من قتل الحسين
شيخنا الفاضل ,,
أجيبونا بارك الله فيكم ...
فبما أنكم تقولون بأن الشيعة يكذبون بسرد المقتل
فأنا أود أن أطرح بعض الأسئلة عليكم لعلي أجد إجابة شافية وهي:
ورد في كتب الحديث باتفاق الطوائف المسلمة أن الحسين عليه السلام هوسبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
وورد أنه وأخاه الحسن هما سيدا شباب أهل الجنة
والقرآن في أكثر من آية يتحدث بأن من يقتل مؤمنا فجزاؤه جهنم وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا أليما
والحسين عليه السلام سيد شباب أهل الجنة باتفاق، بالتالي فهوسيد المؤمنين، إذن من قتله جزاؤه جهنم بنص القرآن وعليه غضب الله ولعنته وأعد له العذاب الأليم
1 - من الذي قتل الحسين بن علي عليهم السلام؟ ومن الذي أمر بقتله؟
2 - كيف قتلوا الحسين عليه السلام؟ وهل مثلوا بجثمانه وحز نحره الشريف؟
3 - ألم يتم قتل جميع أصحابه بل جميع أولاده وأهله حتى رضيعه عبد الله؟
4 - ألم يأخذوا أخته السيدة زينب عليها السلام سبية مع أخواتها وبنات الحسين عليه السلام اللواتي هن بنات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبابا يطاف بهن من بلد إلى بلد؟
الأسئلة كثيرة ولكن أكتفي بهذه الأسئلة لمن تبحث منكن عن الحقيقة
************
الجواب:
وبارك الله فيك.
أولاً: لا يجوز لأحد مُناظَرة ومجادلة أهل الباطل ما لم يكن لديه ما يكفي لإزالة الشُّبُهات بل وهدمها، ويكون على عِلْم بِما يُلقى إليه.
ثانيا: لا يجوز أن يُجعَل ما يُلقيه أمثال هؤلاء سَبَبًا للتشكيك في الدِّين، ولا أن يجعل الإنسان نفسه إسفنجة!
قال ابن القيم رحمه الله: وقال لي شيخ الإسلام رضي الله عنه - وقد جَعَلْتُ أُورِد عليه إيرَادًا بعد إيرَاد -: لا تَجعل قَلْبَك للإيرَادات والشُّبُهَات مثل السفنجة فَيَتَشَرّبها، فلا يَنْضَح إلاَّ بها، ولكن اجْعَله كالزُّجَاجة الْمُصْمَتَة تَمُرّ الشُّبُهات بِظاهرها ولا تَسْتَقِرّ فيها، فَيَرَاها بِصَفائه، ويدفعها بِصلابته، وإلاَّ فإذا أَشْرَبْتَ قلبك كل شبهة تَمُرّ عليها صار مَقَرًّا للشبهات. أوكما قال. فما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك.
ثالثا: ينبغي أن يُعلَم أن الرافضة أكذب الناس! فهم يكذبون في كل شيء، حتى فيما يقولون وفيما يَنْقُلُون! بل قد يخترعون أحاديث في حال الخصومة، ولا يترددون إلى نسبتها إلى كُتب أهل السنة! فقد كنت مرة أُجادِل رافضيا فأتى بحديث ونسبه إلى صحيح البخاري! فلما كذّبت نسبته إليه، قال: مع الأسف! أنك تعتبر نفسك شيخ ولا تعرف حديثا في البخاري!
رابعا: بخصوص هذه الشُّبْهَة، فالجواب عنها كما يلي:
في كُتُب الرافضة أنفسهم أن شيعة الحسين هم مَن تَسَبَّبُوا بِقَتْله! وهم مَن دعاه إلى العراق ثم خذلوه!
وقال الإمام الحسين رضي الله عنه في دعائه على شِيعته:
اللهم إن مَتّعتهم إلى حين فَفَرّقهم فِرَقا، واجعلهم طرائق قِددا، ولا تُرْض الولاة عنهم أبدا، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عَدَوا علينا فَقَتلونا. (الإرشاد للمُفيد 241).
ودعا عليهم مرة أخرى، فقال:
لكنكم استسرعتم إلى بيعتنا كطيرة الدّبا، وتهافتم كتهافت الفراش، ثم نقضتموها سفها، وبُعْدًا وسُحْقا لطواغيت هذه الأمة وبَقية الأحزاب ونَبَذة الكتاب، ثم انتم هؤلاء تتخاذلون عنا وتقتلوننا، ألا لعنة الله على الظالمين. (الاحتجاج للطبرسي 2/ 24).
وقال السيد محسن الأمين:
بَايَع الحسين من أهل العراق عشرون ألفا، غَدروا به وخَرَجُوا عليه، وبيعته في أعناقهم، وقتلوه. (أعيان الشيعة/القسم الأول 34).
وقال الإمام زين العابدين لأهل الكوفة:
هل تعلمون أنكم كَتبتم إلى أَبِي وخَدعتموه، وأعطيتموه مِن أنفسكم العهد والميثاق ثم قَاتلتموه وخذلتموه؟ بأي عين تنظرون إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وهويقول لكم: قاتَلتم عِترتي وانتهكتم حرمتي، فلستم مِن أمتي. (الاحتجاج 2/ 32).
وقال أيضا:
إن هؤلاء يبكون علينا، فَمن قَتَلَنا غيرهم؟! (الاحتجاج 2/ 29).
وقالت فاطمة الصغرى في خطبة لها في أهل الكوفة:
يا أهل الكوفة، يا أهل الغَدْر والْمَكْر والخيلاء، إنا أهل البيت ابتلانا الله بكم، وابتلاكم بِنا فجعل بلاءنا حسنا. فَكفرتمونا وكذّبتمونا، ورأيتم قتالنا حلالاً وأموالنا نهبا. كما قتلتم جدّنا بالأمس، وسيوفكم تَقْطُر مِن دمائنا أهل البيت. تَبًّا لكم! فانتظروا اللعنة والعذاب فكأن قد حلّ بكم ... ألا لعنة الله على الظالمين. تَبًّا لكم يا أهل الكوفة، كم قرأت لرسول الله صلى الله عليه وآله قبلكم، ثم غدرتم بأخيه علي بن أبي طالب وجدي، وبنيه وعترته الطيبين.
فَرَدّ علينا أحَد أهل الكوفة [ممن يدّعون محبة آل البيت] فقال:
نحن قتلنا علياً وبني علي *** بسيوف هندية ورماحِ
وسبينا نساءهم سبي تركٍ *** ونطحناهمُ فأيُّ نطاحِ (الاحتجاج 2/ 28).
وقالت زينب بنت أمير المؤمنين لأهل الكوفة:
أما بعد يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والغدر والخذل. إنما مثلكم كمثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا، هل فيكم إلاّ الصَّلَف والعجب والشنف والكذب؟ أتبكون أخي؟ أجل والله فابكوا كثيرا واضحكوا قليلاً فقد ابتليتم بِعارِها. وأنى ترخصون قتل سَليل خاتم النبوة. (الاحتجاج 2/ 29 - 3.).
وقد عَلِم الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه بأن الذين يدّعون محبة الحسين إنما هم كَذَبَة.
فقد قال الحسن رضي الله عنه لأخيه الحسين رضي الله عنه:
يا أخي إن أبَانَا رحمه الله تعالى لَمّا قُبِض رسول الله استشرف لهذا الأمر ورَجَا أن يكون صاحبه، فَصَرَفه الله عنه، ووليها أبوبكر، فلما حَضَرت أبا بكر الوفاة تشوّف لها أيضا فَصُرِفت عنه إلى عُمر، فلمّا احْتُضِر عُمر جعلها شورى بَيْن سِتة هوأحدهم، فلم يَشُكّ أنها لا تَعْدُوه فَصُرِفت عنه إلى عثمان، فلما هَلك عثمان بُويِع ثم نُوزِع حتى جَرّد السيف وطَلبها، فَما صَفَا لَه شيء منها، وإني والله ما أرى أن يَجْمَع الله فينا أهل البيت النبوة والخلافة، فلا أعرفن ما استخفّك سفهاء أهل الكوفه فأخرجوك!
وتهويل الرافضة وأكاذيبهم في قصة مَقْتَل الحسين رضي الله عنه كثيرة، ولذلك حرِص المؤرّخون على تقصّي الحقائق في مثل هذه الواقعة.
ومِن خير من ذَكَر قصة مَقْتَل الحسين رضي الله عنه بإنصاف وتمييز بين الأخبار: ابن كثير رحمه الله، وذلك في " البداية والنهاية ". فإنه عَقَد فصْلا في أحداث سنة إحدى وستين قال فيه: وهذه صِفَة مَقْتَلِه مأخوذة مِن كلام أئمة هذا الشأن، لا كما يَزعمه أهل التشيع مِن الكَذِب.
وذَكرها ابن حجر في " الإصابة "، حيث ذَكَر قصة مقتل الحسين رضي الله عنه، ثم قال: وقد صَنَّف جماعة من القدماء في مقتل الحسين تصانيف فيها الغثّ والسمين، والصحيح والسقيم، وفي هذه القصة التي سقتها غِنَى. اهـ.
ولا يعني هذا إقرار قَتْل سِبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل قَتْله جريمة شنيعة، إلاّ أنه لا يعني أن تُهدَر العقول - كما تفعله الرافضة في عاشوراء - وتُلْطَم الخدود وتُشقّ الجيوب وتُسال الدماء بصور بشعة في غاية البشاعة!
فإن موت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظَم مِن مقتل ابن بنته، ومقتَل عليّ رضي الله عنه أعظم؛ لأن عليًّا أفضل من ابنه بلا شك. إلا أن الرافضة تستغل مثل ذلك الحدث لإشعال نيران الحقد والبضغاء وإيقاد نيران الفِتن والثورات ضد أهل السنة الذين يُسمّونهم " النواصِب "! وتتنادى الرافضة: يا لِثَارَات الحسين! وكأننا نحن الذين قتلنا الحسين رضي الله عنه!
والله تعالى أعلم.