أخطاء علي رضي الله عنه
ونكتفي بذكر بعض الأمثلة من الفتاوى التي أخطأ فيها علي رضي الله عنه لضرورة إثبات ما قلناه، ولا نبغي تجريحه ولا الطعن به _ كما يفعل هذا الموسوي مع عمر _ وإنما ردا لحجة هؤلاء الرافضة، مقتبسين ذلك من كلام شيخ الاسلام ابن تيمية في رده على ابن المطهر، إذ قال _ (المنتقى) (ص363 - 364) _: (فقد قضى علي في الحامل المتوفى عنها زوجها أنها تعتد أبعد الأجلين مع صحة خبر سبيعة ولكنه لم يبلغه، وقضى في المفوضة أن مهرها يسقط بالموت مع قضاء الرسول عليه في بروع بأن لها مهر نسائها، وأراد أن ينكح ابنة أبي جهل حتى غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع عن ذلك، وأمثال هذا مما لم يقدح في علي ولا في غيره من أولي العلم إذا اجتهدوا، وقال: إذا اختارت المرأة زوجها فهي طلقة، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم خير نساءه ولم يكن ذلك طلاقا، والأمور التي كان ينبغي لعلي أن يرجع عنها أعظم بكثير من الأمور التي كان لعمر أن يرجع عنها، مع أن عمر قد رجع عن عامة تلك الأمور وعلي عرف رجوعه عن بعضها فقط كرجوعه عن خطبة بنت أبي جهل، وأما بعضها _ كفتياه بأن الحامل المتوفى عنها تعتد أبعد الأجلين، وأن المفوضة لا مهر لها إذا مات عنها الزوج، وقوله أن المخيرة إذا اختارت زوجها فهي واحدة _ فهذه لم يعرف إلا بقاؤه عليها حتى مات. وكذلك مسائل كثيرة ذكرها الشافعي في (كتاب اختلاف علي وعبد الله) وذكرها محمد بن نصر المروزي في (كتاب رفع اليدين في الصلاة) وأكثرها موجودة في الكتب وأكثرها موجودة في الكتب التي تذكر فيها أقوال الصحابة ... ) إ. ه.
وانظر تفصيل ذلك في (منهاج السنة) (3/ 136 - 137) , فلم يعد في كل ذلك مطعن على عمر رضي الله عنه. ولوكنا مثل الخوارج أوالنواصب الذين يكفرون علياً ويبغضونه لسردنا أقوالهم ومطاعنهم فيه رضي الله عنه , وهم في الحجة المنطقية العقلية أرجح من الروافض هؤلاء - مع أنهم مبطلون ايضاً - مثل قولهم أن علياً كان أول من شهر سيفه على المسلمين وترك قتال الكفار , وأول من كان سبباً في إنقسام الأمة وإختلافها , وأول من ترك الجهاد في سبيل الله مع أن الله تعالى يقول: (إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم) وهوأول من ترك المدينة وحول دار الخلافة منها مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمتدحها وبين فضائلها العظيمة حتى إنه طعن بمن يتركها فقال: المدينة كالكير تنفي خبثها وينصع طيبها (- كما في حديث جابر رضي الله عنه , عند البخاري (1883) وغيره - وهذا لوظفر به الروافض هؤلاء لطاروا به فرحاً , ونحن لا نستعمله في الطعن بعلي رضي الله عنه , بل هوعندنا معذور فيما فعل ونحن نتأول له فعله بما يخرجه عن هذا الحديث , لكنا أردنا كما قلنا إسكات هؤلاء المهازيل في طعنهم بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم , وأظن ذلك حاصلاً إن شاء الله.