزعم بعضها دفن صحابي في مكان ويزعم الآخر دفنه في مكان آخر!
وهذا بالإضافة إلى استحالة تصديق كثير من الأخبار التي تنسب بعض القبور إلى بعض الأصحاب رضي الله عنهم!
وبهذا يسقط رأس مال الوثنيين الذين يتاجرون بهذه القبور المنسوبة إلى الأنبياء والصحابة!
ولعل الله تعالى أن ييسر لنا الكتابة بشكل مفصل حول هذا الموضوع إن شاء الله تعالى فهويستحق الاهتمام.
والحمد لله رب العالمين
الحارثي
قبور بعض الصحابة صحت عند أهل المدينة مثلا مثل قبر عثمان رضي الله عنه في حش كوكب
"بل هومتواتر تواتراً عرفياً جيلاً بعد جيل."
وكذا يقال في غيره.
ومن حفظ حجة على من لم يحفظ
راجي رحمة ربه
جزى الله الأخ الحارثي خيرا
أقول: وكذلك قبر خالد بن الوليد في حمص مزور
__________________
محمد الأمين
قلت: "قبور بعض الصحابة صحت عند أهل المدينة"
فهلا ذكرت لنا من هم، أوواحداً منهم! وكيف صح ذلك لديهم؟! وهل أجمع أهل المدينة على ذلك؟!
وهل صح تحديد قبر عثمان رضي الله عنه؟! نعم ذكرت كتب السيرة أنه دفن في هذه البقعة وأنها ألحقت بالبقيع ولكن كيف ثبت أن هذا على وجه التحديد قبر عثمان رضي الله عنه؟!
الحارثي
أخي محمد الأمين: وجزاك الله خيراً كذلك للفائدة التي ذكرتها.
الحارثي
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الحارثي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد بن عبد الله، وبعد:
فقد تبين لي -بعد بحث طويل- أنه لا تصح نسبة شيء من القبور المنسوبة إلى الأنبياء الكرام -صلوات الله عليهم- والصحابة -رضوان الله عليهم- سوى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقبري الخليفتين الراشدين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وثلاثتها في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم في غرفة عائشة رضي الله عنها، وقد صحت الأخبار بذلك وصرحت به، بل هومتواتر تواتراً عرفياً جيلاً بعد جيل.
المشاهد والقبور الصحيح منها والمكذوب، وخطورة التعلق بها
أولاً: ما صح من قبور الأنبياء والرسل عليهم السلام
ثانياً: المشاهد المكذوبة المنسوبة لبعض الأنبياء والرسل عليهم السلام
ثالثاً: المشاهد المكذوبة المنسوبة إلى بعض الصحابة والتابعين وغيرهم
النهي والتحذير من بناء المشاهد والقباب على القبور
ما يستفاد من مجموع هذه الأحاديث والآثار
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الناصح الأمين، ورضي الله عن آله وصحابته الغر الميامين، وبعد ..
على الرغم من أن الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم نهى وحذر أمته من التعلق بالقبور، وسدَّ كل الذرائع المؤدية إلى ذلك، ما فتئت طائفة من المسلمين كبيرة متعلقة بذلك، ومتخذة لما حذرهم رسولهم عن اتخاذه من الوسائط والعلائق التي هي أوهى من خيط العنكبوت، مع سبق الإصرار والعزم، والمضي قدماً فيه، رادِّين للأحاديث والأوامر الصريحة.
وليت قومي اكتفوا بما صح من مشاهد وما علم من مقابر، بل اخترعوا مشاهد موهومة ومقابر مزعومة، ومراقد مكذوبة، وبالغوا في تعظيمها، واجتهدوا في تكريمها، ولا يزال الشيطان يزين لهم هذا الباطل، ويؤكده لهم، ويشجعهم ويحثهم على العكوف عليه.
المشاهد والقبور التي يتعلق بها قطاع كبير من المسلمين لبعض الأنبياء والرسل، والعلماء، والصالحين، منها ما هوصحيح، ومنها ما هوكذب، ومنها ما هومختلف فيه.
وقد نبه شيخ الإسلام ومفتي الأنام أحمد بن عبد الحليم الإمام الشهير بابن تيمية إلى أهم المشاهد التي يتعلق بها الناس قديماً وحديثاً، وبين الصحيح منها والمكذوب، والمختلف فيها، وإليك خلاصة ما ذكره1 ابن تيمية ومثل به:
أولاً: ما صح من قبور الأنبياء والرسل عليهم السلام
لم يصح من قبور الأنبياء والرسل عليهم السلام سوى قبرين، هما:
1. قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، وهومنقول بالتواتر، ولم يشك فيه أحد.
2. وقبر الخليل إبراهيم عليه السلام.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (القبر المتفق عليه هوقبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وقبر الخليل فيه نزاع، لكن الصحيح الذي عليه الجمهور أنه قبره).
وقال في موضع آخر من الكتاب: (وأما قبر الخليل عليه السلام قالت العلماء على أنه حق، لكن كان مسدوداً بمنزلة حجرة النبي، ولم يكن عليه مسجد، ولا يصلي أحد هناك، بل المسلمون لما فتحوا البلاد على عهد عمر بن الخطاب بنوا لهم مسجداً يصلون فيه في تلك القرية، منفصلاً عن موقع الدير، ولكن بعد ذلك نقبت حائط المقبرة كما هوالآن النقب الظاهر فيه، فيقال: إن النصارى لما استولوا على البلاد نقبوه وجعلوه كنيسة، ثم لما فتحه المسلمون لم يكن المتولي لأمره عالماً بالسنة حتى يسده، ويتخذ المسجد في مكان آخر، فاتخذ ذلك مسجداً، وكان أهل العلم والدين العالمون بالسنة لا يصلون هناك).
ثانياً: المشاهد المكذوبة المنسوبة لبعض الأنبياء والرسل عليهم السلام
كل مشهد أوقبر أضيف لنبي من الأنبياء سوى نبينا محمد وأبينا إبراهيم عليهما السلام فهوكذب محض، لعدم قيام الدليل على ذلك، مثل المشاهد المضافة إلى كل من نوح، وهود، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف، ويونس، وإلياس، واليسع، وشعيب، وموسى، وزكريا، ويحيى عليهم السلام، وإليك بعض توضيح ذلك:
1. القبر المضاف إلى هود عليه السلام بجامع دمشق، هوقبر معاوية، لأن هود بعث باليمن وهاجر إلى مكة ولم يذهب إلى الشام، وقيل إنه مات بمكة، وقيل باليمن.
2. كان بحران مسجد يقال له مسجد إبراهيم يظن الجهال أنه إبراهيم الخليل، وإنما هوإبراهيم بن محمد بن عبد الله بن عباس، الذي كانت دعوة الخلافة العباسية له، فحبس هناك حتى مات وأوصى بالخلافة إلى أخيه أبي جعفر المنصور.
3. المسجد الذي كان بجانب عُرَنَة - الذي بني في موضعه مسجد عرفة - الذي يقال له مسجد إبراهيم، فإن بعض الناس يظن أنه إبراهيم الخليل، وإنما هومن ولد العباس، والمسجد إنما بني في دولة بني العباس، علامة على الموضع الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر يوم عرفة.
4. القبر المنسوب إلى نوح عليه السلام ببعلبك كذب قطعاً.
5. القبران المنسوبان لزكريا ويحيى عليهما السلام بالمسجد الأموي بدمشق كذب محض أيضاً.
ثالثاً: المشاهد المكذوبة المنسوبة إلى بعض الصحابة والتابعين وغيرهم
هناك العديد من القبور التي بنيت عليها مشاهد - قباب ونحوها - المنسوبة لبعض الصحابة والتابعين، وغيرهم، لا تصح نسبة هذه القبور لمن نسبت إليهم، وإليك نماذج من ذلك:
1. المشهد المنسوب لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه والذي تؤلهه الشيعة بالنجف هوقبر المغيرة بن شعبة رضي الله عنه
قال شيخ الإسلام ابن تيمية وهويعدد المشاهد المختلقة: (وكذلك قبر علي رضي الله عنه الذي بباطنة النجف بالكوفة، فإن المعروف عند أهل العلم أنه دفن بقصر الإمارة بالكوفة كما دفن معاوية بقصر الإمارة بالشام، ودفن عمرو- بن العاص - بقصر الإمارة بمصر، خوفاً عليهم من الخوارج أن ينبشوا قبورهم، فإن الخوارج تحالفوا على قتلهم، فقتل عبد الرحمن بن ملجم علياً وهوخارج إلى صلاة الفجر بمسجد الكوفة باتفاق الناس، ومعاوية ضربه الذي أراد قتله على إليته فعولج من ذلك وعاش، وعمروبن العاص استخلف على الصلاة رجلاً اسمه خارجة، فضربه الخارجي فظنه عمراً، وقال: أردت عمراً وأراد الله خارجة).
لقد خذل الله الرافضة بعبادة رجل من ألد أعدائهم، المغيرة، وهم يحسبون أنه علي الذي يرفعونه هووبعض آل بيته إلى درجة الألوهية.
2. مشهد رأس الحسين رضي الله عنه بالقاهرة
هذا المشهد الذي أصبح صنماً يعبد من دون الله ويطاف حوله كما يطاف بالكعبة المشرفة ينسب زوراً وبهتاناً للإمام البطل الشهيد الحسين بن علي رضي الله عنهما، ويؤكد العلماء الأثبات والمؤرخون الثقات أن رأس الحسين رضي الله عنه بالمدينة بالبقيع، وأن جسده الطاهر بالمدينة بكربلاء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وكذلك مشهد الرأس الذي بالقاهرة، فإن المصنفين في مقتل الحسين اتفقوا على أن الرأس لم يعرف، وأهل المعرفة بالنقل يعلمون أن هذا أيضاً كذب، وأصله - أي المشهد الذي بالقاهرة - أنه نقل من مشهد بعسقلان، وذاك المشهد بني قبل هذا بنحومن ستين سنة، في أواخر المائة الخامسة، وهذا بني في أثناء المائة السادسة، بعد مقتل الحسين بنحومن خمسمائة عام، والقاهرة بنيت بعد مقتل الحسين بنحومن ثلاثمائة عام، وهذا المشهد بني بعد بناء القاهرة بنحومائتي عام.
وقال:
وأما المكذوب قطعاً - من المشاهد - فكثير، مثل قبر علي بن الحسين الذي بمصر، فإن علي بن الحسين توفي بالمدينة بإجماع الناس ودفن بالبقيع، ويقال إن قبة2 العباس بها قبره، وقبر الحسن، وعلي بن الحسين، وأبي جعفر الباقر، وجعفر بن محمد، وفيها أيضاً رأس الحسين.
وأما بدنه فهوبكَرْبَلاء باتفاق الناس، والذي صح ما ذكره البخاري في صحيحه3 من أن رأسه حُمل إلى عبيد الله بن زياد، وجعل ينكت بالقضيب على ثناياه، وقد شهد ذلك أنس بن مالك، وفي رواية أخرى أبوبَرْزَة الأسلمي، وكلاهما كانا بالعراق، وقد روي بإسناد منقطع أومجهول4 أنه حمل إلى يزيد5 وجعل ينكت بالقضيب على ثناياه، وأن أبا برزة كان حاضراً وأنكر ذلك، وهذا كذب، فإن أبا برزة لم يكن بالشام عند يزيد، وإنما كان بالعراق).
3. القبر المنسوب إلى عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما بالجزيرة بالعراق
وذلك لأن الأمة متفقة على أن عبد الله بن عمر مات بمكة، عام قتل ابن الزبير، وأوصى أن يدفن في الحل لأنه من المهاجرين، فشق عليهم فدفنوه بأعلى مكة6، ويقال بالحجون، والصحيح القول الأول.
4. القبر المضاف إلى أبَيّ بن كعب رضي الله عنه بشرق دمشق
من الكذب البين، لأن أبي بن كعب مات بالمدينة باتفاق أهل العلم.
5. القبر المنسوب إلى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما بظاهر حَرَّان
لأن لعلماء متفقون على أن جابراً توفي بالمدينة ودفن بها، وهوآخر من مات من الصحابة بها.
6. المشاهد المنسوبة لبعض أمهات المؤمنين أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما بدمشق
من المشاهد المكذوبة التي يتعلق بها الجهلة والعوام قبر لأم حبيبة أوأم سلمة بدمشق، وذلك لأن الناس متفقون على أن سائر أمهات المؤمنين متن بالمدينة ودفنَّ بها، إلا جويرية بنت الحارث رضي الله عنها فقد ماتت ودفنت في نفس المكان الذي بنى عليها فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتنعيم بين مكة والجموم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وكذلك أمهات المؤمنين كلهن توفين بالمدينة، فمن قال بظاهر دمشق قبر أم حبيبة أوأم سلمة أوغيرهما فقد كذب، ولكن من الصحابيات بالشام امرأة يقال لها أم سلمة أسماء بنت يزيد بن السكن، فهذه توفيت بالشام، فهذه قبرها محتمل، كما أن قبر بلال ممكن لأنه دفن بباب الصغير بدمشق، فنعلم أنه دفن هناك، وأما القطع بتعيين قبره ففيه نظر، فإنه يقال: إن تلك القبور حَدَثت).
7. القبر المضاف لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه بباب الصغير كذب كذلك
وإنما هوقبر معاوية بن يزيد بن معاوية، الذي تولى الخلافة مدة قصيرة ثم مات، ولم يعهد إلى أحد، وكان فيه دين وصلاح، ولكن لما اشتهر القبر أنه قبر معاوية ظن الناس أنه معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.
8. القبر المنسوب إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه بحمص
هوقبر خالد بن يزيد بن معاوية أخويزيد - ابن معاوية بن يزيد - ولما اشتهر أنه خالد والمشهور عند العامة خالد بن الوليد ظنوا أنه خالد بن الوليد رضي الله عنه.
9. القبر المنسوب إلى التابعي الجليل أويس القرني رحمه الله غربي دمشق
من المشاهد المكذوبة المشهد المنسوب إلى أويس القرني غربي دمشق، لأن أويساً لم يجئ إلى الشام، وإنما ذهب إلى العراق، وهذا يكذب ما حكاه أبوعبد الرحمن السلمي أن أويساً توفي بدمشق.
1.. القبر المنسوب لعلي بن الحسين بمصر
فعلي بن الحسين كما مر توفي بالمدينة ودفن بالبقيع.
هذا قليل من كثير، وغيض من فيض من المشاهد، والقبور، و"البيانات" التي ينسبها الجهال لبعض الأنبياء، والصحابة، والتابعين، ومن بعدهم، هذا بجانب القبور المختلف عليها والمشتبه فيها.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذه المشاهد حدثت بعد القرون الثلاثة الفاضلة، سيما في عصر دولة بني "بُوَيه" الرافضية ومن تلاهم.
النهي والتحذير من بناء المشاهد والقباب على القبور
لم ينتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى إلا بعد أن دل أمته على كل خير، ونهاهم وحذرهم عن كل شر، من ذلك نهيه وتحذيره لهم من التعلق بالقبور والبناء عليها، وسؤال أصحابها، وإليك الأدلة:
1. قال في مرضه الذي مات فيه: "لعن الله اليهودَ والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد"، يحذر ما صنعوا، قالت عائشة: ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجداً".7
2. وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قبل أن يموت بخمس: "إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك"8.
والمراد باتخاذها مساجد الدعاء عندها، والصلاة إليها، وطلب الحاجات من أصحابها، والذبح والنذر لها، سواء بني عليها مسجد أم لا.
3. وفي الموطأ9: "اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".
4. وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد".1.
5. وصح عنه أنه قال: "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها".11
6. وعن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: "ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ألا أدع قبراً مشرفاً إلا سويته، ولا تمثالاً إلا طمسته"12، وفي رواية "صورة"، مما يدل على عدم التفريق بين المجسمات التي لها ظل وما ليس لها ظل.
7. وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لعن الله زوَّارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج".13
8. استشار رجل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن يبني فسطاطاً على ميت له، فقال له: "لا تفعل، إنما يظله عمله".
9. وفي الصحيحين عن أم سلمة وأم حبيبة رضي الله عنهما أنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأينها بأرض الحبشة، وذكرتا حسنها، وتصاوير فيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوَّروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة".14
1.. روى حرب الكرماني عن زيد بن ثابت أن ابناً له مات فاشترى غلام له جَصاً وآجُراً ليبني على القبر، فقال له زيد: حفرتَ وكفرتَ، أتريد أن تبني على قبر ابني مسجداً؟ ونهاه عن ذلك.
11. لما فتح المسلمون تُسْتَر، ووجدوا فيها قبر دانيال، ووجدوا عنده مصحفاً15، قال أبوالعالية: أنا قرأت ذلك المصحف، فإذا فيه أخباركم وسيركم، ولحون كلامكم؛ وشموا من القبر رائحة طيبة، ووجدوا الميت بحاله لم يبل16، فكتب في ذلك أبوموسى الأشعري إلى عمر بن الخطاب، فأمره أن يحفر بالنهار بضعة عشر قبراً، فإذا كان الليل دفنه في قبر من تلك القبور ليخفي أثره، لئلا يفتتن به الناس، فينزلون به، ويصلون عنده، ويتخذونه مسجداً.17
12. وفي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: كنت أصلي وهناك قبر، فقال عمر بن الخطاب: القبر القبر! فظننته يقول: القمر، وإذا هويقول: القبر، أوكما قال.18
ما يستفاد من مجموع هذه الأحاديث والآثار
أولاً: أن المسلم إذا مات يدفن في مقابر المسلمين، ولا يدفن في غيرها، وإن وصى أن يدفن عند مسجد أوفي بيته لا تنفذ وصيته لكي لا يتخذ قبره عيداً، سيما لوكان ممن يعتقد فيه بعض العوام.
ثانياً: لا يحل البناء على القبور، ولا تجصيصها، ولا الكتابة عليها، ولا إنارتها إلا من أجل الدفن ليلاً، أومنعاً لدفن أحد من غير شهادة وفاة أومعرفة، تحسباً من استغلال المجرمين لذلك.
ثالثاً: يحرم الدفن في المساجد سواء كان إلى جهة القبلة أم لا، ومن باب أولى بناء مسجد على قبر، ولا مصلى في مقبرة، سداً للذريعة، وبالأحرى كذلك بناء القباب، ولا ينبغي لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يعين على ذلك، بأجرة أوبغير أجرة، لا مهندساً ولا بناء ونحوهما.
رابعاً: زيارة القبور جائزة للرجال ومنعت منها النساء في أرجح قولي العلماء، وقد أجاز مالك للمتجالة، والأرجح منع الجميع.
وينبغي أن يكون غرض الزائر العظة، والاعتبار، والسلام، والدعاء للأموات، أما من كان غرضه التبرك بأحد القبور، وطلب الحوائج من أصحابها، أوالنذر والذبح لأحدهم، فهذه هي الزيارة الشركية التي منع منها الشارع.
خامساً: ينبغي لولاة الأمر منع البناء على القبور وهدم البناء الموجود، ونشر الأموات الذين دفنوا في المساجد، فهذا من أوجب الواجبات على الحاكم.
سادساً: من نذر لقبر أوميت فلا يحل له الوفاء بهذا النذر لأنه نذر معصية، بل شرك، وكذلك يحرم الوقف من أجل القبور.
قال العلماء: إنه لا يجوز أن ينذر للقبور، لا زيت، ولا شمع، ولا نفقة، ولا نحوذلك.
سابعاً: لا تشد الرحال لتلك القبور والمشاهدن بل لا تشد الرحال إلا إلى المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى: "لا تشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدي هذا".19
وفي السنن أن بصرة بن أبي بصرة لما رأى بعض من زار الطور - الذي كلم الله عليه موسى - نهاه عن ذلك، وقال له: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تشد الرحال .. " الحديث.
ثامناً: يحرم عمل الحوليات والموالد للمشايخ، لا عند قبورهم، ولا في دورهم، ولا غير دورهم.
تاسعاً: من زار القبور سلم عليهم: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين.
عاشراً: الطعام والذبائح التي تقدم إلى هؤلاء المشايخ الأموات لا يحل أكلها سواء سمى الذابح باسم الله أم لا؟ فهي مما أهل به لغير الله، ولهذا لابد من الانتباه لبعض "الكرامات" التي يحضرها البعض في المساجد.
والله الموفق للصواب، وله المرجع والمآب، وصلى الله وسلم على محمد وآله والأصحاب.
http://www.islamadvice.com/akida/akida17.htm__________________
عبدالله بن خميس!
رياض نجد
قلنا إنه لا تصح نسبة قبر لنبي سوى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أما القبر المنسوب لأبينا إبراهيم صلى الله عليه وسلم، فلا يصح فيه شيء، وما بين دفن أبينا إبراهيم -عليه السلام- وبين أمة محمد صلى الله عليه وسلم وفتحها للشام -ومنها الخليل- مفاوز تنقطع فيها أعناق المطي!
نعم هوأمر مشتهر بين الناس قبل الإسلام وبعده ولكن لا دليل عليه صحيح صريح. وهذه الشهرة لم تقم على أساس يعتد به، ولم أجد فيما قرأت من آثار وأخبار نصاً صحيحاً صريحاً يؤكد أن القبر الذي في الخليل -فك الله أسرها- هولأبينا الخليل صلى الله عليه وسلم فيبقى النزاع الذي أكد عليه شيخ الإسلام -نور الله قبره- مستمراً حتى يثبت من يقول إنه قبره ذلك ببرهان صحيح صريح.
ويقال ذلك أيضاً في القبور المنسوبة إلى الصحابة رضوان الله عليهم. فكل ما قيل في القبور المنسوبة إليهم لا يصح منه شيء! -باستثناء قبري العمرين -رضي الله عنهما- ومن ذلك القبر المنسوب لعلي رضي الله عنه وهوفي الوقت نفسه منسوب للمغيرة ولا يصح كل منهما وليس أحد الدعويين بأولى من الأخرى!
وقد أشرنا في كلمتنا السابقة إلى أن هناك تناقضاً في نسبة بعض القبور وقلنا إن ذلك من أسباب تكذيبنا لها كما أن هناك أخباراً يستحيل تصديقها كنسبة بعض كتب التاريخ المعبد الوثني للحسين رضي الله عنه وهومنه براء لأنه قتل في كربلاء فما أوصله إلى تلك البلاد؟! ومثل ذلك أكذوبة وجود رأسه في ذلك المعبد المشار إليه فهي لا تقل غرابة عن قصة وجود جسده كاملاً ولشيخ الإسلام -رحمة الله ورضوانه عليه- كلام قيم في هذا الموضوع.
الخلاصة التي توصلنا إليها (بعد بحث طويل) هي ما نبهنا عليه سابقاً: أنه لا تصح نسبة قبر أحد من الأنبياء أوالصحابة إلى أحد منهم سوى قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من الأنبياء، وقبري العمرين رضي الله عنهما من الأصحاب، وما عدا هذه القبور الثلاثة، لا يصح شيء منها حتى يلج الجمل في سم الخياط!
وقد نبهنا سابقاً إلى أن مجرد قول إنسان لم يحضر دفن النبي أوالصحابي إنه دفن هنا لا يعتد به! فلا بد من إسناد صحيح وخبر صريح على ذلك وإلا فلا قيمة له، وكل الأخبار التي نسبت القبور والمشاهد ما بين صريح غير صحيح أوصحيح غير صريح! والله تعالى أعلم.
الحارثي
الأخ الحارثي فيه كتاب اسمه البلدانيات لأحد العلماء وذكر فيه الاتفاق على قبر إبراهيم وفيه غيره من الكتب فما أدري مرت عليك
وقولك (وهذه الشهرة لم تقم على أساس يعتد به) فهذه مسألة تاريخية لها قواعد معروفة عند العلماء وفي كتاب (منهج كتابة التاريخ) للسلمي قواعد في التاريخ
ولكن أخي الحارثي كيف نرد على هذا الكلام
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله
(وأما قبر الخليل عليه السلام قالت العلماء على أنه حق، لكن كان مسدوداً بمنزلة حجرة النبي، ولم يكن عليه مسجد، ولا يصلي أحد هناك، بل المسلمون لما فتحوا البلاد على عهد عمر بن الخطاب بنوا لهم مسجداً يصلون فيه في تلك القرية، منفصلاً عن موقع الدير، ولكن بعد ذلك نقبت حائط المقبرة كما هوالآن النقب الظاهر فيه، فيقال: إن النصارى لما استولوا على البلاد نقبوه وجعلوه كنيسة، ثم لما فتحه المسلمون لم يكن المتولي لأمره عالماً بالسنة حتى يسده، ويتخذ المسجد في مكان آخر، فاتخذ ذلك مسجداً، وكان أهل العلم والدين العالمون بالسنة لا يصلون هناك)
__________________
عبدالله بن خميس!
رياض نجد
لقد قرأت نقل الاتفاق على موضع القبر من أكثر من مرجع ولم أغفل عن ذلك والحمد لله، وقرأت كلام شيخ الإسلام المذكور هنا وكلامه في مواضع أخرى، ولكن المسائل العلمية -كما أذكر دائماً- لا تقوم على اسم من نقلها بل تقوم على البرهان الذي يأتي به من نقلها! وقد قلت إنه لا يوجد نص صحيح صريح على تحديد قبر أبينا إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-.
بل إن كلام شيخ الإسلام المذكور سابقاً يؤكد وجود التنازع ويلغي بذلك دعوى الإجماع من أساسها! ويبقى أمامنا أن نطالب من يرجحون تحديد قبر الخليل بالبرهان على قولهم!
الحارثي
أما قبور الصحابة في البقيع فقد حفظت وأهل المدينة توارثوا تحديدها وما أظن أن أحدا من المسلمين الذين سكنوا المدينة نسوا قبر فاطمة رضي الله عنها والحسن والعباس وبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجات رسول الله أمهات المؤمنين، فهل إندثرت قبورهم أوفتحت ودفن غيرهم فيها، على كل كثير من الناس يأخذه الحماس إحتسابا على مظاهر الغلوفيقوم بإنكار كل ما ثبت بالتواتر، بحجة عدم وجود نصوص، وكذلك قبر حمزة رضي الله عنه والشهداء في أحد وكذلك الشهداء في بدر، وخديجة أم المؤمنين بالمعلاة وميمونة أم المؤمنين بسرف (النوارية) وغيرها، وإذ أراد أحد أن يعرف مواقع قبور بعض الصحابة في البقيع فليرجع إلى تواريخ المدينة القديمة والحديثة، وهي متقاربة الزمن في التأليف فلا يكاد يخلوا قرن لم يؤلف فيه عن تاريخ المدينة، ويجد فيه حتى تحديدها بالأذرع وتباعدها عن بعض، وكما نقل أخونا راجي رحمة ربه قولهم من حفظ حجة على من لم يحفظ.
سعد سعيد
أذكر دائماً بتقوى الله تعالى وبقوله تعالى: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)
وأذكر أيضاً بأن كل قول لا برهان عليه فهوباطل. وقد قال تعالى: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين).
لقد قلتَ: "أما قبور الصحابة في البقيع فقد حفظت وأهل المدينة توارثوا تحديدها"أهـ.
فأرجوأن تخبرني كيف كان ذلك ومَن مِن أهل المدينة يعرف تحديد هذه القبور وكيف عرف ذلك!
ثم تقول: "وما أظن أن أحدا من المسلمين الذين سكنوا المدينة نسوا قبر فاطمة رضي الله عنها والحسن والعباس وبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجات رسول الله أمهات المؤمنين، فهل إندثرت قبورهم أوفتحت ودفن غيرهم فيها"أهـ.
فأقول لك: (إن الظن لا يغني من الحق شيئاً) وأنت هنا لم تأت ببرهان، ومع ذلك فإننا لا نرى أي إشكال في أن ينسى أهل المدينة قبور هؤلاء الكرام وغيرهم، وبخاصة وأنه لم يكن للقبور وتحديدها أهمية كما هوعند بعض الناس اليوم الذين تركوا الحقائق وتوجهوا إلى الخرافات وتركوا العمل الذي أراده الشرع وتوجهوا إلى ما لا قيمة له ليلهوا الناس عن دينهم وعلقوهم بما يضرهم ولا ينفعهم!
ولولا أنني لا أرى الأخذ والرد في هذا الموضوع لأطلعتك على تصديق البعض -وربما تكون منهم- بأن أهل المدينة نسوا شيئاً من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وكيفيتها وأنهم نسوا كثيراً من أحكام الشريعة! ولذلك عد عملهم عند البعض ليس بحجة من أجل ذلك! فلا أدري على أي أساس تستشكل أن ينسوا هذه القبور مع مرور الزمن وتطاول العهد، وقد كانوا مشغولين بما هوأولى وأهم!
فلا إشكال إذن إن قلنا إنهم نسوا قبور هؤلاء الكرام من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم أوغيرهم! فمعرفة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أوغيره من الأنبياء أومعرفة قبور الصحابة ليس لها أية أهمية أصلاً؛ فضلاً عن أن تقارن بالدين الذي بلغنا إياه الرسول صلى الله عليه وسلم وحمله إلينا أصحابه رضي الله عنهم.
ثم تقول: "على كل كثير من الناس يأخذه الحماس إحتسابا على مظاهر الغلوفيقوم بإنكار كل ما ثبت بالتواتر"أهـ.
وأرى أنه قد بلغ بك الحماس كل مبلغ حتى إنك تلمح -إن لم تكن تصرح- بأن تحديد هذه القبور متواتر! ونحن لما نتفق بعد على صحة تحديد شيء من هذه القبور أصلاً.
وأذكرك هنا بما قلتُه سابقاً: "أن معرفة منطقة الوفاة أوالشهادة أوالدفن لا تعني تحديد القبر، ولا يعنى عدم معرفة القبر بعينه أن تكون منطقة الوفاة أوالشهادة أوالدفن غير معروفة! "
ثم تقول: "وكذلك قبر حمزة رضي الله عنه والشهداء في أحد وكذلك الشهداء في بدر، وخديجة أم المؤمنين بالمعلاة وميمونة أم المؤمنين بسرف (النوارية) وغيرها"أهـ.
فنقول لك: (هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) فإن كان عندك من علم فأخرجه لنا، وقل لنا كيف عرفت أن هذه القبور بعينها هي لهؤلاء الصحابة رضي الله عنهم!
ثم تقول: "وإذ أراد أحد أن يعرف مواقع قبور بعض الصحابة في البقيع فليرجع إلى تواريخ المدينة القديمة والحديثة، وهي متقاربة الزمن في التأليف فلا يكاد يخلوا قرن لم يؤلف فيه عن تاريخ المدينة، ويجد فيه حتى تحديدها بالأذرع وتباعدها عن بعض"أهـ.
فأقول: لقد رجعنا إلى تلك الكتب وتتبعنا ما قيل فيها حول أي قبر من القبور وقد كان بحثنا في هذا الأمر طويلاً ومتأنياً وليس كما قد تظن؛ فما وجدنا قبراً محدداً تصح نسبته ولم نجد خبراً صحيحاً صريحاً يحدد قبراً من هذه القبور. وإنما هي أخبار لا خطام لها ولا زمام!
وقد نبهنا وننبه إلى أن قول من لم يشهد الدفن أويسمع ممن شهد الدفن أويسمع ممن سمع منهم ... كعدمه لا يقدم ولا يؤخر ولا يساوى في سوق الحقيقة شيئاً فليفهم هذا والله الموفق، والحمد لله رب العالمين.