اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَاهْدِنِي، وَارْزُقْنِي، وَعَافِنِي، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ضِيقِ الْمَقَامِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))([1]).
الشرح:
أصل هذا الدعاء الجامع أن عائشة رضي اللَّه عنها أخبرت عن قيام الليل للنبي صلى الله عليه وسلم واستفتاحه بالصلاة بهذا الدعاء والذكر, فقالت: كان يكبر عشراً, ويسبح عشراً, ويستغفر عشراً, ثم ذكرت هذا الدعاء, وفي رواية أنه قال: ((اللَّهم إني أعوذ بك من ضيق الدنيا، وضيق القيامة))([2]).
وهذا الدعاء قد جمع خيري الدنيا والآخرة، وكذلك فيه استعاذة من عظام الشرور في الدنيا والآخرة.
قوله: ((اللَّهم اغفر لي)): أي استر يا اللَّه ذنوبي، وتجاوز عنها، ((واهدني)): فيه سؤال اللَّه الهداية الكاملة, وهي الدلالة والمعرفة إلى طرق الحق، والتوفيق على هذا الطريق المستقيم بأن لا يزيغ عنه إلى أن يلقى ربه عز وجل , فعندما يسأل العبد ((الهداية)) ينبغي له أن يستحضر هذه المعاني.
قوله: ((وارزقني)): الرزق النافع الطيب الحلال الذي يعود على العبد بالبركة، والخير, و((عافني)): أي من جميع البلايا والشرور في الدين والدنيا والآخرة, ففيه سؤال اللَّه السلامة الكاملة من كل شرّ, المتضمن العافية والصحة, ثم استعاذ اللَّه من ضيق المقام يوم القيامة؛ فإنه مقام عظيم من كثرة الخلق, والحر الشديد, والبلاء الرهيب, في هذا اليوم العصيب، فتلك الاستعاذة تتضمن سؤال اللَّه تعالى النجاة والسلامة من شرّ هذا اليوم الموعود, وفي الرواية الأخرى: ((اللَّهم إني أعوذ بك من ضيق الدنيا)): لأن ضيقها يشتّت العقل, ويشغل القلب بالهمّ, والحزن, وضيق النفس، فينشغل عن كثير من العبادات النافعة، والمصالح المهمّة، وتضمّن هذا الدعاء كذلك سؤال اللَّه الراحة النفسية، والبدنية، وطيب النفس والحياة.
وهذا يدلنا على أهمية التمسك، والعناية بالأدعية الشرعية؛ فإنها كاملة في ألفاظها، شاملة في معانيها، ومدلولاتها، فهي تجمع من كل خير في الدين، والدنيا، والآخرة.
([1]) النسائي، كتاب قيام الليل، وتطوع النهار، باب ذكر ما يستفتح به القيام، برقم 1617، والنسائي في السنن الكبرى، كتاب الطهارة، باب الفرق بين دم الحيض والاستحاضة، برقم 1318، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء، برقم 766، وابن ماجه، كتاب الصلاة، باب ما جاء في الدعاء إذا قام الرجل من الليل، برقم 1356، وابن أبي شيبة، 10/ 260، برقم 29948، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي، 1/356، وفي صحيح ابن ماجه، 1/226.
([2]) سنن أبي داود، كتاب الأدب، باب ما يقول إذا أصبح، برقم 5087، والنسائي في الكبرى، كتاب صلاة العيدين، الخطبة يوم العيد، برقم 10623، عمل اليوم والليلة لابن السني، برقم 759، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، برقم 1356.