مواضع احتجاج علي رضي الله عنه وغيره ممن تزعمهم الشيعة بالوصية.
المراجعة (14): ش:
سرد عدداً من النصوص المزعومة في احتجاج علي بالوصية مما تقدمت في المراجعات أوغيرها , وأردفها ببعض الكلام المنسوب إلى فاطمة رضي الله عنهما.
الرد على المراجعة (14):
1 - بيان مراوغة أئمة الشيعة في عرض الوصية على أنها حق لعلي وليس واجباً عليه مكلفاً به, وتفصيل ذلك وسرد الأدلة عليه.
2 - الاشارة إلى ما تقدم من الرد على النصوص المساقة في هذه المراجعة.
3 - ذكر النصوص الصحيحة الثابتة عن علي رضي الله عنه مما فيه النفي الجازم لهذه الوصية المزعومة مع ما فيه من إقرار بأفضلية أبي بكر وعمر عليه.
4 - بيان وجه الطعن والرد على ما نسبه من الكلام على فاطمة رضي الله عنهما.
أشار في هذه المراجعة إلى النصوص التي زعم دلالتها على احتجاج علي رضي الله عنه لوصية النبي صلى الله عليه وسلم له , لكن قبل الكلام عليها لا بد من التنبيه على أمر كان هذا الموسوي قد ذكره في بداية مراجعته هذه , وهوقول سائر أئمة الشيعة أيضاً ذلكم هوما نسب إلى علي رضي الله عنه مما هوفي (نهج البلاغة) من قوله: (لا يعاب المرء يتأخير حقه , إنما يعاب من أخذ ما ليس له) ونحن لا نشك في كذب هذا القول عن علي لما قدمنا من حال (نهج البلاغة) هذا وفضلاً عن استغلال أئمة الشيعة لهذا القول في عرض مسألة خلافة علي للنبي صلى الله عليه وسلم أنها مسألة حق وجب على الأمة لعلي , ولم يجب عليه هوتحصيله وليس هوتكليفاً لعلي بأن يخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم -بزعمهم- وهذا من المراوغة والتملص مما يكشف بطلان قولهم , ذلك إنا قررنا أن لوكان هناك مثل هذه الوصية المزعومة لكان أول المكلفين بها هوعلي نفسه كما لا يخفى , خاصة وإن في بعض النصوص التي يذكرونها مخاطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي نفسه لبيان وصايته وخلافته له - كما تدعيها الشيعة - مثل: (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) , (أنت ولي كل مؤمن بعدي) , (أنت أخي ووزيري تقضي ديني وتنجز موعدي) , (انت تبين لأمتي ما اختلفوا فيه من بعدي) وغير ذلك الكثير. وكل هذه النصوص ذكرها هذا الموسوي في كتابه هذا فضلاً عن تقريره في بداية المراجعة (7) بأن هذا كان
من عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي , نظير عهده إليه - في زعمهم - بأن يغسله ويكفنه وغير ذلك , فإذا اتضح هذا علم أن نصوص الوصية التي تدعيها الشيعة لازمها الإيجاب أولاً على علي نفسه بأن يحصلها قبل وجوبها على الأمة إعطاؤه إياها , ومن ثم لم تعد حقاً خالصاً لعلي له أن يتنازل عنه , بل هوتكليف عليه محاسب ومؤاخذ إذا لم يفعله وقصّر في طلبه ووهذا من حجج أهل السنة على الشيعة بأن علياً ما دام لم يثبت عنه ويصح عنه مطالبته بهذه الوصية علم بطلانها , ولا يصح التحجج بأنه تنازل عن حقه كما إدعاه عبد الحسين وسائر أئمة الشيعة لما قدمنا من توجه التكليف أولاً إليه. وهذا ما دعا بعضاً من الرافضة إلى الطعن بعلي نفسه , بل وتكفيره , كما نقلناه في الرد على المراجعة (82) عن أبي كامل وأصحابه.
وإذا تقرر هذا بطل إعتذار الشيعة بأنه حق لعلي تنازل عنه بل لازمه كما قلنا تأثمه بذلك قبل أي فرد من الأمة.
ثم ما ذكره من قول علي يوم الرحبة لا حاجة إلى الرد عليه , فقد فعلنا ذلك في المراجعة (56) وبينا هناك إن هذا الحديث لا يدل على أكثر من وصية النبي صلى الله عليه وسلم بعلي وأهل البيت مع إستحضار السبب لتلك الوصية ومعنى لفظ (الولي) فيه الذي قدمناه خلال الرد على المراجعة (38) , فليراجع كل ذلك.
ومثله أيضاً ما قاله بعد ذلك عن حديث الغدير في الإعادة والتكرار الذي لا طائل تحته وقد سبق منا التعليق على كل مزاعمه عن حديث الغدير - بضمنها هذه التي هنا- خلال الكلام على المراجعة (54) , فلا حاجة إلى إعادة ذلك أيضاً.
وسائر أحايثه هنا مكررة كذلك كما أشار هوإلى مواضعها المتقدمة في (المراجعات) ونحن نحيل الرد إلى تلك المواضع أيضاً.
أما قوله: (ويوم الشورى أعذر وأنذر , ولم يبق من خصائصه ومناقبه شيئاً إلا إحتج به) فهويعني ما كان ذكره في المراجعة (12) , هامش (35) صفحة (67 - 68) وقد سبق بيان كذبه وبطلانه عند ردنا على تلك المراجعة حين استشهد هذا الموسوي بقوله تعالى: (وعلى الأعراف رجال .... ) الاية.
ثم سائر ما ذكره من أقوال علي رضي الله عنه نقلاً من (نهج البلاغة) لا حجة فيه أبداً على أهل السنة فهم لا يقرّون بمثل هذه الافتراءات , وهي والله من الكذب على علي رضي الله عنه والزور والبهتان , فكيف يمكن أن يقر شيخ الأزهر بمثل هذه الافتراءات؟ وكيف يتخيل هذا الرافضي عبد الحسين أن يقيم الحجة على أهل السنة بما في (نهج البلاغة) وأنظر ما قلناه عن قيمة الكتاب وإثبات بطلانه في الرد على المراجعة (6).
ونحن أهل السنة قد ثبت عندنا - بحمد الله- عن علي ما يخالف ذلك تماماً من الثناء الحسن على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالأخص أبي بكر وعمر , وتقرير أفضليتهما عليه وأحقية تقدمهما عليه , وثبت أيضاً تصريحه بأن لا عهد عنده من النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من أمور الخلافة والولاية المزعومة هذه , وكل تلك النصوص الثابتة تكفي لنسف خيالات الشيعة التي جسدها لهم هذا الموسوي في فقرته الأولى من هذه المراجعة فوق ما تقدم من بطلان نسبة كل ما قاله.
ومن تلك النصوص التي عنيناها ما أخرجه البخاري (4/ 195) , وأبوداود
(4629) وغيرهما عن محمد بن الحنفية - وهومحمد بن علي بن أبي طالب , وينسب إلى أمه وهي من بني حنيفة - قال: (قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال أبوبكر , قلت: ثم من؟ قال: عمر , وخشيت أن يقول عثمان , قلت: ثم أنت؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين) وأيضاً ما أخرجه الإمام أحمد هووابنه عبد الله في (المسند) (1/ 127، 114، 11، 16) وابن ماجه (16) , وابن أبي عاصم (125، 123، 1222، 121) من طرق عن علي إنه قال على منبر الكوفة: (خير هذه الأمة بعد نبيها أبوبكر وعمر) وهذا ثابت عن علي رضي الله عنه من طرق كثيرة جداً , حتى قال شيخ الاسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوي) (3/ 45 - 46) بأنه متواتر عن علي , وقال أيضاً (المجموع) (4/ 47) بأنه جاء عن علي من ثمانين وجهاً أوأكثر.
ومن تلك النصوص أيضاً ما جاء عن علي رضي الله عنه إنه قال: (لا يفضلني على أبي بكر وعمر , أولا أجد أحداً يفضلني عن أبي بكر وعمر إلا وجلدته جلد حد المفتري) أخرجه ابن ابي عاصم (1219) وله طرق وروايات كثيرة ساقها في (كنز العمال) (36157، 36145، 36143، 3613، 3612) وعزاه لأبن ابي عاصم وابن شاهين واللالكائي وابن عساكر وابن منده في (تاريخ أصبهان) والخطيب في (تلخيص المتشابه) وغيرهم.
ومنها أيضاً ما ثبت عن علي من عدة طرق إنه سئل: هل عندكم من رسول الله
صلى الله عليه وسلم شيء , فقال: (لا والذي فلق الحبة وبراً النسمة إلا فهماً يؤتيه الله عبداً في كتابه , ومافي هذه الصحيفة) وكان في الصحيفة: عقول الديات , وفكاك الأسير , وأن لا يقتل مسلم بكافر , كما ثبت في الصحيحين والمسند والسنن وقد تقدم ذكره وتخريجه في آخر الرد على المراجعة (82).
فكل هذه النصوص الثابتة عن علي تبين كذب ما نسبته إليه الرافضة مما ساقه هنا إمامهم الموسوي هذا.
ومثله في الزور والبهتان ما نسبه في الفقرة الثانية إلى فاطمة رضي الله عنهما من الخطبتين المنقولتين من كتب أئمتهم الروافض التي لا تشكل عند أهل السنة أية حجة , مثل كتاب (الاحتجاج) للطبرسي الذي قدمنا الكلام عليه في مقدمة كتابنا هذا وأنه من أكثر كتبهم إحتواء للأباطيل , ومثله أيضاً كتاب (بحار الأنوار) لمحمد باقر المجلسي فهومن أشنع كتبهم في سب الصحابة وزوجات النبي صلى الله عليه وسلم , فلعنة الله على كتابه.
ولا يغني لثبوت هذه الخطبة عن فاطمة رضي الله عنهما ما ساقه في الهامش (25/ 318) من إسنادي أبي بكر الجوهري وأبي الفضل أحمد بن أبي طاهر فهما أصلاً مطعون فيهما لم تثبت وثاقتهما عند أهل السنة فلا حجة في خبرهما , والجوهري لم تثبت وثاقته عند الشيعة أيضاً كما تقدم في آخر الرد على المراجعة (82) من كلام حجتهم الخوئي هذا فضلاً عن ما في رجال الأسنادين من المجاهيل الذين لا يعرفون ولا يعرف حالهم أبداً (محمد بن زكريا, محمد عبد الرحمن المهبلي , عبد الله بن حمادبن سليمان, حماد بن سليمان، هارون بن مسلم بن سعدان , الحسن بن علوان).
وبعد إبطال كل حججه في هذه المراجعة أن تشكل دليلاً على أهل السنة , أحب ان أشير إلى عبارة في كلامه عن خطبة فاطمة رضي الله عنهما , فيها من الباطل الكثير , وهي قوله عن الخطبتين: (كان أهل البيت يلزمون أولادهم بحفظهما كما يلزمونهم بحفظ القرآن) ونحن لا نشك في كذب نسبة هذا إلى أهل البيت , لكنه يكشف عن حقيقة مذهب هؤلاء الرافضة وإمامهم عبد الحسين هذا في أشخاص اهل البيت وأنهم يعاملون أقوالهم معاملة آيات القرآن الكريم , وليس هذا بعجيب بعد أن علمنا حقيقة قولهم في أئمتهم هؤلاء وأنهم يغالون فيهم حتى يرفعونهم فوق الأنبياء, وهوما نقلناه في مقدمة كتابنا عند الكلام على أحد أصولهم الأربعة وهوكتاب (الكافي) الذي فيه من الأبواب في ذلك (باب إن الأئمة يعلمون متى يموتون وأنهم لا يموتون إلا باختيار منهم) , (باب إن الأئمة يعلمون علم ما كان وإنه لا يخفى عليهم شيء) , (باب إن الأرض كلها للإمام) وغير ذلك مما روى فيه من الروايات التي تقرر عقيدتهم هذه , فلعنة الله على من وضع تلك الأكاذيب ..
المراجعة (15): س:
-طلب شيخ الأزهر ذكر إحتجاج غير المذكورين.
المراجعة (16): ش:
-ذكر أربعاً من الروايات المنسوبة إلى ابن عباس وزعم دلالتها على الاحتجاج بالوصية , ثم أردفها بنصوص أخرى عن الحسن والحسين وغيرهما من الصحابة.
الرد على المراجعة (16):
1 - نقض مزاعمه في إحتجاج ابن عباس بالوصية وبيان أنه من أبعد الناس عن هذا الإفك حتى عند أئمة الرافضة , ثم بيان بطلان الروايات الأربعة المنسوبة إلى ابن عباس مع
ذكر الروايات الثابتة عنه في فضل أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وتقديمه لهما.
2 - تكذيبه فيما زعمه من النصوص الأخرى عن سائر الصحابة , وبيان بطلان ما ذكره أوأشار إليه من ذلك.
لا تختلف مراجعته هذه عن سابقتها في نوعية استدلاله فيها وإنه لاحظ فيه من علم وثبوت وصحة , بل ولا حجة فيه على أهل السنة كما سيتضح إن شاء الله.
وقد حاول في الفقرة الأولى هنا نسبة الاحتجاج بالوصية إلى ابن عباس , ومن المعلوم إن ابن عباس رضي الله عنه كان أبعد الناس عن هذا الافك حتى أئمة الرافضة لما لم يجدوا عنده ما يمكن أن يتعلقوا به طعنوا فيه وأسقطوا عدالته وأمانته مع انه من أهل البيت بلا خلاف , انظر الروايات التي نقلناها في مقدمة كتابنا في الطعن بالعباس وابنه عبد الله وذلك مما رواه الكشي في (رجاله) حتى إنه عقد باباً بعنوان (دعاء علي على عبد الله وعبيد الله ابني العباس) - راجع مقدمة كتابنا-.
لكن هذا الموسوي عبد الحسين حاول هنا الالتفاف على كل هذا وتغييره فذكر أربعاً من الروايات المنسوبة إلى ابن عباس , أولها ما نقله من (التاريخ الكامل) لإبن الأثير (3/ 24) و(شرح نهج البلاغة) لإبن أبي الحديد (3/ 17) في
محاورة ابن عباس لعمر من حديث طويل , وهونفسه الذي أشار إليه في آخر الفقر ة الأولى من المراجعة (84) ورددنا عليه في حينها بأن هذه المحاورة قد سيقت عند ابن الاثير وابن أبي الحديد من غير إسناد ولا عزوولا تصحيح فهي شبه الريح لا حجة فيها , لكن قد أخرجها الطبري في (تاريخه) (4/ 223,222) من طريقين واهيين جداً في كل منهما رجل مبهم لم يسم مع آخرين من المجاهيل أوالضعفاء فلا تصح ولا تثبت.
والرواية الثانية هي التي عزاها في الهامش (5/ 321) لأبي الفضل أحمد بن أبي طاهر نقلاً من (شرح نهج البلاغة) (3/ 97) , ولا حاجة إلى التذكير بأن لا حجة فيه على أهل السنة فهومثل سابقه من أخبار المجاهيل غير المعروفين , وهذا شأن الرافضة دوماً لخذلان الله سبحانه لهم يعمدون إلى أخبار لا يعرف رواتها فيحتجون بها , وإن عرفوا فهم من المتروكين أوالكذابين , كما ما مر ذلك في ردنا على كتابه الكثير الكثير.
ومن دلائل كذب روايته هذه إن فيها نسبة النص على الوصية إلى العباس أيضاً, وقد أثبتنا بالرواية الصحيحة التي قدمناها خلال الرد على المراجعة (8) مما أخرجه البخاري (7/ 136 - 137) وغيره قول العباس لعلي: (إني لأرى في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الموت فاذهب بنا إليه فنسأله فيمن هذا الأمر؟ فإن كان فينا عرفناه وإن كان في غيرنا أمرناه فوصاه بنا , فقال علي: إني لا أسأله ذلك , والله إن منعناها لا يعطيناها الناس بعده أبداً) وراجع تعليقنا عليها في موضعها.
ومثل ما سبق أيضاً ينطبق على روايته الثالثة التي عزاها في الهامش (6/ 321) لشرح النهج (3/ 15) فلا حجة بها علينا كما لا يخفى.
أما روايته الرابعة فهي ما أشار إليه من حديث ابن عباس الطويل في بضع عشرة من خصائص علي , الذي كان قد سرده في المراجعة (26) , وتقدم كلامنا عليه , وإن ما يصح منه لشواهده فليس فيه سوى تحديث ابن عباس ببعض فضائل علي , وهذا لا علاقة له بالوصية المزعومة أبداً , بل هونظير تحديثه أيضاً ببعض فضائل أبي بكر وعمر , مثل ما أخرجه البخاري (1/ 12) (4/ 191) (7/ 7) , والإمام أحمد (1/ 27, 395) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه عاصباً رأسه في خرقة , فقعد على المنبر , فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: (إنه ليس احد أمنّ عليّ في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة , ولوكنت متخذاً من الناس خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً , ولكن خلة الاسلام أفضل , سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر). وأيضاً مثل ما أخرجه البخاري (4/ 197) , ومسلم (2389) وغيرهما عن ابن عباس قال: (وضع عمر بن الخطاب على سريره فتكنفه الناس يدعون ويثنون ويصلون عليه قبل ان يرفع وأنا فيهم , فلم يرعني إلا رجل قد أخذ بمنكبي من ورائي , فالتفت إليه فإذا هوعلي , فترحّم على عمر وقال: ما خلّفت أحداً احبّ إليّ أن ألقى الله بمثل عمله منك. وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبك , وذاك أني كنت كثيراً أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (جئت أنا وأبوبكر وعمر , ودخلت أنا وأبوبكر وعمر , وخرجت انا وأبوبكر وعمر (فإن كنت لأرجوأن يجعلك الله معهما.
وغير ذلك الكثير مما هوثابت عندنا، وبه نقيم الحجة فيما نعتقده، وبمثله ينبغي لهؤلاء الروافض أن يحاججوننا، وأنّى لهم ذلك!
وكل هذا يبين بعد ابن عباس رضي الله عنهما عن دعوى الوصية المزعومة عند هؤلاء الروافض، بل كان ابن عباس مقدما للشيخين أبي بكر وعمر وعلي غيرهما مطلقا في كل الأمور، حتى قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوي) (4/ 4): (وقد ثبت عن ابن عباس أنه كان يفتي من كتاب الله فإن لم يجد فبما سنّه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن لم يجد أفتى بقول أبي بكر وعمر، ولم يكن يفعل ذلك بعثمان وعلي، وابن عباس حبر الأمة وأعلم الصحابة وأفقههم في زمانه وهويفتي بقول أبي بكر وعمر مقدما لقولهما على قول غيرهما من الصحابة) إ. ه.
ثم ما زعمه في الفقرة الثانية من احتجاج رجال بني هاشم كذب لا شك فيه، ولوكان صادقا لساق برهانه عليه، ولا يفيده ما ذكره من قصة الحسن مع أبي بكر وهوعلى المنبر حين قال له: (انزل عن مجلس أبي) أوقول الحسين ذلك لعمر أيضا، فإنا ننازعه في ثبوت ذلك أولا، وقد عزاه في الهامش (7/ 322) للصواعق المحرقة وهولا يغني في إثباته، إذ قد ساقه ابن حجر في (الصواعق) (ص15) معزوا للدارقطني فقط من غير بيان إسناده ولا ثبوت ولا صحة فلا يمكن الاعتماد عليه، وما زعمه من وجودها في ترجمة عمر من (طبقات ابن سعد) كذب ظاهر يتبين لكل من راجع تلك الترجمة. وثانيا قد جاء في نص ما ساقه ابن حجر -الذي حذفه هذا الموسوي عمدا - قول علي لأبي بكر حينها: (أما والله ما كان عن رأيي، فقال له أبوبكر: صدقت والله ما اتهمتك)
وكذا قوله لعمر: (والله ما أمرت بذلك، فقال عمر: والله ما اتهمناك) فهذا يبين أن لا علاقة لقولهما بالوصية المزعومة أبدا. وثالثا: ما يتضح من مراجعة نص الرواية بالكامل أن المقصود بمجلس أبيه هوالنبي صلى الله عليه وسلم لا علي، وهوما أقر به عمر في كلامه المنقول هناك -على افتراض صحة الرواية- فقال: (وهل أنبت الشعر على رؤوسنا إلا أبوك). ورابعا: أن كل ما زعمه هذا الموسوي لوافترضنا ثبوته وأن المقصود بذلك الوصية لعلي فمَن من العقلاء كلهم يحتج بكلام صبي لم يتجاوز الثامنة من عمره أوالآخر الذي لم يتجاوز التاسعة؟ إذ من المعلوم الثابت أن الحسن وهوأكبر من الحسين بسنة ولد في السنة الثالثة من الهجرة، أي أن عمره كان عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ثماني سنين، فكيف يمكن التعويل على كلام من هذا شأنه؟
ولكن لا عجب فإن هؤلاء الروافض لهم مثال آخر في ذلك وهوتعويلهم على إمامة صبي لم يتجاوز الخامسة يزعمون غيبته وأنه يقود الأمة إلى الآن، فيا لفضيحة أمة الإسلام التي يحسبون عليها من مثل أقولهم التافهة هذه! وآخر كذباته هنا ما قاله في الفقرة الثانية من نسبة هذا الاحتجاج إلى الصحابة وسرد عددا من أسمائهم، وقد قدمنا ردّ مثل دعواه هذه خلال الكلام على المراجعة (8) وبينا بطلان ذلك، وأن أوضح ما يبطله هواتفاق كل الصحابة على مبايعة أبي بكر رضي الله عنه كما قررناه هناك فلا حاجة إلى إعادة ذلك.
لكنه عول في مراجعته هذه على موقف خالد بن سعيد بن العاص رضي الله عنه من بيعة أبي بكر وزعم تخلفه عنها وعزاه في الهامش (8/ 322) لطبقات ابن سعد وساق من تلك الرواية ما فيه تأييد لدعواه مع حذفه لما ينقض ذلك كما سنبينه، لكن قبل ذلك نبين عدم صحة تخلف خالد بن سعيد بن العاص عن بيعة أبي بكر ولم ينقل ذلك بنص صحيح ثابت أبدا، فهذه الرواية المساقة هنا لا تصح ولا تثبت فقد رواها ابن سعد (4/ 97) من طريق محمد بن عمر - وهوالواقدي - حدثني جعفر بن محمد بن خالد بن الزبير بن العوام، وساق سنده. وهوواهٍ جدا فالواقدي شيخ ابن سعد متروك وقد كذبه بعضهم كما في (التقريب) وغيره، وجعفر شيخ الواقدي منكر الحديث كما قال الأزدي، وقال عنهمالبخاري: لا يتابع على حديثه، كما في (الميزان). هذا فضلا عن أن تلك الرواية ليس فيها سوى تخلف خالد عن بيعة أبي بكر ثلاثة أشهر ثم بايعه بعد ذلك طائعا غير مكره، فقد جاء فيها ما نصه: (وأقام خالد ثلاثة أشهر لم يبايع أبا بكر، ثم مرّ عليه أبوبكر بعد ذلك مظهرا وهوفي داره فسلم فقال له خالد: أتحب أن أبايعك؟ فقال أبوبكر: أحب أن تدخل في صلح ما دخل فيه المسلمون، قال: موعدك العشية أبايعك، فجاء أبوبكر على المنبر فبايعه، وكان رأي أبي بكر فيه حسنا وكان معظما له) إ. ه. وهذا ما أخفاه هذا الرافضي البغيض عبد الحسين من نص الرواية لعدم تمشيها مع هواه رغم احتجاجه بها، فإن كان يزعم صحتها وثبوتها فليقبل ما فيها مما يرد مزاعمه وجميع الرافضة معه، والحمد لله الذي وفق في إظهار الحق وكشف زيف الباطل وأهله ..
المراجعة (17): س:
-إعادة طلب شيخ الأزهر بتفصيل قول من ذكر الوصية واحتج بها.
المراجعة (18): ش:
1 - أعاد الإشارة إلى ما تقدم من النصوص المنسوبة إلى علي، مع ذكر أخرى عن الحسن وجعفر الصادق وغيرهما، ثم ادعى نسبة القول بالوصاية إلى عصر الصحابة ..
2 - ساق مجموعة من الأشعار مدللا بها على ذكر الوصية وثبوتها.