عائشة رضي الله عنها تأمر ببيعة علي رضي الله عنه ..
فتح الباري لابن حجر (13/ 29)
(( فَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ حُصَيْنِ بْن عَبْد الرَّحْمَن عَنْ عَمْروبْن جَاوَان قَالَ " قُلْت لَهُ أَرَأَيْت اِعْتِزَال الْأَحْنَف مَا كَانَ؟ قَالَ: سَمِعْت الْأَحْنَف قَالَ: حَجَجْنَا فَإِذَا النَّاس مُجْتَمِعُونَ فِي وَسَط الْمَسْجِد - يَعْنِي النَّبَوِيّ - وَفِيهِمْ عَلِيّ وَالزُّبَيْر وَطَلْحَة وَسَعْد إِذْ جَاءَ عُثْمَان " فَذَكَرَ قِصَّة مُنَاشَدَته لَهُمْ فِي ذِكْر مَنَاقِبه، قَالَ الْأَحْنَف: فَلَقِيت طَلْحَة وَالزُّبَيْر فَقُلْت: إِنِّي لَا أَرَى هَذَا الرَّجُل - يَعْنِي عُثْمَان - إِلَّا مَقْتُولًا، فَمَنْ تَأْمُرَانِي بِهِ؟ قَالَا: عَلِيّ، فَقَدِمْنَا مَكَّة فَلَقِيت عَائِشَة وَقَدْ بَلَغَنَا قَتْل عُثْمَان فَقُلْت لَهَا: مَنْ تَأْمُرِينِي بِهِ؟ قَالَتْ: عَلِيّ، قَالَ فَرَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَة فَبَايَعْت عَلِيًّا وَرَجَعْت إِلَى الْبَصْرَة فَبَيْنَمَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ أَتَانِي آتٍ فَقَالَ: هَذِهِ عَائِشَة وَطَلْحَة وَالزُّبَيْر نَزَلُوا بِجَانِبِ الْخُرَيْبَة يَسْتَنْصِرُونَ بِك، فَأَتَيْت عَائِشَة فَذَكَّرْتهَا بِمَا قَالَتْ لِي، ثُمَّ أَتَيْت طَلْحَة وَالزُّبَيْر فَذَكَّرْتهمَا " فَذَكَرَ الْقِصَّة وَفِيهَا " قَالَ فَقُلْت وَاَللَّه لَا أُقَاتِلكُمْ وَمَعَكُمْ أُمّ الْمُؤْمِنِينَ وَحَوَارِيّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا أُقَاتِل رَجُلًا أَمَرْتُمُونِي بِبَيْعَتِهِ، فَاعْتَزَلَ الْقِتَال مَعَ الْفَرِيقَيْنِ))
وقد ذكرها الطبري في تاريخه مفصلة:
تاريخ الأمم والملوك للطبري (3/ 51.)
(( والذي يرويه المحدّثون من ذلك ما حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت حصيناً يذكر عن عمروبن جأوان، عن الأحنف بن قيس، قال: قدمنا المدينة ونحن نريد الحجّ، فإنا لبمنازلنا نضع رحالنا إذ أتانا آت فقال: قد فزعوا وقد اجتمعوا في المسجد، فانطلقنا فإذا الناس مجتمعون على نفر في وسط المسجد، وإذا عليّ والزّبير وطلحة وسعد بن أبي وقّاص، وإنا لكذلك إذ جاء عثمان بن عفان؛ فقيل: هذا عثمان قد جاء وعليه مليئة له صفراء قد قنّع بها رأسه، فقال: أهاهنا عليّ؟ قالوا: نعم، قال: أهاهنا الزّبير؟ قالوا: نعم، قال: أهاهنا طلحة؟ قالوا: نعم، قال أنشدكم بالله الذي لا إله إلاّ هو؛ أتعلمون أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: من يبتع مربد بني فلان غفر الله له؛ فابتعته بعشرين أوبخمسة وعشرين ألفاً، فأتيت النبيّ صلى الله عليه وسلّم فقلت: يا رسول الله، قد ابتعته، قال: " اجعله في مسجدنا وأجره لك "! قالوا: اللهمّ نعم، وذكر أسشياء من هذا النّوع. قال الأحنف: فلقيت طلحة والزّبير فقلت: من تأمراني به وترضيانه لي؟ فإني لا أرى هذا الرّجل إلاّ مقتولاً، قالا: عليّ؟ قلت: أتأمراني به وترضيانه لي؟ قالا: نعم، فانطلقت حتى قدمت مكة، فبينا نحن بها إذ أتانا قتل عثمان رضي الله عنه وبها عائشة أمّ المؤمنين رضي الله عنها، فلقيتها فقلت: من تأمريني أن أبايع؟ قالت: عليّ، قلت: تأمرينني به وترضينه لي؟ قالت: نعم؛ فمررت على عليّ بالمدينة فبايعته، ثمّ رجعت إلى أهلي بالبصرة ولا أرى الأمر إلاّ قد استقام، قال: فبينا أنا كذلك؛ إذ آتاني آت فقال: هذه عائشة وطلحة والزّبير قد نزلوا جانب الخريبة، فقلت: ما جاء بهم؟ قالوا: أرسلوا إليك يدعونك يستنصرون بك على دم عثمان رضي الله عنه، فأتاني أفظع أمر أتاني قطّ! فقلت: إنّ خذلاني هؤلاء ومعهم أمّ المؤمنين وحواريّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم لشديد، وإنّ قتالي رجلاً ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قد أمروني ببيعته لشديد. فلما أتيتهم قالوا: جئنا لنستنصر على دم عثمان رضي الله عنه، قتل مظلوماً؛ فقلت: عليّ؟ فقلت: أتأمرينني به وترضينه لي؟ قلت نعم! قالت: نعم، ولكنه بدّل. فقلت: يا زبير يا حواريّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم، يا طلحة، أنشدكما الله، أقلت لكما: ما تأمراني فقلتما: عليّ؟ فقلت: أتأمراني به وترضيانه لي؟ فقلتما نعم! قالا: نعم، ولكنه بدّل. فقلت: والله لا أقاتلكم ومعكم أمّ المؤمنين وحواريّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولا أقاتل رجلاً ابن عمّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم، أمرتموني ببيعته؛ اختاروا مني واحدةً من ثلاث خصال: إما أن تفتحوا لي الجسر فألحق بأرض الأعاجم حتى يقضي الله عزّ وجلّ من أمره ما قضى، أوأعتزل فأكون قريباً. قالوا: إنا نأتمر، ثم نرسل إليك. فائتمروا فقالوا: نفتح له الجسر ويخبرهم بأخباركم! ليس ذاكم برأي، اجعلوه ها هنا قريباً حيث تطئون على صماخه وتنظرون إليه. فاعتزل بالجلحاء من البصرة على فرسخين، فاعتزل معه زهاء على ستة آلاف)).
ملاحظة: ذكر الإمام الطبري بأن هذه الرواية هي من رواية أهل الحديث وليست رواية المؤرخين،
حيث قال: ((والذي يرويه المحدّثون من ذلك ما حدّثني يعقوب بن إبراهيم ........ ))
[تاريخ الأمم والملوك 3/ 477]
[ المحصول للإمام الرازي 4/ 343] و [النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 5/ 59] و [الكامل في التاريخ لابن الأثير 3/ 2.6 - 2.7]
وإليك نص الرواية من تاريخ الطبري:
(كتب إليّ عليّ بن أحمد بن الحسن العجليّ أن الحسين بن نصر العطار، قال: حدّثنا أبي نصر بن مزاحم العطار، قال: حدّثنا سيف بن عمر، عن محمد بن نويرة وطلحة بن الأعلى الحنفيّ. قال: وحدّثنا عمر بن سعد، عن أسد بن عبد الله، عمّن أدرك من أهل العلم: أنّ عائشة رضي الله عنها لما انتهت إلى سرف راجعة في طريقها إلى مكة، لقيها عبد بن أمّ كلاب - وهوعبد بن أبي سلمة، ينسب إلى أمه - فقالت له: مهيم؟ قال: قتلوا عثمان رضي الله عنه، فمكثوا ثمانياً؛ قالت: ثم صنعوا ماذا؟ قال: أخذها أهل المدينة بالاجتماع، فجازت بهم الأمور إلى خير مجاز؛ اجتمعوا على عليّ بن أبي طالب. فقالت: والله ليت أنّ هذه انطبقت على هذه إن تمّ الأمر لصاحبك! ردّوني ردّوني، فانصرفت إلى مكّة وهي تقول: قتل والله عثمان مظلوماً، والله لأطلبنّ بدمه، فقال لها ابن أمّ كلاب: ولم؟ فوالله إنّ أول من أمال حرفه لأنت! ولقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلا فقد كفر قالت إنهم استتابوه ثم قتلوه وقد قلت وقالوا وقولي الأخير خير من قولي الأول فقال لها ابن أم كلاب: منك البداء ومنك الغير ومنك الرياح ومنك المطر وأنت أمرت بقتل الامام وقلت لنا إنه قد كفر فهبنا أطعناك في قتله وقاتله عندنا من أمر ولم يسقط السقف من فوقنا ولم ينكسف شمسنا والقمر وقد بايع الناس ذا تدرإ يزيل الشبا ويقيم الصعر ويلبس للحرب أثوابها وما من وفى مثل من قد غدر فانصرفت إلى مكة فنزلت على باب المسجد فقصدت للحجر فسترت واجتمع إليها الناس فقالت يا أيها الناس إن عثمان رضي الله عنه قتل مظلوما ووالله لأطلبن بدمه)
قلت: وهذه الرواية ضعيفة ولا تصح لوجود رواة ضعفاء فيها وهم:
1 - نصر بن مزاحم المنقري العطار الكوفي:
قال عنه العقيلي في الضعفاء الكبير [4/ 3 .. ]:
وقال عنه الذهبي في ميزان الاعتدال [4/ 253]:
(9.46) نصر بن مزاحم الكوفي عن قيس بن الربيع وطبقته رافضي جلد تركوه.
وقال ابن الجوزي في الموضوعات [1/ 378]:
ونصر بن مزاحم قد ضعفه الدارقطني وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: كان نصر زائغا عن الحق مائلا وأراد بذلك غلوه في الرفض فإنه كان غاليا وكان يروى عن الضعفاء أحاديث مناكير.
وقال ابن حجر في لسان الميزان (6/ 157):
نصر بن مزاحم الكوفي عن قيس بن الربيع وطبقته رافضي جلد تركوه مات سنة اثنتي عشرة ومائتين، قال العقيلى شيعي في حديثه اضطراب وخطأ كبير، وقال أبوخيثمة: كان كذابا، وقال أبوحاتم: زائغ الحديث متروك، وقال الدارقطني: ضعيف. وقال العجلى: كان رافضيا غاليا، وقال الخليلي: ضعفه الحافظ جدا، وقال في موضع آخر: لين، وذكر له ابن عدى أحاديث وقال: هذه وغيرها من أحاديث غالبها غير محفوظ.
وقال الخوئي في معجم رجال الحديث (2./ 157):
(13.56) - نصر بن مزاحم: قال النجاشي: " نصر بن مزاحم المنقري العطار، أبوالمفضل: كوفي، مستقيم الطريقة، صالح الأمر، غير أنه يروي عن الضعفاء.
( يعني لم يوثقه)
2 - سيف بن عمر: الضبي الأسيدي التميمي الكوفي:
قال عنه الذهبي في [ميزان الاعتدال 2/ 255]:
سيف بن عمر مصنف الفتوح والردة وغير ذلك. هوكالواقدي. يروى عن هشام بن عروة، وعبيد الله بن عمر، وجابر الجعفي، وخلق كثير من المجهولين. كان إخباريا عارفا. قال عباس، عن يحيى: ضعيف. وروى مطين، عن يحيى: فِلْسٌ خير منه. وقال أبوداود: ليس بشيء. وقال أبوحاتم: متروك. وقال ابن حبان: اتهم بالزندقة. وقال ابن عدى: عامة حديثه منكر.
وقال عنه النسائي في [الضعفاء والمتروكين 1/ 187] برقم: 256:
سيف بن عمر الضبي: ضعيف.
وقال عنه آية الله السيد أبوالقاسم الخوئي، المرجع الديني الشيعي في كتابه [معجم رجال الحديث 11/ 2.7]:
سيف بن عمر الوضاع الكذاب.
في السطر الخامس
3 - الجهالة في السند؛
وذلك بأن الراوي (أسد بن عبد الله) لم يذكر اسم الراوي الذي نقل عنه, وبهذا تكون الرواية ضعيفة؛ للجاهلة بالراوي حيث جاء في السند: ((عن أسد بن عبد الله، عمّن أدرك من أهل العلم)