شرح اذكار الخروج والدخول من المنزل والمسجد
10 – الذِّكْرُ عِنْدَ الـخُرُوجِ مِنَ المَنْزِلِ
16 – (3) ((بِسْمِ اللَّهِ، تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ ، وَلاَ حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إلاَّ بِاللَّهِ))([1]).
- صحابي الحديث هو أنس بن مالك
وجاء في نهاية الحديث؛ قوله : ((يُقال له: كُفِيتَ وَوُقِيتَ وهُدِيتَ، وتنحَّى عنه الشيطان، فيقول لشيطان آخر: كيف لك برجلٍ قد هُدي وكفي ووقي؟)).
قوله: ((بسم الله)) أي: بسم الله أخرج.
قوله: ((توكلت على الله)) أي: فوضت جميع أموري إليه .
قوله: ((يقال له)) يجوز أن يكون القائل هو الله تعالى، ويجوز أن يكون ملك من الملائكة.
قوله: ((كفيت)) أي: صرف عنك الشر.
قوله: ((ووقيت)) أي: حفظت عن الأشياء الخفية عنك من الأذى والسوء.
قوله: ((وهديت)) إلى طريق الحق والصواب، حيث وفقت على تقديم ذكر الله تعالى، ولم تزل مهدياً في جميع أفعالك، وأقوالك، وأحوالك.
قوله: ((وتنحى عنه)) أي: بعد عنه الشيطان، ((فيقول لشيطان آخر)) يَقْصِدُ أذاه، وإخلاله: ((كيف لك برجل)) يعني: ما بقي لك يد في رجل قد هُدي بذكر الله، وكُفي شرك، وَوقي من مكرك وكيدك.
17 – (2) ((اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ أنْ أَضِلَّ، أوْ أُضَلَّ، أوْ أَزِلَّ، أوْ أُزَلَّ، أوْ أَظْلِمَ، أوْ أُظْلَمَ، أوْ أجْهَلَ، أوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ))([2]).
- صحابية الحديث هي أم سلمة؛ هند بنت أبي أمية المخزومية – زوج النبي .
قوله: ((أنْ أَضِلَّ)) أي: أن أضل في نفسي، والضلال الذي هو نقيض الهدى، وفي الأصل ضل الشيء إذا ضاع، وضل عن الطريق إذا حار.
قوله: ((أو أُضَل)) أو أن يضلني غيري.
قوله: ((أو أَزِلَّ أو أُزَلَّ)) كلاهما من الزلة؛ أي: الخطأ؛ ومعنى الأول: أن أخطئ من نفسي أو أوقع غيري به، ومعنى الثاني: أن يوقعني غيري فيه.
قوله: ((أو أَظلِم، أو أُظلَم)) من الظلم، وهو وضع الشيء في غير محله؛ معنى الأول: أن أظلم غيري، أو نفسي، ومعنى الثاني: أن يظلمني غيري.
قوله: ((أو أَجهل، أو يُجهل عليَّ)) معنى الأول: أن أفعل فعل الجهلاء، أو أشتغل في شيء لا يعنيني، ومعنى الثاني: أن يجهل غيري علي؛ بأن يقابلني مقابلة الجهلاء بالسفاهة، والمجادلة...، ونحوهما.
وفي هذا تعليم لأمته ، وبيان الطريقة في كيفية استعاذتهم عند خروجهم من منازلهم.
11 – الذِّكْرُ عِنْدَ دُخُولِ الـمَنْزِلِ
18 - ((بِسْمِ اللـهِ وَلَـجْنَا، وبِسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا، وعَلَى اللَّهِ رَبِّنا تَوَكَّلْنَـا، ثُمَّ لِيُسَلِّمْ عَلَى أهْلِهِ))([3]).
- صحابي الحديث هو أبو مالك الأشعري؛ مختلف في اسمه؛ قيل: عبيد، وقيل: عبدالله، وقيل: عمرو، وقيل: كعب بن كعب، وقيل: عامر بن الحارث .
قوله: ((بسم الله ولجنا)) أي: دخلنا.
قوله: ((بسم الله خرجنا)) أي: كان خروجنا أيضاً على ذكر الله تعالى.
قوله: ((وعلى الله ربنا توكلنا)) أي: معتمدين في دخولنا وخروجنا، وفي كل أمرنا على الله ربنا
قوله: ((ثم يسلم على أهله)) أي: أهل بيته؛ يقول لهم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
12 – دُعَاءُ الذَّهَابِ إلَى الـمَسْجِدِ
19 - ((اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُوراً، وَفِي لِسَانِي نُوراً، وَفِي سَمْعِي نُوراً، وَفِي بَصَرِي نُوراً، ومِنْ فَوْقِي نُوراً، وَمِنْ تَحْتِي نُوراً، وَعَنْ يَمِينِي نُوراً، وَعَنْ شِمَالِي نُوراً، وَمِنْ أمَامِي نُوراً، وَمِنْ خَلْفِي نُوراً، واجْعَلْ في نَفْسِي نُوراً، وأعْظِمْ لِي نُوراً، وَعَظِّمْ لِي نُوراً، واجْعَلْ لِي نُوراً، وَاجْعَلْنِي نُوراً، اللَّهُمَّ أعْطِنِي نُوراً، واجْعَلْ فِي عَصَبِي نُوراً، وَفِي لَـحْمِي نُوراً، وَفِي دَمِي نُوراً، وفِي شَعْرِي نُوراً، وفِي بَشَرِي نُوراً))([4]).
[((اللَّهُمَّ اجْعَلْ لِي نُوراً فِي قَبْرِي...ونُوراً فِي عِظَامِي]))([5]) [((وَزِدْنِي نُوراً، وَزِدْنِي نُوراً، وَزِدْنِي نُوراً])) ([6]) [((وَهَبْ لِي نُوراً عَلَى نُورٍ])) ([7]).
- صحابي الحديث هو عبدالله بن عباس
قال القرطبي رحمه الله تعالى: ((هذه الأنوار التي دعا بها رسول الله يمكن حملها على ظاهرها؛ فيكون سأل الله تعالى أن يجعل له في كل عضو من أعضائه نوراً، يستضيء به يوم القيامة في تلك الظلم، هو ومن تبعه أو مَن شاء الله منهم.
والأولى أن يقال: هي مستعارة للعلم والهداية؛ كما قال تعالى:
فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ([8])، وقوله تعالى: وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ ([9]).
والتحقيق في معناه أن النور مُظهِرٌ ما نسب إليه، وهو يختلف بحسبه، فنور السمع مظهر للمسموعات، ونور البصر كاشف للمبصرات، ونور القلب كاشف عن المعلومات، ونور الجوارح ما يبدو عليها من أعمال الطاعات)).
قال الطيبي رحمه الله: ((معنى طلب النور للأعضاء عضواً عضواً؛ أن يتحلى بأنوار المعرفة والطاعات ويتعرى عما عداهما؛ فإن الشياطين تحيط بالجهات الست بالوساوس، فكان التخلص منها بالأنوار السادَّة لتلك الجهات.
وكل هذه الأمور راجعة إلى الهداية والبيان وضياء الحق، وإلى ذلك يرشد قوله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إلى قوله تعالى:
نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ([10]).
13 – دُعَاءُ دُخُولِ الـمَسْجِدِ
20 - ((يَبْدَأُ بِرِجْلِهِ اليُمْنَى))([11]) ، ويقول: ((أعُوذُ باللَّهِ العَظِيمِ، وَبِوَجْهِهِ الكَرِيمِ، وسُلْطَانِهِ القَدِيمِ، مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ))([12]).
- صحابي الحديث هو عبدالله بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.
وجاء في نهاية الحديث قوله : ((فإذا قال ذلك، قال الشيطان: حُفظ مني سائر اليوم)).
قوله: ((بوجهه الكريم)) العرب تطلق الكريم على الشيء النافع الذي يدوم نفعه، ويسهل تناوله، وكل شيء يشرف في بابه؛ فإنهم يصفونه بالكرم، ولا يستعمل الكرم في وصف أحد إلا في المحاسن الكثيرة، والعرب تقول: كرَّم الله وجهك؛ أي: أكرمك، ويستعمل الوجه في أشرف ما يقصد، وأعظم ما يُبتغى، ووجه الله الكريم أشرف ما يتوجه إليه، وأكرم ما يتوسل به.
[قال المصحح: ووجه الله الكريم يليق بجلاله وهو صفة من صفاته الذاتية لا يشبهه في ذلك أحداً من خلقه، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ] ([13]).
قوله: ((وسلطانه القديم)) السلطان في الأصل الحجة، والمراد به هاهنا قهره وقدرته الباهرة القديمة.
ومعنى اختصاص وجه الله الكريم، وسلطانه القديم بالذكر عند الاستعاذة؛ أن التعوذ إنما يصح بمن انتهى كرمه، وعلا شأنه، وكملت قدرته، فلا يَخْذِلُ المستعيذ به، ولا يُسْلِمُهُ، ولا يُخيبُ رجاءه، ولا يعجز عن أمره، ولا يحيل إلى غيره، وذلك بما لا يوجد إلا عند الله، ولا ينال إلا منه سبحانه وتعالى.
قوله: ((الرجيم)) أي: المطرود من رحمة الله تعالى.
قوله: ((سائر اليوم)) أي: جميع اليوم.
((بسم اللـهِ، وَالصَّلاةُ))([14]). (([وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ الله]([15])))، ((اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أبْوَابَ رَحْمَتِكَ))([16]).
[قال المصحح: البسملة والصلاة من حديث أنس بن مالك والسلام وطلب فتح أبواب الرحمة من حديث أبي هريرة ] ([17]).
قوله: ((الصلاة والسلام على رسول الله)) ومعنى الصلاة على النبي في جميع المواضع، ذكره في الملأ الأعلى، وقيل: تعظيمه في الدنيا بإعلاء كلمته، وإحياء شريعته، وفي الآخرة برفع درجته، وتشفيعه لأمته.
قوله: ((أبواب رحمتك)) أي: أنواع رحمتك.
14 – دُعَاءُ الـخُرُوجِ مِنَ الـمَسْجِدِ
21 - -((يَبْدَأُ بِرِجْلِهِ الْيُسْرَى))([18]) وَيَقُولُ: ((بِسْـمِ اللَّـهِ وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ، اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيم))([19]).
- البسملة والصلاة من حديث أنس بن مالك ، والسلام وطلب الفضل من حديث أبي حميد وأبي أسيد، وطلب العصمة من حديث أبي هريرة جميعاً.
قال الطيبي رحمه الله تعالى: ((لعل السر في تخصيص الرحمة بالدخول والفضل بالخروج؛ أن من دخل اشتغل بما يزلفه إلى ثوابه وجنته، فيناسب ذكر الرحمة، وإذا خرج اشتغل بابتغاء الرزق الحلال فناسب ذكر الفضل؛ كما قال تعالى: فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ([20]).
قوله: ((اعصمني)) أي: احفظني وقني.
([1]) أبو داود (4/325) [برقم (5094)]، والترمذي (5/490) [برقم (3427)]، وانظر صحيح الترمذي (3/151). (ق).
([2]) أهل السنن [أبو داود برقم (5094)، والترمذي برقم (3427)، والنسائي (8/268)، وابن ماجة برقم (3884)]، وانظر صحيح الترمذي (3/152)، وصحيح ابن ماجة (2/336). (ق).
([3]) أخرجه أبو داود (4/325) [برقم (5096)]، وحسن إسناده العلامة ابن باز في ((تحفة الأخيار)) (ص 28)، وفي ((الصحيح)): ((إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء)) مسلم برقم (2018). (ق).
وقال الشيخ الألباني رحمه الله في تعليقه على ((الكلم الطيب))، على هذا الحديث برقم (62): ((إسناده صحيح؛ ثم بدا لي أنه منقطع؛ كنت ذكرته في بعض الأحاديث التي استشهدت بها، ثم بينت ذلك في حديث آخر بهذا السند في الضعيفة (5606)، وذكرت هناك أن الحافظ ابن حجر استغرب هذا الحديث وضعفه لعلة أخرى غير قادحة، وأنه تنبه للانقطاع في حديث آخر!!)) (م).
([4]) جميع هذه الخصال في البخاري (11/116) برقم (6316)، ومسلم (1/526، 529، 530) برقم (763). (ق).
([5]) الترمذي برقم (3419)، (5/483). (ق).
([6]) أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) برقم (695)، (ص 258)، وصحح إسناده الألباني في ((صحيح الأدب المفرد)) برقم (536). (ق).
([7]) ذكره ابن حجر في فتح الباري وعزاه إلى ابن أبي عاصم في كتاب الدعاء، وانظر الفتح (11/118)، وقال: فاجتمع من اختلاف الروايات خمس وعشرون خصلة. (ق).
([8]) سورة الزمر، الآية: 22.
([9]) سورة الأنعام، الآية: 122.
([10]) سورة النور، الآية: 35.
([11]) لقول أنس بن مالك t: ((من السنة إذ دخلت المسجد أن تَبدأ برجلك اليمنى، وإذا خرجت أن تبدأ برجلك اليسرى))، أخرجه الحاكم، 1/ 218، وصححه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وأخرجه البيهقي، 2/ 442، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة، 5/ 624، برقم 2478.
([12]) أبو داود [برقم (466)]، وانظر صحيح الجامع برقم (4591). (ق).
([13]) [المصحح].
([14]) رواه ابن السني برقم (88)، وحسنه الألباني. (ق).
([15]) أبو داود (1/126) [برقم (465)]، وانظر صحيح الجامع (1/528) [برقم (514)]. (ق).
([16]) مسلم (1/494) [برقم (713)]، وفي سنن ابن ماجة، برقم 771 من حديث فاطمة رضي الله عنها: ((اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك))، وصححه الألباني لشواهده، انظر: صحيح ابن ماجة (1/128 – 129). (ق).
([17]) [المصحح].
([18]) الحاكم، 1/ 218، والبيهقي، 2/ 442، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة،
5/ 624، برقم 2478، وتقدم تخريجه.
([19]) انظر تخريج روايات الحديث السابق رقم (20)، وزيادة: ((اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم)) لابن ماجة [برقم (773)]، وانظر صحيح ابن ماجة (1/129). (ق).
([20]) سورة الجمعة, الآية: 10.