حديث لما عرج بي إلى السماء انتهى بي إلى قصر من لؤلؤ فراشه ذهب يتلألأ، فأوحى إليّ ربي في عليّ ثلاث خصال
حديث أسعد بن زرارة، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (لما عرج بي إلى السماء انتهى بي إلى قصر من لؤلؤ فراشه ذهب يتلألأ، فأوحى إليّ ربي في عليّ ثلاث خصال: أنه سيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين). أخرجه الحاكم (3/ 137 - 138)، وعزاه في (الكنز) (331) للبارودي وابن قانع والبزار وأبي نعيم من طريق عمروابن الحصين العقيلي، أنبأ يحيى بن العلاء الرازي، ثنا هلال بن أبي حميد عن عبد الله بن أسعد بن زرارة عن أبيه. وقد شان الحاكم نفسه وكتابه بإيراد هذا الحديث وتصحيحه، ومرة أخرى كتم هذا الموسوي تعقيب الذهبي على الحديث وبيان كذبه، بل تعليق صاحب (الكنز) نفسه وما نقله عن ثلاثة من الأئمة الفحول في رد هذا الحديث إذ قال: (قال ابن حجر: ضعيف جداً منقطع ... وقال الذهبي أحسبه موضوعاً، وقال ابن العماد: هذا حديث منكر جداً ويشبه أن يكون من بعض الشّيعة الغلاة وإنما هذه صفات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لا صفات عليّ) إ. ه. وقد بيّن الذهبي علته في رده تصحيح الحاكم فقال: (قلت: أحسبه موضوعاً، وعمرووشيخه متروكان) إ. ه. قلت: عمروبن الحصين العقيلي الذي في الإسناد قال عنه أبوحاتم: ذاهب الحديث، وقال أبوزرعة: واهٍ، وقال الدارقطني: متروك. وشيخه يحيى بن العلاء الرازي قال عنهمالإمام أحمد: كذاب يضع الحديث، وتركه غيره، وقد أشار الذهبي في ترجمته من (الميزان) إلى هذا الحديث واتهمه به.
وهذا الحديث قد رواه أيضا ابن النجار- (كنز العمال) (3311) - عن عبد الله بن أسعد بن زرارة، وهوالحديث القادم عند هذا الموسوي (رقم 3)، وحاول الإيهام أنه حديث آخر من مخرج آخر، وفيه علة أخرى وهي جهالة عبد الله بن أسعد بن زرارة.
ثم قد أخرج هذا الحديث أيضا الطبراني في (الصغير) (99) من طريق مجاشع بن عمروالهمداني، ثنا عيسى بن سوادة الرازي، ثنا هلال بن أبي حميد الوزان عند عبد الله بن عكيم الجهني قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (إن الله عز وجل أوحى إليّ في عليّ ثلاثة أشياء ليلة أسرى بي: أنه سيّد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغر المحجّلين) قال الطبراني: لم يروه عن هلال إلاّ عيسى تفرّد به مجاشع. قلت: وعيسى بن سوادة كذّاب كما قال ابن معين وغيره، وكذا مجاشع كذّبه ابن معين وآخرون، فالحديث موضوع بلا شك، وقد حكم عليه بالوضع الألباني في (الضعيفة) (353).
ووري نحوه من حديث أنس رضي الله عنه عند أبي نعيم في (الحلية) (1/ 63) من طريق محمد بن عثمان بن أبي شيبة، ثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، ثنا علي بن عابس عن الحارث بن حصيرة عن القاسم بن جندب عن أنس. وهذا إسناد ضعيف مسلسل بالضعفاء، سوى القاسم بن جندب فلم نجد له ترجمة. والحارث بن حصيرة تقدم بيان ضعفه مع ما عنده من الرفض المانع من قبول حديثه هنا، أنظر (ص276)، ومثله إبراهيم بن محمد بن ميمون , وعلي بن عابس ضعيف لا يُحتج به. وقد أشار أبونعيم إلى طريق آخر لهذا الحديث (1/ 64) فقال: (رواه جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن أنس نحوه) وهولا يفرح به بل يزيد هذا الحديث وهناً على وهنٍ، فجابر الجعفي هذا مع أنه رافضي فهوضعيف جداً أومتروك. وقد كذّبه غير واحد، أنظر تفصيل حاله (ص27 - 273)، وقد أقرّ بوضع هذا الحديث بإيراده ابن عراق الكناني في (تنزيه الشريعة) (1/ 357).
هذا وقد رد هذا الحديث بكل طرقه وحكم عليه بالكذب- وهوحريّ به- شيخ الإسلام ابن تيمية في (المنهاج) فقال- أنظر (مختصر المنهاج) (ص473 - 474) -: (وهوموضوع عند من له أدنى معرفة بالحديث، ولا تحل نسبته إلى الرسول المعصوم، ولا نعلم أحداً هوسيد المسلمين وإمام المتقين وقائد الغرّ المحجلين غير نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم، واللفظ مطلق ما قال فيه من بعدي، ولا في اللفظ ما يدل على ذلك، ولأن خير المسلمين والمتقين والمحجلين هم القرن الأول والرسول قائدهم، بل وقائد من بعدهم في القيامة، فلمن يقود عليّ وعندكم جمهور الأمة المحجلين كفّار وفسّاق، فكيف يقودهم؟ وقال عليه الصلاة والسلام: يأتون غُرّاً محجلين يوم القيامة من آثار الوضوء، وأنا فرطكم على الحوض، فهذا يبيّن أن كلّ من توضأ وغسل وجهه ويديه ورجليه فإنه من المحجلين، وهؤلاء أمة محمد سواكم فإنكم لا تغسلون الأرجل فلا تكونون من المحجّلين في الأرجل، فلا يقودكم الرسول ولا عليّ) إ. ه. فجزاه الله خيراً.
حديث ابن النجار هذا هونفسه الحديث السابق بزيادة علّة أخرى كما قلناه في الحديث السابق، وليس هوحديثاً منفصلاً كما يوهمه صنيع هذا الموسوي، فليراجع.