اللَّهُمَّ اهْدِنِي، وَسَدِّدْنِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالسَّدَادَ))([1]).
المفردات:
(اهدني): الهداية هي الدلالة والإرشاد .
(السداد): السداد هو الاستقامة، والقصد في الأمور([2]).
الشرح:
هذا الدعاء المبارك يتضمن أهم المطالب، وأشرف المواهب، ولا يحصل الفلاح والسعادة إلا بهما، وهما الهداية والسداد، فسؤال اللَّه الهُدَى وهو المعرفة بالحق تفصيلاً وإجمالاً, والتوفيق لاتباعه ظاهراً وباطناً .
وسؤال اللَّه السداد، وهو التوفيق والاستقامة في جميع الأمور بما يكون صواباً على الحق، والطريق المستقيم في القول والفعل والاعتقاد، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّه وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾([3]) بيّن اللَّه تعالى أنه يترتب عليه فائدتان:
1 – صلاح الأعمال .
2 – مغفرة الذنوب([4]).
عَنْ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى، أَنَّ عَلِيًّا، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ((سَلِ اللهَ تَعَالَى الْهُدَى، وَالسَّدَادَ ، وَاذْكُرْ بِالْهُدَى هِدَايَتَكَ الطَّرِيقَ، وَاذْكُرْ بِالسَّدَادِ تَسْدِيدَكَ السَّهْمَ))([5]).
وقوله صلى الله عليه وسلم (واذكر بالهدى هدايتك الطريق): أن تذكر في حال دُعائك الهداية من ركب متن الطريق ((لا يكاد يفارق الجادة، ولا يعدل عنها يمنة ويسرة خوفاً من الضلال، وبذلك يصيب الهداية، وينال السلامة، يقول: إذا سألت اللَّه تعالى الهدى, فاخطر بقلبك هداية الطريق، وسل اللَّه الاستقامة، كما تتحرَّاه في هداية الطريق إذا سلكتها))([6]) .
قوله: (والسداد سداد السهم): واخطر المعنى في قلبك كذلك حين تسأل اللَّه السداد مثل سداد السهم نحو الغرض، لا يعدل عنه يميناً ولا شمالاً، فكذلك تسأل اللَّه تعالى أنَّ ما تنويه من السداد على شاكلة السهم([7])، وكذلك تسأل اللَّه غاية السداد وأكمله، ففي هذا الحديث أهمية استحضار المعاني والمدلولات؛ لأن الداعي يسأل رب السموات والأرض رب العالمين؛ فإن من قام في قلبه من ذلك حصل له الخشوع والخضوع والتضرع، واستلذاذ لذة المناجاة التي لا ألذّ منها، فيثمر ذلك على الجوارح من كمال الهمّة وكثرة النشاط والراحة والسكينة، فإن هذا هو لبّ العبادة، ومقصودها الأعظم.
([1]) أخرجه مسلم، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من شر ما عمل، ومن شر ما لم يعمل، برقم 2725.
([2]) شرح النووي، 9/ 52.
([3]) سورة الأحزاب، الآيتان: 70-71.
([4]) شرح رياض الصالحين لابن عثيمين، 4/ 62.
([5]) أخرجه أحمد، 2 / 91، برقم 664، ورقم 1168، والحاكم، 4/ 268 بلفظ: ((يا علي سل الله...))، والبزار، 2/ 119، وصححه الألباني في صحيح الجامع، برقم 3046.
([6]) معالم السنن للخطابي، 4/ 199.
([7]) المرجع السابق.