قوله تعالى " إنك لا تسمع الموتى"
يقول الرافضي
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
لابن حجر العسقلاني
المجلد التاسع-ص41
قوله-فجعل يناديهم باسمائهم واسماء ابائهم يافلان ابن فلان-
وفي روايه حميد ابن انس فنادى ياعتبه ابن ربيعه وياشيبه ابن ربيعه ويااميه ابن خلف ويااباجهل بن هشام
اخرجه ابن اسحاق واحمد وغيرهما وكذا وقع عند احمد ومسلم من طريق ثابت عن انس فمسمى الاربعه لكن قدم واخر وسياقه اتم قال في اوله-تركهم ثلاثه ايام حتى جيفوا
فذكر وفيه زياده
فسمع عمر صوته فقال يارسول الله اتناديهم بعد ثلاث وهل يسمعون؟
ويقول الله تعالى-انك لا تسمع الموتى- فقال والذي نفسي بيده ماانتم باسمع لمااقول منهم لكن لايستطيعون ان يجيبوا
وفي بعضه نظر لان اميه ابن خلف لم يكن في القليب لاه كان ضخما فانتفخ فالقوا عليه من الحجاره والتراب ماغيبه وقد اخرج ذلك ابن اسحاق من حديث عائشه لكن يجمع بينهما بانه كان قريبا من القليب فنودي فيمن نودي لكونه كان من جمله روسائهم
وفي ص42
وقال السهيلي مامحصله ان نفس الخبر مايدل على خرق العاده للنبي-ص- لقول الصحابه له-اتخاطب اقواما قد جيفوا؟ فاجابهم قال واذا جاز ان يكونوا في تلك الحاله
عالمين جاز ان يكونوا سامعين وذلك اما باذنان روسهم على قول الاكثر اوباذنان قلوبهم قال وقد تمسك بهذا الحديث من يقول ان السوال يتوجه على الروح والبدن ورده من قال انما يتوجه على الروح فقط بان الاسماع يحتمل ان يكون لاذن الراس ولاذن القلب
فلم يبق فيه حجه
قلت-والكلام لابن حجر الان-اذا كان الذي وقع حيئذمن خوارق العاده للنبي -ص- حينئذ لم يحسن التمسك به في مساله السؤال اصلا وقد اختلف اهل التأويل في المراد بالموتى في قوله تعالى
-انك لاتسمع الموتى- وكذا المراد-من في القبور-
فحملته عائشه على الحقيقه وجعلته اصلا احتاجت معه الى تأويل قوله-ماانتم باسمع لمااقول منهم- وهذا قول الاكثر
وقيل هومجاز والمراد بالموتى وبمن في القبور
شبهوا بالموتى وهم احياء والمعنى من هم في حال الموتى اوفي حال من سكن القبر
وعلى هذا لايبقى في الايه دليل على مانفته عائشه والله اعلم
والان النتيجه المرجوه من هذا الامر
ان الذين قالوا وحملوا هذه الايه على الظاهر-انك لا تسمع الموتى-وكذا المراد-ممن في القبور-
ان الذين حملوه على الظاهر
لايمكن لهم الا ان يأولوا كلام النبي-ص---ماانتم باسمع منهم---
وهذا مستحيل لان الحديث صحيح والتأويل انما يحصل للقران لا للحديث
والحديث النبوي هومن يفسر الاية لا الحديث يجتاج الى تأويل لان هذا صعب مستصعب على الامه وهذا خلاف المتعارف
فاذن نأول الايه ونقول كما قال ابن حجر
والذين حملوا الايه على التاويل
المراد بالموتى---هم الكفار شبهوا بالموتى وهم احياء
ومن في القبور--هم حالهم كمن سكن القبر
(انتهى كلام الرافضي)
الرد
أن كون الموتى يسمعون أولا يسمعون إنما هوأمر غيبي من أمور البرزخ التي لا يعلمها إلا الله عز وجل فلا يجوز الخوض فيه بالأقيسة والآراء وإنما يوقف فيه مع النص إثباتا ونفيا وسترى المؤلف رحمه الله تعالى ذكر في الفصل الأول كلام الحنفية في أنهم لا يسمعون وفي الفصل الثاني نقل عن غيرهم مثله وحكى عن غير هؤلاء أنهم يسمعون وليس يهمني أن هؤلاء قلة وأولئك الكثرة فالحق لا يعرف بالكثرة ولا بالقلة وإنما بدليله الثابت في الكتاب والسنة مع التفقه فيهما وهذا ما أنا بصدده إن شاء الله تعالى فأقول:
استدل الأولون بقوله تعالى: {وما أنت بمسمع من في القبور} (فاطر: 22) وقوله: {إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين} (النمل: 8. والروم 52) وأجاب الآخرون بأن الآيتين مجاز وأنه ليس المقصود ب (الموتى) وب (من في القبور) الموتى حقيقة في قبورهم وإنما المراد بهم الكفار الأحياء شبهوا بالموتى " والمعنى من هم في حال الموتى أوفي حال من سكن القبر " كما قال الحافظ ابن حجر على ما يأتي في الرسالة (ص 72).
فأقول: لا شك عند كل من تدبر الآيتين وسياقهما أن المعنى هوما ذكره الحافظ رحمه الله تعالى (1) وعلى ذلك جرى علماء التفسير لا خلاف
(1) وقد بين ذلك بيانا شافيا العلامة محمد الأمين الشنقيطي في كتابه " أضواء البيان " (6/ 416 - 421).
بينهم في ذلك فيما علمت ولكن ذلك لا يمنع الاستدلال بهما على ما سبق لأن الموتى لما كانوا لا يسمعون حقيقة وكان ذلك معروفا عند المخاطبين شبه الله تعالى بهم الكفار الأحياء في عدم السماع فدل هذا التشبيه على أن المشبه بهم - وهم الموتى في قبورهم - لا يسمعون كما يدل مثلا تشبيه زيد في الشجاعة بالأسد على أن الأسد شجاع بل هوفي ذلك أقوى من زيد ولذلك شبه به وإن كان الكلام لم يسق للتحدث عن شجاعة الأسد نفسه وإنما عن زيد وكذلك الآيتان السابقتان وإن كانتا تحدثتا عن الكفار الأحياء وشبهوا بموتى القبور فذلك لا ينفي أن موتى القبور لا يسمعون بل إن كل عربي سليم السليقة لا يفهم من تشبيه موتى الأحياء بهؤلاء إلا أن هؤلاء أقوى في عدم السماع منهمكما في المثال السابق وإذا الأمر كذلك فموتى القبور لا يسمعون. ولما لاحظ هذا بعض المخالفين لم يسعه إلا أن يسلم بالنفي المذكور ولكنه قيده بقوله: " سماع انتفاع " يعني أنهم يسمعون ولكن سماعا لا انتفاع فيه (1) وهذا في نقدي قلب للتشبيه المذكور في الآيتين حيث جعل المشبه به مشبها فإن القيد المذكور يصدق على موتى الأحياء من الكفار فإنهم يسمعون حقيقة ولكن لا ينتفعون من سماعهم كما هومشاهد فكيف يجوز جعل المشبه بهم من موتى القبور مثلهم في أنهم يسمعون ولكنهم لا ينتفعون من سماعهم مع أن المشاهد أنهم لا يسمعون مطلقا ولذلك حسن التشبيه المذكور في الآيتين الكريمتين فبطل القيد المذكور.
ولقد كان من الممكن القول بنحوالقيد المذكور في موتى القبور لوكان هناك نص قاطع على أن الموتى يسمعون مطلقا إذن لوجب الإيمان به
(1) انظر (ص 45 - 46) من كتاب " الروح " المنسوب لابن القيم رحمه الله تعالى فإن فيه غرائب وعجائب من الروايات والآراء كما سنرى شيئا من ذلك فيما يأتي: وانظر (ص 87).
والتوفيق بينه وبين ما قد يعارضه من النصوص كالآيتين مثلا ولكن مثل هذا النص مما لا وجود له بل الأدلة قائمة على خلافه وإليك البيان:
الدليل الأول: قوله تعالى في تمام الآية الثانية: {ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين} فقد شبههم الله تعالى - أعني موتى الأحياء من الكفار بالصم أيضا فهل هذا يقتضي في المشبه بهم (الصم) أنهم يسمعون أيضا ولكن سماعا لا انتفاع فيه أيضا أم أنه يقتضي أنهم لا يسمعون مطلقا كما هوالحق الظاهر الذي لا خفاء فيه. وفي التفسير المأثور ما يؤيد هذا الذي نقول فقال ابن جرير في " تفسيره " (21/ 36) لهذه الآية:
" هذا مثل معناه: فإنك لا تقدر أن تفهم هؤلاء المشركين الذين قد ختم الله على أسماعهم فسلبهم فهم ما يتلى عليهم من مواعظ تنزيله كما لا تقدر أن تفهم الموتى الذين سلبهم الله أسماعهم بأن تجعل لهم أسماعا.
وقوله: {ولا تسمع الصم الدعاء} يقول: كما لا تقدر أن تسمع الصم الذين قد سلبوا السمع إذا ولوا عنك مدبرين كذلك لا تقدر أن توفق هؤلاء الذين قد سلبهم الله فهم آيات كتابه لسماع ذلك وفهمه ".
ثم روى بإسناد الصحيح عن قتادة قال:
" هذا مثل ضربه الله للكافر فكما لا يسمع الميت الدعاء كذلك لا يسمع الكافر {ولا تسمع الصم الدعاء. .} يقول: لوأن أصم ولى مدبرا ثم ناديته لم يسمع كذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما سمع ". وعزاه في " الدرر " (5/ 114) لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم دون ابن جرير
وقد فسر القرطبي (13/ 232) هذه الآية بنحوما سبق عن ابن جرير وكأنه اختصره منه.
فثبت من هذه النقول عن كتب التفسير المعتمدة أن الموتى في قبورهم لا يسمعون كالصم إذا ولوا مدبرين
وهذا هوالذي فهمته السيدة عائشة رضي الله عنها واشتهر ذلك عنها في كتب السنة هوايضا الذي فهمه عمر رضي الله عنه وغيره من الصحابة لما نادى النبي صلى الله عليه وسلم أهل القليب على ما يأتي بيانه قريبا إن شاء الله تعالى.
الدليل الثاني: قوله تعالى: {ذلك الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير. إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولوسمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبك مثل خبير}. (فاطر 13 و14).
قلت: فهذه الآية صريحة في نفي السمع عن أولئك الذي كان المشركون يدعونهم من دون الله تعالى وهم موتى الأولياء والصالحين الذين كان المشركون يمثلونهم في تماثيل وأصنام لهم يعبدونهم فيها وليس لذاتها كما يدل على ذلك آية سورة (نوح) عن قومه: {وقالوا: لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ولا يعوق ونسرا} ففي التفسير المأثور عن ابن عباس وغيره من السلف: أن هؤلاء الخمسة أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم: أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم (أي علم تلك الصور بخصوصها) عبدت. رواه البخاري وغيره. ونحوه قوله تعالى: {والذين اتخذوا من دونه أوليائه ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} (الزمر/3) فإنها صريحة في أن المشركين كانوا يعبدون الصالحين ولذلك اتخذوهم وسائط بينهم وبين الله تعالى قائلين: (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى) ولاعتقادهم بصلاحهم كانوا ينادونهم ويعبدونهم من دون الله توهما منهم أنهم يسمعون ويضرون وينفعون ومثل هذا الوهم لا يمكن أن يقع فيه أي مشرك مهما كان سخيف العقل لوكان لا يعتقد فيمن يناديه الصلاح والنفع والضر كالحجر العادي مثلا وقد بين هذا العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى فقال في كتابه " إغاثة اللفهان " (2/ 222 - 223).
" وتلاعب الشيطان بالمشركين في عبادة الأصنام له أسباب عديدة تلاعب بكل قوم على قدر عقولهم.
فطائفة دعاهم إلى عبادتها من جهة تعظيم الموتى الذين صوروا تلك الأصنام على صورهم كما تقدم عن قوم نوح عليه السلام ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتخذين على القبور المساجد ونهى عن الصلاة إلى القبور (1). . فأبى المشركون إلا خلافه في ذلك كله إما جهلا وإما عنادا لأهل التوحيد ولم يضرهم ذلك شيئا. وهذا السبب هوالغالب على عوام المشركين.
وأما خواصهم فإنهم اتخذوها - بزعمهم - على صور الكواكب المؤثرة في العالم عندهم وجعلوا لها بيوتا وسدنة وحجابا وحجبا وقربانا ولم يزل هذا في الدنيا قديما وحديثا (ثم بين مواطن بيوت هذه الأصنام وذكر عباد الشمس والقمر وأصنامهم وما اتخذوه من الشرائع حولها ثم قال 2/ 224):
" فوضع الصنم إنما كان في الأصل على شكل معبود غائب فجعلوا الصنم على شكله وهيأته وصورته ليكون نائبا منابه وقائما مقامه وإلا
(1) انظر كتاب: " تحذير الساجد من اتخاذ القبور مساجد ".
فمن المعلوم أن عاقلا لا ينحت خشبة أوحجرا بيده ثم يعتقد أنه إلهه ومعبوده ".
قلت: ومما يؤيد أن المقصود بقوله في الآية المتقدمة (لا يسمعوا دعاءكم} إنما هم المعبودون من دون الله أنفسهم وليست ذوات الأصنام تمام الآية: {ويوم القيامة يكفرون بشرككم} والأصنام لا تبعث لأنها جمادات غير مكلفة كما هومعلوم بخلاف العابدين والمعبودين فإنهم جميعا محشورون قال تعالى: {ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول: ءأنتم أضللتم عبادي هؤلاء أم هم ضلوا السبيل قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا}. (الفرقان/17 - 18) وقال: {يوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا: سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون} (سبأ /4. - 41) وهذا كقوله تعالى: {وإذا قال الله: يا عيسى ابن مريم ءأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله؟ قال: سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق} الآية (المائدة/116) وخير ما فسر به القرآن إنما هوالقرآن والسنة وليس فيهما - فيما أعلم - ما يدل على أن الله يحشر الجمادات أيضا فوجب الوقوف عند هذه الآية الصريحة فيما ذكرنا.
وقد يقول قائل: إن هذا الذي بينته قوي متين ولكنه يخالف ما جرى عليه كثير من المفسرين في تفسير آية سورة (فاطر) وما في معناها من الآيات الأخرى فقالوا: إن المراد بها الأصنام نفسها وبناء على ذلك عللوا قوله تعالى فيها: {لا يسمعوا دعاءكم} بقولهم: " لأنها جمادات لا تضر ولا تنفع ".
فأقول: لا شك أنت هذا بظاهره ينافي ما بينت ولكنه لا ينفي أن يكون لهم قول آخر يتماشى مع ما حققته فقال القرطبي (14/ 336) عقب التعليل المذكور آنفا وتبعه الشوكاني (4/ 333) وغيره ما معناه:
" ويجوز أن يرجع {والذين تدعون من دونه. . .} وما بعده إلى من يعقل ممن عبدهم الكفار كالملائكة والجن والأنبياء والشياطين والمعنى أنهم يجحدون أن يكون ما فعلتموه حقا وينكرون أنهم أمروكم بعبادتهم كما أخبر عن عيسى عليه السلام بقوله: {ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق} ". وقد ذكرا نحوه في تفسير آية (الزمر) المتقدمة.
قلت: وهوأولى من تفسيرهما السابق لأنه مدعم بالآيات المتقدمة بخلاف تفسيرهما المشار إليه فإنه يستلزم القول بحشر الأصنام ذاتها وهذا مع أنه لا دليل عليه فإنه يخالف الآيات المشار إليها ولهذا قال الشيخ عبد الرحمن ابن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب - رحمهما الله - في كتابه " قرة عيون الموحدين " (ص 1.7 - 1.8) في تفسير آيتي (فاطر) ما نصه:
" ابتدأ تعالى هذه الآيات بقوله: {ذلكم الله ربكم له الملك} يخبر الخبير أن الملك له وحده والملوك وجميع الخلق تحت تصرفه وتدبيره ولهذا قال: {والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير} فإن من كانت هذه صفته فلا يجوز أن يرغب في طلب نفع أودفع ضر إلى أحد سوى الله تعالى وتقدس بل يجب إخلاص الدعاء - الذي هوأعظم أنواع العبادة - له وأخبر تعالى أن ما يدعوه أهل الشرك لا يملك شيئا وأنهم لا يسمعون دعاء من دعاهم ولوفرض أنهم يسمعون فلا يستجيبون لداعيهم وأنهم يوم القيامة يفكرون بشركهم أي ينكرونه ويتبرؤون ممن فعله معهم. فهذا الذي أخبر به الخبير الذي {لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء} وأخبر أن ذلك الدعاء شرك به وأنه لا يغفره لمن لقيه فأهل الشرك ما صدقوا الخبير ولا أطاعوه فيما حكم به وشرع بل قالوا: إن الميت يسمع ومع سماعه ينفع فتركوا الإسلام والإيمان رأسا كما ترى عليه الأكثرين من جهلة هذه الأمة ".
فتبين مما تقدم وجه الاستدلال بقوله تعالى: {إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم} على أن الصالحين لا يسمعون بعد موتهم وغيرهم مثلهم بداهة بل ذلك من باب أولى كما لا يخفى فالموتى كلهم إذن لا يسمعون. والله الموفق.
الدليل الثالث: حديث قليب بدر وله روايات مختصرة ومطولة أجتزئ هنا على روايتين منها:
الأولى: حديث ابن عمر قال:
" وقف النبي صلى الله عليه وسلم على قليب بدر فقال: هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ ثم قال: " إنهم الآن يسمعون ما أقول " فذكر لعائشة فقالت: إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنهم الآن يعلمون أن الذي كنت أقول لهم هوالحق ثم قرأت: {إنك لا تسمع الموتى} حتى قرأت الآية.
أخرجه البخاري (7/ 242 - فتح الباري) والنسائي (1/ 693) وأحمد (2/ 31) من طريق أخرى عن ابن عمر وسيأتي بعضه في البحث (ص 68 71).
والأخرى: حديث أبي طلحة أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه وقالوا: ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته حتى قام على شفة الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: يا فلان ابن فلان: ويا فلان ابن فلان أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ قال: فقال عمر: يا رسول الله ما تكلم من أجساد لا أرواح فيها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ". قال قتادة: أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وندما.
أخرجه الشيخان وغيرهما وقد خرجته في التعليق الآتي (ص 54) من الكتاب.
ووجه الاستدلال بهذا الحديث يتضح بملاحظة أمرين:
الأول: ما في الرواية الأولى منه من تقييده صلى الله عليه وسلم سماع موتى القليب بقوله: " الآن " (1) فإن مفهومه أنهم لا يسمعون في غير هذا الوقت. وهوالمطلوب. وهذه فائدة هامة نبه عليها العلامة الآلوسي - والد المؤلف رحمهما الله - في كتابه " روح المعاني " (6/ 455) ففيه تنبيه قوي على أن الأصل في الموتى أنهم لا يسمعون ولكن أهل القليب في ذلك الوقت قد سمعوا نداء النبي صلى الله عليه وسلم وبإسماع الله تعالى إياهم خرقا للعادة ومعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي. عن بعض العلماء الحنفية وغيرهم من المحدثين. وفي " تفسير القرطبي " (13/ 232):
" قال ابن عطية (2): فيشبه أن قصة بدر خرق عادة لمحمد صلى الله عليه وسلم في أن
رد الله إليهم إدراكا سمعوا به مقاله ولولا إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم بسماعهم لحملنا نداءه إياهم على معنى التوبيخ لمن بي من الكفرة وعلى معنى شفاء صدور المؤمنين ".
قلت: ولذلك أورده الخطيب التبريزي في " باب المعجزات " من " المشكاة " (ج 3 رقم 5938 -
(1) ولها شاهد صحيح في حديث عائشة الآتي (ص 7.) عند المؤلف رحمه الله تعالى.
(2) هوعبد الحق بن غالب بن عطية المحاربي الغرناطي مفسر فقيه أندلسي عارف بالأحكام والحديث. توفي سنة (542) له " المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز " طبع منه جزءان في المغرب
والآمر الآخر: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر عمر وغيره من الصحابة على ما كان مستقرا في نفوسهم واعتقادهم أن الموتى لا يسمعون بعضهم أومأ إلى ذلك إيماء وبعضهم ذكر صراحة لكن الأمر بحاجة إلى توضيح
فأقول:
أما الإيماء فهوفي مبادرة الصحابة لما سمعوا نداءه صلى الله عليه وسلم لموتى القليب بقولهم: " ما تكلم أجسادا لا أرواح فيها؟ " فإن في رواية أخرى عن أنس نحوه بلفظ " قالوا " بدل: (قال عمر " كما سيأتي في البحث فلولا أنهم كانوا على علم بذلك سابق تلقوه منه صلى الله عليه وسلم ما كان لهم أن يبادروه بذلك.
وهب أنهم تسرعوا وأنكروا بغير علم سابق فواجب التبليغ حينئذ يوجب على النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين لهم أن اعتقادهم هذا خطأ وأنه لا أصل له في الشرع ولم نر في شيء من روايات الحديث مثل هذا البيان وغاية ما قال لهم: " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم "
. وهذا - كما ترى - ليس فيه تأسيس قاعدة عامة بالنسبة للموتى جميعا تخالف اعتقادهم السابق وإنما هوإخبار عن أهل القليب خاصة على أنه ليس ذلك على إطلاقه بالنسبة إليهم أيضا إذا تذكرت رواية ابن عمر التي فيها " إنهم الآن يسمعون
" كما تقدم شرحه فسماعهم إذن خاص بذلك الوقت وبما قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم فقط فهي واقعة عين لا عموم لها فلا تدل على أنهم يسمعون دائما وأبدا وكل ما يقال لهم كما لا تشمل غيرهم من الموتى مطلقا وهذا واضح إن شاء الله تعالى. ويزيده ووضوحا ما يأتي.
وأما الصراحة فهي فيما رواه أحمد (3/ 287) من حديث أنس رضي الله عنه قال: ". . . . فسمع عمر صوته فقال: يا رسول الله أتناديهم بعد ثلاث؟ وهل يسمعون؟ يقول الله عز وجل: {إنك لا تسمع الموتى} فقال: والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع [لما أقول] منهم ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوا "
. وسنده صحيح على شرط مسلم (1). فقد صرح عمر رضي الله عنه أن الآية المذكورة هي العمدة في تلك المبادرة وأنهم فهموا من عمومها دخول أهل القليب فيه ولذلك أشكل عليهم الأمر فصارحوا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ليزيل إشكالهم؟ وكان ذلك ببيانه المتقدم.
ومنه يتضح أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر الصحابة - وفي مقدمتهم عمر - على فهمهم للآية على ذلك الوجه العام الشامل لموتى القليب وغيرهم لأنه لم ينكره عليهم وإلا قال لهم: أخطأتم فالآية لا تنفي مطلقا سماع الموتى بل إنه أقرهم على ذلك الوجه العام الشامل لموتى القليب وغيرهم لأنه لم ينكره عليهم وإلا قال لهم: أخطأتم فالآية لا تنفي مطلقا سماع الموتى بل إنه أقرهم على ذلك ولكن بين لهم ما كان خافيا من شأن القليب وأنهم سمعوا كلامه حقا وأن ذلك أمر مستثنى من الآية معجزة له صلى الله عليه وسلم كما سبق.
هذا وإن مما يحسن التنبيه عليه وإرشاد الأريب إليه أن استدلال عائشة المتقدم بالآية يشبه تماما استدلال عمر بها فلا وجه لتخطئتها اليوم بعد تبين إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لعمر عليه اللهم إلا في ردها على ابن عمر في روايته لقصة القليب بلفظ السماع وتوهيمها إياه فقد تبين من اتفاق جماعة من الصحابة على روايتها كروايته هوأنها هي الواهمة وإن كان من
(1) وأصله عنده (8/ 163 - 164) والزيادة له وهورواية لأحمد (3/ 219 - 22.) والحديث عزاه في " الدر " (5/ 157) لمسلم وابن مردويه وكأنه يعني أن أصله لمسلم وسياقه لابن مردويه ولا يخفى ما فيه من إيهام وتقصيرالممكن الجمع بين روايتهم وروايتها كما سيأتي بيانه في التعليق على " الرسالة "
فخطؤها ليس في الاستدلال بالآية وإنما في خفاء القصة عليها على حقيقتها ولولا ذلك لكان موقفها موقف سائر الصحابة منها ألا وهوالموقف الجازم بها على ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم واعتبارها مستثناة من الآية.
فتنبه لهذا واعلم أن من الفقه الدقيق الاعتناء بتتبع ما أقره النبي صلى الله عليه وسلم من الأمور والاحتجاج به لأن إقراره صلى الله عليه وسلم حق كما هومعلوم وإلا فبدون ذلك قد يضل الفهم عن الصواب في كثير من النصوص.
ولا نذهب بك بعيدا فهذا هوالشاهد بين يديك فقد اعتاد كثير من المؤلفين وغيرهم أن يستدلوا بهذا الحديث - حديث القليب - على أن الموتى يسمعون متمسكين بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم: " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم " غير منتبهين لإقراره صلى الله عليه وسلم الصحابة على اعتقادهم بأن الموتى لا يسمعون وأنه لم يرده عليهم إلا باستثناء أهل القليب منه معجزة له صلى الله عليه وسلم فعاد الحديث بالتنبه لما ذكرنا حجة على أن الموتى لا يسمعون وأن هذا هوالأصل فلا يجوز الخروج عنه إلا بنص كما هوالشأن في كل نص عام. والله تعالى الموفق.
وقد يجد الباحث من هذا النوع أمثلة كثيرة ولعله من المفيد أن أذكر هنا ما يحضرني الآن من ذلك وهما مثالان:
الأول: حديث جابر عن أم مبشر رضي الله عنهما أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عنه حفصة:
" لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد من الذين بايعوا تحتها ". قالت: بلى يا رسول الله فانتهرها. فقالت حفصة: {وإن منكم إلا واردها} فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " قد قال الله عز وجل: {ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا} ".
رواه مسلم وغيره وهومخرج في " الصحيحة " (216.) و" تخريج السنة " (86. - طبع المكتب الإسلامي).
أقول: ففي استدلال السيدة حفصة رضي الله عنها بآية الورود دليل على أنها فهمت (الورود) بمعنى الدخول وأنه عام لجميع الناس الصالح والطالح منهم
ولذلك أشكل عليها نفي النبي صلى الله عليه وسلم دخول النار في حق أصحاب الشجرة فأزال صلى الله عليه وسلم
إشكالها بأن ذكرها بتمام الآية: {ثم ننجي الذين اتقوا} ففيه أنه صلى الله عليه وسلم أقرها على فهمها المذكور وأنه على ذلك أجابها بما خلاصته أن الدخول المنفي في الحديث هوغير الدخول المثبت في الآية وأن الأول خاص بالصالحين ومنهم أهل الشجرة والمراد به نفي العذاب أي أنهم يدخلونها مرورا إلى الجنة دون أن تمسهم بعذاب. والدخول الآخر عام لجميع الناس ثم هم فريقان: منهم من تمسه بعذاب ومنهم على خلاف ذلك وهذا ما وضحته الآية نفسها في تمامها وراجع لهذا " مبارق الأزهار " (1/ 25.) و" مرقاة المفاتيح " (5/ 621 - 632).
قلت: فاستفدنا من الإقرار المذكور حكما لولاه لم نهتد إلى وجه الصواب في الآية وهوأن الورود فيها بمعنى الدخول وأنه لجميع الناس ولكنها بالنسبة للصالحين لا تضرهم بل تكون عليهم بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم وقد روي هذا صراحة مرفوعا في حديث آخر
لجابر لكن استغربه الحافظ ابن كثير وبينت علته في " الأحاديث الضعيفة " (4761). لكن حديثه هذا عن أم مبشر يدل على صحة معناه وقد مال إليه العلامة الشوكاني في تفسيره للآية (3/ 333) واستظهره من قبله القرطبي (11/ 138 - 139) وهوالمعتمد.
والآخر: حديث " الصحيحين " والسياق للبخاري نقلا من " مختصر البخاري "
قالت عائشة:
" دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان [من جواري الأنصار 3/ 3] (وفي رواية: قينتان 4/ 266] [في أيام منى تدففان وتضربان 4/ 161] تغنيان بغناء (وفي رواية: بما تقاولت (وفي أخرى تقاذفت) الأنصار يوم) بعاث (1). [وليستا بمغنيتين] فاضطجع على الفراش وحول وجهه ودخل أبوبكر [والنبي صلى الله عليه وسلم متغش بثوبه 2/ 11] فانتهرني) وفي رواية: فانتهرهما) وقال: مزمارة (وفي رواية: مزمار) الشيطان عند (وفي رواية: أمزامير الشيطان في بيت) رسول الله صلى الله عليه وسلم [(مرتين)]؟ فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي رواية: فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه) فقال: " دعهما [يا أبا بكر [ف] إن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا] ". فلما غفل غمزتهما فخرجتا ". (رقم 5.8 من المختصر ").
قلت: فنجد في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر قول أبي بكر الصديق في الغناء بالدف أنه " مزمار الشيطان " ولا نهره لابنته أوللجاريتين بل أقرهعلى ذلك فدل إقراره إياه على أن ذلك معروف وليس بمنكر فمن أين جاء أبوبكر بذلك؟ الجواب: جاء به من تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم وأحاديثه الكثيرة في تحريم الغناء وآلات الطرب وقد ذكر طائفة منها العلامة ابن قيم الجوزية في كتابه " إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان " (1/ 258 - 267) وخرجت بعضها في " الصحيحة " (91) و" المشكاة " (3652) ولولا علم أبي بكر بذلك وكونه على بينة من الأمر ما كان له أن
(1) بالصرف وعدمه وهواسم حصن وقعت الحرب عنده بين الأوس والخزرج قبل الهجرة بثلاث سنين.
يتقدم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وفي بيته بمثل هذا الإنكار الشديد غير أنه كان خافيا عليه أن هذا الذي أنكره يجوز في يوم عيد فبينه له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:
" دعهما يا أبا بكر فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا " فبقي إنكار أبي بكر العام مسلما به لإقراره صلى الله عليه وسلم إياه ولكنه استثنى منه الغناء في العيد فهومباح بالمواصفات الواردة في هذا الحديث.
فتبين أنه صلى الله عليه وسلم كما أقر عمر على استنكاره سماع الموتى كذلك أقر أبا بكر على استنكاره مزمار الشيطان وكما أنه أدخل على الأول تخصيصا كذلك أدخل على قول أبي بكر هذا تخصيصا اقتضى إباحة الغناء المذكور في يوم العيد ومن غفل عن ملاحظة الإقرار
الذي بينا أخذ من الحديث الإباحة في كل الأيام كما يحلوذلك لبعض الكتاب المعاصرين وسلفهم فيه ابن حزم فإنه استدل به على الإباحة مطلقا جمودا منه على الظاهر فإنه قال في رسالته في الملاهي (ص 98 - 99):
" وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قول أبي بكر: " مزمار الشيطان " فأنكر عليه ولم ينكر على الجاريتين غناءهما ".
والواقع أنه ليس في كل روايات الحديث الإنكار المذكور وإنما فيه قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: " دعهما. . . " وفرق كبير بين الأمرين فإن الإنكار الأول لووقع لشمل الآخر ولا عكس كما هوظاهر بل نقول زيادة على ذلك: إن النبي صلى الله عليه وسلم أقر قول أبي بكر المذكور كما سبق بيانه وقد قال ابن القيم في " إغاثة اللهفان " بعد أن ذكر الحديث (1/ 257):
" فلم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بكر تسميته الغناء مزمار الشيطان وأقرهما لأنهما جاريتان غير مكلفتين تغنيان بغناء الأعراب الذي قيل في يوم حرب بعاث من الشجاعة والحرب وكان اليوم يوم عيد ".
وأما أنه صلى الله عليه وسلم لم ينكر على الجاريتين فحق ولكن كان ذلك في يوم عيد فلا يشمل غيره أولا. وثانيا: لما أمر صلى الله عليه وسلم أبا بكر بأن لا ينكر عليهما بقوله: " دعهما " أتبع ذلك بقوله: " فإن لكل قوم عيدا. . . " فهذه جملة تعليلية تدل على أن علة الإباحة هي العيدية إذا صح التعبير ومن المعلوم أن العلة تدور مع المعلول وجودا وعدما فإذا انتفت هذه العلة بأن لم يكن يوم عيد لم يبح الغناء فيه كما هوظاهر ولكن ابن حزم لعله لا يقول بدليل العلة كما عرف عنه أنه لا يقول بدليل الخطاب وقد رد عليه العلماء ولا سيما شيخ الإسلام ابن تيمية في غير ما موضع من " مجموع الفتاوى " فراجع المجلد الثاني من " فهرسه "
لماذا يستدل الشيعة بهذا (السبب هوتقديس الشيعة لدعاء الاموات فهم اتباع دين يدعوغير الله)
مع انه جاء في اهم كتبهم القطعي الثبوت وهونهج البلاغة ماينافي ذلك وبالتالي هم كذبوالمعصوم الذي لا يخطئ ومن يتحكم بذرات الكون ومعه الولاية التكوينية
وقال سبحانه وتعالى: " والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً وهم يُخلقون، أموات غير أحياء وما يشعرون أيّضان يُبعثون". [النحل: 2. - 21].
وقال تعالى: " قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً، أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه". [الإسراء: 56 - 57]. وقال أمير المؤمنين عليه السلام في ذكر الموتى: " فهم جيرة لا يجيبون داعياً ولا يمنعون ضيماً ولا يبالون مندبة". [نهج البلاغة: 1/ 22.]. قال عليه السلام واصفاً الموتى أيضاً: " لا في حسنة يزيدون ولا من سيئة يستعتبون" [نهج البلاغة: 2/ 15].
اتخاذ أصحاب القبور شفعاء ووسائط تقربهم إلى الله: وهذا قد ذمّه القرآن الكريم بقوله سبحانه وتعالى حكاية عن المشركين: " والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى". [الزمر: 3]. وقال سبحانه وتعالى: " ويعبدون من دون الله ما لايضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله" [يونس:18]. وقال أمير المؤمنين علي عليه السلام في وصيته للحسن عليه السلام: " واعلم أن الذي بيده خزائن السماوات والأرض قد أذن لك في الدعاء وتكقّل لك بالإجابة وأمرك أن تسأله ليعطيك وتسترحمه ليرحمك، ولم يجعل بينك وبينه من يحجبه عنك، ولم يُلجئك إلى من يشفع لك إليه". [نهج البلاغة:3/ 47].
دعاء أصحاب القبور والاستغائة بهم من دون الله: وهذا شرك بنص القرآن الكريم؛ قال سبحانه وتعالى: " والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير، إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولوسمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير" [فاطر:13 - 14]. وقال سبحانه وتعالى: " ومن أضل ممن يدعومن دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين" [الأحقاف:5 - 6].
وقال سبحانه وتعال: " وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً" [الجن:16]. وقال أمير المؤمنين عليه السلام: " فاسألوا الله به وتوجهوا إليه بحبه، ولا تسألوا به بخلقه، إنه ما توجّه العباد إلى الله بمثله". [نهج البلاغة: 2/ 91 - 92].
وقال عليه السلام في وصية للحسن عليه السلام: " وألجىء نفسك في الأمور كلها إلى إلهك، فإنك تلجئها إلى كهف حريز ومانع عزيز، وأخلص في المسألة لربك فإن بيده العطاء والحرمان". [نهج البلاغة: 3/ 39 - 4.].
وعن الباقر عليه السلام أنه قال: " اتخذ الله عز وجل إبراهيم خليلاً لأنه لم يرد أحداً ولم يسأل أحداً غير الله عز وجل". [علل الشرائع:34، عيون أخبار الرضا: 2/ 75].
وقد انتهت هذه الشبهة واحترقت عندما ذكرنا
قوله صلى الله عليه وسلم لعمر حينما سأله عن مناداته لأهل قليب بدر: "ما أنتم بأسمع لما أقول منهم "
هوخاص أيضا بأهل القليب , وإلا فالأصل أن الموتى لا يسمعون , وهذا الأصل هوالذي اعتمده عمر رضي الله عنه حين قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إنك لتنادي أجسادا قد جيفوا ,
فلم ينكره الرسول صلى الله عليه وسلم بل أقره , وإنما أعلمه بأن هذه قضية خاصة ,
ولولا ذلك لصحح له ذلك الأصل الذي اعتمد عليه , وبين له أن الموتى يسمعون خلافا لما يظن عمر , فلما لم يبين له هذا , بل أقره عليه كما ذكرنا ,
دل ذلك على أن من المقرر شرعا أن الموتى لا يسمعون. وأن هذه قضية خاصة.
وبهذا البيان ينسد طريق من طرق الضلال المبين على المشركين وأمثالهم من الضالين , الذين يستغيثون بالأولياء والصالحين ويدعونهم من دون الله , زاعمين أنهم يسمعونهم , والله عز وجل يقول: (إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم , ولوسمعوا ما استجابوا لكم , ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير).
ولا شك كما ذكرت سابقا ان الرافضة تحاول بكل وسيلة ان تثبت ان الاموات يستجيبون لمن دعاهم ويقضون حاجته
وهذا مالم يثبتوه عند اهل السنة والجماعة إطلاقا بل هوفي عقولهم المريضة
ولنفترض جدلا ان اهل السنة والجماعة اجمعوا على ان الاموات يسمعون
هل يستطيع بني رفضون ان يثبتوان الاموات يجيبون ويقضون حوائج الاحياء؟
للزيادة في الرد على شبهة الشيعة في قوله تعالى (إنك لا تسمع الموتى) يرجى قراءة كتاب
الآيات البينات في عدم سماع الاموات