((اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي مُنْكَرَاتِ اَلْأَخْلَاقِ، وَالْأَهْوَاءِ، وَالْأَعْمَالِ، وَالْأَدْوَاءِ))([1]).
المفردات:
المنكرات: الإنكار ضد العرفان, والمنكر كل فعل تتفق في استقباحه العقول, وتحكم بقبحه الشريعة.
الأهواء : جمع هوى، هي الزيغ، والانهماك في الشبهات والشهوات.
الأدواء: جمع داء, وهو السقم، والمرض.
الشرح:
قوله: ((اللَّهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق )) : أي يا اللَّه أجرني من الأخلاق السيئة التي ينكرها العباد: كالحقد, والحسد, والبخل, والجبن, وسوء اللسان: من السب, والشتم, والقذف, والتعدي بالجوارح: كالضرب باليد أو الرجل؛ فإن الأخلاق المنكرة سبب لجلب كل شر، ودفع كل خير.
قوله: ((والأعمال)): أي منكرات الأعمال الظاهرة, اللَّهم إني أستعيذ بك من الأعمال السيئة: كالقتل, والزنى, وشرب الخمر, والسرقة، والبطش، والتعدي، والظلم بغير حق، وغير ذلك.
قوله: ((الأهواء)): جمع هوَى, وهو هوى النفس، وميلها إلى المستلذات, والانهماك في الشهوات الباطلة؛ لأنه يشغل عن الطاعة، ويؤدي إلى الأشر، والبطر، والاستعاذة كذلك من: الزيغ، والضلالات الفاسدة في الاعتقادات، والشبهات؛ فإن الشرّ كلّ الشرّ أن يكون الهوى يُصيَّر صاحبه باتباعه كالعابد له, فلا شيء في الشرّ أزيد منه؛ لأنه يضيّع الدنيا والدين، والعياذ باللَّه، قال تعالى: "أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاه"([2]).
قوله: ((والأدواء)): وأعوذ بك من منكرات الأسقام, والأمراض الخطيرة، مثل: الجذام، والبرص, والسّلّ، والسرطان، والأيدز، وغير ذلك, فهذه كلها من بوائق الدهر, وإنما استعاذ صلى الله عليه وسلم من هذه الأربع المنكرات؛ لأن ابن آدم لا ينفكّ منها في تقلبه في ليله ونهاره([3]).
فتضمَّنت هذه الاستعاذات المهمّة من كلّ الذنوب الظاهرة والباطنة.
([1]) أخرجه الحاكم، 1/ 532، وقال: ((صحيح على شرط مسلم))، ووافقه الذهبي، 1/532، وابن أبي شيبة، 10/ 354، برقم 30210، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول،
1/ 203، والطبراني في المعجم الكبير، 19/ 19 برقم 36، وبنحوه ابن حبان، 3/ 240، وصححه الألباني في ظلال الجنة، برقم 13، وفي التعليقات الحسان له، 3/ 945.
([2]) سورة الجاثية , الآية : 23 .
([3]) انظر: فيض القدير، 2 / 110, الفتوحات الربانية، 3/ 639, تحفة الذاكرين، ص 422.