لمّا أسري بي إلى السماء، دخلت الجنة فرأيت في ساق العرش الأيمن مكتوباً: لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، أيدته بعليّ ونصرته
حديث أبي الحمراء، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: (لمّا أسري بي إلى السماء، دخلت الجنة فرأيت في ساق العرش الأيمن مكتوباً: لا إله إلاّ الله محمد رسول الله، أيدته بعليّ ونصرته). أخرجه الطبراني في (الكبير) - (مجمع الزوائد) (9/ 121) - وقال الهيثمي: (وفيه عمروبن ثابت وهومتروك). قلت: وهوابن أبي المقدام بن هرمز الكوفي، وقد تركه النّسائي وغيره، وقال أبوداود: رافضي خبيث، وقال ابن حبّان: يروي الموضوعات. قلت: وهذا والله منها. وله إسناد آخر أوهى من هذا فيه عمار بن مطر وهوضعيف هالك وكذبه غير واحد، وفيه أيضاً أبوحمزة الثمالي وهورافضي غير ثقة، وقد تقدم ضمن الرواة المئة (رقم 11) ومن هذا الإسناد أخرجه ابن عساكر في (تهذيب تاريخ دمشق) (5/ 17) بلفظ: (رأيت ليلة أُسري بي مثبتاً على ساق العرش: أني أنا الله لا إله غير، خلقت جنة عدن بيدي، محمد صفوتي من خلقي، أيدته بعليّ، نصرته بعليّ). وقد عزاه في (الكنز) (334) لإبن الجوزي في الواهيات أيضاً وهوما أخفاه عمداً هذا الرافضي عبد الحسين لوضوح بطلانه وكذبه في هذا التخريج والعزو. وهوعند ابن الجوزي في (العلل المتناهية) (1/ 234) , وأخرجه أيضاً أبونعيم في (الحلية) (3/ 27) , وهومكذوب أيضاً، في إسناده أحمد بن الحسن الكوفي, قال الدارقطني وغيره: متروك, وقال ابن حبّان: كذّاب وضّاع. وفي إسناده أيضاً رجال مجاهيل لم أعرفهم والله أعلم.
ثم رأيت الحديث بلفظ: (لمّا عُرِجَ بي، رأيت على ساق العرش مكتوباً .. ) أخرجه ابن عدي في ترجمة الحسين بن إبراهيم البابي من (الكامل) - ونقله عنهمالذهبي في (الميزان) (1/ 53) - ومن طريق ابن عدي، أخرجه الخطيب في (تاريخ بغداد) (11/ 173) , من حديث أنس رضي الله عنه. وهوباطل موضوع أيضاً , الحسين هذا مجهول نكرة لا يُعرف , وكذا الراوي عنه عيسى بن محمد بن عبيد الله مجهول أيضاً. وقد كذب هذا الحديث ابن عدي والذهبي وابن حجر في (اللسان) , وتبعهم ابن عراق الكناني في (التنزيه) (1/ 41). وقد روي أيضاً من قول أبي هريرة رضي الله عنه موقوفاً عليه من طريق العباس بن بكار الضبي عن خالد بن أبي عمروالأزدي عن الكلبي عن أبي صالح عن أبي هريرة. ساقه هكذا الذهبي في (الميزان) (2/ 382) في ترجمة العباس بن بكار, وهوكذاب كما قال الدارقطني, وشيخه خالد لم أعرفه ومن فوقه الكلبي هومحمد بن السائب وهومتهم بالكذب, كما تقدم غير مرة.
وقد ذكر هذا الحديث في الموضوعات المكذوبات السيوطي في (اللآلئ المصنوعة) (1/ 323) رغم تساهله المعهود, وتبعه ابن عراق في تنزيه الشريعة) (1/ 41، 42)، وقد تقدمت الإشارة إلى من كذّبه من الحفاظ كابن عدي والذهبي وابن حجر، وكذا كذبه شيخ الإسلام ابن تيمية في (المنهاج) - (المنتقى) (ص47 - 471) - , وغيرهم.
هذا بالنسبة لإسناد الحديث , أما متنه ولفظه فواضح البطلان لمخالفته قوله تعالى: {هوالذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين وألّف بين قلوبهم} فهوصريح بأن التأييد كان بجميع المؤمنين- مهاجرين وأنصار- لا بواحد منهم فقط، يدل عليه مجيء الآية بلفظ الجمع، وقوله أيضاً {وألّف بين قلوبهم}. قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (منهاج السنة): (فهذا نص في عدد مؤلف بين قلوبهم فصرفه إلى واحد تحريف وتبديل، ثم من المعلوم بالضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان قيام دينه وتأييده بمجرد موافقة عليّ، بل ولا بأبي بكر، ولكن بالمهاجرين والأنصار) إ. ه. انظر (مختصر المنهاج) (ص471).