موقع الفرقان
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دعاء من أصابته مصيبة ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول كما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها (رواه مسلم632/2) دعاء الهم والحزن ما أصاب عبداُ هم و لا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي " . إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً رواه أحمد وصححها لألباني.لكلم الطيب ص74 اللهم إني أعوذ بك من الهم والخزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال ". كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء دعاء الغضب أعوذ بالله من الشيطان الرجيم رواة مسلم .2015/4 دعاء الكرب لاإله إلا الله العظيم الحليم ، لاإله إلا الله رب العرش العظيم ، لاإله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم متفق عليه قال صلى الله عليه وسلم دعاء المكروب : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت الله ، الله ربي لاأشرك به شيئاً صحيح . صحيح سنن ابن ماجه(959/3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :" لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له . صحيح .صحيح الترمذي 168/3 دعاء الفزع لا إله إلا الله متفق عليه ما يقول ويفعل من أذنب ذنباً ما من عبد يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غُفر له صحيح صحيح الجامع 173/5 من استصعب عليه أمر اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً رواة ابن السني وصححه الحافظ . الأذكار للنووي ص 106 ما يقول ويفعل من أتاه أمر يسره أو يكرهه كان رسول الله عليه وسلم إذا أتاه أمر ه قال :الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و إذا أتاه أمر يكرهه قال : الحمد الله على كل حال صحيح صحيح الجامع 201/4 كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره أو يُسر به خر ساجداً شكراً لله تبارك وتعالى حسن . صحيح ابن ماجه 233/1) مايقول عند التعجب والأمر السار سبحان الله متفق عليه الله أكبر البخاري الفتح441/8 في الشيء يراه ويعجبه ويخاف عليه العين إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، فإن العين حق صحيح. صحيح الجامع 212/1.سنن أبي داود286/1 . اللهم اكفنيهم بما شئت رواه مسلم 2300/4 حاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم رواه مسلم 1363/3 دعاء صلاة الاستخارة قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمُنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، و أ ستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -يسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجلة و اجله - فاقدره لي ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجله و أجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به رواه البخاري146/8 كفارة المجلس من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه ؟ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك . صحيح. صحيح الترمذي 153/3 دعاء القنوت اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي و لا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إياك نعبد ، و لك نُصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحقدُ ، نرجُو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكافرين ملحق ، اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونؤمن بك ونخضع لك ، ونخلع من يكفرك . وهذا موقف على عمر رضي الله عنه . إسناد صحيح . الأوراد171/2-428 مايقال للمتزوج بعد عقد النكاح بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير صحيح. صحيح سنن أبي داود 400/2 اللهم بارك فيهما وبارك لهما في أبنائهما رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني. آداب الزفاف ص77) على الخير والبركة وعلى خير طائر رواه البخاري 36/7 ( طائر : أي على أفضل حظ ونصيب ، وطائر الإنسان : نصيبه) ما يقول ويفعل المتزوج إذا دخلت على زوجته ليله الزفاف يأخذ بناصيتها ويقول : اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جلبت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جُلبت عليه حسن . صحيح ابن ماجه 324/1 الدعاء قبل الجماع لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً متفق عليه الدعاء للمولود عند تحنيكه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يؤتي بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم صحيح . صحيح سنن أبي داود 961/3) (التحنيك : أن تمضغ التمر حتى يلين ، ثم تدلكه بحنك الصبي) ما يعوذ به الأولاد أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامه ، وكل عينِ لامه رواه البخاري الفتح 408/6 من أحس وجعاً في جسده ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ، ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بالله وقُدرته من شر ما أجد وأحاذر رواه مسلم1728/4 مايقال عند زيارة المريض ومايقرأ عليه لرقيته لابأس طهور إن شاء الله رواه البخاري 118/4 اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً ، أو يمشي لك إلى جنازة صحيح . صحيح سنن أبي داود 600/2 مامن عبد مسلم يعود مريضاً لم يحضر أجله فيقول سبعة مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي صحيح . صحيح الترمذي 210/2 بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس ، وعين حاسدة بسم الله أرقيك ، والله يشفيك صحيح . صحيح الترمذي 287/1 أذهب الباس ، رب الناس ، إشف وأنت الشافي لاشفاء إلا شفاء لايُغادر سقماُ رواه البخاري الفتح 131/10 تذكرة في فضل عيادة المريض قال صلى الله عليه وسلم : إن المسلم إذا عاد أخاه لم يزل في خرفة الجنة صحيح. صحيح الترمذي 285/1 قيل ما خُرفة الجنة ؟ قال : جناها . وقال صلى الله عليه وسلم :" مامن مُسلم يعود مُسلماً غُدوة ، إلا صل عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُمسي ، وإن عاده عشيةَ إلا صلى عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُصبح وكان له خريف في الجنة صحيح . صحيح الترمذي 286/1 مايقول من يئس من حياته اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق متفق عليه اللهم الرفيق الأعلى رواه مسلم1894/4 كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان لايدعون أحدكم بالموت لضر نزل به ولكن ليقل : اللهم أحيني ماكنت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي متفق عليه من رأى مببتلى من رأى مُبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً لم يُصبه ذلك البلاًء صحيح. صحيح الترمذي 153/3 تلقين المحتضر قال صلى الله عليه وسلم : لقنوا موتاكم قول : لاإله إلا الله رواه مسلم 631/2 من كان آخر كلامه لاإله إلا الله دخل الجنة صحيح . صحيح سنن أبي داود 602/2 الدعاء عند إغماض الميت اللهم اغفر ( لفلان) ورفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم 634/2 مايقول من مات له ميت مامن عبد تصيبه مصيبة فيقول :" إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مُصيبتي واخلف لي خيراً منها . إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها رواه مسلم 632/2 الدعاء للميت في الصلاة عليه اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نُزُله . ووسع مُدخلهُ . واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ( ومن عذاب النار ) رواه مسلم 663/2 اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأُنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لاتحرمنا أجره ولاتضلنا بعده صحيح. صحيح ابن ماجه 251/1 اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك ، وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار ، أنت الغفور الرحيم صحيح . صحيح ابن ماجه 25/1 اللهم عبدك وابن عبدك وابن امتك إحتاج إلى رحمتك ، وأنت غني عن عذابه ، إن كان مُحسناً فزده في حسناته ، وإن كان مُسئاً فتجاوز عنه واه الحاكم ووافقه الذهبي . انظر أحكام الجنائز للألباني ص159 وإن كان الميت صبياً اللهم أعذه من عذاب القبر حسن . أحكام الجنائز للألباني ص161. اللهم اجعله فرطاً وسلفاً ، وأجراً موقوف على الحسن - البخاري تعليقاً عند ادخال الميت القبر بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله ( أو على سُنة رسول الله ) صحيح. صحيح الترمذي 306/1 مايقال بعد الدفن كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال :" استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل دعاء زيارة القبور السلام عليكم أهل الديار ، من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المُستقدمين منا والمستأخرين وإنا ، أن شاء الله بكم للاحقون رواه مسلم 671/2 دعاء التعزية .. إن لله ماأخذ وله ماأعطى . وكل شئ عنده بأجل مُسمى ...فلتصبر ولتحتسب متفق عليه

شاطر
 

  هدم لمزاعم الوصية من كتب الشيعة

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

 هدم لمزاعم الوصية من كتب الشيعة Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

 هدم لمزاعم الوصية من كتب الشيعة Empty
مُساهمةموضوع: هدم لمزاعم الوصية من كتب الشيعة    هدم لمزاعم الوصية من كتب الشيعة Emptyالإثنين 15 سبتمبر 2014 - 17:12

هدم لمزاعم الوصية من كتب الشيعة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين نبينا وامامنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
نظرية أهل البيت
كانت الأمة الإسلامية في عهد الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه وبعد وفاته وخلال العقود الأولى من تاريخ الإسلام تؤمن بنظام الشورى وحق الأمة في اختيار ولاتها، وكان أهل البيت في طليعة المدافعين عن هذا الإيمان والعاملين به، وعندما أُصيبت الأمة بتداول السلطة بالوراثة وإلغاء نظام الشورى، تأثر بعض الشيعة بما حدث فقالوا رداً على ذلك: بأحقية أهل البيت بالخلافة من الأمويين وضرورة تداولها في أعقابهم، ولكن هذه النظرية لم تكن نظرية أهل البيت أنفسهم ولا نظرية الشيعة في القرن الأول الهجري.
وبالرغم مما يذكره الإماميون من نصوص حول تعيين النبي صلوات الله وسلامه عليه للإمام علي بن أبي طالب كخليفة من بعده، إلا أنّ تراثهم حافل بنصوص أخرى تؤكد التزام الرسول الكريم وأهل بيته بمبدأ الشورى وحق الأمة في انتخاب أئمتها.
تقول رواية يذكرها الشريف المرتضى - وهومن أبرز علماء الشيعة في القرن الخامس الهجري - إنّ العباس بن عبد المطلب خاطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في مرض النبي عليه الصلاة والسلام أن يسأله عن القائم بالأمر بعده، فإن كان لنا بينه وإن كان لغيرنا وصى بنا، وإنّ أمير المؤمنين قال: (دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين ثقل، فقلنا: يا رسول الله…استخلف علينا، فقال: لا، إني أخاف أن تتفرقوا عنه كما تفرقت بنواسرائيل عن هارون، ولكن إن يعلم الله في قلوبكم خيراً اختار لكم.
ويروي الكليني في الكافي نقلاً عن الإمام جعفر الصادق: أنه لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الوفاة دعا العباس بن عبد المطلب وأمير المؤمنين فقال للعباس (يا عم محمد…تأخذ تراث محمد وتقضي دينه وتنجز عداته؟ …فرد عليه فقال: (يا رسول الله بأبي أنت وأمي إني شيخ كبير كثير العيال قليل المال من يطيقك وأنت تباري الريح، قال: فأطرق هنيهة ثم قال: (يا عباس أتأخذ تراث محمد وتنجز عداته وتقضي دينه؟ …فقال كرد كلامه…قال: (أما إني سأعطيها من يأخذها بحقها، ثم قال: (يا علي يا أخا محمد أتنجز عدات محمد وتقضي دينه وتقبض تراثه؟ فقال: (نعم بأبي أنت وأمي ذاك عليّ ولي.)
وهذه الوصية كما هوملاحظ وصية عادية شخصية آنية، لا علاقة لها بالسياسة والإمامة والخلافة الدينية، وقد عرضها الرسول في البداية على العباس بن عبد المطلب فأشفق منها وتحملها أمير المؤمنين طواعية، ولوكان فيها إشارة ولومن بعيد إلى الإمامة لما عُرضت أصلاً على العباس قبل علي بن أبي طالب.
وهناك وصية أُخرى ينقلها المفيد في بعض كتبه عن الإمام علي ويقول أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أوصى بها إليه قبل وفاته، وهي أيضاً وصية أخلاقية روحية عامة، وتتعلق بالنظر في الوقوف والصدقات.)
وإذا ألقينا بنظرة على هذه الروايات التي يذكرها أقطاب الشيعة الإمامية كالكليني والمفيد والمرتضى، فإننا نرى أنها تكشف عن عدم وصية رسول الله للإمام علي بالخلافة والإمامة، وترك الأمر شورى، وهوما يفسر إحجام الإمام علي عن المبادرة إلى أخذ البيعة لنفسه بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالرغم من إلحاح العباس بن عبد المطلب عليه بذلك، حيث قال له: (امدد يدك أبايعك، وآتيك بهذا الشيخ من قريش - يعني أبا سفيان - فيُقال: (إنّ عم رسول الله بايع ابن عمه) فلا يختلف عليك من قريش أحد، والناس تبع لقريش) فرفض الإمام علي ذلك.
شعور بالأحقية بالخلافة لا أكثر
ويجمع المؤرخون الشيعة على أنّ الإمام علي بن أبي طالب امتعض من انتخاب أبي بكر الصدّيق في البداية، وأمسك يده عن البيعة وجلس في داره لفترة من الزمن، وأنه عقّب على احتجاج قريش في (سقيفة بني ساعدة) بأنهم شجرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالقول: (إنهم احتجوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة) (5)
ويذكر الشريف الرضي في (نهج البلاغة) أنّ الإمام اشتكى من قريش ذات مرة فقال: (اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم فإنهم قد قطعوا رحمي وأكفؤوا انائي، وأجمعوا على منازعتي حقاً كنت أولى به من غيري)
وبالرغم من شعور الإمام علي بالأحقية والأولوية في الخلافة كما شهدت بذلك النصوص السابقة إلا أنه عاد ليبايع أبا بكر وليضع كفه على كف أبي بكر وذلك عندما أرسل إلى أبي بكر أن يأتيه، فأتاه أبوبكر فقال له: (والله ما نفسنا عليك ما ساق الله إليك من فضل وخير، ولكا كنا نظن إنّ لنا في هذا الأمر نصيباً استبد به علينا) وخاطب المسلمين قائلاً: (إنه لم يحبسني عن بيعة أبي بكر إلا أن أكون عارفاً بحقه، ولكنا نرى أنّ لنا في هذا الأمر نصيباً استبد به علينا) ثم بايع أبا بكر، فقال المسلمون: أصبت وأحسنت.)
أما الخطبة الشقشقية فإن صحت فهي لا تخرج مقدار أنملة عما ذهبت إليه النصوص السابقة، فإنّ اقرار الإمام علي كان مع إحساس داخلي في نفسه يراوده بأنه أحق بالخلافة من غيره لقرابته من رسول الله لا أكثر، ولذا كان يعبر عما في خاطره قائلاً (أما والله لقد تقمصها فلان وأنه ليعلم: إنّ محلي منها محل القطب من الرحى، بنحدر عني السيل ولا يرقى إلي الطير)
وفي هذه الخطبة وغيرها يشير الإمام علي إلى أولويته بالخلافة وأحقيته بها وأنّ أهل البيت هم الثمرة إذا كانت قريش هي شجرة رسول الله، ولا يشير إلى مسألة النص عليه من رسول الله أوتعيينه خليفة من بعده من قريب اوبعيد، وينقل الكليني رواية عن الإمام محمد الباقر فيها: إنّ الإمام علي لم يدع إلى نفسه وأنه أقر القوم على ما صنعوا وكتم أمره)
وإذا كان حديث الغدير يعتبر أوضح وأقوى نص من النبي في حق أمير المؤمنين علي فإنّ كبار علماء الشيعة الإمامية الأقدمين كالشريف المرتضى يعتبره نصاً خفياً غير واضح بالخلافة، حيث يقول في الشافي: (إنّا لا ندّعي علم الضرورة في النص، لا لأنفسنا ولا على مخالفينا، وما نعرف أحداّ من أصحابنا صرح بادعاء ذلك)
ولذلك فإنّ الصحابة لم يجدوا أنفسهم أمام نص يلزمهم باختيار الإمام علي دون غيره من الصحابة ولذلك اختاروا الشورى، وبايعوا أبا بكر كخليفة من بعد الرسول عليه الصلاة والسلام.
الإمام علي والشورى
ومما يؤكد كون نظام الشورى دستوراً كان يلتزم به الإمام علي وعدم معرفته بنظام الوراثة الملكية العمودية في أهل البيت، هودخوله في عملية الشورى التي أعقبت وفاة الخليفة عمر بن الخطاب، ومحاجته لأهل الشورى بفضائله ودوره في خدمة الإسلام وعدم إشارته مع ذلك إلى موضوع النص عليه أوتعيينه خليفة من بعد رسول الله، ولوكان حديث الغدير يحمل هذا المعنى لأشار إلى ذلك ولحاججهم بما هوأقوى من ذكر الفضائل.
لقد كان الإمام علي يؤمن بنظام الشورى، وأنّ حق الشورى بالدرجة الأولى هومن اختصاص المهاجرين والأنصار، ولذلك فقد رفض - بعد مقتل عثمان - الاستجابة للثوار الذين دعوه إلى تولي السلطة وقال لهم: ليس هذا إليكم…هذا للمهاجرين والأنصار من أمرّه أولئك كان أميراً.
وعندما جاءه المهاجرون والأنصار فقالوا: امدد يدك نبايعك). دفعهم، فعاودوه ودفعهم ثم عاودوه فقال: (دعوني والتمسوا غيري واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم…وإن تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم وأنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً)، ومشى إلى طلحة والزبير فعرضها عليهما فقال: من شاء منكما بايعته، فقالا: لا…الناس بك أرضى، وأخيراً قال لهم: (فإن أبيتم فإنّ بيعتي لا تكون سراً، ولا تكون إلا عن رضا المسلمين ولكن اخرج إلى المسجد فمن شاء أن يبايعني فليبايعني)
ولوكانت نظرية النص والتعيين ثابتة ومعروفة لدى المسلمين، لم يكن يجوز للإمام أن يدفع الثوار وينتظر كلمة المهاجرين والأنصار متخلياً عن فرض من فروض الله، كما لا يجوز له أن يقول: (أنا لكم وزيراً خير لكم مني أميراً).
وهناك رواية في كتاب (سليم بن قيس الهلالي) تكشف عن إيمان الإمام علي بنظرية الشورى وحق الأمة في اختيار الإمام، حيث يقول في رسالة له: (الواجب في حكم الله وحكم الإسلام على المسلمين بعدما يموت إمامهم أويُقتل…أن لا يعملوا عملاً ولا يحدثوا حدثاً ولا يُقدموا يداً ولا رجلاً ولا يبدءوا بشيء قبل أن يختاروا لأنفسهم إماماً عفيفاً عالماً ورعاً عارفاً بالقضاء والسنة).
وعندما خرج عليه طلحة والزبير احتج عليهما بالبيعة وقال لهما: (بايعتماني ثم نكثتما بيعتي) ولم يشر إلى موضوع النص عليه من رسول الله، وكل ما قاله للزبير بعد ذلك فتراجع عن قتاله هوأن ذكره بحديث رسول الله (لتقاتلنه وأنت له ظالم).
وقال الإمام علي لمعاوية الذي رفض مبايعته: (أما بعد…فإنّ بيعتي بالمدينة لزمتك وأنت بالشام لأنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد، وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار إذا اجتمعوا على رجل فسموه إماماً كان ذلك لله رضا، فإن خرج منهم خارج بطعن أوبدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين، وولاه الله ما تولى).
إذن فقد كانت الشورى هي أساس الحكم في نظر الإمام علي، وذلك في غياب نظرية (النص والتعيين) التي لم يشر إليها الإمام في أي موقف.
والإمام علي يثير حقائق حول الشورى جديرة بالاهتمام حيث يجعل:
أولاً: الشورى بين المهاجرين والأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبيدهم الحل والعقد.
ثانياً: اتفاقهم على شخص سبب لمرضات الله وعلامة لموافقته سبحانه وتعالى إياهم.
ثالثاً: لا تنعقد الإمامة في زمانهم دونهم، وبغير اختيارهم
رابعاً: لا يرد قولهم ولا يخرج من حكمهم إلا المبتدع الباغي المتبع غير سبيل المؤمنين.
ويتجلى إيمان الإمام علي بالشورى دستوراً للمسلمين بصورة واضحة، في عملية خلافة الإمام الحسن، حيث دخل عليه المسلمون، بعدما ضربه عبد الرحمن بن ملجم، وطلبوا منه أن يستخلف ابنه الحسن، فقال: (لا، إنا دخلنا على رسول الله فقلنا: استخلف، فقال: لا، أخاف أن تفرقوا عنه كما تفرقت بنوإسرائيل عن هارون، ولكن إن يعلم الله في قلوبكم خيراً يختر لكم) وسألوا علياً أن يشير عليهم بأحد، فما فعل، فقالوا له: إن فقدناك فلا نفقد أن نبايع الحسن، فقال: لا آمركم ولا أنهاكم، أنتم أبصر)
وقد ذكر الحافظ أبوبكر بن أبي الدنيا في كتاب (مقتل الإمام أمير المؤمنين) عن عبد الرحمن بن جندب عن أبيه قال: قلت: يا أمير المؤمنين، إن فقدناك ولا نفقدك نبايع الحسن؟ …فقال: ما آمركم ولا أنهاكم، فعدت فقلت مثلها فردّ علي مثلها.
وذكر الشيخ حسن بن سليمان في (مختصر بصائر الدرجات) عن سليم بن قيس الهلالي، قال: سمعت علياً يقول وهوبين ابنيه وبين عبد الله بن جعفر وخاصة شيعته: (دعوا الناس وما رضوا لأنفسهم وألزموا أنفسكم السكوت)
وقد كان الإمام علي ينظر إلى نفسه كإنسان عادي غير معصوم، ويطالب الشيعة والمسلمين أن ينظروا إليه كذلك، ويحتفظ لنا التاريخ برائعة من روائعه التي ينقلها الكليني في (الكافي) والتي يقول فيها: (إني لست في نفسي فوق أن أُخطئ ولا آمن ذلك من فعلي، إلا أنّ يكفي الله من نفسي ما هوأملك به مني).
وقد قام الإمام أمير المؤمنين بالوصية إلى الإمام الحسن وسائر أبنائه ولكنه لم يتحدث عن الإمامة والخلافة، وقد كانت وصيته روحية أخلاقية وشخصية، أوكما يقول المفيد في الإرشاد: إنّ الوصية كانت للحسن على أهله وولده وأصحابه، ووقوفه وصدقاته.
وتلك الوصية كالتالي: (هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب: أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولوكره المشركون، ثم إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، بذلك أمرت وأنا من المسلمين، ثم إني أوصيك يا حسن وجميع ولدي وأهلي ومن بلغه كتابي: أن تتقوا الله ربكم (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) فإني سمعت رسول الله يقول: صلاح ذات البين أفضل من عامة الصيام والصلاة، وإنّ المعرّة حالقة الدين فساد ذات البين، ولا قوة إلا بالله، انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون عليكم الحساب، والله الله في الأيتام فلا تغبّبون أفواهم، ولا يضيعون بحضرتكم، والله الله في جيرانكم، فإنهم وصية رسول الله ما زال يوصينا بهم حتى ظننا أنه يوّرثهم، والله الله في القرآن أن يسبقكم في العمل به غيركم، والله الله في بيت ربكم، لا يخلونّ ما بقيتم، فإنه إن خلا لم تناظروا، والله الله في رمضان فإنّ صيامه جنة من النار لكم، والله الله في الجهاد في سبيل الله بأيديكم وأموالكم وألسنتكم، والله الله في الزكاة فإنها تطفئ غضب الرب، والله الله في ذمة نبيكم، فلا يُظلمنّ بين أظهركم، والله الله فيما ملكت أيمانكم، انظروا فلا تخافوا في الله لومة لائم، يكفكم من أرادكم وبغى عليكم (وقولوا للناس حسناً) كما أمركم الله، ولا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولّي عليكم شراركم ثم يدعوا خياركم فلا يُستجاب لهم.
عليكم يا بني بالتواصل والتباذل، وإياكم والتقاطع والتكاثر والتفرق (وتعاونا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إنّ الله شديد العقاب) حفظكم الله من أهل بيت، وحفظ نبيكم فيكم، استودعكم الله، أقرأ عليكم السلام ورحمة الله وبركاته).
ولذلك لم تلعب هذه الوصية القيّمة الروحية والأخلاقية أي دور في ترشيح الإمام الحسن للخلافة، لأنها كانت تخلومن الإشارة إليها، ولم تكن تُشكل بديلاً عن نظام الشورى الذي كان أهل البيت يلتزمون به كدستور للمسلمين.
مبايعة الإمام علي لأبي بكر وعمر حجة دامغة
ولقد علل مشايخ الشيعة بيعة علي لأبي بكر وعمر بتعليلات أهمها:
التعليل الأول: أنّ بيعته كانت خوفاً على الإسلام من الضياع ومما يُبطل هذا التعليل أنّ عصر الإسلام في عهد عمر وعثمان كان عصراً ذهبياً امتدت فيه الخلافة من الشرق حتى بخارى حتى شمال أفريقيا، بل لوكانت المبايعة خوفاً على الإسلام فلماذا حارب الإمام علي معاوية في وقت عصفت به الفتن بالأمة الإسلامية وكانت أحوج ما يكون إلى السلم والمهادنة، لوكانت المسألة هكذا لسلّم معاوية الحكم وتنازل هوعنه لا من أجل أحد بل خوفاً على الإسلام من الضياع.
التعليل الثاني: أنه بايعهم تقية، أي أظهر لهم الموافقة ظاهراً وأسر في قلبه عدم الرضى عن خلافتهم وبيعتهم، وهذا التعليل أقبح من الذي قبله، إذ يجعل من شخصية الإمام علي شخصية مزدوجة خائفة جبانة مضطربة تتظاهر بخلاف ما تُبطن، وهذا ما لا يُعهد عنه لم يعرف شجاعته الفائقة، وقوته في الحق ولمن يطّلع على الروايات التي تثبت شجاعته وإقدامه في غير موقف، فهوالقائل (وإني من قوم لا تأخذهم في الله لومة لائم) ويقول: (فوالله لوأُعطيت الأقاليم السبعة وما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة، ما فعلت. وإن دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها).
وإذا قلنا أنّ بيعته لهم كانت تقية فماذا نقول في بقائه لهم وزيراً طيلة فترة خمس وعشرين سنة من خلافتهم؟!! إنه من الصعب الاعتقاد أنه كان يستخدم التقية طول تلك الفترة.
وهل كان تزويجه ابنته أم كلثوم من عمر تقيّة أيضاً؟!! وهل كانت تسميته أولاده بأسماء الخلفاء الثلاثة تقية أيضاً؟!!
الإمام الحسن والشورى
وقد ذكر المسعودي في مروج الذهب وابن أبي الحديد في (شرح نهج البلاغة) أنه (لما توفي علي خرج عبد الله بن العباس بن عبد المطلب إلى الناس فقال: إنّ أمير المؤمنين توفي، وقد ترك خلفاً، فإن أحببتم خرج إليكم، وإن كرهتم فلا أحد على أحد، فبكى الناس وقالوا: بل يخرج إلينا
وكما هوملاحظ فإنّ الإمام الحسن لم يعتمد في دعوة الناس لبيعته على ذكر أي نص حوله من الرسول أومن أبيه الإمام علي، وقد أشار ابن عباس إلى منزلة الإمام الحسن عندما ذكّر المسلمين بأنه ابن بنت النبي، وقد ذكر: أنه خلف أمير المؤمنين ولكنه لم يبين أنّ مستند الدعوة للبيعة هوالنص أوالوصية بالإمامة من الله بل أوكل الأمر للناس إن شاؤوا قبلوا وإن شاؤوا أعرضوا عن البيعة.
وهذا ما يكشف عن إيمان الإمام الحسن بنظام الشورى وحق الأمة في انتخاب إمامها، وقد تجلى هذا الإيمان مرة أخرى عند تنازله عن الخلافة إلى معاوية واشتراطه عليه العودة بعد وفاته إلى نظام الشورى حيث قال في شروط الصلح: (…على أنه ليس لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده وأن يكون الأمر شورى بين المسلمين).
ولوكانت الخلافة بالنص من الله والتعيين من الرسول كما تقول النظرية الإمامية، لم يكن يجوز للإمام الحسن أن يتنازل عنها لأي ظرف من الظروف، ولم يكن يجوز له بعد ذلك أن يبايع معاوية أوأن يدعوأصحابه وشيعته لبيعته، ولم يكن يجوز له أن يهمل الإمام الحسن ولأشار إلى ضرورة تعيينه من بعده…ولكن الإمام الحسن لم يفعل أي شيء من ذلك وسلك مسلكاً يوحي بالتزامه بحق المسلمين في انتخاب خليفتهم عبر نظام الشورى.
الإمام الحسين والشورى
وقد ظل الإمام الحسين ملتزماً ببيعة معاوية إلى آخر يوم من حياة معاوية، ورفض عرضاً من شيعة الكوفة بعد وفاة الإمام الحسن بالثورة على معاوية، وذكر أنّ بينه وبين معاوية عهداً وعقداً لا يجوز له أن ينقضه، ولم يدع إلى نفسه إلا بعد وفاة معاوية الذي خالف اتفاقية الصلح وعهد إلى ابنه يزيد بالخلافة بعده، حيث رفض الإمام الحسين البيعة له، وأصرّ على الخروج إلى العراق حيث استشهد في كربلاء عام 61 للهجرة.
ولا توجد أية آثار لنظرية النص في قصة كربلاء، سواء في رسائل شيعة الكوفة إلى الإمام الحسين ودعوته للقدوم عليهم أوفي رسائل الإمام الحسين لهم، حيث يقول المفيد: إنّ الشيعة اجتمعت بالكوفة في منزل سليمان بن صرد الخزاعي فذكر هلاك معاوية. فحمدوا الله وأثنوا عليه، فقال سليمان بن صرد: إنّ معاوية قد هلك وإنّ حسيناً قد تقبض على القوم ببيعة، وقد خرج إلى مكة وأنتم شيعته وشيعة أبيه، فإن كنتم تعلمون أنكم ناصروه ومجاهدوا عدوه وتُقتل أنفسنا دونه فاكتبوا إليه واعلموه، وإن خفتم الفشل والوهن فلا تغروا الرجل في نفسه، قالوا: لا بل نقاتل عدوه ونقتل أنفسنا دونه، قال: فاكتبوا إليه، فكتبوا إليه: للحسين بن علي، من سليمان بن صرد والمسيب بن نجية ورفاعة بن شداد البجلي وحبيب بن مظاهر وشيعته المؤمنين والمسلمين من أهل الكوفة: سلام عليك فإنا نحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو…أما بعد: فالحمد لله الذي قصم عدوك الجبار العنيد الذي انتزى على هذه الأمة فابتزها أمرها وغصبها فيئها وتأمر عليها بغير رضى منها ثم قتل خيارها واستبقى شرارها وجعل مال الله دولة بين جبابرتها وأغنيائها فبعدا له كما بعدت ثمود. إنه ليس علينا إمام، فاقبل لعل الله أن يجمعنا بك على الحق، والنعمان بن بشير في قصر الإمارة لسنا نجتمع معه في جمعة ولا نخرج معه إلى عيد، ولوقد بلغنا أنك قد أقبلت إلينا أخرجناه حتى نلحقه بالشام إن شاء الله.
فكتب إليهم (من الحسين بن علي إلى الملأ من المؤمنين والمسلمين…أما بعد فإنّ هانياً وسعيداً قدما علي بكتبكم، وكان آخر من قدم علي من رسلكم، وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم ومقالة جلكم: (أنه ليس علينا إمام فأقبل لهل الله أن يجمعنا بك على الحق والهدى) وإني باعث إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي مسلم بن عقيل، فإن كتب إلي أنّ قد اجتمع رأي ملأكم وذوي الحجى والفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم، وقرأت في كتبكم فإني أقدم إليكم وشيكاً إن شاء الله، فلعمري ما الإمام إلا الحاكم بالكتاب، القائم بالقسط، الداين بدين الحق، الحابس نفسه على ذات الله، والسلام.)
إذن فإنّ مفهوم (الإمام) عند الإمام الحسين لم يكن إلا (الحاكم بالكتاب القائم بالقسط الداين بدين الحق الحابس نفسه على ذات الله) ولم يكن يقدم أية نظرية حول (الإمام المعصوم المعين من قبل الله) ولم يكن يطالب بالخلافة كحق شخصي له لأنه ابن الإمام علي أوأنه معيّن من قبل الله، ولذلك فإنه لم يفكر بنقل (الإمامة) إلى أحد من ولده، ولم يوص إلى ابنه الوحيد الذي ظل على قيد الحياة (علي بن زين العابدين)، وإنما أوصى إلى أخته زينب أوابنته فاطمة، وكانت وصيته عادية جداً تتعلق بأموره الخاصة، ولا تتحدث أبداً عن موضوع الإمامة والخلافة.
اعتزال الإمام زين العابدين
وقد بايع الإمام علي بن الحسين يزيد بن معاوية بعد واقعة الحرة ورفض قيادة الشيعة الذين كانوا يطالبون بالثأر لمقتل أبيه الإمام الحسين، ويعدون للثورة، ولم يدّع الإمامة، ولم يتصدى لها، ولم ينازع عمه فيها، وكما يقول الصدوق: (فإنه انقبض عن الناس فلم يلق أحداً ولا كان يلقاه إلا خواص أصحابه، وكان في نهاية العبادة ولم يخرج عنه من العلم إلا يسيراً .. (31)
لقد كان أئمة أهل البيت يعتقدون بحق الأمة الإسلامية في اختيار ولاتها وبضرورة ممارسة الشورى، وإدانة الاستيلاء على السلطة بالقوة، ولعلنا نجد في الحديث الذي يرويه الصدوق في (عيون أخبار الرضا) عن الإمام الرضا عن أبيه الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن أبيه عن جده رسول الله صلى الله عليه وآله والذي يقول فيه: (من جاءكم يريد أن يفرق الجماعة ويغصب الأمة أمرها ويتولى من غير مشورة فاقتلوه، فإنّ الله عز وجل قد أذن ذلك) (32)
لعلنا نجد في هذا الحديث أفضل تعبير عن إيمان أهل البيت بالشورى والتزامهم بها، وإذا كانوا يدعون الناس إلى اتباعهم والانقياد إليهم فإنما كانوا يفعلون ذلك إيماناً بأفضليتهم وأولويتهم بالخلافة في مقابل (الخلفاء) الذين كانوا لا يحكمون بالكتاب ولا يقيمون القسط ولا يدينون بالحق.
ومن هنا وتبعاً لمفهوم (الأولوية) قال أجيال من الشيعة الأوائل، وخاصة في القرن الأول الهجري: (إنّ علياً كان أولى الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لفضله وسابقته وعلمه، وهوأفضل الناس كلهم بعده وأشجعهم وأسخاهم وأورعهم وأزهدهم، وأجازوا مع ذلك إمامة أبي بكر وعمر وعدوهما أهلاً لذلك المكان والمقام، وذكروا أنّ علياً سلّم لهما الأمر ورضي بذلك وبايعهما طائعاً غير مكره وترك حقه لهما، فنحن راضون كما رضي المسلمون له، ولمن بايع، لا يحل لنا غير ذلك ولا يسع منا أحداً إلا ذلك، وأنّ ولاية أبي بكر صارت رشداً وهدى لتسليم علي ورضاه). (33)
بينما قالت فرقة أخرى من الشيعة: (إنّ علياً أفضل الناس لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وآله ولسابقته وعلمه ولكن كان جائزاً للناس أن يولوا عليهم غيره إذا كان الوالي الذي يولونه مجزئاً، أحبّ ذلك أوكرهه، فولاية الوالي الذي ولوا على أنفسهم برضى منهم رشد وهدى وطاعة لله عز وجل، وطاعته واجبة من الله عز وجل). (34)
وقال قسم آخر منهم: (إنّ إمامة علي بن أبي طالب ثابتة في الوقت الذي دعا الناس وأظهر أمره). (35)
وقد قيل للحسن بن الحسن بن علي الذي كان كبير الطالبين في عهده وكان وصي أبيه وولي صدقة جده: ألم يقل رسول الله: (من كنت مولاه فعلي مولاه؟ فقال: بلى ولكن - والله - لم يعن رسول الله بذلك الإمامة والسلطان، ولوأراد ذلك لأفصح لهم به. (36)
وكان ابنه عبد الله يقول: (ليس لنا في هذا الأمر ما ليس لغيرنا، وليس في أحد من أهل البيت امام مفترض الطاعة من الله) وكان ينفي أن تكون إمامة أمير المؤمنين من الله (37)
مما يعني أنّ نظرية النص وتوارث السلطة في أهل البيت فقط لم يكن لها رصيد لدى الجيل الأول من الشيعة، ومن هنا فقد كانت نظرتهم إلى الشيخين أبي بكر وعمر نظرة إيجابية، إذ لم يكونوا يعتبرونها (غاصبين) للخلافة التي تركها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شورى بين المسلمين ولم ينص على أحد بالخصوص، وهذا يفسر أمر الإمام الصادق لشيعته بتوليهما.
من الشورى إلى الحكم الوراثي
يسجل المؤرخون الشيعة الأوائل: (الأشعري القمي والكشي والنوبختي) أول تطور ظهر في صفوف الشيعة في عهد الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) على يدي المدعو(عبد الله بن سبأ) الذي يقولون: إنه كان يهودياً وأسلم، والذي يقول النوبختي عنه: إنه أول من أشهر القول بفرض إمامة علي، وكان يقول في يهوديته بيوشع بن نون وصياً لموسى، فقال كذلك في إسلامه في علي بعد رسول الله، وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه وأظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة. (38)
وسواء كان عبد الله بن سبأ شخصية حقيقية أوإسطورية فإنّ المؤرخين الشيعة يسجلون بوادر ظهور أول تطور في الفكر السياسي الشيعي اعتماداً على موضوع (الوصية) الروحية والشخصية، الثابتة من الرسول الأكرم إلى الإمام علي، وإضفاء المعنى السياسي عليها، وذلك قياساً على موضوع (الوصية) من النبي موسى (ع) إلى يوشع بن نون وتوارث الكهانة في أبناء يوشع.
ومع أنّ هذا القول كان ضعيفاً ومحصوراً في جماعة قليلة بقيادة عبد الله بن سبأ تُدعى (السبئية)، إلا أنّ ذلك التيار وجد في تولية معاوية بن أبي سفيان لابنه يزيد من بعده أرضاً خصبة للنمووالانتشار، ولكن المشكلة الرئيسية التي واجههته هوعدم تبني الإمامين الحسن والحسين له واعتزال الإمام علي بن الحسين عن السياسة، مما دفع القائلين به إلى الالتفات حول محمد بن الحنفية باعتباره وصي أمير المؤمنين أيضاً، خاصة بعد تصديه لقيادة الشيعة في أعقاب مقتل الإمام الحسين، وقد اندس السبئية في الحركة الكيسانية التي انطلقت للثأر من مقتل الإمام الحسين بقيادة المختار بن عبيدة الثقفي.
وقد ادعى المختار الذي كان يقود الشيعة في الكوفة: أنّ محمد بن الحنفية قد أمره بالثأر وقتل قتلة الحسين، وأنه الإمام بعد أبيه. ولم يكن المختار يكفّر من تقدم علياً من الخلفاء كأبي بكر وعمر وعثمان، ولكنه كان يكفّر أهل صفين وأهل الجمل. (39)
ويذكر الأشعري القمي: أنّ صاحب شرطة المختار (كيسان) الذي حمله على الطلب بدم الحسين ودلّ على قتلته، وصاحب سره ومؤامراته والغالب على أمره، كان أشدّ منه إفراطاً في القول والفعل والقتل، وأنه كان يقول: أنّ المختار وصي محمد بن الحنفية وعامله، ويكفّر من تقدم علياً كما يكفّ {أهل صفين وأهل الجمل. (4.)
وبالرغم من سقوط دولة المختار بعد فترة قصيرة، إلا أنّ الحركة الكيسانية التي التفت حول قائدها الروحي محمد بن الحنفية أخذت تقول: (أنّ الإمامة في ابن الحنفية وذريته). (41)
ولما حضرت الوفاة محمد بن الحنفية ولّى ابنه عبد الله (أبا هاشم) من بعده، وأمره بطلب الخلافة إن وجد إلى ذلك سبيلاً، وأعلم الشيعة بتوليته إياهم، فأقام عبد الله بن محمد بن علي وهوأمير الشيعة. (42)
وقد أصبح أبوهاشم قائد الشيعة بصورة عامة في غياب أي منافس له في نهاية القرن الأول الهجري، وقد تشرذمت الحركة الكيسانية من بعده إلى عدة فرق يدّعي كل منها أنه أوصى إليه، فقد ادعى العباسيون: أنّ أبا هاشم أوصى إلى محمد بن علي بن عبد الله ابن عباس، وقال له: إليك الأمر والطلب للخلافة بعدي، فولاّه وأشهد له من الشيعة رجالاً .. ثم مات، فأقام محمد بن علي ودعوة الشيعة له حتى مات فلما حضرته الوفاة ولّى ابنه ابراهيم الأمر، فأقام وهوأمير الشيعة وصاحب الدعوة بعد أبيه. (43)
وادعى (الجناحيون): أنه أوصى إلى عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الذي ظهر في الكوفة سنة 128 وأقام دولة امتدت إلى فارس، في أواخر أيام الدولة الأموية. وادعى (الحسنيون) أنه أوصى إلى زعيمهم (محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن، ذي النفس الزكية).
وعلى أي حال فقد تطور القول بالوصية من وصية النبي الأكرم العادية والشخصية إلى الإمام علي، إلى القول بالوصية السياسية منه إلى ابنه محمد بن الحنفية، ومن بعده إلى ابنه أبي هاشم عبد الله، وهوما أدى إلى اختلاف الفصائل الشيعية المتعددة فيما بينها وادعاء كل منها الوصية إليه وحصر الشرعية فيه.
مأخوذ من كتاب تطور الفكر السياسي الشيعي من الشورى إلى ولاية الفقيه. بقلم: أحمد الكاتب (شيعي)
---------------------
(1) الشافي في الإمامة ج4 ص149 وج3 ص295
(2) الكافي ج1 ص236 عن محمد بن الحسين وعلي بن محمد عن سهل بن زياد عن محمد بن الوليد، الصيرفي عن ابان بن عثمان عن أبي عبد الله
(3) آمالي المفيد ص22. المجلس 21 والإرشاد للمفيد ص188
(4) الشافي في الإمامة ج3 ص237 و252، ج2 ص149
(5) نهج البلاغة ص98
(6) لوكانت الإمامة من الله لقال الإمام علي (وأجمعوا على منازعتي حقاً لي) أوأشار إلى أنّ هذا الحق له من الله دون سواه، لكنه ذكر هنا الأولوية لقرابته من النبي عليه الصلاة والسلام
(7) نهج البلاغة ص336 خطبة رقم 217
(8) الشافي في الإمامة ج3 ص242
(9) نهج البلاغة ص48 خطبة 3
(1.) الكافي 8/ 246
(11) الشافي ج2 ص128
(12) لوكان في قلب المهاجرين والأنصار تجاه أهل البيت ولوكان مبغضين لعلي ومرتدون على أعقابهم كما تصورهم كتب الشيعة، فلماذا يأتونه للمبايعة بعد عثمان وعندهم ابن عباس وغيره من كبار الصحابة!!!
(13) الطبري ج3 ص45.
(14) هناك خلاف بين علماء الشيعة حول موثوقية هذا الكتاب وصحة نسبته إلى سليم بن قيس، ولا مانع من ذكر هذه الرواية استناداً إلى قول من يرى بصحته، خصوصاً وأن الرواية
(15) كتاب سليم بن قيس الهلالي ص182 وبحار الأنوار للمجلسي ج8 ص555 الطبعة الحجرية
(16) نهج البلاغة ج3 ص7 تحقيق محمد عبده وص367 تحقيق صبحي
(17) الشافي ج3 ص295 وتثبيت دلائل النبوة ج1 ص212
(18) مقتل الإمام أمير المؤمنين ص43
(19) بحار الأنوار ج7 باب أحاديث تُنسب إلى سليم غير موجودة في كتابه
(2.) الكافي 8/ 292 - 293 وبحار الأنوار ج74 ص3.9
(21) الإرشاد ص187
(22) مقتل الإمام أمير المؤمنين ص41 - 42، تحقيق مصطفى مرتضى القزويني (طباعة مركز الدراسات والبحوث العلمية، بيروت)
(23) نهج البلاغة ص159
(24) نهج البلاغة ج2 ص218
(25) سيأتي مزيد بيان لحقيقة موقف أهل البيت من الصحابة
26) مروج الذهب ج2 ص44 وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج4 ص8 وج16 ص22
(27) بحار الأنوار ج44 ص65 باب كيفية المصالحة من تاريخ الإمام الحسن المجتبى
(28) الإرشاد للمفيد ص199
(29) الإرشاد للمفيد ص2.4
(3.) الإمامة والتبصرة من الحيرة للصدوق ص198 وبصائر الدرجات للصفار ص148 وص198
(31) إكمال الدين ص91
(32) عيون أخبار الرضا ج2 ص62
(33) فرق الشيعة للنوبختي ص22 والمقالات والفرق للقمي ص18
(34) فرق الشيعة للنوبختي ص21 والمقالات والفرق للقمي ص18
(35) فرق الشيعة للنوبختي ص54
(36) التهذيب لابن عساكر ج4 ص162
(37) بصائر الدرجات للصفار ص153وص156
(38) فرق الشيعة للنوبختي ص22 والمقالات والفرق للأشعري القمي ص19 ورجال الكشي والشيعة في التاريخ لمحمد حسن الزين ص172
(39) المقالات والفرق ص21 - 22
(4.) المصدر السابق
(41) الفصول المختارة للمفيد ص24.
(42) الإمامة والسياسة ج2 ص13.
(43) المقالات والفرق ص65 وتاريخ اليعقوبي ج3 ص4. ومقاتل الطالبيين ص126 والتنبيه والاشراف للمسعودي ص292
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عابر سبيل
عابر سبيل


♣♣♣« المدير العام »♣♣♣

معلومات اضافيه للعضو
♣♣ الجنس» ♣♣ الجنس» : ذكر
♣♣ مشَارَڪاتْي » ♣♣ مشَارَڪاتْي » : 33128
♣ ♣ نقاط» ♣ ♣ نقاط» : 98890
♣ ♣ العـمْرّ» ♣ ♣ العـمْرّ» : 39

 هدم لمزاعم الوصية من كتب الشيعة Empty
https://alforqan.ahlamontada.com

 هدم لمزاعم الوصية من كتب الشيعة Empty
مُساهمةموضوع: رد: هدم لمزاعم الوصية من كتب الشيعة    هدم لمزاعم الوصية من كتب الشيعة Emptyالإثنين 15 سبتمبر 2014 - 17:13

متى كان النص على على بن ابي طالب رضي الله عنه
الكلام في النص وإمكانية خفائه ومتى كان النص على علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
إذا علمت كل هذا، من أن الله قد نص على خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه والأئمة من بعده، وأن رسول الله قد بلغ هذا وأظهر فرض طاعتهم كما مر بك، استحال أن يكون النص مخفيا عليه وعلى الأئمة وعلى أصحابهم وأهل زمانهم، كما لا يجوز أن يظهر النبي شيئا في زمانه فيخفى عمن ينشأ بعد زمانه حتى لا يعلمه إلا بنظر ثاقب واستدلال عليه، كشأننا الآن.
بهذه التوطئة الموجزة التي يجب عليك أن تستحضرها وأنت تقرأ كتابنا هذا، والمقدمة التي قرأتها والتي يجب أن لا تفارقها، نشرع في المقصود.
لا شك بعد كل ما مر بك، أنه ليس بالمستغرب أن يضع القوم روايات تتفق مع هذه العقيدة عند مولد الرسول أوعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، فرووا أن فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب تبشره بمولد النبي فقال لها: اصبري سبتا آتيك بمثله إلا النبوة، وقال السبت ثلاثون سنة وكان بين رسول الله وأمير المؤمنين ثلاثون سنة [1]
وفي رواية: إنك تحبلين وتلدين بوصيه ووزيره، وفي أخرى: أما إنك ستلدين مولودا يكون وصيه، وفي أخرى: هوإنما يكون نبيا وأنت تلدين وزيرا بعد ثلاثين [2]
ويقولون أن الراهب المثرم بن دعيب قد أخبره بأنه سيلد وصي محمد وسيكون اسمه علي [3]
وقالوا: لما ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أول شيء فعله عند مولده أن سجد على الأرض وهويقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأشهد أن عليا وصي محمد رسول الله وبمحمد ختم الله النبوة وبي يتم الوصية وأنا أمير المؤمنين [4]
وعندها أهبط القوم جبرئيل عليه السلام ليقول لرسول بزعمهم: يا حبيب الله، الله يقرؤك السلام ويقول: هذا أوان ظهور نبوتك وإعلاء درجتك وكشف رسالتك إذ أيدتك بأخيك وخليفتك ومن شددت به أزرك وأعليت به ذكرك علي بن أبي طالب [5]
ثم يستمر القوم في سرد ما يناسب المقام ليضعوا رواية لعلها تبين أول لقاء بين الرسول وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد مولده ليدور التالي: لما ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه خر ساجدا ثم رفع رأسه، فأذن وأقام وشهد بالوحدانية ولمحمد بالرسالة ولنفسه بالخلافة والولاية، ثم أشار إلى رسول الله فقال: أَقرأُ يا رسول الله؟ فقال: نعم، فابتدأ بصحف آدم فقرأها حتى لوحضر شيث لأقر أنه اعلم بها منه، ثم تلا صحف نوح وصحف إبراهيم والتوراة والإنجيل، ثم تلا قد افلح المؤمنون، فقال له النبي: نعم قد افلحوا إذ أنت إمامهم، ثم خاطبه بما يخاطب به الأنبياء والأوصياء ثم سكت، فقال له رسول الله صلى لله عليه وآله وسلم: عد إلى طفوليتك فأمسك [6]
وفي طفوليته تلك، كان رسول الله يسأل أم علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما يزعم القوم أن تضع مهده بقرب فراشه، وكان يلي اكثر تربيته، ويحمله على صدره ويقول: هذا أخي ووليي وناصري وصفيي وذخري وظهري وظهيري ووصيي وزوج كريمتي وأميني على وصيتي وخليفتي [7]
ومرت على ذلك سنوات حتى بعث النبي، فكان أن دعاه رضي الله عنه وخديجة رضي الله عنها في بدء الدعوة وقال كما يروي القوم عن الصادق: أن جبرئيل عندي يدعوكما إلى بيعة الإسلام فأسلما تسلما - إلى أن قال: يا خديجة هذا علي مولاك ومولى المؤمنين وإمامهم بعدي، قالت: صدقت يا رسول الله قد بايعته على ما قلت، اشهد الله وأشهدك بذلك وكفى بالله شهيدا عليما [8]
ولم يشأ القوم أن يدعوا والدي الرسول بمنأى عن هذه العقيدة، فكان أن وضعوا في شأنهما رواية تقول: إن رسول الله خرج إلى البقيع ذات ليلة مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأخرج أباه من قبره وسأله من وليك يا أبه؟ فقال: وما الولي يا بني؟ قال: هوهذا علي، فشهد أن عليا وليه، ثم عدل إلى قبر أمه فصنع كما صنع عند قبر أبيه [9]
ويبدوأن واضع هذه الرواية جاهل بمواقع قبور والدي الرسول حتى جعلهم في البقيع.
وعلى أي حال لا نمل القارئ بنسجنا على هذا المنوال وإلا طال بنا المقام، فكل ما أوردناه من روايات أوتلك التي أعرضنا عنها، إنما وضعت لتخدم هذه العقيدة، فهي منسجمة تماما مع ما مر بك في أول هذا الباب وتتفق معها، باعتبار معتقد القوم، ولا يفترض خلاف ذلك من جهل بالنص أوغيابه عن سائر الناس أومعظمهم فضلا عن صاحب الرسالة أوعلى من يجب أن يلي الأمر من بعده من أئمة منصوص عليهم من الله ورسوله صلى لله عليه وآله وسلم.
ولكن الحال أن الأمر يختلف تماما عن هذه الفرضية التي يجب أن نسلم بها مع القوم باعتبار كل ما مر بك، فقد اضطرب القوم واضطربت رواياتهم بعد ذلك بشكل لا يكاد يضبط، ولا بد، لقوله تعالى: {ولوكان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} [النساء 82]
روايات من طرق الشيعة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تتعارض مع مسألة النص:
أول ذلك حديث يوم الدار أوبدء الدعوة لما نزل قوله تعالى: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [الشعراء 214]، حيث روي أن رسول الله دعا بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا، فيهم أعمامه أبوطالب وحمزة والعباس وأبولهب وكان قد أولم لهم، وبعد أن أكلوا وشربوا قال: يا بني عبد المطلب إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فمن يجيبني إلى هذا الأمر ويؤازرني يكن أخي ووزيري ووصيي ووارثي وخليفتي من بعدي؟، فأحجم القوم جميعا إلا عليا قال: أنا يا نبي الله. فأخذ النبي برقبته، وقال: هذا أخي ووزيري ووصيي ووارثي وخليفتي من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا.
وسنسهب في مناقشة أسانيد القصة هذه ومتونها في حينه، ولكن ما يعنينا من هذه الرواية الآن هوما نحن بصدده، ولا شك أنه قد تبادر إلى ذهنك، وهو: كيف خفي على النبي وعلى علي رضي الله عنه وعلى كل من حضر الوليمة مسألة النص بعد كل ما مر، حتى لم نجد أحدا منهم قد استدرك ذلك، لا أقل من علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهويجد أن إمامته توشك أن تذهب إلى غيره بعرضها عليهم، أوأبيه الذي انتظر سبتا ليرى وصي محمد وقد ولد؟
فإن أبطلنا كل ما مر بك باعتبار هذه الرواية، لا نلبث أن نرى أخرى تسقطها هي أيضا، وهكذا، وهذه الأخرى تتمثل في أن النبي، لما أخذت الدعوة منحى عاما أخذ يعرض نفسه على القبائل، فجاء إلى بني كلاب فقالوا: نبايعك على أن يكون لنا الأمر بعدك، فقال: الأمر لله فإن شاء كان فيكم أوفي غيركم، فمضوا ولم يبايعوه وقالوا: لا نضرب لحربك بأسيافنا ثم تحكم علينا غيرنا [1.]
فما الذي اضطره إلى هذا القول مع ما تقدم، أليس كان عليه أن يبين أن هذا الأمر قد تم قبل أشهر حين قال لعشيرته وهوممسك برقبة ابن عمه: هذا أخي ووزيري ووصيي ووارثي وخليفتي من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا، فضلا عن أن ذلك قد تم منذ مليوني عام قبل الخلق.
وقد تكرر منه القول نفسه بعد ذلك بسنين طويلة، وذلك لما جاءه عامر بن الطفيل في وفد بني عامر بن صعصعة في السنة العاشرة من الهجرة، وقال له: مالي إن أسلمت؟ فقال: لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم، قال: تجعل لي الأمر من بعدك؟ قال: ليس ذلك إلي، إنما ذلك إلى الله يجعله حيث يشاء [11].
وهكذا، ويستمر مسلسل خفاء النص عليه، حتى أواخر أيامه بمكة قبل الهجرة، وذلك في ليلة الإسراء والمعراج [12]، وقد أعرضنا عن ذكر الكثير من الروايات السابقة لذلك تحاشيا للتكرار إذ إننا سنورد بعضها في حينها.
تقول رواية القوم أن النبي قال: إني لما بلغت بيت المقدس في معراجي إلى السماء وجدت على صخرتها: لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بوزيره ونصرته به، فقلت: ياجبرئيل ومن وزيري؟ فقال: علي بن أبي طالب [13]
والطريف أن القوم يروون عنه أنه قال: كنت نائما بالحجر إذ أتاني جبرئيل فحركني تحريكا لطيفا ثم قال: عفى الله عنك يا محمد قم واركب ففد إلى ربك فأتاني بالبراق فركبت - ثم ذكر ما لاقاه في مسيره إلى أن قال - فإذا أنا برجل أبيض الوجه جعد الشعر فقال لي: يا محمد احتفظ بالوصي - ثلاث مرات - علي بن أبي طالب المقرب من ربه، قال لما جزت الرجل وانتهيت إلى بيت المقدس إذا أنا برجل أحسن الناس وجها وأتم الناس جسما وأحسن الناس بشرة فقال: يا محمد احتفظ بالوصي - ثلاث مرات - علي بن أبي طالب المقرب من ربه الأمين على حوضك صاحب شفاعة الجنة - ثم ذكر بقية القصة - وفي نهايتها قال له جبرئيل: الذين لقيتهما في الطريق وقالا لك احتفظ بالوصي، كانا عيسى وآدم عليهما السلام [14]
أي رغم هذه التوصيات الستة منهما عليهما السلام، لم يدرك مَنْ وزيره الذي أيده به ونصره به، وافترض أن يكون رجلا آخر سوى علي رضي الله عنه.
والطريف أيضا ذكرهم على لسانه عشرات الروايات يقول له فيها أنه وزيره، ولعل أقربها إليك ما أوردنا آنفا عند حديثنا عن بدء الدعوة، وعلى أي حال لنعرج مع القوم إلى السماء وننظر ماذا حصل هناك، قالوا: لما صعد رسول الله إلى السماء، قالت الملائكة: نشهد انك رسول الله، فما فعل وصيك علي؟ قال: خلفته في أمتي، قالوا نعم الخليفة خلفت، أما إن الله فرض علينا طاعته، ثم صعد إلى السماء الثانية فقالت الملائكة مثل ما قالت ملائكة السماء الدنيا، فلما صعد إلى السماء السابعة لقيه عيسى عليه السلام فسلم عليه، وسأله عن علي، فقال له: خلفته في أمتي، قال: نعم الخليفة خلفت، أما إن الله فرض على الملائكة طاعته، ثم لقيه موسى عليه السلام والنبيون نبي نبي فكلهم يقول مقالة عيسي عليه السلام [15]
وفي السماء الرابعة زعم القوم أنه رأى ديكا بدنه درة بيضاء وعيناه ياقوتتان حمراوان ورجلاه من الزبرجد الأخضر وهوينادي: لا إله إلا الله محمد رسول الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين ولي الله، فاطمة وولداها الحسن والحسين صفوة الله، يا غافلين اذكروا الله، على مبغضيهم لعنة الله [16]
وفي نفس السماء صلى بالأنبياء وكانوا مائة وأربعة وعشرين ألف نبي، وسألهم جبريل: بم بعثتم ولم نشرتم الآن يا أنبياء الله؟ فقالوا بلسان واحد: بعثنا ونشرنا لنقر لك يا محمد بالنبوة ولعلي بن أبي طالب بالإمامة [17]
وعندما وصل إلى السماء السابعة سأله الله: من لأمتك من بعدك؟ فقال: الله أعلم، قال: علي بن أبي طالب أمير المؤمنين وسيد المسلمين [18]
وكأن القوم أرادوا أن يقولوا إن صوت مائة وأربعة وعشرين ألف من الأنبياء - ولك أن تتخيل حجمه - وهم يقولون بإمامة علي بن أبي طالب، لم يكن له هذا التأثير حيث إنه لم يتذكر ذلك بعد لحظات لما سأله الله: من لأمتك من بعدك؟ ليقول: الله أعلم، ولعلها غفلة استوجبت تحذير ديكنا ليقول: يا غافلين ... فتأمل.
نبقى مع القوم في السماء السابعة، لنراهم يروون عن الرضا، عن آبائه قال: قال رسول الله: لما عرج بي إلى السماء نوديت يا محمد، فقلت: لبيك ربي وسعديك، تباركت وتعاليت، فنوديت يا محمد أنت عبدي وأنا ربك فإياي فأعبد، وعلي فتوكل، فإنك نوري في عبادي ورسولي إلى خلقي، وحجتي على بريتي، لك ولمن تبعك خلقت جنتي، ولمن خالفك خلقت ناري ولأوصيائك أوجبت كرامتي، ولشيعتهم أوجبت ثوابي، فقلت: يا رب ومن أوصيائي؟ فنوديت يا محمد أوصياؤك المكتوبون على ساق عرشي فنظرت وأنا بين يدي ربي جل جلاله إلى ساق العرش فرأيت اثني عشر نورا في كل نور سطر أخضر عليه اسم وصي من أوصيائي أولهم علي بن أبي طالب وآخرهم مهدي أمتي، فقلت: يا رب هؤلاء أوصيائي؟ فنوديت يا محمد هؤلاء أوليائي وأحبائي وأصفيائي، وحججي بعدك [19]
ويرى القوم أنه بعد قراءته للأسماء نسي أيضا أنهم أوصياؤه كما أخبره بذلك ربه، فسأله في رواية أخرى للقوم: يا رب من هؤلاء الذي قرنتهم بي؟ فنودي: يا محمد هم الأئمة بعدك والأخيار من ذريتك [2.]
وحين سأله: يا محمد فيم اختصم الملأ الأعلى؟ قال: إلهي لا علم لي، فقال له: يا محمد هل اتخذت من الآدميين وزيرا أوأخا ووصيا من بعدك؟ فقال: إلهي ومن اتخذ؟ تخير لي أنت فأوحى الله إليه يا محمد اختر عليا، فقلت: إلهي ابن عمي؟ ... الرواية [21]
ولكن هل وقف الأمر على هذا؟ انظر إلى القوم وهم يروون - وبعد كل هذه التأكيدات والمواثيق وفي طريق العودة إلى الأرض وفي السماء الرابعة حيث ديكنا وتنبيهه للغافلين ومنهم واضع هذه الرواية - يروون أنه لما هبط النبي إلى السماء الرابعة ناداه ربه يا محمد؟ قال: لبيك ربي، قال: من اخترت من أمتك يكون من بعدك لك خليفة؟ قال: اختر لي ذلك فتكون أنت المختار لي، فقال: اخترت لك خيرتك علي بن أبي طالب [22]
وعلى أي حال، حتى لا يطول مكثنا في السماء، نجتزئ بالإيجاز الذي أوردناه فالروايات الشبيهة الواردة في ليلة الإسراء كثيرة [23]، وقد أوردنا بعضا منها في أول الباب أيضا، وكل واحدة منها تناقض سابقتها وتسقطها فضلا عن إسقاطها للباب بأكمله، وهكذا شأن جميع الروايات الآتية.
نعود إلى الأرض، وتحديدا إلى مكة حيث لا زلنا مع القوم ورواياتهم قبل الهجرة.
روى القوم أن رسول الله قال لعلي رضي الله عنه ليلة الهجرة: أرضيت أن أُطلب فلا أُوجد وتوجد فلعله أن يبادر إليك الجهال فيقتلوك؟ قال: بلى يا رسول الله رضيت أن تكون روحي لروحك فداء ونفسي لنفسك فداء [24]
لا شك أن وجه الدلالة غير خافٍ في الرواية، فافتراض القتل هنا وفي روايات عدة - سنأتي على ذكر بعضها - لا يمكن توجيهها باعتبار أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه يلي الخلافة بعده فكيف يفترض أن يقتل أويموت قبله، والأمر واضح ولا اعتقد أنه يحتاج إلى زيادة تعليق.
فهذا يدل على خفاء النص على النبي الذي يزعمون أنه نص على إمامة علي رضي الله عنه وهوفي مكه قبل الهجرة للمدينة.
أما بعد الهجرة فقد روى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله: إن الله تبارك وتعالى أوحى إلي أنه جاعل لي من أمتي أخا ووارثا وخليفة ووصيا، فقلت: يا رب من هو؟ فأوحى إلى: يا محمد أنه إمام أمتك وحجتي عليها بعدك، فقلت: يا رب من هو؟ فأوحى إلى: يا محمد ذاك من احبه ويحبني ذاك المجاهد في سبيلي والمقاتل لناكثي عهدي والقاسطين في حكمي والمارقين من ديني، ذاك وليي حقا زوج ابنتك وأب ولدك علي بن أبي طالب [25]
لا أقل من أن تاريخ هذه الرواية بعد السنة الثالثة للهجرة، بدليل قوله: زوج ابنتك وأبوولدك، ولا شك - وباعتبار كل ما مر بك في هذا الباب - أنه سيتبادر إلى ذهنك عند قراءتك لبداية الرواية أن المقصود هوعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، فواعجباً هل غاب ذلك عمن كان سببا في النص على إمامة علي رضي الله عنه، بل يستفصل ويسأل حتى يبين الله أوصافه ثم يذكر له إسمه؟
ثم يروى لنا القوم بعد هذا أن النبي لا يزال يسأل ربه أن يجعل عليا وصيه وخليفته من بعده، وأن يجعل الإمامة في الحسن والحسين [26]
وحين سأله جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنه بزعمهم عن وصيه من بعده أمسك عنه عشرا لا يجيبه معتذرا بانتظار وحي السماء، ثم قال له: يا جابر ألا أخبرك عما سألتني؟ فقلت: بأبي أنت وأمي والله لقد سكت عني حتى ظننت أنك وجدت عَلَيَّ، فقال: ما وجدت عليك يا جابر ولكن كنت انتظر ما يأتيني من السماء، فأتاني جبرئيل عليه السلام فقال: يا محمد ربك يقول: إن علي بن أبي طالب وصيك وخليفتك على أهلك وأمتك [27]
ومثلها عن سلمان الفارسي رضي الله عنه حين سأله: من وصيك من أمتك فإنه لم يُبْعث نبي إلا كان له وصي من أمته؟ فقال رسول الله: لم يبين لي بعد، فمكثت ما شاء الله أن أمكث ثم دخلت المسجد فناداني فقال: يا سلمان سألتني عن وصيي من أمتي فهل تدري من كان وصي موسى من أمته؟ فقلت: يوشع بن نون فتاه، فقال: هل تدري لم كان أوصى إليه؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، قال: أوصى إليه لأنه كان أعلم أمته بعده، ووصيي وأعلم أمتي بعدي علي بن أبي طالب [28]
ولا تحتاج هذه الروايات إلى تعليق، فكيف يستقيم أن يجهل الأنصاري، وسلمان الفارسي رضي الله عنهم [29]، بما علم من الدين بالضرورة باعتقاد القوم، حتى سألا رسول الله الذي غاب عنه هوأيضا بزعم القوم من قال عنه أن مدار قبول الأعمال على القول بإمامته، ولولاه لما خلق الله الأكوان، إلى آخر مامر ذكره، حتى انتظر نزول الوحي به بعد عشر، ولا أدري أهي أيام أوشهور، ولكن أعلم أنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة كما هومعلوم من علم الأصول.
وفي يوم الخندق ذكر القوم أن النبي قال لما انتدب عمروٌ للمبارزة وجعل يقول: هل من مبارز؟ والمسلمون يتجاوزون عنه فركز رمحه على خيمة النبي وقال: ابرز يا محمد فقال النبي: من يقوم إلى مبارزته فله الإمامة بعدي؟ فنكل الناس عنه، فقال: ادن مني يا علي، فنزع عمامته السحاب من رأسه وعممه بها وأعطاه سيفه وقال: امض لشأنك، ثم قال: اللهم أعنه. وروي أنه لما قتل عمرا أنشد أبياتا منها:
قد قال إذ عممني عمامة **** أنت الذي بعدي له الإمامة [3.]
فانظر معي إلى هذه الرواية، فرغم أن أحداثها وقعت في السنة الخامسة للهجرة حيث غزوة الخندق، لا زال أعظم أركان الدين عند القوم غير مبيّن، وكنت أنتظر من علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يستدرك الأمر ويخبر النبي بأن أمر الإمامة قد انتهى بتعينه خليفة له منذ أن نزل قوله: {وأنذر عشيرتك الأقربين}، ولكن لم يحصل ذلك، فضلا عن الروايات التي أوردناها، وفضلا عن مليوني عام قبل الخلق، ويزيد من حيرتي صمت الصحابة رضوان الله عليهم وعدم استدراك أحد منهم ذلك، وَلَعلِّي أجد عند القوم ما يذهب عني حيرتي.
نعود إلى مسألة الخوف من موت اللاحق قبل السابق، ففي نفس الغزوة وبعد أن خرج علي بن أبي طالب رضي الله عنه لمبارزة عمروقال رسول الله: اللهم انك أخذت مني عبيدة بن الحارث يوم بدر وحمزة بن عبد المطلب يوم أحد وهذا أخي علي بن أبي طالب، رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين [31].
وتتكرر القضية في موطن آخر، فقد روى القوم أن عليا خرج في سرية ثلاثة أيام لا يأتيه جبرئيل بخبره ولا خبر من الأرض، وأقبلت فاطمة بالحسن والحسين تقول أوشك أن يؤتم هذين الغلامين فأسبل النبي عينيه يبكي ثم قال: معاشر الناس من يأتيني بخبر علي أبشره بالجنة وافترق الناس في الطلب لعظم ما رأوه بالنبي وخرج العواتق، فأقبل عامر بن قتادة يبشره بعلي، وهبط جبرئيل عليه السلام على النبي فأخبره بما كان فيه [32]
ولسائل أن يسأل القوم عن كل هذا الخوف والقلق والاضطراب الذي استدعى إعلان حالة الطوارئ وتفرق الناس في الأرض وخروج العواتق ونزول جبرئيل من أجل الخوف من موت خلف يرون سلفه ماثلا أمامهم.
وفي فتح مكة وجد متعلقا بأستار الكعبة يسأل الله العضد، ناسيا كل ما ذكرناه من مقدمة الباب حتى الرواية السابقة، حتى استوجب غضب جبريل عليه السلام بزعم القوم، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله يوم فتح مكة متعلقا بأستار الكعبة وهويقول: اللهم ابعث إلي من بني عمي من يعضدني فهبط جبرئيل كالمغضب فقال: يا محمد أوليس قد أيدك الله بسيف من سيوف الله مجرد على أعداء الله؟ يعني بذلك علي بن أبي طالب [33]
ثم نراه في غدير خم وقد هبط عليه جبرئيل عليه السلام بأمر من الله بنصب علي رضي الله عنه بزعمهم، متسائلا عن هذا الولي الذي سيكون من بعده، حيث قالوا: إن جبرئيل عليه السلام نزل يوم غدير خم فقال: يا محمد إن الله يأمرك أن تعلم أمتك ولاية من فرضت طاعته ومن يقوم بأمرهم من بعدك وأكد ذلك في كتابه فقال: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم} [النساء 59]، فقال: إي ربي ومن ولي أمرهم بعدي؟ فقال: من هولم يشرك بي طرفة عين ولم يعبد وثنا ولا أقسم بزلم، علي بن أبي طالب أمير المؤمنين [34]
ولما قرب أجله، روى القوم أنه قال: ما قبض الله نبيا حتى أمره أن يوصي إلى عشيرته من عصبته - وفي لفظ - إلى أفضل عشيرته من عصبته - وأمرني أن أوصي، فقلت: إلى من يا رب؟ فقال: أوص يا محمد إلى ابن عمك علي بن أبي طالب فإني قد أثبته في الكتب السالفة، وكتبت فيها أنه وصيك وعلى ذلك أخذت ميثاق الخلائق ومواثيق أنبيائي ورسلي، وأخذت مواثيقهم لي بالربوبية ولك يا محمد بالنبوة ولعلي بن أبي طالب بالولاية [35]
أقول: لا شك أن ورود إمامته في الكتب السالفة يقتضي ورود ذلك في القرآن من باب أولى، فبذلك يكون جهله ممتنعا من هذه الجهة، أما خلافه ففيه إسقاط للمعتقد من أصله، وسنأتي على بيان ذلك في حينه [36] وأمر آخر في الرواية وهوأن الله إن كان قد أخذ المواثيق بإمامته رضي الله عنه على الخلائق بما فيهم الأنبياء والرسل عليهم السلام فلا شك أن خير البشر على رأسهم، فكيف جهل بهذا الميثاق؟
ثم يروي لنا القوم أنه بكى عند موته فجاءه جبرئيل وقال: لم تبكي؟ قال: لأجل أمتي، من لهم بعدي؟ فرجع ثم قال: إن الله تعالى يقول: أنا خليفتك في أمتك [37]
فنعم سبب البكاء ونعم الخليفة الله الذي لم يشأ أن يجمع هذه الأمة المرحومة على ضلالة. فقد كان كثيراً ما يخشى على أمر أمته من بعده كما تذكر روايات القوم، وكان يُذَكِّر الوالي بعده ويقول: أُذَكِّر الله الوالي من بعدي على أمتي ألا يرحم على جماعة المسلمين، فاجل كبيرهم ورحم ضعيفهم، ووقر عالمهم، ولم يضربهم فيذلهم، ولم يفقرهم فيكفرهم، ولم يغلق بابه دونهم فيأكل قويهم ضعيفهم ... إلى آخره، وكان ذلك آخر كلام تكلم به رسول الله على منبره كما ذكر القوم ذلك عن الصادق [38]
وهذه النصائح إن كانت موجهة إلى الإمام المعصوم فهي عبث لا فائدة منها، إذ أن المعصوم ليس بحاجة إلى توجيه علني على رؤوس الملأ كهذا! أما إن كانت النصائح موجهة إلى من سيغتصب الخلافة من الإمام المعصوم - حسب معتقد القوم - فإن عبثيتها ستكون أشد! إذ أن من تجرأ على اغتصاب الخلافة من الإمام المعصوم رغم كل ما مر من نصوص لإثباتها لن يردعه حديث أوحديثان، فما هي الفائدة المرجوة من هذه النصائح؟
وبهذه الروايات التي لا تخلوا من فوائد أخرى لا تخفى على القارئ اللبيب، تسقط جميع الروايات الآنفة الذكر من مليوني سنة قبل الخلق إلى موته في السنة الحادية عشر للهجرة.
ونجتزئ بهذا القدر من الروايات في جهل أوغياب النص عنه بزعم القوم [39] لما التزمنا به في المقدمة من الاقتصار على ذكر بعض الأمثلة في كل موضوع لا حصر جميع الروايات، ولما سنورده من روايات أخرى تجدها مبثوثة في طيات هذا الكتاب
-------------
1]- معاني الأخبار، 4.3 الكافي، 1/ 452 البحار، 15/ 263، 35/ 6، 77، 38/ 47 إثبات الهداة، 1/ 153، 2/ 13
[2]- الكافي، 1/ 454، 8/ 3.2 البحار، 15/ 137، 273، 295، 297، 17/ 364، 35/ 6، 84 إثبات الهداة، 2/ 2. الخرائج، 11، 186
[3]- البحار، 35/ 11، 1.1 روضة الواعظين، 68 الفضائل، 59 جامع الأخبار، 17 إثبات الهداة، 2/ 465
[4]- روضة الواعظين، 7. الفضائل، 57 جامع الأخبار، 17 البحار، 35/ 14 إثبات الهداة، 2/ 483، 49.
[5]- إثبات الهداة، 2/ 196، 197 البحار، 35/ 21 الروضة، 17 روضة الواعظين، 72
[6]- إثبات الهداة، 2/ 465
[7]- البحار، 35/ 9 كشف اليقين، 6 بشائر المصطفى، 9
[8]- البحار، 18/ 232، 68/ 392 الطرف، 4
[9]- علل الشرايع، 7. معاني الأخبار، 55 البحار، 15/ 1.9 إثبات الهداة، 1/ 268
[1.]- البحار، 23/ 74 إثبات الهداة، 1/ 142 المناقب، 1/ 257
[11]- إثبات الهداة، 1/ 141، 142 وصي الرسول الأعظم، 21 البحار، 18/ 75، 21/ 372
[12]- وكان ذلك قبل الهجرة بثمانية عشرا شهرا، وقيل بسنة وشهرين، وقيل بسنة، وقيل بستة اشهر، وقيل غير ذلك - انظر البحار، 18/ 3.2، 319
[13]- سبق تخريجه
[14]- كشف اليقين، 83 البحار، 18/ 39.، 37/ 314
[15]- البحار، 18/ 3.3 المحتضر، 139
[16]- اليقين، 141 البحار، 37/ 48
[17]- البحار، 4./ 42
[18]- الكافي، 1/ 442، 443 غيبة الطوسي، 1.3 الطرائف، 43 غيبة النعماني، 45 البحار، 18/ 3.6، 383، 4.3، 36/ 262، 28. إثبات الهداة، 2/ 12، 134، 153
[19]- علل الشرايع، 5 عيون أخبار الرضا، 1/ 238 كمال الدين، 254 البحار، 11/ 139، 18/ 345، 26/ 335، 52/ 312، 57/ 58، 6./ 3.3 إثبات الهداة، 1/ 482، 584، 585 منتخب الأثر، 61 تأويل الآيات، 2/ 878
[2.]- كفاية الأثر، 14 البحار، 36/ 321
[21]- كمال الدين، 238 إثبات الهداة، 1/ 5.. البحار، 51/ 69، 52/ 276
[22]- أمالي الصدوق، 352 أمالي الطوسي، 218 البرهان، 4/ 199 كشف اليقين، 22 البحار، 18/ 341، 371، 36/ 16.، 37/ 291، 38/ 1.8، 4./ 13 إثبات الهداة، 2/ 7.
[23]- للمزيد انظر: البحار، 4./ 13 اليقين، 22 أمالي الطوسي، 353، 364 أمالي الصدوق، 386، 387، 5.4 نور الثقلين، 3/ 99، 4/ 47. إثبات الهداة، 1/ 548 كفاية الأثر، 15 البحار، 36/ 323
[24]- إثبات الهداة، 3/ 596 مدينة المعاجز، 75 تفسير العسكري، 466 البحار، 19/ 81
[25]- أمالي الصدوق، 327 البحار، 38/ 1.7 إثبات الهداة، 2/ 67
[26]- عيون أخبار الرضا، 22. الكافي، 8/ 3.9 إثبات الهداة، 2/ 94، 122، 141، 3/ 84 البرهان، 1/ 279، 2/ 2.9، 3/ 36 تأويل الآيات، 1/ 1.6، 224، 31. البحار، 23/ 221، 145، 36/ 8.، 1..، 126، 147، 38/ 92، 11.، 14.، 143، 146، 329، 39/ 29.، 4./ 61 أمالي الصدوق، 28 كنز الكراجكي، 2.8 قرب الإسناد، 14 المناقب، 1/ 55. نور الثقلين، 3/ 276
[27]- أمالي الطوسي، 193 أمالي المفيد، 99 البحار، 38/ 114 إثبات الهداة، 2/ 96
[28]- أمالي الصدوق، 21 البحار، 38/ 18 إثبات الهداة، 2/ 5.
[29]- انظر روايات أخرى عنهما: كمال الدين، 246 منتخب الأثر، 49، 5.، 51، 59، 1.1، 1.8، 159 مذهب أهل البيت، 16 وصي الرسول الأعظم، 33 إثبات الوصية، 15، 18
[3.]- البحار، 41/ 88
[31]- البحار، 2./ 215، 38/ 3..، 3.9، 39/ 3 البرهان، 3/ 71 تأويل الآيات، 1/ 329
[32]- الخصال، 95 أمالي الصدوق، 93 البحار، 41/ 74
[33]- المناقب، 2/ 67 البحار، 41/ 61
[34]- كشف اليقين، 131 البحار، 37/ 324
[35]- أمالي الطوسي، 1.2 البحار، 15/ 18، 26/ 272، 38/ 111 إثبات الهداة، 2/ 93 تأويل الآيات، 2/ 566 البرهان، 4/ 148 بشارة المصطفى، 39
[36]- راجع باب: الإمامة والقرآن من كتابنا هذا
37]- المناقب، 3/ 268 البحار، 39/ 85
[38]- الكافي، 1/ 4.6 البحار، 22/ 495، 27/ 247، 1../ 32 قرب الإسناد، 48
[39]- للمزيد انظر: منتخب الأثر، 29، 1.4، 2.. البحار، 14/ 2.7، 16/ 317، 17/ 3.9، 18/ 97، 2.5، 37.، 23/ 272، 24/ 181
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
هدم لمزاعم الوصية من كتب الشيعة
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  هدم لمزاعم الوصية من كتب الشيعة
»  هدم لمزاعم الوصية من كتب الشيعة
»  هدم لمزاعم الوصية من كتب الشيعة
» الوصية
» الوصية



صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
موقع الفرقان :: Known to the islam :: الحـوار الشيعــي :: شبهات الشيعه وردها :: الإمامه وأفضلية علي-
انتقل الى: