((اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ))([1]).
المفردات:
((اللَّهم)): يا اللَّه: ولا تستعمل هذه الكلمة إلا في الطلب، فلا يقال اللَّهم غفور رحيم، وإنما يقال: اللَّهم اغفر لي، وارحمني .. ونحو ذلك.
((ربنا)): معنى الرب: هو المالك، والسيد , والمدبر, والمربي, والمنعم, والمتصرف للإصلاح, ولا يستعمل الرب لغير اللَّه إلا بالإضافة، نحو: رب الدار, ورب البيت([2]).
الشرح:
هذه أول الدعوات النبوية الجليلة في كتاب المؤلف حفظه اللَّه تعالى ووفقه، بدأ بها لأنها كانت أكثر دعوات النبي صلى الله عليه وسلم فقد جاءت هذه الدعوة في كتاب اللَّه بلفظ: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً﴾([3]). وجاءت بالسنة بزيادة ((اللَّهم))، فأصبح اللفظ: ((اللَّهم ربنا))، ولم يأت مثل هذا اللفظ الجليل في القرآن العظيم: ((اللَّهم ربنا)) إلا في دعوة عيسى عليه السلام : ﴿اللَّهمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ﴾([4]).
فنادى اللَّه تعالى بهذا اللفظ مرتين: مرة بوصف الألوهية ((اللَّهم)) الجامعة لجميع الكمالات من الأسماء والصفات، ومرةً بوصف الربوبية ((ربنا)) المنبئة عن التربية والإنعام، إظهاراً لغاية التضرع، ومبالغة في الدعاء استعطافاً لله تعالى ليجيب الدعاء([5])، و ذلك لعظم هذه الدعوة؛ لما فيها من جزيل المعاني، وعظيم المطالب والمقاصد، فقد جمعت معاني الدعاء كلِّه من خيري الدنيا والآخرة، [وفيها الالتجاء إلى اللَّه تعالى، وطلب الوقاية من عذاب النار، التي هي أعظم الشرور بأوجز لفظ، وهذا من جوامع الكلم التي أعطيها نبينا صلى الله عليه وسلم جاءت بها الشريعة العظيمة المطهرة.
([1]) البخاري، كتاب التفسير، باب ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً﴾، برقم 4522، ورقم 6389، ومسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، برقم 2690.
([2]) النهاية، 2/ 179.
([3]) سورة البقرة، الآية: 201.
([4]) سورة المائدة، الآية: 114
([5]) تفسير أبي السعود، 2/ 340، والضوء المنير، 2/ 472.